|
لنقف بوجه من يدمر ألأرض
حازم كويي
الحوار المتمدن-العدد: 7129 - 2022 / 1 / 7 - 15:03
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
يان أولي أربس و غويدو سبيكمان* ترجمة:حازم كويي
الوقت بدأ ينفذ، ومنظمات حركات المناخ تناقش الآن المزيد من أشكال العمل الراديكالية مع التركيز على الجوانب الأخرى. البعض من مالكي المليارات يُخططون بالفعل،وهم ينطلقون بصواريخهم من نوع(إكس فالكون) بعمود من النار وسحابة دخانية ضخمة بجولة حول الأرض،كما فعلها تسلا. لقد كانت قرارات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ في غلاسكو كارثية، التي أُختتمت نحو طريق تدفئة شديدة للأرض بلا رجعة، تُهدد فيها بقاء مئات الملايين من الناس وأنواع لا حصر لها من الحيوانات والنباتات. بغض النظر عما إذا كان سيتم الوصول إلى نقاط التحول في النظام المناخي في غضون عشر أو 20 أو 50 عاماً. نحن نتسابق نحو وضع من شأنه أن يغير بشكل أساسي الحياة وظروف اليوتوبيا الشيوعية. في ضوء الوضع القاتم، بدأ النقاش حول الاتجاه السياسي في حركة المناخ المحلية. من ناحية أخرى، فإن السؤال التكتيكي الخاص بأشكال العمل مُتنازع عليه والخلاصة، هل يتعين على حركات المناخ أن تلجأ إلى وسائل أكثر جذرية لزيادة الضغط؟ من ناحية أخرى، يتعلق الأمر بالتوجه الأستراتيجي، من تستهدف الحركة، وكيف تعتقد أنها ستكون قادرة على الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري؟ يتم حالياً توجيه الدعوة إلى أشكال عمل مُتشددة بهدف حث الدولة على إتخاذ تدابير أكثر فاعلية لسياسة المناخ. وأشهر مُناصريه هو عالم الأحياء البشري السويدي (أندرياس مالم)، ودعواته في وسائل الإعلام لتخريب البنية التحتية للوقود الأحفوري وتدميرها، وهو يُورد السبب، إذا قام شخص ما بوضع قنبلة موقوتة في منزلك، فيحق لك نزع فتيلها. لذلك إذا دمرت صناعة ما، مصدر رِزقنا، فلدينا الحق الأخلاقي في شلِها. في ألمانيا نهاية تشرين الثاني (نوفمبر)، تسببت مقابلة أجرتها مجلة(دير شبيغل) مع الناشط المناخي المخضرم (تادزيو مولر) في إثارة ضجة كبيرة. حيث حذر مولر من أن أجزاءاً من حركات المناخ ستتحول إلى التطرف في مواجهة التقاعس السياسي، حيث يقول "ستتعرض صالات عرض السيارات للتدمير، والتخريب في محطات الطاقة التي تعمل بالغاز أو لخطوط الأنابيب" فالوقت الآن بدأ ينفذ. من المؤكد أن هناك الكثير مما يوحي بأن حركة المناخ توسع ذخيرتها الاحتجاجية، نعم الوقت ينفذ. ومع ذلك يُلاحظ أن مطلب العمل يهدف في المقام الأول إلى دفع الدولة أو حتى شركات الطاقة نفسها إلى التحرك. يقول أندرياس مالم صراحة (إذا لم تتدخل الدولة ، فسيتعين على الآخرين القيام بذلك) ليس لأن النشطاء يمكنهم تحقيق إلغاء الوقود الأحفوري - فقط الدول لديها القدرة على القيام بذلك - ولكن لأن دورهم هو ممارسة الضغط لتعزيزها. تظل الدعوة إلى المزيد من المجابهة عملاً من أعمال التهدئة الذاتية من خلال إضفاء التطرف على الشكل. هذه الدعوات لما نُسميه الإصلاحية المتشددة، تقر بأن الدولة تعطي الأولوية لمصالح الشركات ويجب أولاً إجبارها على تغيير المسار. لكنهم يتجاهلون حقيقة أن الدولة لا تستطيع إلا أن تخلق الظروف المثالية لتحقيق رأس المال لإصحاب رأس المال. لذلك في الرأسمالية لا توجد سياسة يمكن تصورها تمنع النمو الاقتصادي وزيادة إستهلاك الموارد، وسيكون ذلك ضرورياً على الأقل للحفاظ على استقرار إنبعاثات غازات الاحتباس الحراري الضارة بالمناخ. وبالتالي، فإن النداءات لإتخاذ إجراءات أكثر راديكالية تتجنب الأسئلة الأساسية المهمة: إلى أي مدى يمكن أن تأمل حركة المناخ في حماية المناخ من الدولة، هل تستطيع ذلك على الإطلاق؟ ما هو الضغط اللازم لفرض حماية فعالة للمناخ، وكيف ينبغي حشدها؟ وإذا لم تكن هذه أستراتيجية واعدة، فما هي البدائل؟ نحاول هنا تحديد بعض الإجابات التي تتم مناقشتها في الأقسام المناهضة للرأسمالية في حركة المناخ، وتحديد الأسئلة السياسية التي تنشأ عنها. لن ندخل في مفاهيم Green New Deal(صفقة خضراءجديدة) في هذه المرحلة، لأنها تستند إلى وهم إعادة الهيكلة البيئية مع النمو الاقتصادي المتزامن، ومع متطلبات مواردها، فإنها ترقى في النهاية إلى نوع من الاستعمار الأخضر.
.1الاشتراكية البيئية. الممثل الأبرز حالياً للإتجاه الاشتراكي البيئي في نقاش إستراتيجية المناخ في البلدان الناطقة بالألمانية هو الجغرافي الاقتصادي (كريستيان زيلر)، أفكاره واضحة في كتابه "ثورة من أجل المناخ. لماذا نحتاج إلى بديل اشتراكي بيئي ” وله أيضاً العديد من المقالات في هذا الشأن. أطروحته الرئيسية هي أن حركة العدالة المناخية بحاجة ماسة إلى تطوير إستراتيجية "تُحفز النشاط الذاتي والتمكين الذاتي بين السكان العاملين". فقط العاملون بأجر في الشركات هم من يحتمل أن يكونوا في وضع يسمح لهم بوضع الأسئلة الحاسمة حول ماذا وكيف وأين ولمن وبأي طريقة يكون الإنتاج في قلب النقاش الاجتماعي. تعريف زيلر للاشتراكية البيئية هو باختصار: "مجتمع يقرر معاً، يشارك أكثر وينتج أقل". من أجل إنتاج أقل، من الضروري إعادة بناء وتفكيك الجهاز الصناعي غير المسبوق تاريخياً، لأن الطاقات الأحفورية لا يمكن إستبدالها بطاقات متجددة وبالتالي يجب استخدام طاقة أقل بكثير على مستوى العالم. يتولى زيلر التركيز على الطبقة العاملة ومسألة الملكية والانفصال الثوري عن الرأسمالية كشرط مسبق لمجتمع يمكنه التخفيف من ظاهرة الاحتباس الحراري. يُميز زيلر نفسه عن الاشتراكية التقليدية أو الحركة النقابية، كونهم مُنغمسون في الأفكار الإنتاجية حول النمو والاعتماد على تطور القوى المنتجة. اليوم ومع ذلك، فإن الوصول إلى مكابح الطوارئ هو السبيل الوحيد لمنع القوى المنتجة من التطور الكامل إلى قوى مُدمرة. وهكذا عكس المحاولات الثورية السابقة، ليس فقط إعادة التنظيم السياسي والاجتماعي والاقتصادي، ولكن أيضاً إعادة تنظيم كامل الجهاز الإنتاجي للمجتمع، بما في ذلك الإنجاب، الذي يضعه على جدول أعماله. وهذا هو السبب في أن زيلر يدعو أيضاً إلى تحالف أستراتيجي بين الحركة النسوية والعدالة المناخية والحركات العمالية. ويدرك زيلر، أن هناك فجوة هائلة بين الإجراءات التي يجب إتخاذها والوعي بالحاجة إلى هذه التدابير، خاصة بين العاملين بأجر.تفكيك وإعادة بناء الجهاز الصناعي سيؤدي الى أن أجزاءاً كبيرة من العمال سيضطرون الى الأضراب عن العمل،وخاصة قطاعات بأكملها (الأسلحة والسيارات)والتي يتوجب أن تتقلص بشكل جذري. يُجيب زيلر بأنه لا يوجد تقدم بخط مستقيم وأن التطور التاريخي يعرف أيضاً القفزات والانقطاعات. وعلى ضوء الكارثة المناخية الوشيكة، يجب على اليسار الاستعداد لمثل هذه التطورات المفاجئة. مُضيفاً "نظام الأرض يقفز حالياً، كذلك المجتمعات". "في غضون بضعة عقود، سنعيش في عالم مختلف جسدياً. هذا هو السبب وراء الحاجة إلى المنظمات القادرة أيضاً على القفز. المنظمات التي تتكيف مع المفاهيم الواقعية. ظاهرياً سوف يتم إهمالها بعيداً عن طريق مجرى الأحداث ولن يكون لديها القدرة على إقتراح وجهات نظر بديلة ". يمكن رفض فكرة القفزات باعتبارها تكهنات تاريخية فلسفية. لكن في منتصف عام 2018 ، لم يكن لإحد أن يتخيل أيام الإضرابات العالمية أيام الجمعة من أجل المستقبل، في منتصف عام 2019 لم يكن لإحد أن يتخيل جائحة كورونا عالمياً. زيلر نفسه يسمي،أن مصانع عطاء محددة يمكن أن تتطور منها حركة بيئية جماعية لأصحاب الأجور. حملة أضرابات النقابات مثل نقابة فيردي الألمانية، ويوم الجمعة من أجل المستقبل في خريف 2020، إضراب نقابة العمال بدعم من المنظمات البيئية لمصفاة (توتال) في غراندبوتس في فرنسا، أو إضراب عمال مصنع (بوش) في ميونيخ. قال زيلر: "إنني أدعو إلى بدء نقاش حول الخيارات الاستراتيجية لبناء قوة إجتماعية تعويضية تتجاوز تولي مسؤولية الحكومة في الحكومات البرجوازية".
.2 التحالف بين المناخ والصراعات الطبقية. يعتبر النضال في مصنع في ميونيخ حالياً أحد الأمثلة القليلة للتعاون بين حركة المناخ والعاملين في صناعة السيارات في ألمانيا. سيتم إغلاق مصنع (بوش) في ميونيخ بحجة حماية المناخ. في المقابل، تعاون نشطاء المناخ والعاملين، فهُم يطالبون بتحويل الإنتاج إلى منتجات صديقة للمناخ وضرورية أجتماعياً. أنتقدت (لورا ميشيد) من مجموعة حماية المناخ والنضال الطبقي، أن مشاركة حركة المناخ تفتقر إلى الإشارة إلى الصراعات الطبقية، لأنها تبالغ في التأكيد على أهمية الاستهلاك، حيث يتعلق الأمر في الحقيقة بمسألة الإنتاج وبالتالي مسألة الملكية، الطبقة مهمة ليس فقط لأسباب أخلاقية، ولكن لأسباب إستراتيجية خاصة، ترتبط مكافحة تغير المناخ إرتباطاً وثيقاً بمسألة ماذا ننتج، وكيف. لا يمكن للمظاهرات وحدها أن تضغط على هذه القضية. الأمر يختلف مع الإضرابات. بالإضافة إلى ذلك، فإن تغير المناخ يؤثر على العاملين بأجر أكثر من غيرهم. لذلك من "المصلحة الطبقية الحقيقية" العمل ضد تغير المناخ، ويجب أن يكون من مصلحة حركة المناخ الخاصة تشكيل تحالف مع العاملين بأجر. جادلت مجموعة العمال الغاضبون من لندن مؤخراً بطريقة مماثلة في سلسلة من المقالات. من خلال(The Angry Workers )،من أن العمال المُنظمين ذاتياً هم فقط من يمكنهم تطوير القدرة على تنفيذ تدابير لإنهاء أزمة المناخ، ليس من خلال ممارسة المزيد من الضغط على الدولة، ولكن من خلال النضال من أجل إنهاء الاستغلال الرأسمالي. على عكس مبادرة حماية المناخ والصراع الطبقي في مصنع (بوش)، والتي تعتمد على التعاون مع نقابة (IG Metall) الالمانية، لا يرى العمال الغاضبون أي حلفاء مناسبين في النقابات، يعتمد وجود النقابات على إستمرار وجود النظام الرأسمالي، وعلى مهمتهم المتمثلة في "حماية وظائف ومصالح أعضائهم". "يرى العمال الغاضبون دورهم الخاص في تحليل وإنشاء إتصالات بين نزاعات العمل وحركة المناخ في تعزيز التنظيم الذاتي للعمال وإدخال متطلبات المناخ في الشركة. فهم يكافحون على سبيل المثال ضد إرتفاع درجات الحرارة.
Angry Workers) (Theومجموعة ميونيخ،لم تجد إجابة حتى الآن، عن كيفية النجاح في وقت قصير باستيلاء العمال على وسائل الإنتاج أو كيف يمكن معالجة الحاجة إلى تفكيك العديد من الصناعات. المعضلة متمثلة في أن النقابات العمالية لازالت حتى الآن مُستغلة بنجاح جزئياً من رأس المال. أقترح (هيرسه كورن) العامل في شركة(فولكس واكن)الألمانية مخرجاً في مقابلة له، العام الماضي، الذي شدد على المكاسب في جودة الحياة، مما يعني المزيد من وقت الفراغ، وأشار إلى الحاجة إلى مفاهيم جديدة للتنقل، على سبيل المثال من خلال التوسع الهائل في وسائل النقل العام المحلية. عندها فقط تصبح القيود المفروضة على حركة المرور الفردية ممكنة. يوضح هذا المثال بالفعل مدى أهمية المناقشة حول صراعات الطبقة والمناخ لتجنب أن يظل المنظور مقصوراً على الشركة الفردية منذ البداية.
3.التحالف مع حركات الجنوب العالمي. في مقال بعنوان "لماذا يجب على حركة المناخ إنهاء الكولونيالية"، أكد (إستيبان سيرفات ونيكو غراك) على خطر تحول حركة المناخ من منظمات غير حكومية أو برلمانيين متعاطفين، وهم من ناحية أخرى يطالبون بإنهاء الكولونيالية،ويضيف المقال.. من أن (غالبية الجبهات في الغالب تقع في الجنوب العالمي، حيث يعاني الناس من تدمير بلادهم والاستغلال الكولونيالي من قبل الشركات مُتعددة الجنسيات وأكثرها من شمال الكرة الأرضية، الذين يقدمون أنفسهم على أنهم من أنصار ألخضر في بلدانهم الأصلية). ولإجل تطوير أستراتيجية في هذا المجال ،يتوجب الاستماع الى الأشخاص في هذه الجبهات ولمعرفة نقاط الأستغلال البيئي الذي تمارسه الشركات المتعددة الجنسيات ومُجرمي المناخ. يكرر هذا النمط الفكري بعض المشكلات التي ميزت أيضاً المفاهيم المناهضة للإمبريالية في السبعينيات والثمانينيات. ليس هناك فقط نقص في الإشارة إلى المُستغلين في شمال الكرة الأرضية، والذين سيعانون أيضاً بشكل متزايد من تغير المناخ، ولكن أيضاً إلى احتمال نشوب صراعات في المراكز الرأسمالية، وهي أيضاً إجابة على السؤال حول كيف يمكن فعلاً مواجهة الشركات الذي أصبح بعيداً.
كيف يمكن لحركة عالمية أن تتعامل سياسياً مع علاقات القوة الموجودة بين الطبقات المُستغلة في الشمال والجنوب؟ على الرغم من نقاط الضعف هذه، فإن النداء من أجل إنهاءالكولونيالية يسمي المشاكل المركزية لحركة العدالة المناخية. حقيقة أن منتجي أزمة المناخ هم الشركات الموجودة في شمال الكرة الأرضية، لكن المتضررين الرئيسيين يعيشون في مجتمعات ما بعد الكولونيالية، لا سيما في الجنوب العالمي. هي حقيقة يجب أن تأخذها كل أستراتيجية سياسة مناخية في الاعتبار. وأي شخص يعبث بالصناعات العالمية وسلاسل القيمة يمكنه فقط أن يفعل ذلك في منظمة عالمية. إنها خطوة جيدة في الاحتجاجات ضد محطة غاز التكسير الهيدروليكي في (Brunsbüttel) بالقرب من مدينة هامبورغ ، حيث جرت محاولة للتركيز على الترابط العالمي والعلاقات الاستعمارية الجديدة. ومع ذلك، فإن الأمر نفسه ينطبق على الشركات العالمية،حيث يشكل العمال مكمن القوة الأكبر للضغط عليها. ويبقى السؤال، كيف تتعامل الحركة التي يجب أن تكون عالمية، سياسياً مع علاقات القوة الموجودة أيضاً بين الطبقات المُستغلة في الشمال والجنوب دون تهميشهم أو استخدامها كمناشدات أخلاقية.
4.الدافع من حركة خفض النمو. الفرضية الأساسية للحركة الحرجة للنمو وهي تعني، من المستحيل فصل النمو الاقتصادي عن إنتاجية المواد - أي استهلاك المواد الخام والطاقة - إلى الحد الذي يمكن أن يقتصر فيه الاحترار العالمي على مستوى مقبول. أو بعبارة أبسط، لا يوجد شيء أسمه نمو لا نهاية له على كوكب محدود. والنتيجة هي أنه يجب خفض الإنتاج والاستهلاك بشكل كبير. التخفيض الجذري الضروري في إنتاجية المادة والطاقة والانبعاثات ممكن فقط في مجتمعات شمال الكرة الأرضية من خلال خفض الإنتاج الاقتصادي وإعادة الهيكلة العميقة للإنتاج والاستهلاك. وهذا يرقى إلى مستوى الحرمان من الامتياز لشمال الكرة الأرضية وخاصة نُخبها. على النقيض من التيارات اليسارية التقليدية، يأخذ نقد النمو، الأسس الفيزيائية الحيوية للاقتصاد وبالتالي السؤال البيئي على محمل الجد. تُعتبر مقترحات تقليل إنتاجية الطاقة والمواد أكثر تعقيداً على سبيل المثال، في الاشتراكية البيئية، يتضمن تراجع النمو أيضاً نقداً أكثر شمولاً للتكنولوجيا، وتحديداً الأمل في أن تكون التقنيات وسيلة للعمل بشكل أكثر كفاءة وبالتالي تقليل الانبعاثات. أسئلة نادرا ما تناقش في معظم التيارات اليسارية. لا تقتصر حركة تراجع النمو على النقد، ولكنها تحاول إظهار بُعد طوباوي. لا يعني قلة الإنتاج والاستهلاك بالضرورة رضاءاً وسعادة أقل، بل يعني المزيد. إن ثروة الوقت والتباطؤ، وإزالة السموم، وإلغاء حالة الاستهلاك والعزلة ليست سوى عدد قليل من الكلمات الرئيسية. لكن في اشمئزازهم من التصنيع، رفض العديد من نقاد النمو فوراً الطبقة العاملة باعتبارها موضوعاً للتحول. لا يكاد يوجد أي إنتقاد للإكراه على تجميع رأس المال كمحرك للنمو الاقتصادي وبالتالي لزيادة استهلاك الموارد والانبعاثات. كيف يمكن أن تستمر؟ من بين المقاربات المقدمة، فإن الاقتراح الإيكولوجي الاشتراكي يقدم بشكل وثيق الأساس لتوجه أستراتيجي معقول. ومع ذلك، يجب إستكماله بأسئلة تركز على بعض المقترحات الأخرى. إن تغيير الاتجاه الذي يمكن أن يبطئ الاحترار العالمي لا يتوافق ببساطة مع الضغط الرأسمالي للنمو. يجب على حركة المناخ أن تُدرك ذلك، إذا كانت لا تريد أن تبني أفعالها على أوهام تتحطم وتنتهي بخيبات الأمل. بالنسبة لمستقبل حركة المناخ، من الأهمية بمكان الدخول في الشركات واكتساب الخبرة السياسية هناك. تدعوك الفجوة الموصوفة بين الضرورة البيئية والواقع السياسي إلى الانزلاق إلى نهاية العالم واليأس. إن المطالبة بمزيد من الأعمال النضالية مفهومة في ظل هذه الخلفية، لكنها تظل أيضاً عملاً من أعمال الطمأنينة الذاتية من خلال تطرف الشكل. يمكن أن يكون النقاش حول التشدد ذا مغزى، إذا كان هناك وضوح حول الاستراتيجية السياسية التي سيتم تضمينها فيها. لا يمكن إظهار ما إذا كانت القفزات في الوعي الاجتماعي والعمل الذي يشير إليه كريستيان زيلر ممكنة إلا في التجارب العملية. لمثل هذه المحاولة، من الضروري أن تجرؤ الأقسام المناهضة للرأسمالية في حركة المناخ على بناء القدرة على العمل في الصناعات التي تعزز الاحترار العالمي واكتساب الخبرة السياسية هناك. يمكن أن يقدم مثال شركة (بوش) في ميونيخ الدروس المهمة الأولى، والتي على أساسها يمكن تقييم إمكانيات وصعوبات تغير المناخ التشغيلي. يمكن القيام بمحاولات مماثلة في مكان آخر. هناك نقاط انطلاق كافية، ففي صناعة السيارات الألمانية وحدها هناك خطط لإلغاء أكثر من مائة ألف وظيفة وإغلاق العديد من المصانع خلال السنوات القليلة المقبلة، في العديد من الشركات يدرك النقابيون ومسؤولوا المتاجر المشكلات البيئية. سيكون من الأهمية الإستراتيجية الكبرى لقسم من اليساريين في حركة المناخ لحظر السيارات، أن يذهبوا إلى مواقع الإنتاج للصناعات الضارة بالمناخ ويبحثون عن نهج للنضال المشترك مع أولئك الذين يعملون هناك. في الوقت نفسه، يجب أن تتدفق المعرفة بحركة تراجع النمو إلى هذه الصراعات، أي أن حركة المناخ يجب أن تتعامل مع الجوانب المادية للإنتاج وتحويلها أو تفكيكها باستخدام مثال فروع الإنتاج الفردية. بشكل عام، يجب مناقشة الاقتراحات، مثل اليوتوبيا لمجتمع آخر أو الأفكار الجماعية لحياة جيدة في ظل ظروف التمثيل الغذائي المتغير مع الطبيعة، وعلى وجه التحديد التخفيض الجذري. أستخدام الطاقة والموارد أمر ممكن. في أي ظروف يمكن أن ينجح التخفيض بطريقة تحفظ الحقوق الاجتماعية والثقافية أو تتسع؟ على الأرجح يبدو أن اكتساب السيطرة على حياة المرء هو نقطة البداية، كما تناولها أيضاً العامل (لارس هيرسه كورن) أو كما تم التعبير عنه في إستبيان وقت العمل لنقابة (IG Metall )لعام 2017، مزيد من الوقت للصداقات والعائلة والنشاط اللطيف والهادف، وقت أقل يلتهمه عمل محدد خارجياً من أجل ربح الروؤساء والمساهمين. في السنوات القليلة المقبلة، ستؤدي المزيد والمزيد من الظواهر الجوية المتطرفة إلى الدمار والكثير من المعاناة. لقد حطمت قرارات غلاسكو أي أمل في تجنب نقاط التحول في نظام المناخ، ووافق الخضر للتو على اتفاقية ائتلافية بأغلبية كبيرة(المقصود بها الحكومة الأئتلافية الجديدة في ألمانيا والمشكلة من الحزب الديمقراطي الأجتماعي، حزب الخضر والحزب الليبرالي الديمقراطي)، والتي لا تتوفر فيها فرصة للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة. سيتعين على أجزاء كبيرة من حركة المناخ إعادة توجيه نفسها. ربما تكون فرص حدوث تحول أشتراكي بيئي في الحركة، لتجارب سياسات الشركة ومناقشة حول مصادرة أو إعادة هيكلة أو تفكيك الصناعة الألمانية تحت سيطرة العمال ليست سيئة للغاية في النهاية.
#حازم_كويي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في الذكرى 200 لميلاد الروائي الفرنسي غوستاف فلوبير.
-
كوكب الأرض، بيتنا المشترك،يحترق.
-
»إعادة أكتشاف (ديالكتيك الطبيعة) لأنجلز
-
لماذا نحتاج إلى أفكار ماركس لمحاربة الأزمة البيئية لكوكبنا
-
السياسة الصينية تجاه أفغانستان بعد إنسحاب الناتو.
-
الماركسية وتغير المناخ
-
ماركس كعالم إيكولوجي
-
النيوليبرالية تحتضر
-
ما يقوله ماركس عن التدمير البيئي
-
الحديث عن الاشتراكية
-
النضال من أجل الكرامة وتقرير المصير
-
بدائل الطاقة المتجددة،ومستقبل النفط
-
| نجاحات الهزيمة ما الذي يمكن تعلمه من الحملة الانتخابية من
...
-
هتلر،من كان وماذا تعني المقاومة ضد هذا الشخص؟
-
هل نحن بصحة جيدة
-
أميركا أولاً ،بوسائل أخرى
-
ماذا تعني الاشتراكية في القرن الحادي والعشرين؟الجزء الثاني
-
ماذا تعني الاشتراكية في القرن الحادي والعشرين؟
-
150 عاماً على ميلاد أيقونة الثورة روزا لوكسمبورغ
-
لا نهاية للعنف، لماذا لايستطيع المجتمع البرجوازي أن يجلب الس
...
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|