أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - أحمد محمد النهير - الانزلاق الخطير : الأمة العربية إلى أين....؟















المزيد.....


الانزلاق الخطير : الأمة العربية إلى أين....؟


أحمد محمد النهير

الحوار المتمدن-العدد: 1659 - 2006 / 8 / 31 - 02:03
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


حقق المجتمع العربي تطوراً ملحوظاً في شتى مجالات الحياة ؛ قياساً على ما كان عليه هذا المجتمع قبل قرن من الزمـن ؛ فمن شظف البداوة وخشونتها , إلى صرامة الريف ، وبساطته الطيبة . إلى دعة المدينة واستهلاكها المخيف , ومن ثم الولوج في عالمية العالم , والتماس مع حضارته الغربية الصاعقة، إلى نظامه العالمي الجديد , حكر المركز الطاغي لكل مفاصــل الحياة , ومظاهرها , ومساراتها اليومية المختلفة .

إذا كانت أعداد كبيرة من المجتمع العربي , لا تزال هامشيــة , تسكن الأرياف والبوادي . وتحترف الزراعة والرعي , فإن المجتمعات السكانية الضخمة في المدن والبلدان ، نالت النصيب الأكبر من الرعاية والاهتمام ، فقد وفرت لها السلطات المحلية مؤسسـات خدمية لا بأس بها ، وبالتالي كان انفتاحها على مظاهر الحياة العصرية كبيراً، فتأثرت بها إلى حد بعيد , وازدهر التعليم ، وتكونت نخب مثقفة فاعلة في المجتمع ومؤثرة فيه ، وتكونت مؤسسات علمية وفكرية وسياسية واجتماعيـة واقتصادية وإنسانية ، تهدف إلى تطوير وتوجيه وعي وسـلوك الفرد والمجتمع معاً ، وتحدد ملامحه , وترسم له المستقبل المنشود , ولما كانت لك المؤسسـات تفتقد إلى الوضوح المنهجي ، فقد عجزت عن إتمام بناء الوعي الاجتماعي المنشود , إما بسبب محاكاتها وتقليدها لمؤسسات خارجيـة ، أو بسبب ظروفها الذاتية الصعبة ، أو بسبب خلافاتها الأيديولوجية المتصادمـة ، التي تفتقد إلى روح التفاهم والتحاور والتعاون ,أو بسبب خضوعها الكامل لمؤسسات خارجية ، تعمل بتوجهاتها وتنفذ خططها , وتحقق مصالحـها , أو أن تلك المؤسسـات أُنشئت بالأساس , بيد , وبأموال خارجية ، غايتها الفتك بالمجتمعات المحلية , وتعطيل تطورها ، وفي جميع الأحوال لم تكن هذه المؤسسات محصنــة ضد أي اختراق خارجي , سواء أكان هذا الاختراق نتيجـة غزو ثقافي مخـطط له ، منهجي و مدروس بعناية فائقة ، أو اختراق ثقافي غير مباشر ، يتم عن طريق أشخاص أو جماعـات ، تأثرت إلى درجة الهوس بما تنتجه الثقافة الغربية ، وراحت تتسابق في تطبيق مناهج ، واستخدام مفاهيـم ومصطلحات ، تعيد إنتاج ثقافة خارجة عنا ، لا تخدم قضايانا ، لأنها ومنذ البداية ولدت من اجل غير هذا الهدف ومعزولة عن المجتمع ، وعاجزة عن معالجة أهم القضايا الفكرية و السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية ، بل أسهمت إلى حد بعيد في استمرار تبعيتنا و تخلفنا.

هذا الواقع أحدث شرخاً كبيراً ، وهوة واسعة بين مختلف تيارات الفكر العربي المعاصر من جهة ، و بين الأقوال و الأفعال من جهة ثانية ، وفي كل تيار من تلك التيارات ، الأمر الذي أفقدها مصداقيتها وتأثيرها الإيجابي الفعال ، فظلت ثقافـة كسيحـة مسدودة الأفق , عاجزة عن الإبداع و الابتكار والتجدد .

فإذا كان هذا هو البناء والتأسيس الثقافي والفكري لنا فما هي الحصيلة ...؟ وكيف نقرأ من خلالها ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا ... ؟ نحدق في تاريخنا , نجد فيه قمماً شامخة من المجد , نقف أمامها منبهرين ومشدوهين وعاجزين عن بلوغ أعاليها ؛ كما إننا نجد فيه أخاديداً وأغوارًا سحيقة ومظلمة , تخيفنا , وترهبنـا , فلا نقوى على استكشافها ، وفي كلا الحالتين نقف في مكاننا جامدين وعياً ورؤية , نفتح أعيننا على الحاضر المعاصـر ، ماذا نجده , أو نجد فيه ... ؟ . نجد فيه طوفاناً يقتلع جذورنا ، وضباباً يعمينا عن تبصر معالم الطريق , فلم نعد نشعر إلا بضياع تام , وتيه ما بعده تيه ، نتضاءل أمام ذاتنا , فندرك أنها هزيلة , لا ظل لها ولا وجود . يرتد إلينا بصرنا حائراَ ، وعزيمتنا خائرة وتفكيرنا مشلولا , فيختلط الماضي بالحاضر ، والحاضر بالماضي ، والقديم بالحديث , والحديث بالقديم . والعلم بالميتافيزيقيا والميتافيزيقيا بالعلم ، والواقع بالخيال ، والخيال بالواقع ، والمعقول يزحف عليه اللا معقول ، واللامعقول بوابة واسعة لتداعيات الوهم والخرافة . .. !!!

تتضخم الأنا " نحن " الفارغة أو المفرغة من محتواها بشكل مفرط , حتى تفقد قدرتها على تحديد أبعادها بموضوعية تطابق الواقع , ومن ثم تفقدها اتزانها وتوازنها أيضا ، ولم تعد قادرة على وعي الأحداث , والأفكار , واستيعابها , والتعامل مع حقائقها . إلا بنظاراتٍ تلسكوبية , مقلوبة, ترصد الأشياء وترسمها مشوهة شكلاً ومضمونا , فتبدو ابتذالاً ملفقاً ومنعكساً عن خارجنا ، يرسم لنا أفلاكاً وهمية ننوس حول أضواءها حتى نحترق كالفراشات عندما تهم باحتضان النور , فلا تعد قادرة على التمييز بين اللهب الحارق والنور الساطع , عندئذٍ لا يكون أمامها إلا خياراً واحداً ووحيداً هو : الانتحار بالنار الملتهبــة ونحن الآن كذلك . ... !

تعال لنغوص في حفريات المعرفة , ونستذكر الفكر البري, ونستلهم البنيوية ونتأمل المانوليزا , وننبهر في المادية , ونصرف كل جهودنا في الجدل الديالكتيكي ، ونتفانى في استظهار شبنهور , و باشلار , وهيغل وماركس وغوته وسار تر ، فماذا جنينا منها ، وماذا نجني الآن ... ؟؟؟ .

هذا أبو حيان التوحيدي ينتحب أمام تمثال الحرية , والشيخ الرئيس مزق عباءته واستبدلها بقبعة راعي البقر , وابن زيدون معلقاً من ساقيه يتدرب على ألعاب السيرك القوقازي ، وابن خلدون أصبح سمساراً في سوق أمستردام , والأسماء الأخرى خائبة تبحث عن وظائف شاغرة في الغرب الإمبريالي ... !

وما زلنا نتجادل حول الله والإيمان , والحق والعدل والحرية والديموقراطية ودور السلطة , ودور النخبة, ودور الشعب ، ونضيع في متاهـات العلمانية ، ويتآمر بعضنا على بعض ، في دهاليز الغرب ، نبيع الأرض / الوطن .، وقوت الشعب والمستقبل ، ونقتل ... ونقتتل , وننهزم ... وننهزم ، ثم نصر على أننا أبطال منتصرين ، نتبارز بالألقاب , وبالشعارات الرنانة ، وبالخطب الجوفاء : أبناء الشعب , زعماء الأمة , رجال الله , قادة ألوية النصر , أبطال التاريخ ....

نستسلم لأراجيز المدح الفارغ ، وللهوس القبلي المتهور ، ونحفظ صماً كل الأنساب , كتبنا , ولا زلنا نكتب آلاف الصفحـات , عن دور الأمة العربية في التاريخ ، وعن الوحدة العربية , وعن التضامن العربي , وعن الصراع ضد الصهيونية والاستعمار , وعن حقوق الشعب العربي , وعن الأمن القومي العربي , وعن المستقبل العربي, عن الفكر ، ونقد العقل ، وعن تحـرير ألأراض المغتصبــة .... ولا شيء سوى الهذيان العربي والخرف العربي , والاستسلام العربي والتمزق العربي ، نهدر طاقات الأمـة عنوة غير عابئين بالخطر الصهيوني الذي يهدد أمن الأمة , ولا بالخطر الأمريكي الذي يمزق الجغرافية العربية ، ومجتمعاتها ، ويفتك بالأبرياء ، ويـهدد باجتياح لا مثيل له في التاريخ المعاصر ، بذرائع مختلفة ، وفي ضوء هذا وذاك ، على الأمة العربية كل الأمة أفراداً وجماعات , مؤسسات , وحكومات . أن تعي منطق العصر , وأن تتفهم الواقع والظروف المحيطة به , وان تعمل فوراً على نبذ كل ما يضر بمصالحها وبمستقبل أجيالها ، وأن تطرح جانباً كل مسببات التفكك والانقسام ، وأن توقف كل الصراعات والخلافات الهامشية المفتعلة , التي أنهكت الأمة وحطمت مقدرتها , لأن الأمة تواجه خطراً جسيماً حالاً وكاسحاً ومدمرا .... ، إنّه الانزلاق الخطير....



#أحمد_محمد_النهير (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لعبة الديموقراطية
- ثمن الكبرياء
- تأملات في * حارس الكآبة
- العرب في مجلس الأمن : استجداء خجول أم مطالبة قوية بالحقوق .. ...
- البهلوان
- عبودية العصر وأخلاق المتحضرين


المزيد.....




- إخلاء ركاب طائرة على جناحها بعد اشتعال النيران بمحركها في مط ...
- أحمد الشرع يستقبل -اتحاد علماء المسلمين- المدرج على قوائم ال ...
- النيابة السعودية تصدر قرارا حول مخدر -الشبو-.. إليكم ما يحصل ...
- سوريا.. جدل على مواد الإعلان الدستوري الجديد بعد توقيعه
- الزواج وتأثيره على الوزن.. دراسة تكشف مفاجآت جديدة
- بأدلة علمية وتاريخية.. عالم من ناسا يدحض نظرية -الأرض المسطح ...
- روسيا.. وضع برنامج حاسوبي لتحليل تخطيط القلب الكهربائي
- قضى 43 سنة في سجن صيدنايا.. أردوغان يكرم الطيار السوري رغيد ...
- الولايات المتحدة.. اندلاع حريق بطائرة ركاب بعد هبوطها (فيديو ...
- كيف يستغل ترامب الأوقات العصيبة؟


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - أحمد محمد النهير - الانزلاق الخطير : الأمة العربية إلى أين....؟