|
بين الإيديولوجية ولأدلجة يتجسد التضليل:.....3
محمد الحنفي
الحوار المتمدن-العدد: 1662 - 2006 / 9 / 3 - 09:51
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
7) و إذا كان الأمر كذلك، فعلى ماذا نعتمد في التمييز بين الدين، وبين أدلجة الدين؟ ففي مستهل هذه الفقرة، لا بد أن نشير إلى أن الدين معتقد معين، يعتقده شخص معين، أو جماعات معينة، يترتب عنه الالتزام بقيم معينة، تسعى إلى التوحيد، والتمييز بين المومنين، والمقتنعين بذلك المعتقد، والممارسين لمسلكيات معينة، بناء على شرعة معينة، تنظم العلاقة بين المومنين أولا، ثم بينهم، وبين غيرهم ثانيا، وبأداء طقوس معينة، إما بشكل فردي، أو بشكل جماعي، وفي أماكن معينة، ومخصصة لهذه الغاية، بهدف إظهار الطاعة لمصدر ذلك المعتقد ... والخضوع المطلق لإرادته، ومشيئته، انطلاقا من نصوص معينة، كما هو الشأن بالنسبة للديانات السماوية، أو ديانات أهل الكتاب، رغبة في الثواب، وتجنبا للعقاب الذي لا يعلم كيفه، ومقداره إلا المعتقد بوجوده الأبدي، الذي لا يعلم الغيب غيره، كما جاء في القرءان" إن الله عنده علم الساعة، و ينزل الغيث، و يعلم ما في الأرحام، و ما تدر،ي نفس ماذا تكسب غدا، و ما تدري نفس بأي تموت".
ولذلك، فجميع الديانات التي عرفتها البشرية عبر التاريخ، هي مجموعة من المعتقدات التي تحكمت في مسلكيات الناس، الفردية، والجماعية، من خلال تسييد منظومات من القيم، وفرض أنماط من الطقوس المعبرة عن تلك الديانات، ومحاولة نسج مجموعة من المعتقدات التي تحكمت في مسلكيات الناس الفردية، والجماعية من خلال تسييد منظومات من القيم، وفرض أنماط من الطقوس المعبرة عن تلك الديانات، ومحاولة نسج مجموعة من العلاقات الاجتماعية، التي أريد لها أن تصير ذات مصدر غيبي/ ديني، انطلاقا من نصوص دينية معينة.
أما أدلجة الدين، فهي عملية تحريفية / تأويلية، للنصوص الدينية، لجعل ذلك المعتقد، أو المعتقدات في خدمة الجهة المؤدلجة للدين، ومعبرة عن مصالحها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ومنصبة لها كوصية على الدين المؤدلج، الذي يصير سائدا برغبة، وبكيف، وبتأويل المؤدلجين، الذين يصيرون مصدر المعرفة "الدينية".
وأدلجة الدين، هي عملية بشرية تمويهية، تسوق إلى تنميط المجتمع، من خلال تنميط "فهم" المعتقدات، و"الشرائع"، في عملية إخراج واسعة لدين معين، أو لمجموعة من الأديان، بما يتناسب مع تصور، وتأويل المؤدلجين لدين معين، أو لمجموعة من الأديان، بهدف التحكم في المتدينين، والسعي إلى تجييشهم، لخدمة مصالح مؤدلجي دين معين، أو لمجموعة من الأديان، المتمثلة في السيطرة على مجتمع معين، أو على المجتمعات البشرية برمتها، لحملها على خدمة مصالح المؤدلجين، بواسطة أجهزة الدولة، التي تصير في نظر المؤدلجين، دولة "دينية".
ولذلك، فالتمييز بين الدين، وبين أدلجة الدين، يتم من خلال التمييز بين منطوق النصوص، وبين تأويل تلك النصوص.
فمنطوق النصوص يساعد على الفهم البريء للدين، الذي يستلزم الإيمان أولا، والتحلي بالقيم المنصوص عليها ثانيا، وأداء الطقوس المطلوبة ثالثا.
أما تأويل النصوص، فلا يستلزم الوقوف عند منطوق النصوص، بل يتجاوزها إلى محاولة فهم معين، انطلاقا من واقع معين، وسعيا إلى خدمة مصالح معينة، ورغبة في تحقيق أهداف معينة، لتصير القيم، والطقوس منمطة، من أجل التمييز على مستوى الشكل، وعلى مستوى المضمون، للمساهمة في تسييد وجهة نظر معينة، في تأويل النصوص الدينية، التي تختلف من تيار إلى آخر، ومن مكان إلى آخر، ومن عصر إلى آخر، بسبب اختلاف المصالح الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، للجهة، أو الطبقة المؤدلجة للدين.
وبهذا التمييز نجد أن التعارض قائم بين الدين، وبين أدلجة الدين من خلال اعتبار:
أ - الدين من وحي الله، الذي يهدي إليه من يشاء من المومنين به، والممتثلين للتحلي بقيمه.
ب- أدلجة الدين من فعل البشر العاجزين عن إنتاج إيديولوجية معينة، لانتفاء علاقتهم المباشرة بوسائل الإنتاج في التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية القائمة.
8) فما هو دور المثقفين في إشاعة التمييز بين الدين، وبين أدلجة الدين؟
إن دور المثقفين ليس من السهولة المطلوبة، وليس كل المثقفين قادرون على القيام بدور معين، خاصة، وأن المثقف لا يمكن أن يكون إلا منحازا لطبقة معينة، وأن تلك الطبقة لابد أن تكون محتضنة لهذا المثقف، أو ذاك. ولذلك فالمثقف الذي يطلب منه أن يقوم بدور معين، هو المثقف العضوي، أو الثوري، وليس أي مثقف، ومن أي نوع كان.
وما دام الأمر كذلك، فإن المطلوب من المثقف الثوري، أو العضوي، أن يكون له إلمام واسع، وعميق بالدين، وبأدلجة الدين، حتى يتسنى له التمييز بين الدين، وأدلجة الدين، من أجل القيام بدور معين في أوساط الجماهير الشعبية الكادحة.
ونحن عندما نشترط أن يكون المثقف ثوريا، أو عضويا، فلأن هذا المثقف يمتلك إمكانية الارتباط بالجماهير الشعبية الكادحة؛ لأن هذه الجماهير هي المستهدفة بتضليل أدلجة الدين، وهي التي يجب أن تستهدف بتوضيح التمييز بين الدين، وأدلجة الدين، حتى تصير على بينة مما يجري من استغلال للدين في الأمور الإيديولوجية، والسياسية، وحتى نتجنب تعاطيها مع أدلجة الدين، وحتى تحرص على أن يصير الدين قوة مادية قائمة في الواقع، لا يتجاوز أن يكون خالصا لله، متميزا عن أدلجة الدين، عاملا على تغذية المقتنعين به بالقيم النبيلة، التي تحقق كرامة الإنسان، وتؤهله للحفاظ عليها. والمثقف الثوري لا يكون كذلك إلا ب:
أ - ارتباطه العضوي بالجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة.
ب - امتلاكه للوعي الطبقي الحقيقي، الإيديولوجي، والسياسي، والتنظيمي.
ج - امتلاكه للمعرفة الواسعة بالحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية.
د ـ امتلاكه للخبرة بالواقع الذي يتحرك فيه، وعلى جميع المستويات، وفي جميع مناحي الحياة.
ه - إدراكه العميق للعوامل الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، و السياسية، التي أدت، وتؤدي إلى سيادة، أو تسييد أدلجة الدين.
و - معرفته العميقة بحقيقة كل دين على حدة، وبالأهداف المتوخاة من وراء كل دين، وبالشروط الموضوعية التي أدت إلى بروزه في مرحلة تاريخية معينة.
ز - معرفته الدقيقة بالشروط المتغيرة، التي تؤدي إلى بروز مؤدلجي الدين، وبالأهداف البعيدة، والقريبة، والمتوسطة، التي يسعون إلى تحقيقها، حتى يلعبوا دورهم في تفنيد دعاواهم للأدلجة.
ح - قدرته على تجسيد احترام الدين كمعتقد، ومواجهة أدلجة الدين كممارسة تحريفية للدين.
ومن الأكيد أن المثقف الثوري، عندما يكون كذلك، لابد أن يشكل القنطرة التي يمر منها الوعي بحقيقة الدين، والوعي بحقيقة أدلجة الدين، كشكل من أشكال الوعي الطبقي الحقيقي، الذي يجب أن يتسلح به الكادحون، وطليعتهم الطبقة العاملة، حتى يدخلوا في اعتبارهم أن مواجهة مؤدلجي الدين الإسلامي، تعتبر جزءا لا يتجزأ من الصراع الطبقي الحقيقي، في مستواه الإيديولوجي، وحتى يتمرس الكادحون بدورهم على التمييز بين الدين، وبين أدلجة الدين في ممارستهم اليومية، وفي رؤاهم الآنية، والمستقبلية.
وبذلك يتبين أن دور المثقفين لا يكون إلا ثوريا، وأن هذه الثورية تتجسد في نقل الوعي بالدين، وبأدلجة الدين إلى الكادحين، وطليعتهم الطبقة العاملة، الذين تناط بهم مهمة حماية الدين من التحريف، ومواجهة المحرفين المؤدلجين للدين الإسلامي، من أجل فرض احترام الدين كمعتقد أو كمجموعة من المعتقدات المرتبطة بواقع الكادحين، ومن أجل العمل على نفي أدلجة الدين كممارسة تحريفية.
#محمد_الحنفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بين الإيديولوجية والأدلجة يتجسد التضليل:.....2
-
بين الإيديولوجية ولأدلجة يتجسد التضليل:.....1
-
استغلال الملك العام وسيلة ناجعة لتحقيق التسلق الطبقي ...؟ !!
...
-
استغلال الملك العام وسيلة ناجعة لتحقيق التسلق الطبقي ...؟ !!
...
-
استغلال الملك العام وسيلة ناجعة لتحقيق التسلق الطبقي ...؟ !!
...
-
استغلال الملك العام وسيلة ناجعة لتحقيق التسلق الطبقي ...؟ !!
...
-
استغلال الملك العام وسيلة ناجعة لتحقيق التسلق الطبقي ...؟ !!
...
-
استغلال الملك العام وسيلة ناجعة لتحقيق التسلق الطبقي ...؟ !!
...
-
استغلال الملك العام وسيلة ناجعة لتحقيق التسلق الطبقي ...؟ !!
...
-
استغلال الملك العام وسيلة ناجعة لتحقيق التسلق الطبقي ...؟ !!
...
-
استغلال الملك العام وسيلة ناجعة لتحقيق التسلق الطبقي ...؟ !!
...
-
استغلال الملك العام وسيلة ناجعة لتحقيق التسلق الطبقي ...؟ !!
...
-
استغلال الملك العام وسيلة ناجعة لتحقيق التسلق الطبقي ...؟ !!
...
-
استغلال الملك العام وسيلة ناجعة لتحقيق التسلق الطبقي ...؟ !!
...
-
استغلال الملك العام وسيلة ناجعة لتحقيق التسلق الطبقي ...؟ !!
...
-
استغلال الملك العام وسيلة ناجعة لتحقيق التسلق الطبقي ...؟ !!
...
-
استغلال الملك العام وسيلة ناجعة لتحقيق التسلق الطبقي ...؟ !!
...
-
استغلال الملك العام وسيلة ناجعة لتحقيق التسلق الطبقي ...؟ !!
...
-
استغلال الملك العام وسيلة ناجعة لتحقيق التسلق الطبقي ...؟ !!
...
-
استغلال الملك العام وسيلة ناجعةلتحقيق التسلق الطبقي ...؟ !!!
...
المزيد.....
-
1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
-
أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
-
غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في
...
-
بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
-
بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
-
قائد الثورة الاسلامية آية اللهخامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع
...
-
اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع
...
-
إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش
...
-
مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|