|
الوتر الواقعي والخيالي في قصص الأديب هيثم محسن الجاسم المجموعة القصصية عودة طائر الفجر
فرح تركي
كاتبة
(Farah Turki)
الحوار المتمدن-العدد: 7142 - 2022 / 1 / 21 - 19:52
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
القصص التي تضمنتها المجموعة تميزت بالرمزية والواقعية التي رسمت ملامح النضج الأدبي والأنساني لعدسة الجاسم الذي كان راصداً لما واجه المجتمع العراقي وبالأخص في فترة الثمانيات فكان قلمه ترجمة لما تلتقطة عدسته الادبية المعالجة التي تسلط الضوء على معاناة فئات غاب عن كثيرين الالتفات نحوهم والأحساس فيهم فارخهم كشخوص في حكاياته في قصص قصيرة وكانت صفحات الورق هي شاشة تجعلنا نبصر أوجاعهم وما عاشوه هو تجسيد حي، وتلامس واقعي وهنا تتجلى قيمته الانسانية، فالانسان الذي يشعر بالآخرين هو انسان حساس انا من يتألم لألامهم فهو على قدر كبير من الانسانية، ففي قصة الخاتم صفحة ٤٥ نجد أنها قصة قصيرة مقتبسة من ذاكرة التراث الشعبي التي تقدم الخاتم كنموذج لكثير من الخرافات والمعتقدات في امتلاكها لمفعول سحري حيث كان مطلعها "حلت امي عقدة القماش الأزرق الحاوي على الخاتم الجميل" وبعدها تقدمه الام لابنها كذكرى بعد ان قصت له قصة جميلة عن خاتم آخر وتلك القصة اضمنها لجمالها السردي واللغوي روت لي امي حكاية غريبة واحدة علقت في ذاكرتي (حمل احدهم خاتما ذا فص أخضر له طاقة سحرية هائلة تقوم بحمل رغبات الرجل كالنحلة تدور حرل القلوب الولهة المعذبة بالعشق، تحوم حول الفتاة المعشوقة.. الخ) ومن هذا نرصد بان الجاسم كان نبهاً وفطنا في رسم ملامح اثر الخرافات في ذاكرة المجتمع والإشارة إلى دورها المستمد من ايمانهم في تحقيق رغباتهم وامانيهم ولكن في قصة الخاتم كانت النهاية مدهشة فقد كان الخاتم الذي قبله الابن كهدية وخاف ان يلبسه بسبب المنظر في إحدى فصوصه إلى جره إلى حلم ومنه إلى عذاب واقعي ادمى جسده وقطع ثيابه وهي رسالة سخرية من الجاسم بوجهه الخرافات والخواتم السحرية ومن عقول تأبى العلم وترفضه ولكنه تتقبل الخرافة وتجعلها أساس فكرهم ومعتقدهم تجربة الام في قصة الخاتم انتهت بابن واجم ناج من حلم اخذه اليه خاتم غريب هو تأكيد للسحر ولكن بنفس الوقت صفعة بأن السحر عالم مخفي قد لاينجينا بل يهلكنا وكان لا سبيل لأعادته إلى وعيه الابنزع الخاتم
قصة عودة طائر الفجر تقع هذه القصة في صفحة ٩٠ من المجموعة القصصية ولها من الصفحات سبع سطرت بواقعية عميقة وجسد فيها الجاسم ملامح الحياة في الاهوار في بساطتها ووصفها لادق التفاصيل للحظة ظننت ان الجاسم قد عاش عدة اشهر ليكتب تلك القصة ولكن الخيال مادة الكاتب الدسمة التي يقدمها لضيفه القارئ بكرم القصة تتناول قصة حب راشد لفوزية الاسطورية من حيث نوع الحب وكمه وجمالهما وقناعتهما في كل شيء ليكونا محط حسد واعجاب قرية الهويشة باجمعها بعد زواجهما الذي مر عليه ثلاث سنوات دون ذرية عاشوا سعداء هو صياد وهي ربة بيت لم يكلفها اي اعمال مرهقة ولم يصادر حريتها تأتي المفارقة من القاص الجاسم بعد عبارة ( حتى جاء يوم غير كل شيء) لتبدأ وتيرة الفضول تتصاعد لدينا ونتلمس تغيير في معاملته لها وبروده نحوها ويطلب دون انذار ان تغادر لبيتها اهلها وتطلب الطلاق بعد اشهر، ويتم كل ذلك وسط غموض وتساؤلات حول فوزية من سكان القرية لتمر سنة وتخطب وتتزوج ولكن عيشتها ليست هنيئة كما مع بلبل الهور راشد الذي غاب وغابت معه الأناشيد التي كان ينشدها دون إنقطاع تكون خاتمة القصة مدهشة كما اعتادنا من الجاسم ورسمه لمشهديته الواقعية لكنها بطابع ذكي وحنكة راشد يزور العشيق الذي تزوج فوزية بعد مقتلها في السجن اترى فعلتك تمر دون عقاب اين انت الان ستقضي بقية عمرك خلف هذا الحديد البارد عقابا على مافعلته بي ليس على قتلك لها كلا لقد اخذت جزاءها، ان تستحيل إلى جثة طافية متعفنه فوق مياة الهور واما انت ايها الفاجر سوف تتعفن هنا
وهنا تظهر رمزية العنوان ب عودة طائر الفجر الا وهو راشد الذي عاد فجراً لينتقم لكبريائه ورجولته التي خانتها فوزية ايقونة الجمال والانوثة في الهور في هذه القصة تحديداً مكانيا وزمنيا ارخه الجاسم في اسم القرية وهو شيء قد يغيب عن بعض الكتاب والقاصين بحيث لتخلو القصص من عنوان مكانيا او زمانيا قصة بصمات داكنة تختم هذه القصة بهذه الأسطر تغلق القضيةوتحفظ. وقف الحاجب معلناً : رفعت الجلسة هذه نهاية لقصة بصمات داكنة والتي تعالج جانبا داكنا لا نراه الا بعد فوات الأوان الا وهو الانتحار براعة السرد وتوظيف فكرة القصة وهي رفع قضيه ضد الذي حاول الانتحار من قبل شخص مدينا له بمبلغ من المال بالإضافة إلى التشويق ومتابعة جلسة الحكم والمدولات ووصف لكل تفصيل نفسي ومكاني وتعبيري في المحكمة يسحب اي قارئ لمحاولة معرفة الحكم الذي جعله الجاسم مخالفا للواقع وكانه بخياله يرسم عالما نستحق ان نعيشه بامان وفرح وتكاتف فقد كان حكم القاضي بان يتحمل تكاليف القضية والعلاج النفسي وتبعات محاوله الانتحار للمدعي الذي هو المدين للمنتحر الناج في بادرة رحمة غير مسبوقة السببب في الانتحار هو غرق المنتحر في الديون، ولكنه فشل في الانتحار كما فشل في سدادها فكانت النتيجة تنازل المدعي عليه عن المبلغ هذه القصة ببصماتها الداكنة وطيفها الفاتح يأخذاننا لنفكر في كثيرين اقدموا على الانتحار ونجحوا فيه خلاف بطل هذه القصة التي احتلت أربع صفحات في المجموعة القصصية ٩٧_٩٨_٩٩_١٠٠ وموقعة باسم الناصرية ١٩٩٨
ماذا لو عرفنا الأسباب وتفقدناها وتنازلنا عن أي شيء لنكسب حياة إنسان كرمه الله ووهبه الروح من خلال النماذج المطروحة هذه القصص الثلاث حاولت ان ألفت الإنتباه الذي استشعرته من قصص الجاسم الا وهو التجسيد الانساني وبراعه السرد ومرعاة التكييف وسلامة اللغة وبلاغتها هي رسائل انسانية عميقة وكانها صفعات للمغيبين والذين انشغلوا وغفلوا عن شركائهم في الانسانية وظنوا ان عليهم الاخذ فقط دون التفكير في العطاء تتضمن المجموعة القصصية اربعه عشر قصة وردت بعد المقدمة والاهداء الحفرة_الاحتقان_رائحة شواء_المأزق_الخاتم _الوزة الذهبية _الجرذان _الحقيبة_شأن الحياة _غبار المقبرة _عودة طائر الفجر _بصمات داكنة _الطريد _انهم يقتلون الاسماك _الدخان هي أوسمة وشهادات ترسم ملامح الوجع والمعاناة في المجتمع العراقي بحس انساني مرهف وابداعي عميق هي خبرة تروى وليست قصص تقرأ للتسلية وتكون عابرة وتنسى بسهولة
#فرح_تركي (هاشتاغ)
Farah_Turki#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قصيدة نثرية بعنوان عين واحدة
-
المصباح السحري
-
نص نثري بعنوان صافرة
-
قصة بعنوان -جرذ يقضم الياسمين-
-
نحلم ان نمتلك وطنا أمنا
-
حوار _ طبيية عراقية جمعت بين مهنة الطب وموهبة الكتابة ولها م
...
-
نص نثري بعنوان هذه السنة سأكون ماكرة
-
منكِ ينبعث الياسمين
-
-عقد من الحب وألفي ضفيرة مقصوصة- حوار مع الكاتبة والناقدة مر
...
-
قصيدة نثرية بعنوان تعاويذ التلاقي
-
قراءة في نص خيالات من ورق للكاتب أسعد عبدالله
-
تكهنات
-
قصص قصيرة جدآ... عنوان أولها أستحقاق
-
قراءة انطباعية في رواية غداً سأرحل للروائي عبد الزهرة عمارة
-
الكتاب الذي بيع منه أكثر من 30 مليون نسخة السر لمؤلفته رواند
...
-
قصيدة نثرية بعنوان - أخشى-
-
قراءة في نص.. سجين خصلات شعرها للكاتب أيهاب الخفاجي
-
قراءة في نص.. -بأنتظار المحو والإضافة والتعديل للأديب ولاء ا
...
-
قصيدة نثرية.. لستُ من الجميلات
-
إدمان القراءة ينتشل العقل من الألم النفسي إلى الصفاء والنضج
المزيد.....
-
ماذا نعرف عن طالب عبد المحسن المشتبه به في عملية الدهس في أل
...
-
منفذ هجوم ماغديبورغ -يكره كل من لا يشاركه كراهية المسلمين-
-
الحوثيون: أفشلنا هجوما أمريكيا بريطانيا على اليمن باستهداف ح
...
-
قطر ترفع علمها فوق مبنى سفارتها في دمشق
-
السوداني من نينوى: العراق استعاد دوره الريادي في المنطقة
-
الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لقتلى قوات كييف في كورسك
-
هجوم ماغديبورغ يضع الحكومة الألمانية تحت ضغط وانتقادات متزاي
...
-
القسام تقتل جنودا إسرائيليين بجباليا والغارات توقع عشرات الش
...
-
معاريف: إسرائيل تواجه صعوبات استخباراتية في تحديد مستودعات ص
...
-
ما أسباب المسام الكبيرة؟ وكيف تتمتعين ببشرة ناعمة ومثالية؟
المزيد.....
-
-فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2
/ نايف سلوم
-
فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا
...
/ زهير الخويلدي
-
الكونية والعدالة وسياسة الهوية
/ زهير الخويلدي
-
فصل من كتاب حرية التعبير...
/ عبدالرزاق دحنون
-
الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية
...
/ محمود الصباغ
-
تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد
/ غازي الصوراني
-
قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل
/ كاظم حبيب
-
قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن
/ محمد الأزرقي
-
آليات توجيه الرأي العام
/ زهير الخويلدي
-
قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج
...
/ محمد الأزرقي
المزيد.....
|