|
الفاشية الأوكرانية، والإمبريالية الأمريكية، والطموح الإمبراطوري الروسي، والخطر المحدق بالعالم (3/2)
منذر علي
الحوار المتمدن-العدد: 7145 - 2022 / 1 / 25 - 00:38
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
جرت في جنيف، يوم الإثنين، 10 يناير 2022، محادثات بين نائبي وزير الخارجية الروسي، سيرجي ريابيكوف، ونائبة وزير الخارجية الأمريكية، ويندي شيرمان، في محاولة لنزع فتيل التوتر بين البلدين، ولكن المحادثات لم تسفر عن نتائج ملموسة. ويوم الأربعاء، 12 يناير، انطلقت في العاصمة البلجيكية، بروكسل، جَلسة مفاوضات أخرى بين روسيا وحلف الأطلسي، الناتو، بهدف الوصول إلى تخفيف التوتر المتزايد بين الطرفين، ولكنها، كسابقتها، لم تسفر عن نتائج ملموسة. والسؤال هنا هو، هل للغرب أهدافًا توسعية مطردة تجاه روسيا لا يود التراجع عنها؟ للإجابة عن هذا السؤال، ولمعرفة مسار الأحداث علينا أن نرصد موقف الغرب تُجاه روسيا منذ سقوط الاتحاد السوفيتي. الغرب يسعى لتطويق روسيا الاتحادية كان حلف شمال الأطلسي، الناتو، قد استعد، منذ وقتٍ بعيد، لمواجهة روسيا الاتحادية، عقب سقوط المعسكر الاشتراكي. إذْ بمجرد أنْ تفكك المعسكر الاشتراكي، أجتذب الناتو إلى صفه مجموعة من دول أوربا الشرقية، التي كانت تنضوي تحت لواء حلف وارسو، مثل جمهورية التشيك، والمجر، وبولندا سنة 1999. كما أجتذب حلف الناتو في سنة 2004 كل من بلغاريا ورومانيا وسلوفاكيا وكرواتيا، والدولتين الأخيرتين كانتا ضمن مكونات الدولة اليوغسلافية التي كانت ضمن دول عدم الانحياز. وفي ذات العام، أي سنة 2004، أجتذب الناتو دولًا أخرى كانت جزءًا من الاتحاد السوفيتي، وأقصد هنا دول البلطيق: إستونيا، ولاتفيا وليتوانيا. وفي عام 2009 أجتذب الناتو إلى صفه ألبانيا وكرواتيا، والأخيرة كانت جزءًا من يوغوسلافيا، وفي سنة 2017 ضم الناتو الجبل الأسود الذي كان هو الآخر يدخل ضمن أراضي يوغسلافيا. وحاول حلف الناتو، دون كلل، اجتذاب جورجيا، ولا سيما خلال رئاسة ميخائيل ساكاشفيلي بين 2008 -2013، ولكنه لم يفلح بسبب الرفض الروسي. من جانب آخر يسعى الغرب، وبالذات الولايات المتحدة الأمريكية إلى إثارة النزاعات العرقية والدينية في إطار روسيا الاتحادية، في الشيشان وغيرها من دول القوقاز. كما يسعى إلى إقامة قواعد عسكرية ثابتة في الدول الآسيوية التي كانت منضوية ضمن الاتحاد السوفيتي، مثل طاجيكستان، وأوزبكستان، وتركمانستان، وقرغيزستان. لقد أعقب نجاح الغرب في إسقاط الحكومة الشرعية في أوكرانيا سنة 2014، سعيٌ حثيث للغرب لتوثيق صلاته السياسية والعسكرية بأوكرانيا والتوجه لضم الدولة الأوكرانية إلى حلف الناتو وإكمال الطوق العسكري الإستراتيجي على روسيا الاتحادية من كل الجهات والجبهات. وعلى الرغم من أنَّ الأحداث الانقلابية الدامية التي اندلعت في 6 يناير الجاري، 2022، في كازاخستان، لم تتبين أبعادها كاملة بعد، إلاَّ أنَّ كل الشواهد تؤكد على تورط تركيا وأوكرانيا والولايات المتحدة فيها. وعلى هذا فأنَّ العملية الانقلابية في هذا البلد الغني والمترامي الأطراف الذي يقع في أوراسيا، تدخل ضمن هذا المسعى التوسعي للإمبريالية الغربية ولحلف الناتو في محاولة لمحاصرة روسيا الاتحادية من جهة الجَنُوب، ومحاصرة الصين الشعبية من جهة الشمال الغربي. صعود وإخفاق الفاشية الأوكرانية لقد ترتب على تلك الانتفاضة العمياء، أو ما يُسمى بالثورة البرتقالية سنة 2014 في أوكرانيا، الموجهة من غرفة العمليات في السِّفَارة الأمريكية في كييف، والممولة من قبل القِوَى الإمبريالية الغربية، ومن قبل الرجعية العربية أن ترتبَ على هذا العمل الجهنمي المتناسق تقويض السلطة الشرعية المنتخبة في كييف، وصعود وسيطرة الجماعات الفاشية بقيادة، الملياردير بترو بورشنكو، ومن بعده الكوميدي البهلول فولوديمير زيلينسكي على السلطة في أوكرانيا. وأسفر هذا الفعل المتهور تدخل روسيا، وانقسام أوكرانيا، بفعل الانقلاب، إلى شرق أوكراني، متعاطف مع الثقافة والسياسة الروسيتين، مدعوم من روسيا الاتحادية، وغرب أوكراني، متعاطف مع الغرب الأوربي وحلف الناتو. وبذلك فأنَّ السلطة الانقلابية في كييف سعت منذ اليوم الأول إلى الصدام مع روسيا الاتحادية، ودخلت في حرب أهلية دامية مع سكان المناطق الشرقية الصناعية من البلاد، المدعومين من روسيا، واختار سكان شبه جزيرة القرم، بشكل طوعي، الانضمام إلى روسيا، وغرقت أوكرانيا في أزمة اقتصادية طاحنة، وسقطت في وحل المعسكر الإمبريالي، وافترستها النزعات الفاشية، وانحدرت إلى البؤس وامتهنت الدعارة، تحت ذريعة التقدم والحضارة! حصيلة السيطرة الفاشية على الحكم اليوم أوكرانيا تعيش وضعًا مأساويًا، فالغرب لم يفتح أبوابه للأوكرانيين للانتقال والعمل لديه، سواء قبل حلول جائحة كرونا أو خلال صعود المتحور "أوميكرون"، ولن يفتح الطريق لهم في المستقبل حتى لو تراجعت الجائحة لأنَّ الأوضاع الاقتصادية في الغرب بدأت تتجه صوب الكارثة نتيجة للسياسات النيو- ليبرالية، والدول الغربية، ولا سيما الدول الغنية، مثل الدنمارك وفرنسا وبريطانيا، تسعى جاهدة لمنع الهجرة إليها، و شرعت في الأشهر الأخيرة في تضييق الخناق على الاحتجاجات السياسية في الداخل، وتعتزم، تحت مبررات زائفة، أنْ تتخلص من المهاجرين المقيمين في أراضها بشكل شرعي، بما في ذلك التخلص حتى من أولئك الذين نالوا جنسية هذه البلدان في وقت سابق، وعلى هذا فالدول الغربية ليست مستعدة أن تقبل مجيء الأوكرانيين إليها أو غيرهم من شعوب شرق أوربا التي توهمت أنها هَجَرَتْ "جحيم الاشتراكية"، وتبنت الليبرالية، وتوهمت مرة أخرى أنها ستهاجر وستستقر في "نعيم الرأسمالية" في الغرب، ولكن الغرب، هو الآخر، غدا جحيما. للحديث بقية ....
#منذر_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفاشية الأوكرانية، والإمبريالية الأمريكية، والطموح الإمبراط
...
-
اليمن : اردعوا الغزاة، احذروا دعاة الحرب، واجهوا بائعي الأوط
...
-
اليمن وانسحاب السلفيين من الساحل الغربي!
-
لماذا انتصر اليمنيون في الماضي وهُزِمُوا في الحاضر؟
-
أفغانستان: الصراع والاحتلال والتحرير والوضع اليمني!
-
السياسيون اليمنيون وصناعة الكوارث!
-
المخرج من الأوضاع اليمنية المأساوية المربكة!
-
لا يفلح قوم ولوا أمرهم جاهلًا!
-
ترى ماذا يريد الشعب اليمني؟ (2/2)
-
ترى ماذا يريد الشعب اليمني؟ (2/1)
-
يمن الأحزان ومبادرة السعودي الفرحان!
-
من أقترف الجريمة في مطار عدن؟ 3/3
-
من أقتَرفَ الجريمة في مطار عدن؟ 3/2
-
مَنْ أقترف الجريمة في مطار عدن؟ 3/1
-
فيروس كورونا والبعد الطبقي!
-
دونالد ترامب سقط!
-
في ذكرى الثورة اليمنية، هل نعلم وجهتننا؟ (2-2)
-
في ذكرى الثورة اليمنية هل نعلم وجهتننا؟ (1-2)
-
العرب والعلاقات مع دولة إسرائيل الصهيونية
-
ماذا جرى في الرياض بشأن اليمن؟
المزيد.....
-
قبل موتهم جميعا.. كشف آخر ما فعله مسافران قبل اصطدام طائرة ا
...
-
الصين تعرب عن استيائها الشديد إزاء الرسوم الجمركية الأميركية
...
-
حرب تجارية جديدة: كندا تفرض رسوما على سلع أمريكية بقيمة 155
...
-
دراسة تكتشف أسرار الأذن البشرية
-
دلالات طريقة المشي
-
علماء الفيزياء الكمومية يبتكرون فضاء مكونا من 37 بُعدا
-
واشنطن تريد انتخابات بأوكرانيا إذا توقفت الحرب
-
عشرات الآلاف دون مأوى وفي وضع مأساوي بغزة
-
حراك طلابي في صربيا يُطيح برئيس الوزراء وموسكو وبروكسل تراقب
...
-
الولايات المتحدة تفرض رسوما جمركية على كندا والمكسيك والصين
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|