أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - حمدى عبد العزيز - اعتراف قديم وطلب غفران متجدد ..














المزيد.....


اعتراف قديم وطلب غفران متجدد ..


حمدى عبد العزيز

الحوار المتمدن-العدد: 7132 - 2022 / 1 / 10 - 13:00
المحور: سيرة ذاتية
    


صمدت أم كلثوم وصمد صوتها أمام هجوم اليمين الديني عليه والذي كان قد بدأ بعد نكسة يونيو 67 مباشرة ، وكانت نقطة البدء على منابر المساجد وفي شرائط الكاسيت التي راجت في هذه الفترة للشيخ كشك صاحب الخطب الشهيرة التي كان فيها يتناول أم كلثوم بالسخرية وينعتها بالكفر وتضليل المسلمين ، حين كان يطل علي المصلين كل يوم جمعة من كل إسبوع في أحد المساجد الكبري الكائنة في منطقة دير الملاك بالقاهرة .. فتنتشر تلك الخطب علي الفور لتملأ عباراته وغمزاته وتغنجاته وجعير حنجرته الشهيرة في هذا الشأن اسماع راكبي التاكسي والميكروباص ، وتتصاعد من ميكروفونات باعة كتب الفقه السلفي الوهابي والهندي والقطبي التي كانت تفترش الأرصفة في القاهرة ومدن عواصم الأقاليم وأطرافها في بدايات ماأطلق عليه فيما بعد ذلك بالصحوة الإسلامية التي لم تكن في الحقيقة إلا إيذاناً مخابراتياً أمريكياً بصعود حقبة البترودولار لتسود منطقة الشرق الأوسط وتلقي بظلالها السوداء علي المجتمع المصري ..
وخلافاً لذلك فقد صمد صوتها المتوهج بنبرات الوجد الصوفي أمام مراهقتي اليسارية ومراهقة غيري من بعض الذين كانوا يعانون من تلك المراهقة التي كانت تري في غناء أم كلثوم - تعسفا - أداةً من أدوات تزييف الوعي ، وتصفت غنائها بغناء المساطيل
هذا حدث حين كنت أحد المصابين بالمراهقة الثورية في شبابي وتمردت - وضمن سياقات من التمرد الجامح - مع من تمردوا على صوت أم كلثوم ..
اعترف بأنني وقتها لم أكن قد وصلت إلى مستوى معقول من الوعي والعمق الفكري والحس الجمالي يسمح لي بتناول أم كلثوم كظاهرة فنية مصرية وجدانية أصيلة وأصلية وبديعة .
، وانني قضيت سنواتي الأولي التي شهدت تعلقي ببعض المثقفين الذين هاجموا أم كلثوم وادخلوا أغانيها في معركة صفرية مع اتجاهات الأغنية ذات الإيقاع السريع ومع العظيمة فيروز ووصل تطرفهم إلي الحد الذي وضع أغانيها إلي جوار الكرة والأهلي والزمالك كأسباب لنكسة يونيو وأزمة المجتمع المصري !!!!
اعترف بأنني كنت ذلك المراهق السطحي الرؤية والبصيرة رغم أنني كنت اشاهد واسمع كثير من اقاربي وأهلي وجيرانهم في الريف يمزجون همومهم وافراحهم وخلاصة تجاربهم الحياتية اليومية بغناء مقاطع من أغاني "الست" كما كانوا يطلقون عليها ..
، ويبدو أنني لم أكن قد نضجت بعد لأعرف حقيقة مايعبر عن الروح المصرية العميقة ، عندما كنت أري ظهورا منحنية علي وجه الحقول تنظم إيقاع ضربات الفؤوس علي إيقاع ماينشدون لأم كلثوم .
، أو أولئك الفلاحون الذين كانوا يلصقون آذانهم بالراديو الترانزستور الصغير الذي يحمل علي ظهره حجري بطاريتين محزمين برباط المطاط "الأستيك" وهم يسهرون إلي جانب السواقي الدائرة علي حواف الترع والمجاري المائية الفرعية لري زراعاتهم ..
لم التفت وقتها لكون أن صوت أم كلثوم كان أحد متلازمات سهر المذاكرة الليلية لغالبية الساحقة من طلاب المدارس الثانوية وطلاب الجامعات المصرية في الأجيال التي كانت تسبق أجيالنا؟
يالها من مراهقة غبية
ألم تكن سهرة الخميس الأول من كل شهر هي سهرة أبي وأمي المفضلة بجوار الراديو الخشبي الكبير الذي كان يقبع فوق رف خشبي خاص علي الحائط؟
ألم يكن ذلك مايجري عند جيراننا وشباب وبنات جيراننا ، وماكان يحكي لي أصدقائي أنه جري عندهم كذلك عقب كل أول خميس في كل شهر ؟
ألم أكن أنا أرتدي ملابس المدرسة صباحاً بمصاحبة صوتها في أغنيتها الشهيرة "ياصباح الخير ياللي معانا"
ظللت هكذا - علي هذه المراهقة وهذا الشطط الفكري والوجداني كجزء من عمري أنظر إليه الآن باعتباره سنوات التشتت والتيه والتشوه الفكري التي تتسم بها نزعات التمرد المتطرفة في الصبا بنوازعه الجارفة وافكاره المتصربعة الأقرب إلي السذاجة منها إلي العمق الجاد - إلي أن وجدت نفسي علي عتبة مرحلة جديدة بعد أن رحلت أم كلثوم بسنوات أبكي - فجأة - كطفل يعاني من يتم عميق وصولاً إلى درجة النهنة وأنا استمع الى صوتها ..
أتذكر انهمار دموعي بغزارة لم أكن استطع تبريرها لو رآها أحد غيري أنا الوحيد في ليلة من ليالي النصف الثاني من الثمانينيات وهي تغني المقطع
(( كانلك معايا
أجمل حكايه
ف العمر كله ))
لم يكن لدي - وقتها - أي تفسير أو معرفة أو حتي إدراك لسر كل هذا البكاء الذي انفجر داخلي ..
.. ربما كان ذلك تكفيراً عما كان من مراهقة ودعتها - في هذا الوقت - إلي الأبد ؟
ربما لأنني كنت في مرحلة مراهقتي الثورية لم أدرك بعد أن صوت أم كلثوم كان قد حفر لنفسه مكاناً عميقاً في الوجدان المصري لكونه كان يحمل بماتحفل به السياقات المصاحبة من انغام وموسيقي غباراً نووياً مخصباً ومشعاً من جوهر الروح العميقة العالم الشعبي المصري مما جعله ينزلق بسهولة في اعماق الكيان الوجداني للمصريين ..
كذلك لم أكن أدرك طوال سنوات هذه المراهقة أن الحرب التي شنت علي أم كلثوم سواء من اليمين الديني أم من محدثي ثقافة الاستهلاك السطحي كنوع من التعبير عن إدعاء حياة (المودرن) أو مايمكن أن نطلق عليه علمياً بثقافة التبعية الإستهلاكية (ثقافة الكمبرادور) .. لم ادرك أن حروب كلاً من الفريقين كانت تستهدف أم كلثوم في ظل سياق أكبر هو الحرب علي الوجدان الشعبي المصري لمحاولة تشويهه إعداداً لمسرح الحياة الإجتماعية والسياسية المصرية لهزيمة حقيقية لم تكن ضربة الخامس من يونيو 1967 لتكفي لإنزالها بمصر والمصريين ..
كنت في مرحلة المراهقة الثورية ولم أكن أدرك
.. فقط بكيت بكاء شديداً أمام (الست) وكأنني ابكي علي أعز عزيز مما لاأدرك داخلي
(( .. وإزاى تقول أنساك
وأتحول
وأنا حبي لك
أكتر من الأول ... ))
تعظيم سلام ياست ..
ـــــــــــــــــ



#حمدى_عبد_العزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إبراهيم عيسي وقاهرته وناسه
- خبر لم يكن ينبغي أن يمر مرورا عابرا ..
- عندما تكون (الدولة) فاعلاً ، ومفعولاً به ..
- تناقض قابل للحل ، وأخر جذري لايقبل الحل
- استقالة قرداحي
- لحظة عابرة ، بقيت مرارتها فى القلب …
- أنا لست رقماً تأمينياً ولاعلامة علي الشاشة ..
- معارك السوفت وير ..
- مؤتمر (وعد الآخرة) كإهانة لنبل وشرف القضية الفلسطينية
- تعليق علي ماحدث في أربيل العراق
- إنهم يسحقون الأجراء
- عبد الغني لبدة الذي أعرفه ..
- مالاينبغي أن يكون غائباً
- افغانستان السؤال (2)
- افغانستان السؤال (1)
- سامح الصريطى وبرنامجه الجميل
- وما الفارق إذن؟
- فرع اخوان تونس تكتيك مختلف فى الصراع السياسي
- الإتحاد العالمي للمتاجرين بالدين
- مفارقات التاريخ ..


المزيد.....




- الجيش اللبناني يعلن تسلمه 3 معسكرات تابعة لفصائل فلسطينية لب ...
- منظر مذهل في تركيا.. تجمد جزئي لبحيرة في فان يخلق لوحة طبيعي ...
- إندونيسيا تحيي الذكرى العشرين لكارثة تسونامي المأساوية التي ...
- ألمانيا تكشف هوية منفذ هجوم سوق الميلاد في ماغديبورغ، وتتوعد ...
- إصابات في إسرائيل بعد فشل اعتراض صاروخ حوثي
- شولتس يتفقد مكان اعتداء الدهس في ماغديبورغ (فيديو+ صور)
- السفارة السورية في الأردن تمنح السوريين تذكرة عودة مجانية إل ...
- الدفاع المدني بغزة: القوات الإسرائيلية تعمد إلى قتل المدنيين ...
- الجيش الروسي يدمر مدرعة عربية الصنع
- -حماس- و-الجهاد- و-الشعبية- تبحث في القاهرة الحرب على غزة وت ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - حمدى عبد العزيز - اعتراف قديم وطلب غفران متجدد ..