|
أولاً الإنسان المتمرد
عبدالكريم يحيى الزيباري
(عèïçلكٌيم الٍيèçٌي)
الحوار المتمدن-العدد: 7141 - 2022 / 1 / 20 - 16:41
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
مرتبط بنظرية الحق، فلا أحدَ يتمرد إلا بعد أنْ تؤرقه فكرة أنَّهُ على حق، ويجب أنْ لا يُضيَّعَ حقَّهُ. لا يوجد شيء أو إنسان أو ظاهرة بلا حدود! العبد المقيد المقهور، الذي اعتاد قول نعم، لا بدَّ أنْ ينتفِضَ ويقول لا! ليس بمقدوري أنْ أتحمَّل أكثر! قيمة الإنسان بقيمة وقوة الرَفض الذي يمارسه، يقول الشاعر كاظم الحجاج (ارفض، حتى الكرسي، يستطيع أنْ يرفضَ، بديناً يجلس عليه، بأنْ يكسرَ نفسه). كامو حاول اللحاق بسارتر، حَذْوَ القُذَّةِ بالقُذَّة، بإعجاب متبادل عن بعد، وتشابه في الأفكار السياسية والفلسفية، كتبَ الرواية والفلسفة والمسرح وترأس تحرير صحيفة، وانهمكا في السياسة باتِّجاهين متضادين انعكاساً للحرب الباردة. بعث سارتر رئيس تحرير مجلة الأزمنة الحديثة رسالةً إلى كامو رئيس تحرير صحيفة كومبا اليومية (عـزيـزي كـامـو: لم تكن صـداقـتـنا سـهلة يسيـرة، بيد أنني سـأفـقـدها. إذا أنهيتها أنتَ اليوم، فذلك يعني دون شك إنْ كان ضروريا أن تنتهي. أمور كثيرة جذبتنا كلينا للآخر، وقليل منها فرق بيننا. ولكن هذا القليل على قلته كان ولا يزال كثيرا جداً). نشرَ سارتر الغثيان/ 1938، ونشرَ كامو الغريب/ 1942. وأول لقاء جمعَهما، حزيران 1943، افتتاح مسرحية الذباب لسارتر، تدين الاحتلال النازي لفرنسا، واستمرَّ صعودهما سلم الشهرة الاجتماعية. تمرد كامو على صورته مساعداً لسارتر، الذي اتخذه نموذجاً للالتزام بنظريته الجديدة في الأدب. بدأ كلٌّ منهما يُعارض الآخر دون ذكرٍ للأسماء، ولم يكن سارتر شيوعياً وإنْ بدا ذلك، لم يكن كامو رأسمالياً كذلك! لكن النَّاس ووسائل الإعلام أرادوا ذلك بقوة غلبت الحقيقة. (لا يثير لدى القارئ الاقتناع العميق الذي يصنع من الرواية فَنَّاً/ كامي وسارتر، ص22). ردَّأً على نظرية سارتر الأدب الملتزم، أصدرَ كامو كِتابه الفلسفي (الإنسان المُتمرِّد/ 1951) تكملة (أسطورة سيزيف/ 1942) لتأمل الحياة وعدم الحياة، والتورط بالفعل الانتحاري تحت مظلة لم يذكرها: الفكر النازي/ الشيوعي. ولسبر نقطة انطلاق التمرد والثورة، وتطورها التاريخي، ودافع الجريمة: عقلاني، ولا عقلاني هوائي، مستحضراً استعداد هيثكليف في مرتفعات ويذرنغ، لقتل البريَّة كلها في للحصول على كاتي، استعداداً لا يسمح بسؤال: هل هذا القتل معقول؟ هل القتل المُبرَّر بمذهب هوائي أو طائفي أو طبقي معقول؟ إنَّ عصراً يُسلِّم دونما صعوبة، بأنَّ للقتلِ مبرراته، ويُسَوِّغُ الانتحار يمتاز بميزة العدمية الرئيسة: عدم الاكتراث بالحياة، و(إنَّ عصراً شَرَّد أو استعبدَ أو قتلَ سبعين مليون نسمة خلال خمسين عاماً، يستدعي وقبل كل شيء، أنْ يُحاكم... وفي العصور البدائية السَّاذجة، كان الطاغية يمسحُ مدناً بأكملها لإعلاء مجده! وكان العبد المُقيَّد بعربة المنتصر معروضاً في شوارع المدن المختلفة بأعياد النصر/ كامو، الإنسان المتمرد، ص8). ويدين الأدب الملتزم بالقضايا السياسية التي تبرر ما تقوم به السلطة من قتل وتشريد في الحروب التي تخوضها، (ولن نعرفَ شيئاً ما دمنا لا نعلم، هل لنا الحق في قتل هذا الإنسان الآخر الموجود أمامنا؟ أو أنْ نوافق على قتله/ ص8). التساؤل الإنساني وصمت العالم: ما الانتحار؟ ما الجنون؟ ما العبث؟ لماذا لا نحلل دوافع القاتل الواهم الأيديولوجي للنظريات التي تبرر القتل، ونستخلص منها الظروف والقيم الاجتماعية السَّائدة. التمرد جذر الإنسان، ونِتاج الفشل الحتمي لمحاولاته بلوغ الكَمال، وسَعي العقل البشري لتوضيح طبيعة العالم التي لا معنى لها، من تمرد العبيد على الأسياد، والفقراء على الأغنياء، إلى تمرد تجريدي ميتافيزيقي يلهف للنقاء والسكينة ضد فوضى وضجيج الحياة، مونِّهاً بإنكار ساد، وتمرد بودلير وشتايرنر وسان جاست، ويميزه عن الثورة التي تتضمن تشكيل نظام جديد، والتمرد احتجاج تلقائي بدون تدبر مَخرج. وأنَّ جميع ثورات الأزمنة الحديثة، أنكرت التاريخ، وهو ملخص سياق الخبرة البشريّة. واستعبدت الناس بِشِعار تحريرهم المستقبلي، وأضْمَرَت فكرة القمع في ذاتها، وأدَّت إلى نمو غريب ومرعب للدولة، واستعرض روسو ومذابح الثورة الفرنسية ولينين وستالين. وتنبؤات ماركس وهيغل ونيتشه. ويصف كامو استعداد القتلة المتعصبين الإرهابيين الروس بقيادة إيفان كالييف، لتقديم حيواتهم كتعويض. وأنَّ البقاء في العبث كنقطة انطلاق للكوجيتو الديكارتي، في حدِّ ذاته تناقض، لأنَّه يزيح الأحكام المبدئية مع رغبة المحافظة على الحياة، والعيش في ذاته حُكمٌ مبدئي، واختيار دائم، ولا يمكننا تصور حياةٍ خالية من أيِّ اختيار.
#عبدالكريم_يحيى_الزيباري (هاشتاغ)
عèïçلكٌيم_الٍيèçٌي#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دور النشر التجارية
-
أين العراق في حروب الظل؟
-
رامسفيلد الولاء الأعمى
-
ازدياد منظمات المجتمع المدني إلى أين؟
-
قانون وسياسة
-
القضاء وظيفة أم سلطة؟
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|