سليم نزال
الحوار المتمدن-العدد: 7142 - 2022 / 1 / 21 - 01:19
المحور:
سيرة ذاتية
فى تلك الازمان كان باص شقرا و هى قرية فى جنوبي لبنان قريبة من الحدود مع فلسطين يمضى فى الصباح الباكر جدا الى بيروت .لم يكن الباص الا صورة مصغرة عن قرية فى الجنوب .
فى الباص هرج و مرج .نساء جنوبيات بملابسهن التقليدية يحملن سلال التين و العنب الى اقاربهن فى بيروت .و غالبا ما كانت النسوة تقدم التين الطازج و العنب لركاب الباص.و كانت الاحاديث حميمة الى درجة يشعر فيها المرء انه يجلس فى ساحة احدى قرى الجنوب يستمع لحكايات يرويها كبار السن عن ازمان لم نعرفها.
ففى كل قرية ساحة و على طرف الساحة يتجمع الرجال فى ظل شجرة يتبادلون اطراف الحديث و غالبا عن ذكرياتهم . بل احيانا ما كان احد الرجال يرتجل بيتا من العتابا فى الباص تمنح الرحلة جو من الحميمية و الدفء.
و عندما كان الباص يتجاوز جسر الليطانى كنت اشعر بفرح و انا انظر من نافذه الباص الي الشمس التى كانت تبدو و كانها تبزغ من بين جبلين.
كانت تلك الرحلات من الرحلات التى لم تزل مختزنة فى الذاكرة .و فى زمن لاحق و اثناء زياراتي للصديق المرحوم العلامة السيد محمد حسن الامين ذكرت له عن باص شقرا .قال لى و تذكر باص شقرا قلت نعم و بتفاصيل لم تزل فى الذاكرة
كان مجلس السيد الامين من اكثر المجالس العظيمة التى عاصرتها .كان مجلس حوار مفتوح و حر بكل معنى الكلمة . كان هناك احاديث فى الادب و التاريخ و الفلسفه و الدين و السياسة الخ. قال لى ذات مرة ما يمكن ان يقال هنا لا يستطيع المرء قوله فى اماكن اخرى و اعتقد انه كان محقا .
كنت اشعر بفرح عندما كنا نصل ساحة البرج فى بيروت .و اول مرة سافرت فى الباص قال لى احدهم ان المطربة صباح فى بيروت فظننت اننا سنراها عندما نصل بيروت .و اتذكر مرة ان سائق الباص وضع اغنية صباح ع الضيعة يما عالضيعة حتى باتت هذه الاغنية رمزا يذكرنى بتلك الايام.و كلما اسمعها اغمض عينى فارى نفسى فى باص شقرا و هو يشق طريقة فى تلك الصباحات الرائعة .
مضت صباح و مضى السيد الامين و مضت تلك الازمان و لم يعد لها وجود سوى فى ذاكرة كسرتها الايام من كثرة ما عبرنا من موانىء الوجع
#سليم_نزال (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟