أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عبد الفتاح مرتضى - ثقافة العنف وثقافة التسامح















المزيد.....

ثقافة العنف وثقافة التسامح


عبد الفتاح مرتضى

الحوار المتمدن-العدد: 491 - 2003 / 5 / 18 - 04:01
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


                         

إنَّ تمازج ثقافة العنف في المجتمع العراقي ليست ببعيدة عن الظروف التي مرَّ بها هذا الشعب ولآلاف السنين 00فالبابليون وألآشوريون منذ سقوط ممالكهم والى يومنا هذا عاشوا في صراع مرير من أجل البقاء مع كل الحضارات التي سيطرت على بلاد الرافدين كالفارسية وألإسلامية (العربية والعثمانية)والمغول وآخرها البريطانية والعربية العراقية0اما الكرد فهم منذ وصولهم للمنطقة بداية القرن الميلادي الاول تقريبا جنباً الى جنب القبائل التركية قادمين من اواسط آسيا قد عانوا من ممارسات العنف والاضطهاد الى يومنا هذا على يد كل من الترك والفرس والعرب(المسلمون الاوائل) ثم المغول والترك (العثمانيون) ثم العرب مرة اخرى . .
اما العرب فمنذ إجتياحهم الكبير للعراق في الزمن الإسلامي فقد عانوا من صراعات مستمرة فيما بينهم او بينهم وبين جيرانهم من الفرس ثم المغول ثم العثمانيون وأخيراً العرب انفسهم . .
اما ألأديان والمذاهب فهي جميعاً تنتصب خلف القوة ألأعظم وبعضها يتمسّك بمباديء ألإيمان والحق والعدالة فتجد الصراع الدامي بين كل فئة وأخرى سواء أكان جانب العدالة المفقودة او صراع فرض ألإرادة التسلطية على ألآخرين ، فعاش الشعب العراقي صراعاً عنيفاً خلال مئات السنين كان من نتيجتها مانراه ألآن على ارض الواقع . .واذا ماعلمنا فإن اخطر الصراعات هو الصراع الديني والقومي . .
وكانت معظم الصراعات الحاصلة في عراقنا هو هذين الصراعين اعلاه . .وان استمرار هذه الصراعات لمئات السنين مصحوبة بدمار كامل للبنية التحتية للمجتمع العراقي المتنوع، وأنهارمن الدماء لكل الأطراف بلا إسثناء جعل العراقي يكيِّف نفسه للدفاع عن وجوده بشكل فسيولوجي وسايكلوجي جاعلاً من التجارب المرّة التي مرَّ بها العراقيون دليلاً له للحفاظ على وجوده وديمومة بقائه . .وهذا يتطلب في أحيان كثيرة الى اسلوب الرد بالمثل سواء كلامياً او فعلياً وهو مانعني به أعمال عنف ، فتولدت معها ثقافة العنف التي تغلغلت داخل دم العراقي . .
لذلك فإن الدعوة لنبذ العنف في المجتمع العراقي وإبداله بالتسامح هي دعوة يمكن ان نعتبرها شبه مستحيلة في حال بقاء التسلًط الفَرضي ( القسري)وتهميش مطالب القوى المظلومة ( المُستَضعَفة ) او عدم المبالاة تجاه مظلوميتهم التي عمرها مئات السنين كما ذكرنا . .
إنَّ ثقافة التسامح مرتهنة بشكلٍ متوازٍ مع ثقافة العنف ، والثانية موجودة وبعمق في نسيج المجتمع العراقي ،كما ان الاولى موجودة ايضاً، لكن سيادة العنف جعلت ألأخرى غير ظاهرة كثيراً . .ولإحلال ثقافة التسامح نحتاج ليس الى قرارات لذلك بل لأفعال منطقية واقعية فعلية تؤكد مانطالب به لا ان نفرضها قسراً ، إذ أنَّ فرض ثقافة التسامح هو مبدأ ناتج من ثقافة العنف المتأصلة فينا وهي لا تختلف بالنتيجة عن إستخدام العنف بشكل غير ظاهر .لذلك إذا أردنا أن نعمِّم ثقافة التسامح داخل النسيج العراقي علينا ان نبدأ أوّلاً بمن يقرِّر هذا المبدأ جاعلاً كل خطواته تسامحية وإحترام سيادة القانون وإستقلالية القضاء ممثلاً بتساوي رئيس الدولة مع أي شحّاذ أمام القانون ، وإلغاء مبدأ التسقيط والتهديد والتخوين ونبذ مبدأ الشك والريبة وإلغاء الفروقات القومية والدينية والمذهبية وإشاعة جو الحرية والعدالة والمساواة والديمقراطية . .
إنَّ مبدأ فرض رئيس السلطة عاشت مع العراقيين منذ وفاة الرسول (ص) وحتى يومنا هذا، ومانتج عنه من مجازر وإرهاب وقمع وإضطهاد وتهجير وتجويع وتهميش . . .الخ من وسائل مقمعة عمرها ألف وأربعمائة عام ، لذلك فإن كلمة ( فرض ) غير مرغوب بها إذا أردنا أن نشيع مبدأ التسامح ، لأن التسامح لا يأتي بالفرض ( التسلط ) بل بالإقناع . .وألإقناع يأتي بمراجعة تأريخ الشعب والوطن والبحث عن سبل هادئة دون تعنت يمكن من خلالها مع التطبيق الفعلي ان نجعل العراقيون يستشعرون بفعلية هذه الثقافة التي بدأت من الرأس لتصل ألأطراف . .ولتبدأ ألأطراف التي يمكن ان تستلم المسؤولية الاولى في الدولة ألآن بألإعتذار للشعب العراقي بكل فئاته وتطلب السماح منهم الآن على ان يقدموا الى المحاكم العراقية مستقبلاً لمحاكمتهم على ماإرتكبوه من جرائم بحق القوى الوطنية العراقية وأن يكون القضاء هو الحكم وليس المجنى عليهم من ذوي اهالي المجنى عليهم . .وبذلك – لو تحققت هذه الخطوة – فإننا بالفعل قد قدمنا صورة واضحة لعالم التسامح والسمو فوق الخطايا التي تم ممارستها بحق الشعب العراقي وإزالة همّ كبير يكاد يخنق انفاسنا مما علقت به من آثام  .
إن النزاهة والشفافية المفقودتان هما إحدى الركائز الكبرى لثقافة التسامح ، وإن اي شخص يرغب بتولي اي مسؤولية عليه ان يعلم ان تأريخه يجب ان يكون أبيضاً ناصعاً لا غبار عليه ، وان اي كذب او تحامق هي من مبدأ ثقافة العنف المنبوذة والتي يطالب الشعب العراقي بإبدالها بثقافة التسامح والتي من أُسِسَها ان يكون اي مسؤول في اي مكان في الدولة ذو تأريخ غير ملطّخ بدماء العراقيين .
إن الشعب العراقي اليوم يمر بمرحلة عصيبة وحسّاسة تتمثّل بإنعطافة كبرى في تأريخه القديم والحديث ، وهذه تتطلب أيضاً شجاعة لا محدودة من قبل كل ألأطراف سواء من يرغب بتولي المسؤوليات للبلد او ابناء الشعب عامة،فالمطلوب من كل ألأطراف ان يتهادنوا ألآن لحين إستقرار البلد وإقرار الدستور الدائم والتخلص من بقايا وآثار الفترة المظلمة السابقة ومحاسبة اي طرف مهما كان عن مساعدة او إيواء أركان النظام المقبور وتقديمهم للعدالة لنبدأ صفحة جديدة لبناء العراق مبنية على اسس العدالة والحق والمساواة والتآخي بين مختلف مكونات المجتمع العراقي المتنوع بعيداً عن اي نزعة للتطرّف او ألإستباق ، حينها يمكن ان نبدأ بداية جديدة لمجتمع جديد ، مجتمع العدالة وألأخوة والمحاباة  . .


د .عبد الفتاح مرتضى

عضو المنظمة الوطنية للمجتمع المدني وحقوق العراقيين
كندا – هاميلتون
أيّار – 15 - 2003



#عبد_الفتاح_مرتضى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مهمّات الحكومة ألإنتقالية
- هل الحرب لعبــة ؟ مهزلة سقوط صدّام !!
- وعي الحقائق وتسطيح الواقع - رد على ماكتبه السيد كريم الربيعي
- لا للحرب....لا للديكتاتورية نعم ..نعم ..للفـاصوليـا اليابســ ...
- تـكهّنـــات
- مالنا..وما..لهم
- صحوة ألعقــــل
- ولايــة بطيــــــخ
- عراق ما بعد صدام
- مهرجانات القمم العربية
- الهموم العراقية والهموم الأميركية
- معارضة ومعار ضات
- ماذا يريد العراقيون؟
- خِرافنا...وخِرافهم
- ماذا تقول للديكتاتور
- في منظور سوسيولوجية الفرد العراقي
- حكومات نعاج مع سادتهم وحكومات ضباع مع شعوبهم
- جلالـــة ألملــك !!!
- أميركا 000وتبييض وجه صدام!!
- إذا لم تستحِ فقل ماشئت


المزيد.....




- -أخبرتني والدتي أنها عاشت ما يكفي، والآن جاء دوري لأعيش-
- لماذا اعتقلت السلطات الجزائرية بوعلام صنصال، وتلاحق كمال داو ...
- كيم جونغ أون يعرض أقوى أسلحته ويهاجم واشنطن: -لا تزال مصرة ع ...
- -دي جي سنيك- يرفض طلب ماكرون بحذف تغريدته عن غزة ويرد: -قضية ...
- قضية توريد الأسلحة لإسرائيل أمام القضاء الهولندي: تطور قانون ...
- حادث مروع في بولندا: تصادم 7 مركبات مع أول تساقط للثلوج
- بعد ضربة -أوريشنيك-.. ردع صاروخي روسي يثير ذعر الغرب
- ولي العهد المغربي يستقبل الرئيس الصيني لدى وصوله إلى الدار ا ...
- مدفيديف: ترامب قادر على إنهاء الصراع الأوكراني
- أوكرانيا: أي رد فعل غربي على رسائل بوتين؟


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عبد الفتاح مرتضى - ثقافة العنف وثقافة التسامح