عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
الحوار المتمدن-العدد: 7141 - 2022 / 1 / 20 - 15:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
آسفٌ جدّاً لإزعاجكم في هذهِ الليلةِ الباهتة.
آسفٌ جدّاً لموتِ العصافيرِ في أعشاشها، لأنّ هناك من سرقَ منها الريشَ والألفةَ والسنبلة.
آسفٌ جدّاً لأنَنا قد لا نسمعُ غداً صِياحَ الدِيَكةِ ، وهديل الحمام.
آسفٌ جدّاً لأنّ العواءَ ليسَ لهُ معنى، في نفقٍ مسدود.
ولكن .. لأنّ كثيرين يشعرون الآنَ بالبرد والمهانة.. ويعيشون في الظُلمةِ، في هذا المساء الحزين..
فأنّ هذا ليس زمن الضوء والدفء النائمِ في القصائد .
ليس هذا زمن الرومانس .. ولا زمن الفرسان .. ولا زمن الحقيقة .. ولا زمن العقل .
هذا زمن الرداءة .
زمن البراطيل التي تنصر الأباطيل .
زمن الكتابة الميّتة ، والقراءة الميّتة ، والرسم الميّت .. واللغو العظيم .
زمن التجارة البائرة ، والربح المدهش ، والأكاذيب الكبيرة ، والتاريخِ المُلفّقِ لـ "دود القِزّ"، وهو يكتبُ سيرتهُ المشينة ، فوق حريرٍ مغشوش.
زمن الرماد في الفم .. وموت النكهة والرائحة .
زمن التعب النبيل .. الذي لارزق فيه ، ولا عافية .
زمنٌ تجوعُ فيهِ الحُرّةُ التي لاتأكلُ بثدييها .. وينزوي فيه "الحُرُّ" ، في خُرْمِ إبرةِ روحِه .. ليُداري ضَعف قوّتهِ ، وقلّة حيلتهِ ، و هوانهِ على الناس .
هذا زمن النوم الأكبرِ ، في الكهف الأكبر .. إلى أن يموت "الملوك ".
إلى أن يكون بوسعكَ الذهاب إلى المدينة .. عندما يكونُ الزمانُ جميلا .
إلى أن تتمكّنَ العُملةُ الجيّدةُ .. من طردِ العملة الرديئة من السوق .
إذا لم تصدّقوا ذلك ..
أخرجوا .. وانظروا السَخامَ في الشوارع.
أخرجوا .. وانظروا إلى الأطفال في بيوتِ "التنَكِ" ، والأطفالِ المُقرفِصينَ تحت "البلوك" المُغطّى بـ "الجينكو" ، والأطفالِ في المزابل ، والأطفال في الخيامِ ، وإلى أطفالٍ بلا خيام.
إذا لم تصدّقوا ذلك .. تَجاهلوا قليلاً تكالبَ الكلابِ على حصص الماء والعشب والنفط والمال والسلطة والوجاهة الزائفة.
تجاهلوا ولو للحظةٍ واحدةٍ أولئكَ الذين يتجاهلونكم، ولا يلتفتونَ إليكم، ولا شأن لهم بأوجاعكم ..
و عاينوا نُذُرَ الخرابِ في الناسِ الذين يستظِلّونَ بالبؤسِ واليأس والأسى ، و في الوجوهِ شاردةِ الذهنِ ، التي تمشي .. وتمشي.. وتسعى في مناكبها ..
لا تدري إلى أين .
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
Imad_A.salim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟