النجدة !!
جحا المسكين مصاب باسهال الكتابة الحلزونية ٠ والمرض تاريخي ومزمن ، وراحت ضحيته العديد من الكتابات العربية ، التي ظلت تدور حول نفسها حتى شنقت صوتها بيديها ٠ عصفورة التجربة الحزينة ، هي التي قالت ، وذيلها ﻻئحة من الادلة على مثل هكذا اقلام ٠
واقد اخبره الطبيب مرارا ، ان يكف عن الاعتقاد بفرسان الاحلام المخلصين من سفاحين وقتلة وتماسيح ، وان يتناول كل صباح وصفة العقل المرة ، لتعود له عافيته ومن ثم قدرته على تحديد الاوليات وشروط الانسان النظيف اي المدني ، المحلوم به من قبل الانسان العربي الجائع منذ الازل ، لطمانينة ضائعة ٠ لكن جحا الكاتب مصر على علاج نفسه بمدنيته الارهابية ، فهو يكتب في نشرة الكترونية تسمى ، الحوار المتمدن ، وجحا العربي كما تعرفون متمدن بما فيه الكفاية ٠ بالامس فحسب لم يترك شتيمة وﻻ اهانة مبطنة وعلنية لم يلصقها بشعب العراق الذي طبرت بلاده بابشع ساطور ارهاب على الارض ٠ ﻻ من اجل شيئ ، سوى اللطم والبكاء على فارس الاحلام السفاح الذي خذل الكاتب وعشيرته من الكتاب والمبوقين ، ولم يحرر فلسطين ، بل ولى هاربا مثل نعجة الى مراحيض مزبلة التاريخ ٠على كل حال ، العراقيون بحاجة لبعض نوادر السيد جحا ، ﻻ من اجل الالحاد الكوميدي ،من اجل الايمان بالواقع وعبادته ومع كل الجراح والمصائب ، لكي يخبزوا من جديد شمس حياتهم ، وليبتسموا اذ ما اتهمهم بالاستسلام ، فجحا نفسه مزحة ، ونوادره لن تعيد الخبز والماء ٠
اما اليوم ، حيث لم يتبقى لجحا من فرسان احلامه ، سوى الجرذان الدموية النتنة ، والتي عين نفسه محاميا عن نهجها الاجرامي ومن دون اجر ، فاجره على الله في الجهاد والاسهال والوهم ٠ لكن علينا ان نعترف ان جحا يصلح لكتابة المشاهد الاولى الافتتاحية لافلام الدين والاساطير :
( في السعودية ٠٠٠ في ارض الاسلام ٠٠٠ الارض التي تحتضن قبر الرسول الاعظم ٠٠ والصحابة ٠٠٠ ارض الديانات ٠٠٠ ولد زعيم القاعدة الشيخ اسامة بن لادن ) ٠ اللهم صلى على محمد وآل محمد ، لقد جاء الحق وزهق الباطل ، الله اكبر ، لقد ولد اسامة المخلص ، طوبى للامة العربية بهذا النور الاسود ، ثم تقشعر ابداننا من شدة الخشوع والسعادة الروحية ونذرف دمعتين ونحن نحلم باسامة السفاح وهو ينقذنا من اعداء الله ، وينشر السلام ٠
الصفة الجميلة الوحيدة والتي يعتز بها كل من عاشر كتابات جحا ، هي خجله وتواضعه حين يتحدث عن المآسي والالام ، فهو يقول ، مثلا ، عن انفجارات السعودية الاخيرة ( ٠٠٠ النتيجة عشرات القتلى والجرحى ، معظمهم من الامريكيين ) ، معظمهم ! خجل طفولي ، يا عيني عليك ياجحا ،انت تخجل من القول : وطفلتين اردنيتين وفلبيين وسويسري وسعوديين و ٠٠٠ الخ ،مثلما ما زلت تخجل لحد الان من الحديث عن المقابر الجماعية والفردية والزوجية التي شيدها فارس احلامك الجزار على ارض الرافدين المنكوبة ٠
واياكم ان تطالبوا جحا الكاتب بهؤﻻء الضحايا او تحدثونه عن خجله ، فهو على استعداد ان يتهم حماره الطيب والمخلص نفسه ، بالصهيونية والعمالة والخيانة ٠
وطبيبه يقول ان جحا العربي عنيد كالثور ٠ واعتقد ان هذا شيئ حسن اذ ما اردنا ان نطمح الى مدنية حرة وشفافة ، فدعوه يكتب ( يزول الارهاب بزوال اسبابه ) ، ودعونا نكتب عن يزول مرض جحا العربي بزوال اسبابه ، وعلى كل من لديه وصفة مجربة ، ان يبعث بها لصديقكم جحا ، وﻻ حول وﻻ قوة الا با لله العلي العظيم ٠
هامش ٠
ما بين الاقواس ، مقتطفات لكاتب مقالة ( يزول الارهاب بزوال اسبابه ) على موقع الحوار المتمدن، وهي نشرة الكترونية يومية في العدد 487
**********************************************
يوميات جحا العربي
يربط جحا حماره في باب المحطة التلفزيونية الفضائية ، ويطلب منه ان يتحول الى كلب حراسة مشددة ، والا فانه سيكتب بهم تقريرا لسيدهم الاسد ، ان ما اقتربت او دخلت ريشة واحدة من جناح هدهد سليمان ، مع السماح طبعا لكل السحالي والزواحف بالدخول من رفاق وبصاصين وطبالين وخبراء تزوير الحقائق والاخلاق ٠
ويبدو ان حمار جحا يفكر في هذه الايام بجدية بالانتحار والخلاص من حياته الشيزوفرينيه التي انهكتها الطلبات الجحوية ، فمرة نعجة ، واخرى دجاجة ، ومرات عديدة للنهيق والتسبيح باسم خلافة الاسد من طلوع الفجر حتى ذبوله ، واليوم كلب ٠
- قطع -
في غرفة المونتاج ، يجتمع جحا الغوريلا ببقية القردة العاملين ، للتباحث عن بعض الاشرطة الخبرية التي وصلتهم من العراق مع بداية الحرب وهي بعض اللقطات لاطفال ونساء جرحى من اثر القصف الامريكي ٠ وبما ان القصف انتهى والاشرطة التي بحوزتهم عرضت للمرة الالف ، فلابد من حل ٠ وجحا ابو الازمات والمشاكل ، وهو غوريلا العبقرية ، مجرد موسيقى حماسية وتعليق ديني وقور جديد وعلى نفس صور الشريط الواحد ، يكفي لتجديد مفعوله العاطفي ، حلها ٠ ويلقي جحا مدير المحطة خطبته ، حول الابداع والابتكار المستلهم من فكر سيد الغابة وخليفتها ا لصغير ، ويوصيهم بتقوى الله والسهر والاخلاص والتفاني من اجل تجديد مفعول الاشرطة المعاقة عمدا باقل من نصف الحقيقة ، لخدمة احاسيس الشعب ٠ واحاسيسه هدفنا ، ومخيلته شغلنا ، ووعيه مراقبتنا ، وتوحيده على الجهل غايتنا الاسمى ٠
تصفق القردة وتهتف باسم الخليفة واباه ٠
- قطع -
في باب المحطة التلفزيونية الفضائية ، ينبح كلب جحا او حماره وبشدة على هدهد سليمان الذي وصل للتو قادما من بلاد الرافدين ، وقد تحول ريشه الى صفحة من السواد وقلبه الى فحمة وتحليقه رماد، بعد ان لم يرى كل شيئ ، وقبل ان يخبر الحمار ، تلى مقدمة طويلة عن الفلسفة والدين والاخلاق والعدالة والكرامة البشرية ، ليتمكن من اخراج خبر اول مقبرة جماعية من حنجرته الدامية ، ثم يصمت الهدهد ، ويعتذر من حمار جحا في ان يمهله الوقت الكافي للحديث ، والذي قد يستغرق الى يوم الساعة ، لعله ، او ربما سيتمكن من انصاف كل مظلوم من اهل العراق الطيبين ، باعلاء مصيبته في كل شبر من هذا الكةن النائم فوق جيفة النفاق وادجل ٠
- قطع -
في الداخل ينتبه جحا الغوريلا وهو يركب من الخلف مسؤولة قسم التنسيق بين الحماسة والكذب وخلط الحقائق بالوهم ، الى ان حماره قد توقف عن النباح٠
- قطع -
يبتسم جحا بحزن مسرحي كلاسيكي امام باب فضائيته وهو يتطلع الى حماره المخلص وقد شنق نفسه بذيله ، بينما الهدهد بقربه وهو يرفع جناحيه كعباءة سوداء ويلطم بحرقة مثل امراة من هناك ، من بلاد النكبتين : الاخوة العربية والجزار البائد ٠ يتمتم جحا مع نفسه وهو يغمض عينيه : الم اقل لك ان ﻻ تسمح للحقيقة من الاقتراب ٠٠٠ وليتك بقيت حمار !!
يركب جحا سيارته الفارهة ، هدية الحزب ، وينطلق صوب الحضيض ٠
-قطع -
يعود الهدهد ويحط في ( المحاويل ) ، ويحط العرب في ازمة اخلاقهم ، والعالم في النكبة ٠
- قطع -
وتستمر المحطة التلفزيونية ، الفضائية الشقيقة لصاحبها جحا العربي ، بعرض زيارات الخليفة وآثار القرون السحيقة وقلاعها وحصونها المنيعة والغزوات والفتوحات وبرامج الطبيعة الخلابة واخبار الطقس ومواعيد الرحلات والصلاة ، والمسلسلات التاريخية والعاطفية واغاني وكوميديات ٠
- قطع -
طوبى لبلاد الماء واللطم والكتابة ، بلاد الرافدين ، خلود الدم والابداع ٠
نهاية البداية
حسن بلاسم