أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحنفي - بين الإيديولوجية والأدلجة يتجسد التضليل:.....2















المزيد.....

بين الإيديولوجية والأدلجة يتجسد التضليل:.....2


محمد الحنفي

الحوار المتمدن-العدد: 1661 - 2006 / 9 / 2 - 09:43
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


5) ومن منطلق فهمنا لأدلجة الدين، ولممارسات مؤدلجيه، نذهب إلى أنه لا علاقة للدين، بأدلجة الدين.

فالدين، وكما وضحناه في غير ما مكان من كتاباتنا، هو تعبير عن اعتقاد معين، أو عن مجموعة من المعتقدات، بواسطة القيم النبيلة، التي يعمل دين معين، أو مجموعة من الأديان، على بثها بين الناس، وجعلها جزءا لا يتجزأ من المسلكية الفردية، والجماعية في نفس الوقت، بهدف تحقيق كرامة الإنسان، كما جاء في القرآن الكريم: "و لقد كرمنا بني آدم"، وتكريم الله لبني آدم، سواء كانوا متدينين، وغير متدينين، لا يتأتى إلا ببث القيم النبيلة، عن طريق النصوص الدينية، وعن طريق الطقوس الدينية، التي تختلف من دين إلى آخر، ليتحول الإنسان في اتجاه الإنسان المثال، الذي يعتمد في التضحية من أجل خدمة الإنسانية.

أما أدلجة الدين، فهي مجموع التأويلات، التي تستهدف توظيف النصوص الدينية من أجل خدمة مصالح الطبقة المراهنة على تلك الأدلجة، ليتحول الدين، بذلك، من معتقد يسوق إلى التحلي بمجموعة من القيم النبيلة، وإلى القيام بطقوس معينة، تتناسب مع طبيعة ذلك الدين، تعبيرا عن الانتماء إلى معتقد معين، وإرضاء لله الذي بعث رسله لتعريف الناس بضرورة الإيمان بها، حتى ترتفع مكانتهم، وتحفظ كرامتهم، التي هي الغاية القصوى من الإيمان بدين معين، والتحلي بقيم ذلك الدين، إلى دين لا يخدم إلا مصالح طبقة معينة، يسعى قياديوها المؤدلجون للدين، إلى جعل الناس يعتقدون: أن الدين وسيلة تعتمد لتأطير الناس، وتجييشهم لتسييد أدلجة الدين من جهة، ولجعل المؤدلجين يكرسون الاستبداد القائم، باعتبار الدولة القائمة "دولة إسلامية"، أو يعملون على فرض استبداد بديل، عن طريق إقامة "الدولة الإسلامية".

ومعلوم أن تأويل النصوص الدينية، يختلف باختلاف التيارات، وباختلاف الأفراد داخل التيار الواحد، نظرا لاختلاف المصالح. وهو ما يعني أن أدلجة الدين، تؤدي بالضرورة إلى قيام الطوائف القائمة على أدلجة الدين، خاصة، وأننا نجد في كل بلد يسود فيه دون معين، مجموعة من الطوائف الدينية، التي يمكن أن تدخل في مرحلة معينة، في صراع تناحري طائفي، كما حصل في مجموعة من المراحل التاريخية، وكما يحصل في العديد من البلدان، وكما يمكن أن يحصل في العديد من البلدان الأخرى، وكما يمكن أن يحصل في أي بلد مستقبلا، مما يجعل الصراع ينحرف من مساره الحقيقي، ليصر صراعا دينيا ـ دينيا، أو مذهبيا ـ مذهبيا، في إطار الدين الواحد.

وهذا التعدد في التأويل المؤدلج للنصوص الدينية، سببه اختلاف المصالح الطبقية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، و السياسية، واختلاف درجة التطلع الطبقي، واختلاف طموحات الأفراد في إطار التيار الواحد المؤدلج للدين.

ولذلك، و حسب هذه التوضيحات التي أتينا على ذكرها، فإن العلاقة بين الدين، وأدلجة الدين، غير قائمة أصلا، إلا إذا تعلق الأمر بما يمكن أن نسميه بأسر الدين بواسطة أدلجته، وعن طريق إيهام الناس بقيام التطابق بين الدين، وأدلجة الدين.

وهذا الاستنتاج يقتضي قيام المثقفين، بحملة واسعة، من أجل العمل على تفنيد تأويلات مؤدلجي الدين، من أجل نفي تلك التأويلات، وصولا إلى تكريس الفهم الصحيح للدين، الذي يجب أن يبقى بعيدا عن الأمور الإيديولوجية، والسياسية، حتى تبقى المعتقدات، وما يترتب عنها، خالصة لله، من خلال علاقة المؤمن بالله.

فهل يلعب المثقفون دورهم في هذا الاتجاه؟

6) وتبعا لانتفاء العلاقة بين الدين، وأدلجة الدين، نجد أن مؤدلجي الدين يوظفون كل الإمكانيات المتوفرة لديهم، من أجل إعطاء الشرعية لأدلجتهم للدين.

ومن الأمور التي توظف في هذا الاتجاه: التاريخ الديني، أو تاريخ الأولين الذين قام دين معين على أيديهم، أو ساهموا في انتشاره، في مراحل تاريخية معينة.

فهذا التاريخ يتم استرجاعه لا كما هو، لأنه لا يمكن ذلك، ولا على أساس البحث العلمي، كما يسعى إلى ذلك الباحثون، بل كما يقرأه، ويؤوله مؤدلجو الدين، انطلاقا من مصالحهم الطبقية. وما يختاره مؤدلجو الدين من تاريخ دين معين لا يأتي في إطار الصيرورة التاريخية التي تقتضي التحول المستمر للمتدينين، ولفهم للدين، كما يجب أن يكون الأمر، حتى لا نقول التحول للدين، بل نجد أن ما يختارونه يتخذ طابعين:

أ- طابع الاجتزاء الذي يقتضي القطع عن ما سبق، ويقتضي اتخاذه مثالا للاقتداء من المتدينين اللاحقين إلى ما لا نهاية.

ب- طابع التقديس، لأن المجتزأ من تاريخ دين معين يصير مقدسا، لاتخاذه طابع الاطلاقية، ليحصل التداخل بين الله، وبين الدين، وبين المجتزأ من تاريخ الدين.

وتبعا لتقديس ذلك المجتزأ، يصير مؤدلجو الدين مقدسين بدورهم، باعتبارهم مصدر المعرفة المطلقة للدين، التي تنسحب على جميع العصور: السابق منها، واللاحق. وهذه المعرفة المطلقة، لا تكتسب، بقدر ما توهب من الله، حسب ما يدعيه مؤدلجو الدين، لتصير معرفتهم بالدين مرتفعة إلى مستوى الوحي. فتكون بذلك مقدسة، ويصيرون هم أيضا مقدسين، لندخل من خلال الأدلجة إلى شبكة من المقدسات، التي لا تنتهي إلا بموت المقدس، العابر، الذي ليس إلا مؤدلجا للدين.

ولذلك، فعمل مؤدلجي الدين، لا يتوقف عند حدود تحريف النصوص الدينية عن طريق التأويل الإيديولوجي، بل إن التاريخ المجتزأ، والمطلق، يتم أيضا تحريفه عن طريق التأويل، حتى يخدم مصالح مؤدلجي الدين الطبقية. وهكذا كان تأويل مؤدلجي الدين الإسلامي لمرحلة الخلفاء الراشدين، المجتزأة من تاريخ الدين الإسلامي، مقدسا، ومثالا يحتدى، ويعتبر في التقديس. وإحياء تلك المرحلة، كما يدعي ذلك مؤدلجو الدين الإسلامي، يعتبر مهمة مقدسة، لا يقوم بها، ولا يقودها إلا مؤدلجو الدين الإسلامي، كتبرير لإقدامهم على بناء "الدولة الإسلامية"، التي ليست إلا دولة مؤدلجي الدين الإسلامي. لأن نصوص الدين الإسلامي، لا وجود فيها لشيء اسمه: "الدولة الإسلامية". ودولة الخلفاء الراشدين هي دولة المسلمين في ذلك الوقت، التي تكونت بناء على ما تكون لديهم من رؤى، وتصورات، باعتبارهم ينتمون إلى طبقات اجتماعية معينة، سعت –حسب فهمها- إلى حماية مصالحها الطبقية، باعتماد ما ورد في القرءان من أحكام، بسبب عدم وجود قوانين مدونة، يتم الاحتكام إليها، ولا يمكن إطلاقا أن تسمى دولة الخلفاء الراشدين بالدولة الإسلامية، كما لا يمكن أبدا أن نسمي دولة الأمويين، ولا دولة العباسيين بالدولة الإسلامية، وقس على ذلك.

ولهذا الفهم، الذي وضحناه، لا يمكن تسمية ما يقدم عليه مؤدلجو الدين الإسلامي من بناء لدولة معينة بالدولة الإسلامية. وكل ما في الأمر، أنهم يجتزئون من التاريخ مرحلة معينة، يصلح توظيفها لاعطاء الشرعية لممارساتهم.

فهل يدرك المثقفون الحقيقيون، ما يقوم به مؤدلجو الدين الإسلامي من تحريف للتاريخ، تبعا للتحريف الذي يلحقونه بالدين؟



#محمد_الحنفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين الإيديولوجية ولأدلجة يتجسد التضليل:.....1
- استغلال الملك العام وسيلة ناجعة لتحقيق التسلق الطبقي ...؟ !! ...
- استغلال الملك العام وسيلة ناجعة لتحقيق التسلق الطبقي ...؟ !! ...
- استغلال الملك العام وسيلة ناجعة لتحقيق التسلق الطبقي ...؟ !! ...
- استغلال الملك العام وسيلة ناجعة لتحقيق التسلق الطبقي ...؟ !! ...
- استغلال الملك العام وسيلة ناجعة لتحقيق التسلق الطبقي ...؟ !! ...
- استغلال الملك العام وسيلة ناجعة لتحقيق التسلق الطبقي ...؟ !! ...
- استغلال الملك العام وسيلة ناجعة لتحقيق التسلق الطبقي ...؟ !! ...
- استغلال الملك العام وسيلة ناجعة لتحقيق التسلق الطبقي ...؟ !! ...
- استغلال الملك العام وسيلة ناجعة لتحقيق التسلق الطبقي ...؟ !! ...
- استغلال الملك العام وسيلة ناجعة لتحقيق التسلق الطبقي ...؟ !! ...
- استغلال الملك العام وسيلة ناجعة لتحقيق التسلق الطبقي ...؟ !! ...
- استغلال الملك العام وسيلة ناجعة لتحقيق التسلق الطبقي ...؟ !! ...
- استغلال الملك العام وسيلة ناجعة لتحقيق التسلق الطبقي ...؟ !! ...
- استغلال الملك العام وسيلة ناجعة لتحقيق التسلق الطبقي ...؟ !! ...
- استغلال الملك العام وسيلة ناجعة لتحقيق التسلق الطبقي ...؟ !! ...
- استغلال الملك العام وسيلة ناجعة لتحقيق التسلق الطبقي ...؟ !! ...
- استغلال الملك العام وسيلة ناجعة لتحقيق التسلق الطبقي ...؟ !! ...
- استغلال الملك العام وسيلة ناجعةلتحقيق التسلق الطبقي ...؟ !!! ...
- العلاقة المتبادلة بين العلمانية و الدولة و الدين و المجتمع:. ...


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحنفي - بين الإيديولوجية والأدلجة يتجسد التضليل:.....2