|
الفاشية الأوكرانية، والإمبريالية الأمريكية، والطموح الإمبراطوري الروسي، والخطر المحدق بالعالم (3/1)
منذر علي
الحوار المتمدن-العدد: 7143 - 2022 / 1 / 23 - 01:45
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
قبل أشهر قليلة حشدت الحكومة الأوكرانية، بمساعدة غربية، قوة عسكرية كبيرة على حدودها الشرقية للانقضاض على المعارضين الأوكرانيين لسياستها والمواليين لروسيا في إقليم دونباس وغيره من المناطق الشرقية الأوكرانية، ثم زعمت، مُسْتَدِرَةً الشفقة الغربية نحوها، أنَّ روسيا حشدت قوة عسكرية ضاربة في حدودها الشرقية، وأنها على وشك أن تغزوها، وطلبتِ المساعدة من حلف الناتو، وبشكل خاص، من الولايات المتحدة الأمريكية لصد ما عدته العدوان الروسي المرتقب على أراضيها. وتجاوب الغرب مع أوكرانيا وأثار ضجيجًا مدويًا، ومد أوكرانيا، بشكل سري ثم بشكل علني، بمزيد من الأسلحة، وهدد روسيا، وأبدى استعداده لمعاقبتها بشكل قاسٍ، إذا تجرأتْ، هذه الأخيرة، وغزت أوكرانيا. وردتْ روسيا بقوة على التهديدات الغربية والأمريكية، وأقامت مناورات عسكرية في أراضيها المحاذية لأوكرانية، وأطلقت مجموعة الصواريخ الجديدة، فوق الصوتية، ووعدتْ بأنها ستتخذ الإجراءات اللازمة لحماية مصالحها. وعلى إثر هذه التصريحات الحادة والمتبادلة، توترت العلاقات المتوترة أصلًا وبلغت ذروتها بين القطبين الكبيرين، روسيا وأمريكا. و في العاشر شهر يناير الجاري، التقي في جنيف وفد روسي، برئاسة نائب وزير الخارجية، سيرجي ريابيكوف، وآخر أمريكي، بقيادة نائبة وزير الخارجية، ويندي شيرمان في محاولة لنزع فتيل التوتر بين روسيا الاتحادية والولايات المتحدة الأمريكية بشأن الأوضاع في أوكرانيا. جذور المشكلة: عقب سقوط ميخائيل غورباتشوف، رائد كارثتي "البروسترايكا والجلاسنوست" (إعادة البناء والعلنية) سنة 1991، وإزاحة الحزب الشيوعي من الحكم ، وصعود بوريس يلتسن وجماعته، والتفكك المؤسف للاتحاد السوفيتي، الذي تم بفعل تضافر جملة من العوامل كالفساد البيروقراطي في قمة الهرم السياسي، ونشاط المافيا الداخلية، والجمود الاقتصادي، والحصار الخارجي وحرب أفغانستان والدور التخريبي للمخابرات الغربية، برزت حركتان شعبيتان على المسرح السياسي في جمهورية أوكرانيا وثيقتا الصلة بما يجري من تجاذبات بين روسيا الاتحادية والغرب حول الشأن الأوكراني. الأولى، حركة أوكرانية شعبية مشروعة، برزت عقب سقوط الاتحاد السوفيتي، وكانت تهدف إلى تصحيح الأوضاع الاقتصادية والسياسية المختلة، وصون المكتسبات التقدمية للتجربة الاشتراكية، والحفاظ على الروابط الأخوية التاريخية مع روسيا الاتحادية وبيلاروسيا ومجموعة دول الاتحاد السوفيتي المستقلة. وكانت هذه الحركة الشعبية تحظى بدعم الدولة الروسية لاعتبارات وطنية وتاريخية واستراتيجية، وتحظى، بشكل خاص، بدعم الحزب الشيوعي الروسي لاعتبارات عقائدية ووطنية وأممية. الثانية، كانت حركة شعبية، مضادة، في اتجاهها العام، للحركة الشعبية التقدمية الأولى، وكانت تقود الحركة الثانية نخبة شعبوية، متجذرة في نزعتها الفاشية، تمتد في التاريخ إلى منظمة" القوميين الأوكرانيين" الفاشية، بقيادة ستيبان بانديرا، التي تأسست سنة1941، بمباركة نازية بعد الهجوم المضاد للجيش الأحمر في معركة ستالينغراد. وهذه المنظمة الفاشية، المتلفعة بالشعارات القومية، تعاونت مع الألمان إبان الحرب العالمية الثانية ضد الدولة السوفيتية، ولكنها سُحِقت، وأنتصرَ الاتحاد السوفيتي. الحركة الفاشية الأوكرانية والغرب هذه الحركة الفاشية الأوكرانية التي تعاونَ قادتها في الماضي مع الفاشية الألمانية، ضد الدولة السوفيتية، تدعو اليوم إلى تبني الرؤية الليبرالية الجديدة على صعيد الاقتصاد، و إلى اجتثاث القيم السياسية التقدمية في المجتمع الأوكراني، المترسخة منذ العهد البلشفي، وإلى حظر الحزب الشيوعي الأوكراني، وقد نجحت في ذلك، وإلى تعميم الرؤى السياسية العنصرية في المجتمع تُجاه الأعراق الأخرى، ولا سيما من ذوي الأصول الروسية، الذين يشكلون حوالي 30% من مجموع سكان أوكرانيا، و إلى الالتحام بالغرب الإمبريالي، والدخول في حلف الناتو، و الوقوف مع الغرب صفًا واحدًا في مواجهة روسيا الاتحادية، وتمزيق الروابط التاريخية معها، وتقويض كيانها السياسي، وهي اليوم، وكما كانت في الماضي، مدعومة من الدول الغربية وبشكل خاص من قِبَلِ الأوساط الفاشية في تلك الدول. أوكرانيا وصعود الفاشية كانت الصراعات بين الكتلتين المتناقضتين، الشعبية التقدمية والشعبوية الرجعية، على أشدها بين 1991- 2013، ولكن الصراعات بلغت ذروتها في فبراير 2014 حينما فشل الحراك الشعبي التقدمي في أوكرانيا وسقطت السلطة السياسية في كييف في أيدي القِوَى الفاشية، على الرغم من وجود مجتمع متفتح ووجود قاعدة تعليمية راسخة. لِمَاْذَا؟ لأن قيادات الحراك الشعبي التقدمي كانت جامدة ومتخشبة وتفتقر إلى الحيلة وتنزع إلى المثاليات، وكانت القيادة الروسية مشغولة بهمومها المتعددة على الصعيد الوطني والدولي، فيما كان الحراك الشعبوي الرجعي ناشطٌ ويقظ، ومدرب ومبادر، وكان المخططون الغربيون، ولا سيما الولايات المتحدة، ماهرين وقادرين وأهدافهم واضحة وخططهم متقنة. الأوهام الأوكرانية والاستخبارات الغربية تشابكت الأوهام الأوكرانية البريئة مع نشاط الاستخبارات الغربية الماكرة عبر حلقة الجماعات الفاشية. إذْ انطلقت "الفورة الشعبية" من الأوهام الليبرالية، التي بثتها القِوَى الإمبريالية الكبرى، بغية اجتثاث اليسار في أوكرانيا وتطويق روسيا الاتحادية، المُنَافِسة والمناهضة للتوسع الغربي. فالجماهير الشعبية الأوكرانية، في فبراير 2014، تحركت ضد النظام الشرعي، المنتخب ديمقراطيًا، رغبة في الالتحاق بالاتحاد الأوربي، وفتح الأبواب للعمالة الأوكرانية لكي تتمكن، بشكل قانوني للانتقال، دون قيود، من أوكرانيا إلى سوق العمل في الجزء الغربي من أوربا، ولا سيما إلى الدول الغنية، مثل ألمانيا وفرنسا، وهولندا، وبريطانيا، وغيرها. غير أنَّ وكالات الاستخبارات الغربية، وبشكل خاص الأمريكية، ولأسبابها الخاصة، استغلت هذه الدوافع الإنسانية الطبيعية لدي المواطنين الأوكرانيين، ولا سيما لدي الشبيبة، و عملت من خلال الجماعات الأوكرانية الفاشية المرتبطة بها وأجهزة الدعاية الغربية، على حقن عقول الشباب بكثير من الأوهام، وأنفقت الاستخبارات الأمريكية ما يزيد عن 5 مليار دولار، كما تؤكد التقارير الغربية الموثقة، من أجل إسقاط السلطة الشرعية في أوكرانيا، بقيادة، فيكتور يانوكوفيتش، وإفساح الطريق أمام القِوَى الفاشية في أوكرانيا المناهضة لروسيا الاتحادية والموالية للغرب الإمبريالي، وقد أفلحت في ذلك. للحديث بقية...
#منذر_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اليمن : اردعوا الغزاة، احذروا دعاة الحرب، واجهوا بائعي الأوط
...
-
اليمن وانسحاب السلفيين من الساحل الغربي!
-
لماذا انتصر اليمنيون في الماضي وهُزِمُوا في الحاضر؟
-
أفغانستان: الصراع والاحتلال والتحرير والوضع اليمني!
-
السياسيون اليمنيون وصناعة الكوارث!
-
المخرج من الأوضاع اليمنية المأساوية المربكة!
-
لا يفلح قوم ولوا أمرهم جاهلًا!
-
ترى ماذا يريد الشعب اليمني؟ (2/2)
-
ترى ماذا يريد الشعب اليمني؟ (2/1)
-
يمن الأحزان ومبادرة السعودي الفرحان!
-
من أقترف الجريمة في مطار عدن؟ 3/3
-
من أقتَرفَ الجريمة في مطار عدن؟ 3/2
-
مَنْ أقترف الجريمة في مطار عدن؟ 3/1
-
فيروس كورونا والبعد الطبقي!
-
دونالد ترامب سقط!
-
في ذكرى الثورة اليمنية، هل نعلم وجهتننا؟ (2-2)
-
في ذكرى الثورة اليمنية هل نعلم وجهتننا؟ (1-2)
-
العرب والعلاقات مع دولة إسرائيل الصهيونية
-
ماذا جرى في الرياض بشأن اليمن؟
-
ما هي الأسئلة المهمة في زمن العدوان والجائحة ؟
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|