أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - كامل عباس - الأندلس في عصر بني عباد















المزيد.....

الأندلس في عصر بني عباد


كامل عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7138 - 2022 / 1 / 17 - 22:14
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    



دراسة في سوسيولوجيا الثقافة والاقتصاد
تأليف د احمد الطاهري
تقديم فاضل السباعي
منشورات وزارة الثقافة السورية عام 2009
قراءة وتعليق كامل عباس السجن المني في اللاذقية 16/1/ 2013 .
قرأت الكتاب مرتين . في المرة الأولى أخذت فكرة كاملة عن الموضوع وعن رأي الكاتب فيه , اما المرة الثانية فقد قرأته بدلالة عصر قريتي أوائل الخمسينات من القرن المنصرم .
يحاول الكتاب القاء الضوء على ما يسميه – نظام التثمير التعاقدي- الذي كان سائدا في الأندلس أيام حكم بني عباد المسلمين لها سنة 316 هجرية 928 ميلادية . يرصد الكتاب مظاهر التثمير التعاقدي في قطاع الزراعة والتجارة والصناعة والمعاملات من خلال عقود معينة يتم فيها تثمير رؤوس الأموال المتراكمة التي تفيض عن حاجة الأسرة مثل.
- الصناعات الغذائية وخاصة صناعة زيت الزيتون وصناعة الخمر
- الصناعات التصديرية مثل صناعة اكياس التين اليابس وتصديرها عبر البحر.
- الصناعات المحلية مثل صناعة الأواني الفخارية من الغضار المشوي .
- استخراج الدقيق من القمح وصنع الخبز
- استخراج المعادن من الأرض عبر شيها بأفران على الحطب . وتنقية الذهب والفضة بهذه الطريقة.
- صناعة الحياكة والغزل والنسيج والأنوال تلك الأيام وكيف كان يتم العمل عليها .
- صناعة القوارب البحرية في الأندلس من الخشب .
في المرة الثانية قرأته مع المقارنة في التثمير التعاقدي داخل قريتي أثناء طفولتي في النصف الثاني من القرن العشرين . بين الزمنين من سنة 928 الى سنة 1950 ألف واثنان وعشرون سنة . لا أبالغ اذا قلت أن كثيرا من الفقرات التي قرأتها لا يتغير فيها شيء اذا وضعت بشراغي محل اشيبلية. هل انا افتري ؟الحقائق تفقأ العين
ولأبدا بأهم صناعة مشتركة وهي صناعة زيت الزيتون في البلدين .
بشراغي قرية جبلية تبعد عن السهل الساحلي في جبلة بحدود 13كم وقد كانت تلك الأيام كلها كروم عنب اوتين أورمان اما شجرات الزيتون فكانت قليلة بسبب ارتفاعها عن سطح البحر . هجر بعض سكانها الى قرية بتمانا المجاورة للسهل الساحلي والتي تشتهر بكروم الزيتون وقد اقتنى أهالي القرية بالتعاون مع اقربائهم الجدد فيها شجيرات زيتون متعددة . كنت أذهب مع عائلتي الى قرية بتّمانا في شهر ايلول من كل عام لقطاف الزيتون . نأخذ الحمار والزوادة قبل طلوع الفجر ونصل لى الكروم مع شروق الشمس ونعود من الحقل عند الغروب . بعد انتهاء القطاف تقوم والدتي بسلق الزيتون ثم ننقله الى السطح وتغطية بأغصان الأرز وبعد شهر تقريبا ننقله الى باطوس الحارة, والباطوس ماهو الا جرن دائري كبير منحوت من حجر الصّوان تتوسطه خرزة حجرية دائرية مثقوبة يدخل في ثقبها جذع شجرة اسطواني من طرف ويخرج من الطرف الآخر, يُصب الزيتون في الباطوس ويقوم ولدان بتدوير الخرزة الحجرية لتهرسه ومن ثُم يُنقل الى المعصرة المجاورة ,لتعصره أما النفايات فتنقل الى البيت لتصبح على شكل كرات تشتعل في الشتاء لتدفئته . كثيرا من العائلات كان يكفيها ما تستخرجه من الزيت , اما اذا لم يكفيها فتضطر الى شرائه من القرى الساحلية الغنية بكروم الزيتون وقد يتم تصديره من تلك القرى الى أماكن اخرى خارجية او داخلية
لا تتشابه بشراغي وبتمانا والقطيلبية والبرجان والدالة مع اشبيلية وغرناطة وبقية مدن وقرى ملوك الطوائف الأندلسية في استخراجها لزيت الزيتون من بساتينها الزيتونية بل وفي استخراج العرق والخمر من كرومها, ومع ان بشراغي قرية كلها مشايخ ودينهم يُحرم شرب العرق والخمر الا أن كل فلاحي القرية كانوا يحسبون حسابا لمؤونة الشتاء من الخمر والعرق كونه يُشكل مصدر طاقة لجسدهم في ايام الشتاء الباردة , اما صناعة الخمر فتتم ببساطة عند انتهاء موسم الصيف في الكروم ,لكن العرق يحتاج الى التقطير ولا بد من جهاز يسمى الكلكة لتقطيره وهو ممنوع من الدولة ومن يضبط لديه تأخذه الشرطة الى السجن ليحكم هناك بغرامة مالية اضافة الى أيام سجن معدودة يحددها القاضي ,ومع ذلك كانت القرية تتدبر امرها في التقطير وبالسر في احراشها البعيدة عن البيوت .
أما صناعة أواني الفخار من الغضار المشوي فأنا اذكر ان امرأة من قرية بريعين المجاورة كانت موهوبة في صنع مقالي من الغضار المشوي وتبيعها في القرية سنويا وكل بيت كان يحوي مقلي يطبخ فيه البرغل مع الحمص على نار هادئة
في قريتنا أيضا كان يتم سلق القمح بعد انتهاء الحصاد لتحويله الى برغل وقد كان ذلك اليوم كرنفالا لنا نحن الصغار لنأكل من القمح المسلوق الساخن ممزوجا بالسمنة العربية قبل تقشيره ودفعه الى السطح ليجف ويتحول الى برغل .
في قريتي لا زال حتى اللحظة آثار لفرن حجري قديم من أجل شي الحجر الكلسي يقع فوق نبع الغار الموجود في غابة القرية السنديانية وسط القرية أشاده فلاحوها لاستخراج الكلس من الاحجار الكلسية - كي يُستعمل بدلا من الطين في طلاء البيوت الجديدة - مشابه تماما للأفران الكلسية الموصوفة في قرطبة داخل الكتاب .
ربما يوضح المثال التالي في القرية التشابه المذهل مع ما يسميه الكتاب التثمير التعاقدي .
في صغري كان بيتنا وكل بيوت الحارة تعتمد كمصدر دخل لها من خلال تربية دودة القز والذي لا يلزمه سوى شجر التوت وورقه وهو متوفر في القرية بكثرة, كان يأتي تجار من جبلة يعطون كل بيت ما يريد من البيوض في علب صغيرة تحضن حتى تفقس لتخرج منها دودات صغيرة توضع في صواني مصنوعة من روث البقر تتغذى على ورق التوت بعد ان تكبر الدودة تدخل مرحلة الشرنقة فُتنقل الى اغصان أرز زرعت داخل البيت وكل دودة تبني شرنقتها لتحيط نفسها بخيوط من الحرير وبالنهاية تُثقب الدودة الشرنقة وتخرج منها الى الهواء الطلق فراشة كما يخرج الصوص من البيضة بعد ان يثقبها بمنقاره , يقوم الفلاح عند اكتمال الشرنقة بسلقها ليقتل الدودات قبل ان تتحول الى فراشات وتثقب الشرانق وتنزع الخيوط الحريرية, يأتي التاجر ليأخذ تلك الشرانق لاستخراج الحرير منها عبر معامل بدائية متخصصة لذلك. من الطرائف في القرية ان شيخا تمّرد على تجار جبلة بعد ان اهتدى الى العملية واصبح حلالا لتلك الشرانق في بيته ليصفه التاجر بالقول في بيت عتابا ينتهي كما يلي . من بعد المشيخة صرت حلّال أسافة عالعبادة والصلا .
ذكر لنا الكتاب حادثة هي التالية :
ابن زقاق الأندلسي كان شاعرا يسهر الليلي بطولها لنظم قصائده على ضوء سراج الزيت وكان ابوه فقيرا جدا فقال له يوما : ياولدي نحن فقراء ولا طاقة لنا بالزيت الذي تسهر عليه . لماذا لا تنظم قصائدك في النهار؟ لكنه عندما مدح احد الأمراء وصرف له تسعين دينارا أسرع الى ابيه قائلا : خذ هذه الدنانير واشتر لنا زيتا .بإمكاني ان اذكر الكثير من الحوادث المشابهة التي وقعت في بشراغي بسبب الفقر.
يقول الكتاب ص 218 ما يلي ( من الأنوار الى الردهات المظلمة ومن الظلمات الى الاستنارة , واضح ان الأمر يتعلق بمسارين حضاريين معكوسي الاتجاه قد بوشر المسار فيهما انطلاقا من هذه النقطة التاريخية ...) ويقصد بالحضارة الأولى الحضارة العربية الاسلامية والحضارة الثانية الحضارة الأوروبية ويطرح سؤالا في نهاية الكتاب لا يجيب عليه . ترى هل الاسلام سبب تخلفنا ؟
لكن السؤال أثارني فأجبت عليه على الشكل التالي :
اعتقد ان تخلفنا سببه الاستبداد وليس الاسلام , على العكس إن المحاولة الوحيدة في الشرق للخروج من شرنقة الاستبداد قدّمها لنا الاسلام كثورة دينية , الاسلام هو القائل ولا تزر وازرة وزر اخرى , الاسلام هو الذي اعتبر مبرر ظهوره تلك العادة المرزولة عند الروم والفرس , عادة توريث السلالات للحكم واقترح البديل وهو حكم الشورى, لكن الاستبداد هضم الاسلام فيما بعد وحوّله الى حكم الملك العضوض وأجهض تطلعاته التنويرية تماما كما جرى للثورة الفرنسية والروسية حيث أكلت الثورات الثلاث ابناءها فيما بعد ,
ليس الاسلام سبب ركودنا وتخلفنا ابدا كما يحاول ان يوحي الغرب لنا , ان سبب تخلفنا برأيي المتواضع هو بنية راكدة في الشرق حيث ابتدأت حضارته حول الأنهار مما استدعى مركزا منظما تجلّى في الدولة التي أنيط بها شق القنوات والترع وتوزيع المياه والتي تطورت الى شكل استبدادي مقيت يجلس على راسها فرد واحد أحد يجمع بيده كل السلطات .
على الضد من حضارتنا عرفت اوروبا بنية مفتوحة تحللت فيها مشاعاته القديمة بشكل مختلف انتقلت فيه من الرق الى الاقطاع ومن ثم الرأسمالية.
بكل الأحوال دفعنا التطور الصاروخي الى قرية كونية واحدة كما هو الحال الآن وما يدعو للتفاؤل أصوات مثل صوت كوفي عنان الذي دعا الى انسانية مشتركة بين تجمعات ودول العالم الحالية من خلال منبر الجمعية العامة وهو ما يعني ان تقوم الدول الغنية لمساعدة الدول المتخلفة تجاوز تخلفها. بناء على هذا كسوري تفاءلت أثناء صدور بيان جنيف عن هيئة الأمم الذي ينص على ان سوريا تحتاج الى مرحلة انتقالية لتنهي استبدادها وهو ما يعني مساندة طلب الجماهير السورية المنتفضة للحصول على كرامتهم وحريتهم كما تردد في شعاراتهم لكنني عند كتابة هذه السطور لم اعد متفائلا كما في السابق بعد مرور حوالي تسعة اشهر على صدوره وخلافات مجلس الأمن على تفسير القرار .
كامل عباس – السجن المدني في اللاذقية- مساء24 كانون الثاني 2013



#كامل_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كوابيس النهار وأحلام الليل وما بينهما
- الجبناء رواية جديرة بالقراءة
- لا يزال الحق ضد العالم كله
- حركة النهضة الاسلامية التونسية مالها وما عليها
- بريطانيا العالمية في عصر تنافسي – حوار ونقد -
- رواية طائر الخراب تمتع , لكن هل تفيد ؟!
- رواية - تقرير الهدهد – تمتع وتفيد أكثر من رواية - آيات شيطان ...
- درعا وانكسارا لأحلام في سوريا
- العتب على قدر المحبة يا دار فواصل
- برلين تقع في الشرق أم في الغرب ؟
- إصلاح النظام العالمي الحالي أصبح ضرورة موضوعية مُلِّحة
- قمة بايدن – بوتين : لاجديد تحت الشمس .
- الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا الى أين ؟
- شارون بالا صحفية موهوبة أكثر منها كروائية
- كيف تحّول الحلم إلى كابوس في رواية الترب الأمريكي ؟
- قراءة ثانية في كتاب – الدولة القومية خلافا لإرادتها –
- صدمتني مذكرات نيلسون مانديلا
- هل انهزمت الثورة السورية (2)
- هل انهزمت الثورة السورية ؟
- عن الدولة والعقد الاجتماعي والهوية. رد وتعقيب


المزيد.....




- ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه ...
- هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
- مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي ...
- مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
- متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
- الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
- -القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من ...
- كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
- شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
- -أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج ...


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - كامل عباس - الأندلس في عصر بني عباد