|
لبنان والاردن
رلى الحروب
الحوار المتمدن-العدد: 1661 - 2006 / 9 / 2 - 07:38
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قال النائب البريطاني جورج غالاوي بالأمس في زيارته التضامنية مع لبنان إن حزب الله انتصر على إسرائيل في هذه المعركة، وأن هذا النصر هو نصر لكل لبنان، وعلى الحكومة اللبنانية أن تستثمر هذا النصر وأن تتصرف كطرف منتصر للحصول على مطالبها المشروعة، أما إن تصرفت كطرف مهزوم فإن من الطبيعي أن لا تحصل على شيء!
كما قال إن زمن التفوق العسكري الإسرائيلي قد انتهى، ونافذة الفرصة مفتوحة الان للضغط على إسرائيل من أجل تسوية شاملة تؤدي إلى إعادة الأراضي العربية المحتلة عام 1967 وقيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية وإطلاق الأسرى السياسيين، ولكنها لن تبقى مفتوحة لزمن طويل إن رفضت النظم العربية استثمارها!
أمير دولة قطر قال الشيء ذاته في زيارته للبنان قبل أسبوع وقال إن إسرائيل لم تعد تخيف العرب بعد أن صمد في وجهها حزب الله وحقق نصرا فعليا على الأرض، وأن المعادلات يجب أن تتغير الان.
الكثير من الأطراف الموضوعية تدرك هذه الفرصة التاريخية إلا بعض النظم العربية التي تأبى استثمارها للوصول إلى تسوية شاملة تعيد السلام إلى منطقة عانت وستعاني من حروب مقبلة قد تكون أشد ضراوة من حروبها السابقة والحالية!!
كما أن الكثير من الأطراف الموضوعية تدرك أن القرار الدولي 1701 جاء نصرا سياسيا لإسرائيل لم تحققه على الأرض بفعل تآمر النظم العالمية وبعض النظم العربية على المنطقة، وليس بفضل عظمة إسرائيل!
ترددت أحاديث كثيرة عن وجود مبادرة سلام عربية (مصرية- سعودية- أردنية) أنعشت آمال المراقبين لبعض الوقت، ولكن وزير الخارجية السعودي نسفها بالأمس بتصريحاته عن عدم وجود أي مبادرة من هذا القبيل!!
لماذا غابت المبادرة مع أن التنسيق كان جاريا على قدم وساق بين تلك الأطراف، ونحن نعلم أن الأردن قد تقدم باقتراحات بناءة لاستثمار الفرصة التاريخية التي سنحت ولكن دولا أخرى يبدو أنها ما زالت تضع العربة أمام الحصان وترفض اتخاذ أي موقف جدي لإنهاء معاناة شعوب المنطقة!!!
الحرب الإسرائيلية على لبنان حركت الشارع الأردني في كل مستوياته الشعبية والرسمية كما لم يحركه أي حدث بعد احتلال فلسطين عام 1948، ولعل وفد النقابات المهنية للتضامن مع لبنان أمس الأول كان دليلا جديدا على التعاطف الشعبي الجارف مع لبنان والمقاومة تحديدا في مواجهة الحملة الدولية عليه!
لقد أحسن وفد النقابات المهنية الأردنية صنعا بزيارته الرئيس لحود الذي تم تهميشه تماما منذ أزمة تجديد ولايته، والذي بات يذكرنا بوضع رئيس الحكومة الفلسطينية المهمش في مواجهة رئيس الدولة المرحب به دوليا والعاجز في الوقت ذاته عن تقديم أي مبادرة وتوظيف أي أدوات لإعادة الأمن إلى بلده. وإن كان الوضع في لبنان معكوسا للوضع في فلسطين، حيث تبادل رئيسا الحكومة والدولة المواقع، إلا أن الحال متشابه إلى حد يبعث على التأمل ولا أقول السخرية!!
كنا نعتقد أن حربا تشنها إسرائيل على دولة عربية كافية لتوحيد الصف العربي من جديد، ولكن الصف العربي مع الأسف ازداد انقساما بين الشعوب والقادة من جهة وبين القادة وبعضهم بعضا من جهة أخرى، إلا في الأردن ودول عربية أخرى أقل من أصابع اليد، حيث تنبهت القيادة لتوجهات الشارع والتحمت معه ضمن الإمكانات الواقعية المحدودة المتاحة لها سياسيا، وإن كان أداء الحكومة الأردنية وبعض الوزراء المعنيين لم يسلم من التساؤلات بالأخص في بداية الأزمة بعد تصريحات وزير الخارجية في القاهرة، وبعد الإصرار على تمرير قانون منع الإرهاب قبل يومين دون تعديلات تذكر وببنود صيغت صياغة لغوية خاصة يشتم منها أن الهدف هو محاصرة المقاومة وحرمان أي مواطن أو مقيم أو حتى عابر على الأرض الأردنية من دعم إخوانه في المقاومة في أي بلد عربي آخر ولو لفظيا أو ماليا !!
هامش المناورة السياسية أمام الأردن محدود بحكم موقعه الجغرافي الملاصق لإسرائيل وصغر حجمه ووزنه الاقتصادي والديموغرافي في المعادلة الإقليمية، ومع ذلك فإن النظام لم يصطف ضد الشارع، بعكس نظم أخرى تتمتع بالثقل الأكبر في المنطقة وتحظى بهامش مناورة واسع اصطفت بالفعل والقول ضد مشاعر الغالبية الشعبية في بلدانها وفي الشارع العربي!!
النظام السوري كذلك بالرغم من مواقفه الجيدة مع اللبنانيين الذين لجأوا إلى أرضه، وبالرغم من دعمه للمقاومة لوجستيا ومعنويا وإعلاميا وسياسيا، وبالرغم من التعاطف الشعبي الجارف مع لبنان واللبنانيين ومشاعر الغضب المحتدمة ضد إسرائيل، إلا أنه أهدر بدوره فرصة تاريخية لتوسعة الحرب كان يمكن أن تغير المعادلات في المنطقة وتفرض واقعا جديدا يحطم جمود الوضع السابق، وإن كنا نتفهم أنه لم يشأ أن يلعب دور المبادر إلى توسعة الحرب في ظل الضغوط الدولية والعربية التي يتعرض لها، وفي ظل وضع داخلي لا يمكن التكهن بمساراته في حال الحرب !!
لقد أثبتت هذه الحرب من جديد كما فعلت حروب قبلها أن الأردن كان وما زال وسيبقى رغم كل محاولات الاختراق عصيا على محاولات استلاب الهوية وتغيير المفاهيم، وأن شعبه يمثل مقياس الحرارة للشعوب العربية، حتى وإن لم يكن بالضرورة مقياس رد الفعل!
مبادرات جلالة الملك الإنسانية لاحتواء الأزمة كانت في موقعها بما يتلاءم مع إمكانات الأردن ووضعه السياسي والاقتصادي والجغرافي ، كما أن المبادرات الشعبية لمجالس النقابات المهنية والأحزاب والإعلاميين كانت في موقعها كذلك، وإن وقعت بعض الأحداث التي عكرت الأجواء، فهي أحداث عابرة ولا تمثل الشعب الأردني أو توجهاته، ولعل الوثيقة التي وقعها عدد من المثقفين الأردنيين أمس الأول من بينهم نواب والتي تطالب الحكومة بالانسحاب من معاهدة وادي عربة تعبر أصدق تعبير عن مشاعر الشارع الأردني، وإن لم تكن بالضرورة منسجمة مع الواقع السياسي الحالي، ولكن هناك خطوات أخرى سياسية يمكن للحكومة الأردنية اتخاذها -ويمكن تبريرها بالضغط الشعبي- لاستثمار الموقف بما ينهي معاناة أسرانا الأردنيين والأسرى الفلسطينيين والعرب في السجون الإسرائيلية على أقل تقدير ، ويساعد الفلسطينيين على استرداد ولو جزء يسير من حقوقهم لإقامة دولتهم المستقلة المتصلة القابلة للحياة!!
وفي هذا السياق فإنني أضم صوتي إلى صوت رئيس لجنة الأسرى الأردنيين في مطالبته الحكومة بعدم اتخاذ موقف سلبي – كما فعلت حكومات سبقتها- يعطل الإفراج عن الأسرى الأردنيين في الصفقة المقبلة بين حزب الله وإسرائيل لمبادلة الأسرى ، خاصة بعد أن تعهدت قيادات حزب الله للجنة الأسرى الأردنيين بوضع أسرانا على رأس قائمة الأولويات في صفقتها المقبلة.
لا نريد أن نستمع إلى المزيد من الوعود التي جربت ولم تؤد إلى نتيجة منذ توقيع معاهدة وادي عربة، ولا نريد حججا من مثل : "لن نقبل بحزب الله مفاوضا على أسرانا" أو "لن نعطي حزب الله الفرصة لتحقيق هدف في الساحة الأردنية" لأن كل الجهود السابقة التي استخدمت فيها كافة القنوات المتاحة أمام الحكومة لم تؤد إلى النتيجة المطلوبة، واليوم هذه هي فرصتنا الوحيدة للإفراج عن أسرانا، وعلى الحكومة أن تدرك أن الشارع لن يتسامح معها إن هي ضيعت هذه الفرصة كما حدث مع حكومات سابقة في مرات سابقة!!!
علينا الآن كما قال جالاواي وأمير قطر استثمار الفرصة لفرض تسوية شاملة، وإلا فإن القادم لن يطال الشعوب وحدها بل سيطال أول ما يطال تلك الزعامات المنفصلة عن قواعدها!!
#رلى_الحروب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إيران وحيدة في مواجهة إسرائيل
-
حرب الإعلام والسياسة
-
عفو عام
-
خونة الداخل
-
صدام وأزمة المثقف العربي
-
استقالة عباس
-
ملامح الشرق الأوسط الجديد
-
الإعلام العربي ودعاوى الموضوعية
-
خطأ جسيم ستعقبه ندامة!!!
-
إنه نصرالله!!!!
-
عالم خطر، ولكن.....!!!
-
السم ممزوجاً بالعسل !!!!
-
الفخ الدولي المنصوب للبنان والمنطقة
-
الفخ الدولي المنصوب للبنان والمنطقة!!!!
-
نصر الله وعبد الناصر!!!
-
إلى أين تقودنا هذه الحرب؟!
-
سوريا تقرر!!
المزيد.....
-
كيف تحوّلت تايوان إلى وجهة تستقطب عشاق تجارب المغامرات؟
-
فيديو مروع يظهر هجوم كلب شرس على آخر أمام مالكه في الشارع
-
لبنان.. عشرات القتلى بالغارات الإسرائيلية بينهم 20 قتيلا وسط
...
-
عاصفة ثلجية تعطل الحياة في بنسلفانيا.. مدارس مغلقة وحركة الم
...
-
مقتل مسلح وإصابة ثلاثة من الشرطة في هجوم قرب السفارة الإسرائ
...
-
اتفقت مع قاتل مأجور.. نائبة الرئيس الفلبيني تهدد علنا باغتيا
...
-
العثور على جثة الحاخام المفقود في الإمارات وتل أبيب تعتبر ال
...
-
سكوت ريتر: بايدن قادر على إشعال حرب نووية قبل تولي ترامب منص
...
-
شقيقة الملك تشارلز تحرج زوجته كاميلا وتمنعها من كسر البروتوك
...
-
خبير عسكري روسي: واشنطن أبلغت فرنسا وبريطانيا مباشرة بإطلاق
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|