|
هل الشعوب العربية أصبحت معاقة ؟
سميه عريشه
الحوار المتمدن-العدد: 1660 - 2006 / 9 / 1 - 10:27
المحور:
حقوق الانسان
• لطالما تعمد الديكتاتوريات على مر العصور ( إعاقة الشعوب ) سياسيا وفكريا واجتماعيا وحضاريا ، بكل السبل ، ولقد زاد توحش ذلك النهج المسيس ، في الأربع عقود الأخيرة في العالم الثالث وخاصة في الدول العربية من قبل الحكومات ، مما أسفر عن : كم وكيف ونوع جديد من المعوقين والمحبطين : سياسيا وحضاريا واجتماعيا وفكريا ونفسيا و سلوكيا ، ,اختص الموهوبين والمتميزين العصاميين) نتيجة استهدافهم من قبل تلك الحكومات التي تخشاهم وتعلم جيدا خطورتهم على بقاء دكتاتوريتها فسلطت عليهم أذنابها بمختلف أنواعهم لتعويقهم بغرض أبادتهم
• حيث كان قد درج في السابق تعريف نوعيات المعاقين : (بأنهم المعاقين ذهنيا أو جسديا ، منذ ولادتهم أو نتيجة حوادث ، وهم نسبة مئوية معلومة تزيد في المجتمعات المتخلفة و مع الكوارث والحروب ) ، لكن لم يسبق أن شمل تعريف المعاق :
( بأنه الإنسان المولود مكتملا عقليا وجسديا ، ولكن تم تعمد( علما أو جهلا ) أعاقة قدراته ومواهبه الطبيعية التي خلقها الله فيه : من مهارات عقلية تنعكس أثارها على صحته الجسدية وتمتد لتشمل المهارات الشعورية و النفسية والسلوكية ، وذلك بحرمانهم من التعليم والتعلم أصلا ، أو خرطهم في نوعية تعليم غير مناسبة لقدراتهم بتأثير الترويج لنوعية تعليم يحمل وجاهه اجتماعية ، أو بإهمال قدراتهم الذهنية وقمعها سواء في المنزل أو المدرسة ، أو المجتمع ،) * وكلنا يعرف إن الطفل الذي يكثر من الأسئلة يصنف في مجتمعاتنا - ألمسماه نامية دون تنمية حقيقية - يسمى طفلا مزعجا ، وفى الغالب يتم عقابه ، فتبدأ بذلك إعاقة الطفل الطبيعي 0 • المعوقين السياسيين : --------------------------
• فماذا عن خلق وصناعة الإعاقة السياسية والفكرية في أميز الرجال والنساء الراشدين من الفقراء العصاميين) ؟؟؟ ، الذين هم من المفترض إنهم رجال ونساء التجديد في مجتمعاتهم ، ويتم اضطهادهم ومنح فرصهم للأقل منهم ، ناهيك عن الحرمان من الحق في الديموقراطية والتنافس في عدل وشفافية ، وتأثير ذلك عليهم على كل المستويات ، وفوق كل ذلك الحق في المشاركة السياسية الحقيقية وليست الديكورات الو رقية الدكتاتورية التي اخترعها مفكرو ومثقفو بعض الدول العربية لصالح الحكومات التي استقطبتهم إرهابا أو أفسادا لصالحها ( كطابور خامس ) ضد شعوبهم وضد زملائهم المفكرين العصاميين الشرفاء ، ومن ثم تم تصدير نظرياتهم عن ضرورة إبعاد الفرص عن المتميزين الحقيقيين ، وتحطيمهم معنويا وثقافيا ووظيفيا واجتماعيا واقتصاديا ، ونفسيا وسياسيا وإبعادهم عن الشعب بتهميشهم في المؤسسات الحكومية الثقافية والإعلامية والعلمية ، وقد يصل الأمر إلى التعامل معهم امنيا برغم أنهم ليسوا إرهابيين بل دعاة علم وحرية وسلام ، • بعدما أوصلت ديكتاتورية الحقبة الشمولية الشعوب إلى السلبية واللامبالاة كسبيل للإفصاح عن إدراكهم بأنهم مبعدين فعليا عن أي قرار ، ورفضهم أن يستخدموا كديكور خادع يوحى بالعكس ، وهو دفاع وشرف شعبي سلبي ، لم ينل شرفه المثقفين ممن قبلوا وظيفة خدام الحكومات ، وقاموا بإنتاج( ثقافة فاسدة ) تزيد من اغتراب المواطن وتقهره وتدمر مواهبه، وتصيبه بالإحباط ، مما أسفر عن كل هذا النتاج الجمعي من سيكولوجية العنف والكراهية ، التي تحولت إلى سلوك واسع المدى مع النفس ومع الغير محليا ويزداد العنف مع الأجنبي المختلف عنا ثقافيا أو اجتماعيا وبالذات دينيا ، وتضخمت ذاتنا المريضة المعاقة وقمنا باختلاق مبررات تميز لم تعد فينا بالتمحك في أمجاد غابرة قديمة أو الانتماء إلى دين جعلناه بفعل أعاقتنا يناصب البشرية كلها العداء 0
أباده وتحايل وخداع : ------------------------ • وفي الوقت الذي ترفع الحكومات العربية شعار الأصلآح في العلن تحايلا على ضغوطات الخارج ، تطلق يد الفساد الادارى والمالي والسياسي ، كمعاول هدم لأي إصلاح بل وللقضاء بشتى السبل الذكية وغير الذكية على المتميزين والمفكرين ، باعتبارهم جنود الليبرالية والإصلاح الحقيقيين ، بعدما اعتمد التكامل العربي الأمني أسلوب التحايل وإفراغ المشاريع والشعارات من مضمونها واستبعاد أسلوب الرفض الصريح ، فيتم ضرب عصفورين ( إحباط الشعب ، و تعطيل وإبطاء الإصلاح ) • العدو الجديد : --------------------- • ولقد عممت تلك الطريقة وذلك الأسلوب بين الحكومات العربية بفضل التكامل الأمني والشعور بالتماثل والخطر من الشعوب ، وخاصة الفئة المتميزة والمثقفة ، ولعل ذلك يفسر عداء بعض الأئمة المزيفين المندرجين تحت بند الطابور الحكومي الخامس ، للعلم وفكرة استقلاليته عن الخرافات والغيبيات ، ومن ثم نشاطهم في لوى عنق ونزع سياق نصوص دينية من سياقها وإعادة تفسيرها وتسخيرها بما يخدم الجمود والتخلف باسم الدين ، ناهيك عن الإقصاء المتعمد لكل إنسان رجلا كان أو امرأة أو حتى طفل تلوح عليه سمات التفكير السوي السليم بحق انطلاقا من مبدأ الوقاية خير من العلاج ، بعدما استخدموا كل العبارات والأمثلة بشكل يخدم أهدافهم غير النبيلة وغير الإنسانية ، ألا وهى الهدف القومي الذي تسخر له كل إمكانيات الدول ويقوم بتنفيذه طابور الموظفين الحكوميين ، وهو تحويل الشعوب والمتميزين منهم إلى معوقين سياسيا وفكريا ، وتبديلهم بآخرين مزيفين وتقديمهم على أنهم صفوة وكبار 0
• اختطاف مشاريع التنمية البشرية سياسيا : ----------------------------------- • كلنا يعرف أن هناك برامج التنمية البشرية تدعمها المجتمعات الغربية وأمريكا على وجه الخصوص في العالم الثالث ، من خلال معونات ومنح بأرقام طائلة ، وكلنا يعلم أيضا بمحدودية تأثير تلك البرامج لخضوعها لأداء موظفو الحكومات الفاسدين أو المجتمع الأهلي الخاضع قانونيا وفعليا لشرط الحصول على رخصة الإشهار العمل من تلك الحكومات ، مما جعله مجتمعا أهليا إما ممنوعا أو محاصرا أو مهددا بالاتهامات الجاهزة مثل العمالة أو تلقى معونات من الخارج بعدما استباحوا حصولهم على ذلك الدعم لأنفسهم و ذويهم ( فسارعوا بإنشاء الجمعيات الأهلية التي تحصل على التصاريح بسهولة ، عكس ما يحدث مع الليبراليين والمثقفين المستقلين عن الاستقطاب الحكومي حيث ترفض أو تعطل طلباتهم ، و من ثم تسخير المجتمع الأهلي من قبلهم كوسيلة للاستيلاء على الدعم الخارجي لنهبه وحرفه عن مساره الطبيعي ، وجعله وسيلة لوجاهتهم ، فتم اختطاف تلك السلطة والوسيلة الشعبية من المخلصين الحقيقيين المستبعدين بالقوانين المفصلة والمطاطة والتي تعطى سلطة كبيرة للأجهزة التنفيذية والأمنية ، التي تمنعها وتمنحها طبقا للمصلحة الحكومية السياسية ،لصالح الأصوليين أولطابورها الخامس ، (إلا قليلا ممن فلتوا من هذا التصنيف) ، ومن ثم يقومون بتفريغها من مضمونها واستخدامها كوسيلة للبقاء في السلطة ، وللإثراء بعدما جعلوا الدعم الخارجي للمجتمع الأهلي مرادفا للعمالة والخيانة تعرض فاعلها للقتل أحيانا ، بعدما جعلوه ممنوعا أو مشروطا بموافقة الجهات الحكومية أو الأمنية على وجه التحديد ، ومن ثم الإيقاف للجمعيات المشهرة في حال الخروج عن سقف المسموح أو تجاوز الخطوط الحمراء ، • علما بأننا لم نسمع عن منع أيا من المنتمين لفكر سلفي أو رجعى ، وذلك لحسابات تخص الحكومات ، وأيضا لرفعهم شعار تقديم خدمات اجتماعية وصحية باسم الدين 0 ، والتي يتم من خلالها للترويج للفكر الديني المتعصب ، بينما مارست الحكومات لعبة غض الطرف طوال عقود ، فتحول المجتمع الأهلي بفضل تلك السياسة وبفضل التكامل الأمني بين الدول العربية ، إلى أداة لنشر التخلف والتعصب ، بل والإرهاب أحيانا ، والذي اثر في العقد الحالي على نتائج الانتخابات ليسهل بذلك( اختطاف الديموقراطية) من قبل الإسلاميين ، برضاء اضطراري من الحكومات المحاصرة في نزعها الأخير وتحت ضغوطات عالمية : • بين خيار فتح الباب للأصوليين ، • أو فتح الباب لليبراليين ، • فأجمعت الحكومات العربية تحت تأثير تكاملها الأمني إلى أفضلية التنافس مع الإسلاميين عن التنافس مع الليبراليين ، لأسباب تتعلق بضمان الفوز بدعم أمريكا والغرب في حال اقتصار الاختيار بين الحكومات والأصوليين ، و0عكس النتيجة الأكيدة فيما لو قوي وجود الليبراليين ، الذين ما من جدال ستفضلهم أمريكا والغرب ، ناهيك عن تأثيرهم المخيف للحكومات نتيجة نشرهم للوعي والتقدم بين الشعوب مما يسفر عن ظهور مواهب و قيادات جديدة في ظل الرعاية من قبل الحكم الرشيد الديموقراطي العادل والحر ، مما يهدد وجود الحكام الذين يحلمون بالبقاء ، لضمان عدم المسائلة عما اقترفوه في حق الشعوب 0ومن هنا جاءت ضرورة طبقة الموظفين للوبي الفساد والجمود وصناعة وفرض الإعاقة على المبدعين والعلماء والمتميزين ، • هؤلاء الموظفين الذين يتصرفون كما لو كانوا أصحاب تلك المؤسسات ليس للحفاظ عليها ولكن لنهبها وللحفاظ على توريثها لأبنائهم ويخدمهم قانون حق الموظف في توظيف أبناءه في ذات عمله ( فحرم بذلك المتميز العصامي من حقه وفرصته فأصبح وقودا جاهزا للإرهاب في ظل غياب الديموقراطية ، أو يصبح معاقا سياسيا ونفسيا بعدما تعطلت طاقته وأكله الإحباط وانعدام الأمل ) 0
#سميه_عريشه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طائفية المستأثرون بالحكم والثروة دوما 0
-
قصة : جذور متناثرة
-
قصة : الكفيف وألوان العشق
-
اريد أن اصبح لا شيئ 00 و أولى شمعات العنف
-
كراهية أم انعدام الثقة؟
-
الفساد والأحتكار سر فساد الدراما المصرية
-
العودة
-
غموض ساحر
-
مفتــرق طــــرق
-
عن التوافق الجنسي وأشياء أخر
-
جـــذور التربيـــــــة
-
أدب الحـــــرب
-
هل سنتغير طواعية أم ؟!!
-
الأمن القومي المصري
المزيد.....
-
كاميرا العالم توثّق تفاقم معاناة النازحين جرّاء أمطار وبرد ا
...
-
أمستردام تحتفل بمرور 750 عاماً: فعاليات ثقافية تبرز دور المه
...
-
أوبزرفر: اعتقال نتنياهو وغالانت اختبار خطير للمجتمع الدولي
-
-وقف الاعتقال الإداري ضد المستوطنين: فصل عنصري رسمي- - هآرتس
...
-
الأردن.. مقتل شخص واعتقال 6 في إحباط محاولتي تسلل
-
بورل: أندد بالقرار الذي اعتمده الكنيست الاسرائيلي حول وكالة
...
-
بوريل: اعتقال نتنياهو وغالانت ليس اختياريا
-
قصف الاحتلال يقتل 4 آلاف جنين وألف عينة إخصاب
-
المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودا
...
-
المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودا
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|