أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبدالله عطية شناوة - من سرخس الى سرخس














المزيد.....

من سرخس الى سرخس


عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي


الحوار المتمدن-العدد: 7123 - 2021 / 12 / 31 - 17:14
المحور: سيرة ذاتية
    


بعد رحلة طويلة بالقطار من طهران الى مشهد، نقلتنا سيارة مستأجرة الى مدينة حدودية قرب المثلث الحدودي الإيراني ـ الأفغاني ـ التركمانستاني، تدعى سرخس. ولسرخس الإيرانية مدينة توأم تحمل ذات الأسم على الجانب التركمانستاني من الحدود التي كانت قائمة بين إيران والأتحاد السوفييتي، الذي كانت تركمانستان أحدى جمهورياته الخمسة عشر. وكان علينا أن نتسلل ليلا، سيرا على الأقدام، من من سرخس الأيرانية الى سرخس التركمانستانية ـ السوفييتية. ومع كل خطوة نخطوها كنا نقترب من الكيان الحلم، من مجتمع المساواة، في دولة العمال والفلاحين.

تجربتنا الكردستانية في السير ليلا في الطرق المتعرجة والوعرة، جعلت من مسيرتنا في الأرض المنبسطة بين المدينتين التوأمين الذين تفصل بينهما حدود دولية شبيهة بنزه ستنتهي بنا الى المثال الأرضي للفردوس. في الطريق، سرح ذهني إلى رحلتي الأولى، الفاشلة، الى خارج العراق، قبل عشر سنوات من هذه الرحلة ألى أرض الأحلام. عادت بي الذاكرة الى ذلك التيه الصحراوي في تلك المتاهة الممتدة بين العراق والسعودية و الكويت، في ليلة ماطرة من ليالي شهر شباط ـ فبراير 1979، ليلة حجبت غيومها النجوم التي كان يستهدي بها الدليل الصحراوي، الذي قادني ورفيقيّ باتجاه الحدود الكويتية. وجعلنا ندور طيلة الليل حول أنفسنا، نظن أن أضواء المخفر الحدودي الكويتي أمامنا، ونتجه نحوها، لنفاجأ بعد ذلك أن تلك الأضواء أمست خلفنا.

لم نكن حينها نحمل ماء أو طعاما، أعتمادا على تأكيدات الدليل باننا لسنا بحاجة الى إثقال أنفسنا بمتاع لا ضرورة له. عطشى وجوعى اختبأنا في شعاب الصحراء الرطبة الباردة، حين بدأت ظلمة الليل بالتبدد. كان علينا أن نلزم جحورنا، نهارا كاملا، لكي لا تكتشفنا دوريات خفر الحدود الكويتية. بانتظار الليلة التالية لمواصلة رحلتنا المضنية.

ما أن أسدل الظلام سدوله، وتلآلأت في السماء بعض النجوم، حتى استأنفنا مسيرتنا باتجاه أقرب تجمع سكني كويتي يدعى ((المطلاع)) وبعد مسيرة ليلة أخرى، بدت لنا شديدة الأجهاد، مع أنها إقل أجهادا من مسيرة الليلية السابقة، ومع بصيص شمس الصباح لاح لنا شبح المطلاع. فودعنا دليلنا الصحراوي عائدا الى الجانب العراقي، ليتركنا نكمل الرحلة الى الكويت. كنا نحن الثلاثة في حالة مزرية، جراء بقائنا نهارا كاملا، ممددين فوق الرمال وتحت المطر، وكان منظرنا كفيل بأثارة الشبهات حولنا في هذا المكان الغريب. وكان الحل أن نبقى أنا وأحد رفيقي في أطراف التجمع، ويتوجه ثالثنا، وهو أكبرنا عمرا، وسبق له زيارة الكويت في أوضاع عادية، للحصول على سيارة تنقلنا جميعا الى عنوان متفق عليه.

لم يمض وقت طويل حتى وصلتنا سيارة، لكنها لم تكن السيارة التي ننتظر، وانما سيارة دورية من دوريات الشرطة الكويتية، طلبوا هوياتنها، ولم يكن من الحكمة أن أخرج لهم هويتي الصادرة عن نقابة الصحفيين العراقيين، فنتيجة ذلك لن تكون سوى تسليمي ورفيقي الى سلطات البعث العراقي، التي كانت حينها على وئام تام مع السلطات الكويتية. وعزمت على تمزيق هويتي الصحفية في اول فرصة تسنح لي. وكان جوابنا أننا لا نحمل هويات، فقالوا بثقة العارف العليم: أنتم إذن ((كعيبرية).) وكعيبرية هي صفة جمع، مفردها ((كعيبر)) أي باحث بسيط عن عمل في الكويت. كان أدماجنا في هذه الفئة هو فرصتنا الوحيدة لاحتمال إعادتنا المؤكدة الى العراق، دون شبهات سياسية. أقتادونا الى سيارتهم وقبل أن تتحرك السيارة، لمحنا رفيقنا وهو في سيارة أخرى عائد لينقلنا، فأشحنا عنه وأشاح عنا ببصره.

يتبع في وقت غير معلوم ...



#عبدالله_عطية_شناوة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور العامل الطبقي في تشوه الفكر القومي العربي
- لماذا يتعين علينا أن نكره لغتنا؟
- هل من جدوى لدعوات تجديد الخطاب الديني؟
- كاسترو ..حقائق غائبة!
- القرآنيون والإصلاح الديني
- العراق .. نتائج مدمرة لحياة سياسية مشوهة
- عوذة .. عوذة .. عوذة (*)
- أحزاب المليشيات: نحكمكم أو نحكمكم!!!
- حول الحق في مناقشة العقائد والمقدسات
- هل سيطيح نزق البداوة بجورج قرداحي؟
- قداسة زائفة
- نحنا وذياب الغابات ربينا
- حين يصنف كل انتقاد لإسرائيل كمعاداة للسامية
- نحن والإيديولوجيا
- ماذا بعد الأنتخابات؟
- هل أساء ماكرون للإسلام حقا؟
- بغداد .. نظرة تأريخية
- مقاطعة الأنتخابات نشاط سياسي متقدم
- في المسألة القومية
- تقدميون يعيقون حركة التقدم


المزيد.....




- الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج ...
- روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب ...
- للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي ...
- ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك ...
- السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
- موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
- هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب ...
- سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو ...
- إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبدالله عطية شناوة - من سرخس الى سرخس