|
الصراع الكردي - الكردي: رؤية أدبية، عبر ترجمة فصل من رواية :الفيلسوف، للقمان بولات.
ابراهيم محمود
الحوار المتمدن-العدد: 1660 - 2006 / 9 / 1 - 06:20
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
بين تشرزم الواقع وسخط الكتابة الكاتب الأرجنتيني أرنستو ساباتو، يربط بقوة بين الكاتب والواقع، ويرى أن لا مناص من الكتابة عن الواقع في ضوء ما يعيشه، سواء أكان ذلك جيداً أم سيئاً، ولعل الكاتب الكردي لقمان Loqman Polat، في روايته ( الفيلسوف Fîlesof) الصادرة في ستوكهولم سنة 2000، والتي تقع في مائة وستين صفحة ونيف، وهو مقيم في السويد منذ سنوات، يحاول، وعلى طريقته ككاتب قصصي وروائي وصحفي، أن يعيش الواقع عبر كتابة حافلة بالسرد، لا يتعلق الأمر، ونحن نقرأها، بإبرازها مناقبياً، وإنما بالتعرض لها، في نقطة منها، وكيف أنها لا تنقطع عن الواقع، في الحيّز الذي يمكن أحياناً لوم الكاتب واعتباره أقرب إلى الكتابة السجالية التي تفتقد الجمالية الرواية، وخصوصاً سردية الفن القائمة على المتخيَّل، أكثرمنها إلى ما هو أدبي . لا أمارس تصويباً لما يُعتبر أخطاء الكاتب فيما تناوله والأسلوب الذي اعتمده في كتابة روايته، ولا تقريظاً للرواية بالمقابل، بقدر ما أحاول وضع فاتحة: مدخل للرواية، في النقطة التي توقفت عندها، تلك التي تخص الفصل الذي ترجمته منها، ومغزى الترجمة أيضاً. يعيش الكاتب بين واقع معروض ومنتقى ً ضمن أفق كتابي مرصود من جهته، إنه واقع ، أقل ما يمكن القول فيه هو أنه افتئاتي مفكك الأوصال، مؤلم بتداعياته، يُنفَّر منه، فتأتي الكتابة ساخطة، على هذا المتكأ الجرفي، أي على ( حافة التاريخ) الخطرة ، وهو اختيار ، أقل ما يمكن القول فيه من جهة أخرى، هو أن الوقوف الجرفي ربما يكون بوقاً إسرافيلياً كردي النسب، كي يهرع أحياء الكرد المأخوذون بغفلات شتى إلى حاضنة التاريخ، ليشتمُّوا رياح التغيير العاصفة من حولهم. الرواية أقل ما يمكن أن يقال فيها من جديد، هو أنها كتابة توراتية( مجازاً طبعاً) ، إنها لا تؤسس لبداية الخليقة باعتبارها الحقيقة، وفي منظور رواية كردي، إنما تلهب الخيال بأسفارها، باصحاحات تكوينها ذات الصلة بما هو فني.
الفيلسوف: رواية ( الفيلسوف) عمل هجين، ليس من باب الذم، إنما من منفذ تعريفي اقتصادي المنشأ بها، فهي تستعير الواقع بيد، لترده باليد الأخرى وقد رويت مشاهد منه، كما لو أنه هو وليس هو. ذات يوم، كان ثمة تحضير لثورة، لانتفاضة، تمثلت في رجل دين كردي محب لانسانيته وشعبه وقوميته، أي ( الشيخ سعيد)، سنة 1925، حوالي آمد، ولكنها فشلت، وكانت الحصيلة الإعدام شنقاً لجموع غفيرة من رموز الثور: الانتفاضة تلك، وفي المقدمة صاحب اللحية التاريخي سعيد. مهما كانت الأسباب المفسرة لفشلها، يبقى تاريخ آخر، ذاك الذي يتحرك داخلها، ويعقبها، ومهما قيل عن قوة العدو، والبعد العشائري لما تقدم، وكيف أن كثيرين من الكرد عادوا شيخها من منطلق عشائري بحت، وضعف الوعي السياسي والتنظيمي، مع غياب الوحدة الرابطة والحاملة للكرد تاريخياً، وتلك علتهم العليلة، علامتهم الفارقة حتى اللحظة، كما يومىء سياق الرواية، ويؤكد السارد الرئيس فيها، يبرز الفن الروائي تاريخاً من نوع مختلف، إنه البعد الكردي الحي ، في مناظرة أومواجهة الميت فيه، وكيف تركيب حياة من نوع آخر فيه: السرد الأدبي، وتعلم التاريخ من الجهة الأخرى، حيث استُعصي وعياً في مفهومه المحلي والإقليمي. ثمة قسمان للرواية: القسم الأول، يخص كيفية التحضير للثورة: الانتفاضة، ومن كان مع الشيخ سعيد، أو كان قريباً منه، ويبقى سارد الرواية ومحركها الرئيس وكذلك الشاهد التاريخي روائياً فهمي لجي، وهو فهمي بلال، واضع نقاط على حروف، تمثل عملية الوضع هذه رؤية الكاتب لقمان من ناحيتين: كباحث في التاريخ، وهو صحفي هنا، وكاتب متعدد الهوايات، حيث يبرز الروائي فيه، فتكون أحداث التاريخ مواد معالجَة أدبياً، أو في مسار فني. ثمة تجلي البرزخ الذاتي" التاريخ من جهة، وكيف أُظهِر تاريخاً( وثائقياً وتدويناً)، والرواية من جهة أخرى، وكيف عزّزت أرضيتها بوقائع موجهة ومتحركة على الورق . لقمان بولات، يقول على الغلاف الخارجي لروايته : ( في هذا المؤلَّف، تحدثت عما جرى للعلَّامة والمفكر الكردي، كاتب الشيخ سعيد الخالد، الفيلسوف والوطني الكبير فهمي بلال. إن كل ما اثرته كان من نتاج الواقع، من التاريخ. لكن ثمة الكثير مما هو خيالي يتخلل الرواية، يجب على كل كردي ( مسلماً كان أو شيوعياً)، قراءة هذا المؤلَّف الأدبي والفلسفي. ليتسنى لهذا العمل أن يأخذ مكانه المرموق بين المؤلفات الكردية).طبعاً، لا تبدو الحيادية حتى النسبية منها، علامة المذكور آنفاً، فثمة إبائية في القول، واحتفاء بمدوَّن أدبياً، وحتى بروزجانب من المدح الذاتي، من قبل الكاتب، وهو يتحدث عن روايته، حتى لو أن غيره كتب الكلمة هذه، وما يجب العمل به، وكيف التقيد بما ورد في كلمته تلك. إنه سرد توجيهي معتقدي. لكن ذلك لا يعني ترك الرواية، أو إهمالها، من جهة طرافتها، وكيف أن قراءتها تذكرنا مباشرة بأعمال متميزة بفذاذة الخيال فيها، كما في ( رسالة العفران) لأبي علاء المعري ، مثلاً. النص الروائي الذي يشغل أكثر من مائة صفحة، يكاد يتحرك على تخوم المتقدَّم تاريخياً، إنما بوعي سردي أدبي، وباعتماد لغة المفارقات، كما لو أن الكاتب الذي يعيش واقعه الآن، مثلما كان فهمي بلال( لجي، كتسمية مكانية ذات دلالة، في الرواية) يعيش واقعه ذاك، وربما كان هذا التقديم التعريفي بفهمي الفيلسوف، هو ضرب من ضروب المفارقة، والسخرية من الواقع الذي لا يمكن لكاتب هو فيلسوف ومفكر أن يمارس تأثيراً فيه، مقابل نفوذ المستأُثرين بكل ما فيه، كما هو حال الكرد، ومن يسيسهم ويسوسهم ويسوّسهم هنا وهناك، لهذا كان للسياسيين المكان المؤلم، جزاء على ممارسات خاطئة قاتلة تضر بالشعب عموماً، أي : جهنم، أو نار جهنم، ويكون موقع الفيلسوف الحريص على الشعب، وعلى واقعه في التحول نحو الأفضل: الجنة، وأكثر من ذلك، هو تسليم الفيلسوف كعنوان لـه مفعوله القيمي اللافت، دفة السرد، حيث ينقل إلينا ما هو مؤلم كردياً، وكيف أن الخاتمة تنتهي، وربما تبدأ بمعنى آخر، بلقاء أحمد خاني، مذكّراً إيانا ، كما هو متوقَّع بمضمون ( مم وزين)، بصدد واقع الكرد، والمآل الذي يمكن أن ينتهوا إليه، إن بقوا هكذا ضعافاً أومستضعفي بعضهم بعضاً، متنابذين، متعنترين على بعضهم بعضاً، ومستهلكين نهايةً.. وكأن الفيلسوف هو الحارس والمواطن المثالي ليوتوبيا الكرد الجائزة البناء( جمهوريتهم) المرتقبة، وتعزيزاً لدوره. لا أستطيع، وأنا أتحدث عن الرواية هذه، أن أخفي موقفي النقدي منها مباشرة، وهي أنها لا تخفي بدورها مباشرتها، سرديتها الظاهرة، تلك التي تضحي في الكثير من حيثيات الرواية، وإزاء صناعة الحدث الخاص بها، بما هو جمالي، أي إنها تؤسر إرادة المتخيَّل لصالح العقل المدبر للرواية، وهو عقل التاريخي المعتقدي، وأظن أن هذا جلي في سطور الرواية من ألفها إلى يائها. لكن ذلك لا يقلل من صنيع الرواية الأدبي، من دخولها دهليز التاريخ، وظهورها في ميدان الأدب، مهما وصف بالضيق أو التسطح، خصوصاً وأن ( القذف) بالشخصية الحقيقية( فهمي بلال)، خارج المنبت الجغرافي والحياتي الحي، إلى أتون الرؤية الأدبية لتكون ( فهمي لجي)، تشديداً على حيوية المكان، وما للمكان من سردية ضالعة في تسيير شؤون الحدث بصورة غير مباشرة، وإبراز واقع الكردي في تشرذمه، وكيف ذهب الكرد أيدي سبأ، ودورهم الذاتي قي تبديد ذاتهم التاريخية، وفي استقواء العدو عليهم، وحجب التاريخ عنهم من على مسرحه، ومن خلال مشاهد لا يُقلَّل من طرافتها، كما ذكرت، في نار جهنم، تحديداً، وبقاء صدى التشرذم والتفكك والتنابذ حتى اللحظة، رغم سنين ست على ظهورها بالكردية، في عالم اسكندينافي، أعني من جهة الكردي الذي يعيش كرديته، وهو بعيد عن جغرافيته آلاف الأميال ذلك الشعور الحار وسط برودة المكان غير المعهودة، بما هو معاش كردياً. يبقى تناول التاريخ، والتشديد على دور المثقف كمشارك في صناعة الحدث تاريخياً مؤثراً، ذلك الدور الذي يحارَب بأكثر من طريقة، وذلك الدور الذي يخون المثقف أو الكاتب الكردي مفهومه بالمقابل، لصالح السياسي الحلباتي أو المفعم بالنشاط ، إنما خارج سياقه التوحيدي. إن تحديد مكان خاني في الجنة، لهو اعتراف بدولة الأدب، ونفاذ فتنته الاستقطابية، وحتى تأميمه من الاقتباس السياسي المبتذل لمقاطع مما دوَّنه في أكثر من مكان، كما يقول فهمي لجي له، عبر حوار، يتركز على رائعته ( مم وزين) الحية والمتجددة بقيمتها، هو فاتحة / إشارة لعصر جديد، أو إعلام بحقيقة شفافة :( إنني لمغتبط جداً، كونك زرتني. حيث أنت بدورك هنا، تقيم معنا وسط حديقة الأدب. لدى الكائن، في المسيرة الكونية، رائع هو النشاط الفني وكذلك الحياة الأدبية، وهنا أيضاً رائعة هي حديقة الأدب. ص 163). وليس اختياري للفصل المنوَّه إليه وترجمته، إلا للتشديد على الحالة الفارطة لماهو عليه الكردي، في مآله السياسي أو الفكري، مثلما أن الرواية في حد ذاتها، لا زالت تؤكد من جهتها مفعولها الرمزي، وتجديد الحقيقة الأدبية التي ظهرت من أجلها، وبسببها الروية أساساً.
الفصل المترجَم:
الفيلسوف فهمي لجي Fehmiyê Licî، اشتهى رؤية جهنم بدورها. تُرى كيف كانت؟ كان ثمة معارف وأصحاب لـه . فهمي أراد أن يزورهم فيها ويلتقي بهم. صرَّح برغبته هذه للملائكة، وهؤلاء من جهتهم، أعلموا رب الأرباب، وهذا قال من ناحيته" طالما هو يريد رؤيتها، فليذهب إليها". الملائكة هؤلاء أخذوه إلى حد باب جهنم، وهناك تم تسليمه لزبانية النار، الزبانية هؤلاء ، رحبوا به، وسألوه عن رغبته في القسم الذي يريد رؤيته من جهنم. جهنم هذه، كانت كبيرة جداً، وكانت مكوَّنة من أقسام . لم يكن الجهنميون كلهم متواجدين مع بعضهم بعضاً. الجهنميون السياسيون من الترك والكرد، ما كانوا يريدون أن يكونوا هم ومصطو كمو بَتونKemo Betûn في المكان ذاته. الجهنميون الطليان والاسبان واللاتين والأمريكان والألمان، ما كانوا يريدون أن يكونوا مع هتلر وموسوليني، وفرانكو، وبينوشيت. لقد خصص الله قسماً للدكتاتوريين الكبار والفاشيست، كانوا يقيمون هناك. وكان ثمة قسم مخصص للدكتاتوريين اليساريين: ستالين ، وبول بوت، وماو، وكيم إيل سونغ، وأنور خوجه، كلهم كانوا بدورهم هناك. فهمي لجي، قال للزباني: أريد الذهاب إلى السياسيين الكرد ! الزبانية اصطحبوه ، إلى حيث يقيم السياسيون الكرد. لم يكن جميعهم في مكان واحد، لقد كانوا مجموعات. خلافاتهم ، حملوها معهم حتى إلى جهنم أيضاً، وفهمي، كان يعرف الكثيرين منهم، وكان كل منهم يتزعم جماعة هناك. الدكتور شفان، أعاد بناء خليته مجدداً، الآخرون من ناحيتهم، كل بضعة أفراد انتظمت في مجموعة صغيرة ، البعض منهم، كان ثمة مناقشات حادة وصاخبة تطول فيما بينهم. كما لو أنهم، في الحالة هذه، في فتح فتوحهم ، وبنوا كردستاناً. لم يكن هناك ما يصدر عنهم سوى الكلام الفارغ، كانوا باستعراضهم يتراشقون بالكلمات النابية. الجميع كانوا متعادين لبعضهم بعضاً ذئاباً تتواجه. الزباني الذي كان مع فهمي، قال له: - بداية رأوا أن حرية التصرف غير موجودة، حرية الفكر غير موجودة، الله لا يسمح لهم في أن يمارسوا تفكيراً، بطريقة تسهل عليهم التعبير عنه. - كان على الله أن يعطيهم المجال لأن يكونوا أحراراً. في الدنيا، لم يسمح الترك لهم في أن يكونوا مقتدرين وأحراراً، وهنا، يا تُرى، لا يسمح الله بذلك! - لا، لا، الله جعلهم طلقاء، لكنهم هم، لم يتصالحوا، إنهم يمارسون في بعضهم غمزاً ولمزاً، ولا أحد منهم يسامح الآخر، يحظرون تداول أفكار بعضهم بعضاً، يصنفون كتابات بعضهم بعضاً في خانة الممنوع قراءته. - عند الكرد، لا يوجد التسامح. لا يطيقون بعضهم بعضاً، لا يعيشون الديمقراطية في علاقاتهم الاجتماعية المتبادلة فيما بينهم، عجبٌ هم الكرد، يمارسون عجباً، ويقولون عجباً، وسياستهم في تغير مستمر. - في الروح الكردية، تتواجد روح العبودية، مثلما تتواجد فيهم نفسية الاستصغار.. - الكرد مراجل على بعضهم بعضاً، لا أحد ينحني للآخر، يتعالون على بعضهم بعضاً، أما للغرباء فليسوا كذلك. - الغرباء أسروا أرواحهم، لهذا يجدون أنفسهم في حضرة الغرباء أولاداً صغاراً. -الكرد يتحاسدون فيما بينهم. الحسد المتداول بين الكرد، لا نظير لـه عند أي شعب آخر. دائماً يمارسون الطعن في بعضهم بعضاً غيابياً . - في أي بلاد، يوجد سبعون ألفاً من حماة القرى ؟ لو أن هؤلاء خرجوا مسلحين ضد الدولة، فلسوف يحررون كردستان. -عميلة الدولة، الفتاة العميلة، بيدها تقتل أباها. حدث كهذا في أي بلاد في العلم جرى بهذه الصورة؟ من قتلت أباها من أجل دولة محتلة؟ - الكرد كالأفعى يلسعون بعضهم بعضاً. متحاسدون. يحفرون قبور بعضهم بعضاً. حاقدون على بعضهم بعضاً كثيراً، الثارات المتبادلة فيما بين الكرد ذائعة الصيت.. - أما بخصوص العدو الذي استعمرهم، وأسر أرواحهم لا ثأر لهم منه. - الكرد لا ينسون إساءات بعضهم للبعض الآخر. السيئة الصغيرة يضخمونها كثيراً، ويمارسون تضخيماً أكثر لها في بعضهم بعضاً. التناقضات القائمة بين الكرد تستمر لأعوام. الزباني قال لفهمي ليذهبا إلى القسم الخلفي، فهناك مناقشة تدور قال فهمي إن ذلك لا جدوى منه حين نذهب إلى القسم الخلفي، ها هنا أيضاً تحتدم مناقشة . ألا فلنتوقف هنا لسماع مايدور بين هذين الرجلين، ماذا يقولان. - لقد غيَّرتَ كتابتي . - نحن، باعتبارنا هيئة تحرير، رأينا من المناسب أن نغير فيها. - هذا تشويه. لقد شوهتم الكتابة. ما لم يعجبكم فيها حذفتموه. - كان يجب حذف بعض ٍ منها. - أبهذا المقدار؟ لقد مارستم فيها خبط عشواء، وقصقصتم فيها. الكتابة تغيرت، لقد تغيَّر معناها، صارت في منحى آخر. هِم !... هكذا صارت؟ أي كما تقول صارت ؟ نعم ! نحن أردنا في الكون من الدولة الحرية الفكرية،وهنا بالمقابل، طلبنا من الإله الحرية الفكرية، لكننا فيما بيننا لا نعيش الحرية الفكرية. الفكر والتفكير يتم حظرهما. الأحقاد القائمة بين النشرات الكردية، كما هي المؤضّلة. زباني جهنم قال لفهمي، هيانذهب إلى الطرف الاخر، إذ لا نهاية لمناقشات هؤلاء، عندما يحين دورالآخر، هو من ناحيته سيتصرف برد فعل كسابقه. عندما يكون يكون الجميع محرومين من كل شيء، يكونون في منتهى الديمقراطية وطلاب حرية، عندما يكون ثمة امتياز لهم، يتربصون ببعضهم الدوائر. فهمي انتقل بصحبة الزباني إلى الطرف الآخر، تجولا بعض الوقت بين بعض أقسام جهنم. فهمي التقى بسعيدين وبعض من معارفه وأصحابه، استفسر عن أحوالهم وأوضاعهم. ما كان يدور فيما بينهم من فوضى قائمة تضايق كثيراً، فقال للزباني : " أخرجني من هنا، أريد الذهاب إلى موضعي " . فهمي لجي والزباني عندما أرادا الخروج من جهنم، أبصرا من يذهب باتجاه الطرف الآخر، كان يريد أن ينفرد بنفسه. كان قد فنجر عينيه، بصورة لافتة وهو ينظر حواليه. سأل فهمي الزباني: - من يكون هذا الرجل؟ لماذا الانفراد بنفسه؟ - إنه ... قاشو كيشنوQaşo Kişno. هو كردي. يريد تحقيق المساواة، هنا أيضاً يسيس. ألا تريد أن تراه ؟ - لااااه ! أتراه جلب معه مساواته إلى هنا أيضاً. لماذا يفعل هذا؟ هل استحالت روح المساواة معه مرضاً؟ - أي نعم ! ... المساواة في تكوينه الروحي، كل ما هو لصوصي، ما لم يتحقق صار كما المرض. هو هنا بالمقابل، كما لو أنه في حياته يحسب نفسه، في دنياه يصبح الرجل هذا لبعض الوقت بقدرة قادرة عضواً في الهيئة المركزية لحزب كردي. هذا الرجل مثل عضو موظف يذهب إلى مدينة مركزية ليستطيع تنظيم الكرد فيها. في المدينة تلك كان يوجد أيضاً بعض أعضاء الهيئة المركزية لحزبه. توجه هذا إليهم، جرى لقاء بينهم، لكن هذا لم يعلمهم بمكان إقامته. لقد أبقى مكانه سراً. أحياناً، وعلى مدى شهور ما كان رفاقه يتلقون عنه ولو معلومة واحدة، ويجهلون مكانه كذلك. تبرَّم منه رفاقه. أخبروه أنه يعلم أين يكونون هم، وهم لا يعلمون أين يكون هو ماهذا العمل التنظيمي الذي نقوم فيه معاً. إن لم تثق بنا لماذا أنت موجود بيننا تنظيمياً؟ هو بدوره زعل من رفاقه، وانشق عن تنظيم الحركة جانباً. - ربما يكون شاكاً فيهم، ولا يثق بهم. لكن ليكن ما يكون السبب، عليه ألا يفعل هذا هنا. لابأس ، دعك منه. في كردستان لم يكن من فائدة تُجنى من أمثاله. هنا أيضاً لا فائدة منه. - لا، لا. هذا الرجل يجد نفسه كبيراً جداً. في زمنه، كان يدعو إلى استلام المنصب الأعلى. من وجهة نظره، بين الزعماء، كان هو محط مراقبة. - ألا فلنذهب، لكي أتحدث معه . - لااااه. لا فائدة تُرتجى.. سيتحدث إليك من البداية حتى النهاية عن تمايزه. دون ذلك لن يتحدث عن أي شيء آخر. من وجهة نظره، الكرد لم يعملوا كما كان يريد، ولم يلتزموا بمخططه. لهذا أُسقِط في أيديهم. - طالما هم هكذا، دعه إذاً. ترى أي فرادة في مخططه؟ أهو كعصا موسى الساحرة، مثل دواء الحكيم لقمان الصالح لكل داء. لنذهب، علينا ألا نضيع وقتنا معه. - ألا فلتتمهل. حتى الآن لم أرِك كل الأمكنة في جهنم، تعال أٌرِك كل مكان فيها، و،ت تتجول معي. - خذني حيث يكون الكرد، الأمكنة الأخرى لا تهم. - حسن.. تعال نذهب إلى الناحية هذه. ثمة امرؤ يفكر كثيراً، ويخطط للسياسة بفكره، يتحدث عن أمور كثيرة، حيث لا تخطر على بال وعقل المرء. - ربما هو بدوره، يكون مثل عصمت قره îsmet Qere. في ذهن عصمت كانت تحتشد سياسات بألوان كثيرة، دون أن تتداخل. سياسة عصمت أيضاً، كما هو مكر الثعلب. أوَتعلم أن عصمت في أصله كردي قح ؟ - هذا الرجل كردي كذلك. إنه يخطط لألوان مذهلة من السياسة، وعندما يتحدث في أمور السياسة لأصدقائه لأهله ومعارفه، وللذين من حوله يسلب عقولهم تماماً. الزباني قال لفهمي، تعال معي أطلعك على مكان، سوف يشد انتباهك كثيراً. مكان غير مسكون، مكان خال تماماً، أُعد من أجل سياسيين كرد. اصطحبه الزباني، وأراه ذلك المكان القائم في موضع بارز في جهنم، معد من أجل بعض السياسيين الكرد. الزباني قال: هذا الموضع مكان بعض الزعماء وأعضاء سكرتارية بعض التنظيمات. لازالوا على قيد الحياة، لم يموتوا بعد. لكنهم عندما تحين ساعتهم، سيُحرقون في نار جهنم، ومن ثم سيُقَلون إلى هنا . أُعلِن عن أسمائهم منذ الآن، أولئك هم: مراد دينوMiradê Dîno، حمي سمو Hemê Sîmo، آمر سينوAmirê Sîno، عزت ديكوAzetê Dîko، كيا شكوKeyayê şiko، اسماعيل جوموSmaîlê çomo، أحمو بازدو Ahmoyê Bazdo و آخرون. - لااااه !... تُرى ما هي جريرتهم، لتتقرر عقوبتهم بحرقهم في نار جهنم ولا زالوا أحياء. من هم، بي فضول لذلك.، بوسعك أن تعلمني بما يخصهم. - آمر سينو سكرتير الحزب، مهذار ومزاود. دائماً كانوا يهذرون ويزاودون. عندما تعرض آمر سينو للاعتقال، لم يحم أهداف ومطالب قوميته. مراد دينو ، بدوره انشق عن حزب آمر سينو، هو بدوره لم يحقق شيئاً. بعد ذلك ترك السياسة، وانشغل بمسائل اللغة وأمور أخرى.. حزبه بدوره صارالناشىء والمخرب للوحدويين. كل مرة كانوا يصنعون وحدة، وينزعونها. ولكنهم في الأصل مجرد جماعة ضعيفة، لم يستطيعوا أن يتوحدوا مع أي ٍّ كان. فشكلوا مجموعة صغيرة معاً، وكانت اعتباراتهم الرئيسة اعتبارات فِرقة. حمى سموبدوره كان زعيم حزب القرويين والملالي. خطيئاته قائمة كذلك، لهذا السبب عاقبه جل جلاله هذا العقاب. عزت ديكو من ناحيته أيضاً شكَّل حزباً سياسياً صغيراً، ثم سعى إلى التوحد مع حزب آخر، وفي النهاية بحث عن مبررات دسمة وخرق الوحدة تلك. كيا شكو من جهته رجل كثير التململ. يغير آراءه السياسية باستمرار. كل سنة كان يضع تصوراً وبالطريقة هذه كان كان يشكل تنظيمات عدة ويصفيها. في المحصّلة ترك كل شيء جانباً واشتغل بالتجارة. أحمو بازدو جعل من تنظيمه تنظيمين، شكل تنظيماً مدعوماً، لكنه بدوره ترك تنظيمه، بمعنى أنه هرب وانتهى. اسماعيل جومومن ناحيته لم يكن كما يجب، كان يستعرض قوته وسط الهرم، لم يكن يخالط الشعب قط، لم يكن يقيم أي صلة مع المثقفين، كان يتنشط داخل دائرة حزبية ضيقة محدودة ذهاباً وإياباً، لهذا لم يتطور حزبه كلياً، لم يقوَ. المتنفذون في تنظيمه تضايقوا من وضعه، بعد ذلك، تخاصم هو وأعضاء لجنته المركزية. الذين وقفوا في وجهه رجحت كفتهم. أما هو فقد خسر المعركة. آراؤه تلك التي كان يدافع عنها غيرَّها كلياً، وبقي بمفرده. - أوووه أيها الزباني ماذا تقول أنت. ما أعرفه هو عدم وجود مثل هذا العدد من أسماء الأحزاب والزعماء وسكرتيرية الأحزاب. - في جهنم، هكذا دوّنت أسماؤهم. من يتعرف إليهم ، سيعلم مما تقصد أسماؤهم هذه. - ألم تتطرق إلى الاشتراكيين. هل سيكون مقام رموزهم في جهنم أم لا؟ - هذا ما لم يتضح بعد. لازال عملهم ونشاطهم ونضالهم مستمراً. زعيمهم رجل مقبول، لا توجد ذنوب لافتة. بالرغم من وجود أخطاء ومثالب لـه، إلا أنه مقارنة بالمقابل، يبقى الأفضل من الجميع. طبعاً صاركبيراً في العمر، لقد تجاوز عمره الستين عاماً. لو أنه في سنواته الأخيرة تجنبَّ ارتكاب أخطاء قاتلة، لن يكون له مكان هنا. يجب ذهابه إلى الجنة. الزباني وفهمي أمضيا وقتاً آخر في التجوال في جهنم. فهمي أضناه التجوالُ في جهنم. لقد رأى هناك أموراً عجيبة، فأراد الرجوع إلى الجنة ليستريح هناك.
#ابراهيم_محمود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مستقرات السرد في الرواية - رومانس المكان-: هيثم حسين في رواي
...
-
قلبي على لبنان
-
- Mijabad رواية أوديسا الشاعر الكردي- المقام الشعري في رواية
...
-
نقد العقل القدري الكردي
-
مكائد الأمكنة: حسين حبش وشعرية المكان
-
أعلام الكرد الخفاقة
-
موسم الهجرة الطويل إلى جنوب كردستان
-
الكردي مؤرّخاً
-
الدوغماتيكي رغم أنفه
-
-النقلة باعتبارها تمرداً في الأدب: سليم بركات في روايته الجد
...
-
أهي نهاية المرأة ؟
-
منغّصات الترجمة
-
الكردي الرشيد: رشيد كرد
-
مغزل الكردي
-
هل يصلح الرمز الديني موضوعاً للسخرية؟
-
الدولة العشائرية الموقَّرة
-
دولة قوية دون شعبها
-
السورية تيتانيك 3- مرسى تيتانيك مرسومة
-
السورية تيتانيك2- الإبحار الكارثي
-
السورية تيتانيك 1- لحظة الإبحار
المزيد.....
-
كوب 29.. التوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لمواجهة تداع
...
-
-كوب 29-.. تخصيص 300 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة لمواجهة
...
-
مدفيديف: لم نخطط لزيادة طويلة الأجل في الإنفاق العسكري في ظل
...
-
القوات الروسية تشن هجوما على بلدة رازدولنوي في جمهورية دونيت
...
-
الخارجية: روسيا لن تضع عراقيل أمام حذف -طالبان- من قائمة الت
...
-
التشيك.. زيلينسكي ناقش مع وزير الخارجية استمرار توريد الذخائ
...
-
الجيش الإسرائيلي يحقق بـ-مزاعم- مقتل رهينة لدى حماس، ومئات ا
...
-
مقتل 15 شخصاً على الأقل وإصابة العشرات في قصف إسرائيلي طال و
...
-
الدفاعات الجوية الروسية تسقط صاروخين و27 طائرة مسيرة أوكراني
...
-
سقوط صاروخ -ستورم شادو- في ميناء برديانسك في زابوروجيه
المزيد.....
-
-فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2
/ نايف سلوم
-
فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا
...
/ زهير الخويلدي
-
الكونية والعدالة وسياسة الهوية
/ زهير الخويلدي
-
فصل من كتاب حرية التعبير...
/ عبدالرزاق دحنون
-
الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية
...
/ محمود الصباغ
-
تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد
/ غازي الصوراني
-
قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل
/ كاظم حبيب
-
قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن
/ محمد الأزرقي
-
آليات توجيه الرأي العام
/ زهير الخويلدي
-
قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج
...
/ محمد الأزرقي
المزيد.....
|