أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - كامل عباس - الجبناء رواية جديرة بالقراءة















المزيد.....

الجبناء رواية جديرة بالقراءة


كامل عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7125 - 2022 / 1 / 3 - 21:24
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


رواية الجبناء
تأليف جوزيف شكفوريسكي
ترجمة حسين العودت
مراجعة عيسى عصفور
تصميم الغلاف ماري كلود صقر
قادني حظي العاثر الى السجن المدني في اللاذقية في عام 2012 بسبب مساندتي للثورة السورية , بعد صدور الحكم بحقي نُقِلت من قاووش مغلق الى قاووش مفتوح - عملا بتعليمات المحكة - أغلب نزلائه سجناء جنائيين وبينهم قلة مثلي سجناء سياسيين ومع أننا جميعا في السجن بعرف الدولة مجرمين , الا أنّ ادارته كانت تعتبر أمثالي من السياسيين أخطر على المجتمع من بقية المجرمين ولذلك حرمتني من سرير هو حق طبيعي للسجين في المهاجع المفتوحة وشلحتني خلف باب المهجع مع بطانيات مملوءة بالقمل والنمل أيضا . لم يكن المهجع المفتوح أفضل من المهجع المغلق بالنسبة لما يحتاجه السجين , لكنّ مكسبه الحقيقي لي كان الزيارة التي أصبحت حق لي والتنفس وهو أكثر من خمسة ساعات وفي باحة كبيرة مفتوحة للهواء والشمس والسماء . المكسب الثالث هو اكتشافي لمكتبة السجن وما فيها من كتب مهملة تقريبا , سارعت الى المكتبة وقعت عيناي على قسم الروايات وفيه روايات عديدة لكن أغلبها لايحتوي سوى عدد قليل من الصفحات باستثناء رواية شبه تالفة تمّزق غلافها لكنني اخترتها لأنها أكبر نعمة للسجين هي ومثيلاتها كي ينسى الزمن داخل السجن , خرجت مشكلة جديدة لي وهي عدم قدرتي على القراءة فيها في القاووش لأنني احتاج لنظاراتي الطبية ,أما في ضوء الشمس فمن الممكن القراءة فيها وهكذا بدأت فيها في فترات التنفس .
توقعت أن تكون الرواية مثل رواية الفولاذ سقيناه لكن أسلوبها وبناءها الدرامي وعنصر التشويق فيها شدّني اليها بقوة وهو ما أُنشده الآن منها كي تجعلني أسافر على الورق وأصبح خارج جدران السجن ,غدا ستأتي زوجتي الى زيارتي سأحاول اقناعها بالمرور لعند القاضي علّه يوافق عله إعطائها اذن خطي في ارسال نظارتي الطبية عن طريق طبابة السجن وهذا ما تّم بعد يومين من الزيارة فقد أصبحت قادرا عل القراءة فيها ليلا ونهارا . أنهيت الرواية بثلاثة أيام بعد استلامي النظارة , لقد كانت مدهشة لي بشكلها وبمضمونها ايضا .
بطل الرواية انسان عادي وليس رفيقا متحمسا للمبادئ والنضال كما توهمت , يهوى الموسيقى ويحب النساء والحياة ولا يحلم بالعظمة , كل ما يتمناه في حياته أن تتاح له فرصة عيشها على طريقته , وفي الرواية صور أدبية جميلة وذات مغذى انساني عميق, وهذه هي احدى الصور .
البطل مع أترابه وهم يتبارون بواسطة تبولهم على الحيطان , من يستطيع أن يدفع ببوله لكي يصل الى اعلى الحيط يربح المباراة . الطريف ان احد المتبارين رسم شجرة نخيل على الحيط ببوله بدلا من أن يضع جهوده لجعله يصل الى اعلاه ويربح الجائزة , اما ولع البطل بالنساء فقد وُفِق الكاتب جدا في اظهاره للقّراء, كان البطل الصغير السن يهوى معاشرة الفتيات وكل فتاة عنده تصلح لأن تكون موضوعا للحب والجنس معا . وفي معرض حديثه عن مغامرات البطل الغرامية ذكر لنا ولعه بحبيبة صديقه التي رفضت مغازلته فهي تعبد محبوبها وحده ولذلك تمنى من الله أن يقتل حبيبها في الحرب ربما تفكر به بعد ذلك .
لم تتحدث الرواية عن الدول المتحاربة ولا عن الاشتراكية وميزاتها التي تفوق الرأسمالية بكثير كما تصوّرت في البداية , بل عن فظائع الحرب الدائرة ومآسيها على البشر بشكل عام, الحرب أحالت جسد امرأة الدكتور شفاك الى غربال , تلك المرأة التي يكبرها زوجها بخمس وعشرين عاما , لكنها أسرت قلب أصدقائها وجيرانها بإخلاصها لزوجها وبمحبتها للجميع والتي لم تؤذي احدا في حياتها , وقد ماتت وهي تنزف دما بعدما اصيبت بشظية طائشة على الطريق العام . رصدت لنا الرواية مآسي مزارعين وفلاحين وموظفين الى جانب جنود تركوا عائلاتهم والتحقوا بالحرب رغما عنهم .
الرواية تنتمي بجدارة الى مدرسة الواقعية النقدية في الأدب وليس الى مدرسة الواقعية الاشتراكية بمسحتها التفاؤلية وبطلها الايجابي وحتميتها التاريخية على طريقة مكسيم غوركي وروايته المشهورة (الأم ).
تثير الرواية علامة استفهام كبيرة حول البعد الانساني لتطور الجنس البشري ولماذا انتصر فيه من يصنع أسلحة لكي تغذي الحروب بين الدول ? لماذا كل الاختراعات التي اخترعها عقل الانسان من البارود وحتى تفجير الطاقة من نواة الذرة تمّ تجييره لخدمة الأقوياء والأغنياء في المجتمع على حساب الطبقات الفقيرة وهي التي تنتج لهم السلع , أما اختراعاتهم فقد انتجت لنا وما زالت كل انواع أسلحة الدمار الشامل مثل الأفخاخ التي تزرع لصيد الانسان في الحروب كما تُصطاد الحيوانات ,الى القنابل العنقودية التي تتناثر شظاياها لتقتل أمثال امرأة الدكتور شفاك , اما ما يصرف على القنابل البكتريولوجية والنووية والكيميائية والنترونية فلو انه صّرِف على تنمية اجتماعية عريضة لما ظّل جائع على وجه الأرض .
الرواية أحالتني غصباً عني الى واقعنا الحالي الذي كنت أحاول الهروب منه لكي ترتاح أعصابي , بدأت أتساءل بيني وبن نفسي ما الذي يمنعهم على الأقل من تطبيق ما اتفقوا عليه في ما سُمي حقوق الانسان وميثاقه العالمي بالنسبة لحماية المدنيين من القصف العشوائي الذي أحال جسد امرأة الدكتور في الرواية الى غربال ؟؟!!. ان الحرب الدائرة في سوريا أكبر دليل على ذلك وهي لا تختلف أبدا عن الحروب السابقة وعلى راسها الحرب العالمية الثانية .
حرب في سوريا وعلى سوريا من أجل تقاسم جديد لعصب الطاقة وموارد الشرق الأوسط بين روسيا وايران والصين من جهة وبين أمريكا والغرب من جهة أخرى , والشعب السوري يدفع الثمن أما المدنيون الذين يسقطون كل يوم على الأراضي السورية فلا أحد مهتم بهم وكل المبادرات الدولية حتى الآن لم تكن سوى ستارا يخفي قتل اولئك المدنيين ريثما ترجح الكفة لصالح هذه الجهة او تلك أما حماية المدنيين في الحروب فليست سوى كذبة كبيرة لذر الرماد في العيون اخترعتها الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية ,
ترى متى يستفيق العالم ومؤسساته فيفكرون جديا باتجاه حماية المدنيين من القصف , بدلا من المناورات في مجلس الأمن من اجل اقتسام النفوذ في المنطقة؟؟!!
متى يصحو ضمير العالم ليضع حدا لمأساة المدنيين في سوريا
السجن المدني في اللاذقية مساء 13 /12/ 2012 السجين كامل عباس



#كامل_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا يزال الحق ضد العالم كله
- حركة النهضة الاسلامية التونسية مالها وما عليها
- بريطانيا العالمية في عصر تنافسي – حوار ونقد -
- رواية طائر الخراب تمتع , لكن هل تفيد ؟!
- رواية - تقرير الهدهد – تمتع وتفيد أكثر من رواية - آيات شيطان ...
- درعا وانكسارا لأحلام في سوريا
- العتب على قدر المحبة يا دار فواصل
- برلين تقع في الشرق أم في الغرب ؟
- إصلاح النظام العالمي الحالي أصبح ضرورة موضوعية مُلِّحة
- قمة بايدن – بوتين : لاجديد تحت الشمس .
- الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا الى أين ؟
- شارون بالا صحفية موهوبة أكثر منها كروائية
- كيف تحّول الحلم إلى كابوس في رواية الترب الأمريكي ؟
- قراءة ثانية في كتاب – الدولة القومية خلافا لإرادتها –
- صدمتني مذكرات نيلسون مانديلا
- هل انهزمت الثورة السورية (2)
- هل انهزمت الثورة السورية ؟
- عن الدولة والعقد الاجتماعي والهوية. رد وتعقيب
- رد وتعقيب على مقال رستم محمود – عفرين صورة عارية لسوريا وثور ...
- شعبان المهاجر


المزيد.....




- ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه ...
- هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
- مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي ...
- مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
- متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
- الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
- -القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من ...
- كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
- شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
- -أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج ...


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - كامل عباس - الجبناء رواية جديرة بالقراءة