|
الإبحار في ظلمات الماضي
محمد حسين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 7121 - 2021 / 12 / 29 - 14:16
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لم يبق دين علي حاله كما بشر به صاحبه ..أبدا .. سواء أخذنا في إعتبارنا .. أديان جنوب شرق أسيا ( الهندوسية و البوذية و الزراديشتية و الكونفوشيسية ... ).. أو أديان الشرق الأوسط ( الإبراهيمية واليهودية و المسيحية و الإسلام..) لقد تطورت ملامحها و إكتسبت بعد فترات طالت أو قصرت خصائص المكان و الزمان الذى تواجدت فيه. بل إن اديان الأمم القديمة ..لابناء مصر بابل ،اشور ،سوريا، اليونان أو الرومان لم تستمر دون تغيير و تعديل عبر الاف السنين ..لقد كانت مثل الكائن الحي الذى يتغير مع البيئة و الزمن . موسوعة فراس سواح عن الأديان .. تقص القصة بالتفصيل ؟؟ و لكن في المجلد 16 من كتاب (( قصة الحضارة )).. (( عصر الإيمان )).. الفصل الثالث (( الصلاة )) من صفحة 21 .. حتي صفحة 32 .. يحكي ول ديورانت ..عن تطور الدين المسيحي ( الكاثوليكي ) عبر العصور الوسطي .. و كيف إندمج بالحضارات و الأديان القديمة .. ليقدم قراءة أوروبية ( رومانية ) .. قد تبتعد في أجزاء كثيرة منها عن الدين الذى قدمه للناس إبن الناصرة . هذا الجزء من الموسوعة عندما قرأته أثار لدى الكثير من القضايا المعاصرة التي مازالت تبحث عن إجابات .. وصحح لي العديد من المفاهيم التي كادت أن تكون راسخة في ذهني .. بأن المصريين هم أبناء الأمة الوحيدة الذين عندما يتعاملون مع الأديان المستحدثه عليهم (المسيحية ومن بعدها الإسلام كنموذج ) يجعلوا لها قراءة خاصة بهم .. خصوصا .. عندما تحولت صور و أسماء (النتر ) او الكائنات المقدسة المصرية القديمة .. التي كانت منتشرة في أغلب التجمعات السكانية ( نوم ).. إلي أولياء الله الصالحين (مسيحيين و مسلمين ) بعد أن أطلقوا عليهم ما يتناسب مع العصر الجديد من القاب.. و ما زلنا نتعامل معهم و نطلب منهم حل مشاكلنا خصوصا ( أهل الريف )... حيث يوجد في أغلب القرى و المدن .. شيخ حامي لها يقص عنه العديد من الكرامات .. و يزوره أهل المكان لقضاء حوائجهم بدرجة عالية من الإحترام و التقدير . ((أحدهم وضع رسالة في صندوق نذورالسيد البدوى بطنطا.. يرجو فيها (النبي) أن يتوسط له عند (الولي) ليقضي له حاجته )) و هو منطقيا أمر مقلوب .. لا يمكن فهمه إلا من الشرح البسيط الذى قدمه لنا مستر ديورانت عن الرهبة التي يعاني منها البسطاء ..من مخاطبة الرب مباشرة . ((كثيرا ما كانت الصلوات الرسمية التي تتلي في الكنائس توجه إلي الله (الأب) و كان عدد قليل منها يوجه إلي (الروح القدس) و لكن صلوات الشعب كانت توجه في الأغلب الأعم إلي عيسي و مريم و القديسين .. فقد كان الناس يخافون الله سبحانه و تعالي الذى كان لايزال يتصف في عقول العامة بكثيرمن القسوة التي كانت ليهوه.. و كيف يجرؤ الشخص المذنب الساذج أن يوجه صلاته إلي ذلك العرش الرهيب البعيد ؟ إن عيسي لأقرب إليه من ذلك العرش .. و لكنه هو أيضا إله .. و من أصعب الأشياء أن يجرؤ الإنسان علي مخاطبته وجها لوجه بعد أن أنكر نعمه هذا النكران التام .)). و بذلك فالأسهل لدى البسطاء اللجوء إلي القديسين .. المنتشر قصص معجزاتهم وسرهم الباتع بكثافة ..بين أفراد الشعب ((و من أجل هذا بدا للناس أن من الحكمة أن توجه الأدعية و الصلوات إلي أحد القديسين ( أو القديسات ) تشهد قوانين الكنيسة بمقامه في الجنة وأن يتوسل إليه أن يكون وسيلتهم لدى المسيح )). أول هؤلاء القديسون كانت الأم التي أنجبت المسيح .. و لذلك كانت أغلب الأدعية و التوسلات .. تتوجه إليها .. بل نسج حولها قصص شعبية غاية في الطيبة و البراءة فيقال أن أحدهم كان يدعو للمسيح و لا يستجاب له فقال (( رباه إن لم تنقذني من هذه الغواية فسأشكوك إلي أمك )).. أو تلك السيدة التي أسر إبنها في حرب ..فظلت تصلي للعذراء أن تنقذه .. و لما طال الوقت ..أخذت من تمثال (الأم وطفلها ).. الإبن.. فتحركت العذراء و فكت أسر الفتي و قالت له .. ((ها هي قد حصلت علي إبنها .. فلترجع لي إبني )). قصص كثيرة سردها مستر ديورانت لا أريد أن أثقل خطابي بها . و لكن إذا كان لديك الوقت و الرغبه فلن تندم علي قراءتها . ((و بهذه الطريقة بعثت في عقول العامة ..من الماضي الذى لا يبيد أبدا .. جميع مظاهر الشرك الشعرية الخيالية و ملأت العبادات المسيحية بطائفة كبيرة من الأرواح ترافق الناس و تشد عزائمهم و تكون لهم أخوة علي الأرض تقربهم إلي السماء)). وهكذا في العصور الوسطي و لازال باقيا بعضها ((كان لكل أمة و مدينة و دير و كنيسة و حرفة و نفس و أزمة من أزمات الحياة وليها الشفيع النصير.. كما كان لكل منها إلهها في روما القديمة )) و بالطبع نلحظ هذا بوضوح اليوم في مصر و بابل و أغلب بلد الشرق (( كان لإنجلترا القديس جورج و لفرنسا القديس دنيس و كان القديس بارثولميو حامي الدباغين لان جلده سلخ و هو حي ..وكان صانعو الشموع يضرعون للقديس يوحنا لأنه غمر في قدر مليئة بالزيت المشتعل .. و كان القديس كرستفر نصير الحمالين لانه حمل المسيح علي كتفيه و كانت مريم المجدلية تتلقي توسلات بائعي العطور لانها صبت زيوتا عطره علي قدمي المسيح المنقذ ..و كان لكل من يحدث له حادث طارئء أو يصاب بمرض صديق في السماء .... )). و هكذا عدنا لنقطة بداية المفاهيم الدينية .. لدى القدماء ((وضعت الكنيسة تقويما كنسيا جعلت كل يوم فيه عيدا لأحد القديسين و لكن التقويم لم يتسع للخمسة و العشرين الفا من القديسين الذين إعترفت بهم قوانين الكنيسة قبل أن يحل القرن العاشر الميلادى .. )). هل يستمر هذا الوضع دون معارضة من رجال الدين (( و إضطر كلوديوس أسقف توريم إلي الشكوى من أن كثيرين من الناس ( يعبدون صور القديسين ) فهم لم يقلعوا عن عبادة الأصنام بل كل ما في الأمر أنهم غيروا أسماؤهم )) . نفس المعارضة المطروحة في القرن الحادى و العشرين في بلدنا علي الطرق الصوفية و موالد الأولياء و مع ذلك فإن مستر ديورانت .. يرى أن مزج العقيدة المستحدثة بالعقائد القديمة .. أعطي الأولي قوة و جمال و إستمرار .. ((و كان أعظم ما ظفرت به هذه الروح( روح التكيف المتسامحة ) من نصر السمو .. بعبادة الأم الوثنية و إستحالتها إلي عبادة مريم أم المسيح ..)) (( هذا أيضا كان الشعب هو الباديء بهذا التسامي ..ذلك أن سيريل كبير أساقفة الأسكندرية وصف في موعظة شهيرة القاها في إفسيس عام 431 .. مريم بكثير من صفات العبادات التي كان الوثنيون من أهل المدينة يصفون بها ألهتهم الكبرى أرتميس ، ديانا ، دلالة علي إعتزازهم بها .. و وافق مجلس أفسيس في تلك السنة علي ان تلقب مريم (أم الإله ) و ما لبثت أرق صفات عشتروت ، سيبيل ،أرتميس و ديانا و إيزيس أن جمعت كلها في عبادة مريم .... )). أفضل أن أقول في تقديس مريم .. و ليس عبادتها .. و لكن مستر ديورانت يصر علي أنها كانت عبادة غيرت شكل الديانة المسيحية (( و علي هذا النحو نشأ دين جديد و لعل السبب في بقاء الكثلكة إلي هذا اليوم أنها إستوعبت هذا الدين ..و إستحالت الكثلكة بفضل عبادة مريم من دين رهبة ( لعلها كانت ضرورية في العصور الوسطى ) إلي دين رحمة وحب وان نصف مافي العبادات الكاثوليكية من جمال و كثيرا من الفن الكاثوليكي و الغناء من روعة و جلال .. لمن خلق هذا الإيمان السامي الذى يتجلي في وفاء امرأة و رقتها بل و في جمال جسدها و رشاقتها لقد دخلت بنات حواء الهيكل و بدلت روحه)). نتيجة غريبة .. و لكنها .. تستحق التأمل .. خصوصا عندما نرى .. ما يقوم به المصريون ( المعاصرون ) من إستنجاد بها في وقت أزماتهم .. و إصرارهم أنها تظهر في أماكن مختلفة و أزمان مختلفة لدعمهم . ((الشعائر الدينية في كل دين عظيم لازمة لزوم العقيدة نفسها .. فهي تعلم الإيمان و تغذيه و توجده في كثير من الأحيان و هي تربط المؤمن بربه برباط يريحة ويطمئنه و تفتن الحواس و الروح بمظاهرها الروائية و شعرها و فنها و تربط الأفراد برباط الزمالة و تخلق منهم جماعة مؤتلفة حين تقنعهم بالإشتراك في شعائر واحدة و ترانيم واحدة و أدعية و صلوات واحدة .. ثم يفكرون أخر الأمر تفكيرا واحدا)). لذلك تحرص جميع الأديان بل و المذاهب غير الدينية ..علي أن تكون لها شعائر خاصة بها يزاولها أتباعها بإستمرار..دون تسامح في المخالفة أو التراخي .. أو عدم الإستجابة. و شعائر الناس هذه .. في أغلبها قادمة من الماضي .. و تحتفظ بسلوكيات غير مبررة ..لانها تسللت إلي دينهم في زمن ما ..ثم نسي السبب .. و بقت الشعيرة . تقول الأسطورة وقف الاله أوزوريس أمام الرب آمون ومعهما ابنه حورس، لقد كان على الابن التضحية بعينه من اجل حياة الأب ( لازال المصريون يصنعون كعكا على هيئة عين حورس تسمى شوريك يتم توزيعه فى المدافن كقربان أو رحمة على روح الميت ) عندما نبه آمون حورس ألا يلتفت الى جهة معينة، لم يستطع الاله الشاب منع نفسه من النظر فوجد خنزيرا اسودا ضخما خرج من عينه شرار أتلف عين لحورس.. الرب الغاضب آمون لعن الخنزير ومن يربى الخنزير أو يأكل لحمه، وهكذا توقف المصريون عن أكل لحم الخنزير وتبعهم فى ذلك اليهود وأخذ عنهم المسلمون. الأسطورة هكذا تعنى ان التحريم قد حدث لأسباب مثيولوجية، فالخنزير كان الحيوان الذى اختاره اله الشر ( ست ) ليتمثل في هيئته كي يؤذى غريمه إله الخير ( حورس ) فى لحظة التضحية والفداء لصالح حياة ابدية للأب المغتال. ولا أعرف بالضبط لماذا اختار الكهنة المصريون هذا الحيوان المسكين ليعاقبوه هذا العقاب القاسى الذى أدمغه بالنجاسة الى الأبد . نفس الموضوع مع الكلب الأسود، لقد كان ( أنوبيس ) اله الموت وحامي المقابر لدى القدماء ، وكانوا يخافونه ويتخيلون انه نذير شؤم وأن قدومه يعنى أن أحدهم سوف يودع الدنيا، اليهود ورثوا كره الكلب الأسود من المصريين وهم عندما يسمعون نباحه ليلا فانه يعنى أن ملاك الموت يتجول فى الجوارولا يراه الا الكلب النابح.. المسلمون أخذوا هذا عنهم ليصبح الكلب الأسود المسكين ممثلا للنحس والنجاسة ومبشرا بالموتدون أن يعرفون أن حامي المقابر كان كلبا أسود لدى المصريين القدماء . الموت عند المصرى كانت تختلف مراسيمة باختلاف الوضع الطبقي للميت ، فالفقراء والغرباء يمكن أن تترك جثثهم لتبلى أو تتعفن أو تأكلها الجوارح والذئاب، أما الملوك والأمراء والأغنياء فلقد كانت جثثهم تحنط وتحفظ لآلاف السنين على أمل ان تعود لها الروح فتسعى فى ملكوت الرب الشمسى ( آمون / رع ) تركب مراكبه المبحرة فى السماء بالنهار وفي الليل تضوى كنجم.. بمرور الوقت أمَن كهنة أوزوريس للرعية أمل فى حياة أخرى على طريقتهم بغض النظر عن المكانة الاجتماعية للمتوفى ، كل ما كان مطلوبا ان يكون الميت من الأبرار الذين إذا عرضوا على محكمة أوزوريس، ووضع قلبه فى الميزان مقابل ريشة (ماعت ) ربة الحق والاستقامة خفت موازينه فيدخل الى حقول الاليسيان( جنة أوزوريس ) يعيش هناك خالدا بين الأرباب والأجداد والآباء البررة، أما من ثقلت موازينه فقلبه سيكون وجبة شهية لحيوان قاسى( أموت) الذى سيأكله ويحرم صاحبه من الخلود. بمعني أن الحياة بعد الموت .. كانت حكرا علي طبقة معينة من أبناء الألهه .. ثم تطورت مع الزمن لتعم الجميع . جنة أوزوريس عبارة عن حقول ترويها مياه نيل سماوى، ينبت الطازج من الفواكه والأعناب وتحافظ فيها آلهة صغرى على راحة واستمتاع سكانها، الذين يعيشون فى كسل دون جهد يعوضهم عما لاقوا من تعب ونصب فى الحياة الدنيا، اليهود استعاروا جنة أوزوريس والمسلمون أخذوها عن اليهود. المسلمون واليهود اتفقوا فى تفاصيل مثيولوجية كثيرة فكل منهما ينتظر فى ليلة ما مختارة أن تفتح أبواب السماء وتقبل دعاء من له حاجة فتلبيها فورا، وكل منهما يتقرب الى الله بالذبائح التى أنقذت اسماعيل/ اسحق من سكين أبيهما ابراهيم .. وكل منهما يصلى من أجل المطر، ويستخير، ويؤمن بالسحر، والحسد وكلها جاءت من القدماء بما فى ذلك دخول النار و الخروج منها دون ضرر بفضل تلاوة رقية الحماية. المتوفى المصرى كان يتم تحنيطه فى حوالى اربعين يوم، ثم يجرى بعدها طقوس الدفن والتى كانت تبدأ بشعائر فتح الفم والتلقين، فـَــتـُزال الأربطة ليتاح للفم الحركة ويتلو الكاهن على الميت ما سيحدث له عندما تعود له الحياة ويتم عرضه على أرباب محكمة أوزوريس ويذكره بما عليه أن يقوله فى الاعتراف السلبى أمام المحكمين ذاكرا إياهم فردا فردا وما سيسأله كل منهم وما على الميت أن يرد به .. من يشهد مراسم دفن لمسلم مصرى ( لا أعرف إن كان هذا في المسيحية المصرية أم لا ) سيجد أن هذه الشعائر لازالت قائمة يتلوها مشايخ المقابر بنفس الايقاع والنغم والأسلوب، والمصرى المعاصر لا يعترض على مراسم دفن مر عليها أربعون قرنا. المصرى القديم كان يزاول طقوس اديان لا تختلف كثيرا من حيث الشكل عن ما يقوم به المعاصرون .. فهو يصوم صوما كاملا أو عن بعض انواع الطعام و صيامه لفترات محددة تعقبها اعياد و هو يحج الي ابيدوس حيث دفن جزء من الاله اوزيريس و هو اثناء الحج يحلق شعرة و يرتدى ملابس خاصه و كهنته يصلون في اوقات معينة مرتبطة بمكان الشمس في السماء وهو يتلو التسابيح لرب الشمس فجرا بصوت ووقع لازال يعيش في وجداننا حتي اليوم المصرى كان يستخدم المياه في التطهر و ينظف اسنانه بالنطرون قبل الصلاة و كان له معبده وديره وكان من بين كهنته رجال و نساء نساك و رهبان .. و هو في اغلب فترات تاريخه كان موحدا يعبد الاها واحدا خالق نفسه و بارىء الكون بما فيه وواهب الرزق لكل مخلوقاته بأيديه الممتدة من الشمس للارض و كان( رع ) يتمتع بعدد من الاسماء التي تقترب من المائه اغلبها صفات ربانية كالعليم و الخبير و السميع و البصير و القوى . ولقد قام توينبي بعمل مقارنة بين ادعية اخناتون لربة ومزامير داود ..و انتهي الي تطابقهما بل وجد أن الغموض الذى يصاحب المزامير ينجلي اذا اخذ الرب آتون في الاعتبار .. يقول الاستاذ سيد خميس في كتابه القص الديني (( في القرنين الرابع و الخامس الهجريين فتح باب التأليف في القصص الديني الاسلامي علي مصراعيه لتدخل منه الاسرائيليات بدون حواجز يصاحبها أخباروقصص منسوبة للجاهلية و للامم القديمة وأحاديث و خرافات الشعوب المجاورة لينسج من هذا كله جنة اخروية تقوم بدور التعويض للبائسين من شظف حياتهم و حرمانهم من ضرورات الحياة )) جنة تشبه حقول الاليسيان. فعنما يقول ديورانت أن المسيحية تأثرت في العصور الوسطي بأديان المنطقة .. لا يعتبر هذا شاذا أو غريبا .. كما نشهد من دلائل علي تأثر الأديان المصرية بعضها ببعض عبر التاريخ . قصة جلجامش و انكيدو ((هو الذى رأى )) تحكي بدايات طرح الاسئلة المثيولوجية عن الموت و الحياة و الخلود و التجدد .. فضلا عن وصف مطابق لما نعرفه عن قصة الطوفان التوراتي مبكرا بالف سنة علي الاقل .. قصة يوسف مع امراة عزيز مصر تكاد تتطابق مع قصة (الاخوين )المصرية الشهيرة ، بل قد نجد ان البقرات السبع هي ((الحتحورات السبع ))في المثيولوجيا المصرية .. فتح ممر في البحر لقوم النبي موسي تكرار لما فعله كاهن خوفو لاسترداد حليه فتاة الكورال الحزينة علي سقوط سوارها في النيل . العرب استعملوا كلمات كثيرة اكتشفنا بعد التعرف علي الهيروغليفية انها مصرية الاصل فاتون النار او الشمس هو (الرب آتون ) و جب الارض (الة الارض الفرعوني ) و نوة من ( نو) اله المحيط المائي العلوى و هو شبيه ( آنو) البابلي ادم ايضا له شبيه مصرى (آتم) ابو المصريين و(آمين) هو الرب آمون الذى تختتم كل صلاة علي الارض باسمة .. (سقر) هي اقليم في (التوات) المصرى الذى يوازى جهنم،(وادى هنوم ) الشيطان نطق أخر ل(ست) أما جبريل و عزرائيل و اسرافيل فكلها ملائكة مرتبطة بالاله (ايل) الذى كان يعبد في الشام و تم استعارته هو وعرشه وملائكته برتبها و اجنحتها لليهودية ثم الاسلام . المصرى القديم كان يؤمن بالروح و يميزها عن النفس التي خصصها للانسان و الاسلام ايضا جعل ((النفس و ما سواها )) تلهم بالفجور و التقوى دليل علي انها لعاقل في حين ان الروح ((من علم ربي )).. العلاقات المتشابكه بين الاديان لا يمكن ان تكون مصادفه و هكذا نجد ان جيمس فريزر العالم الانثربولوجي في كتابه (( الفلكلور في العهد القديم )) يفسر اسباب التناقض بين روايتين للخلق، بأن التوراة قد استمدت قصتها من مصدرين مختلفين ثم جمعوا القصة في سفر التكوين، القصة الاولي مستمدة من اصل كهنوتي كتب اثناء السبي البابلي أو بعده بينما الثانية مستمدة من اصول يهودية كتبت مبكرا بمئات السنين ثم يجمل (( كان الناس يعتقدون بخلق الانسان من طين و كذلك كان الفراعنة و الاغريق وقد انتقلت هذه الفكرة الي تلك الشعوب عن طريق اسلافهم البدائيين )). يروى المؤرخون القدماء أن النبي ( يوشع بن نون ) واليهود أثناء حربهم ضد الكنعانيين في (اريحا ) تأخر عليهم النصر حتي قاربت الشمس علي المغيب و خاف النبي أن يدركهم الليل فيضيع عليهم.. فدعا ربه أن يحبس عليهم الشمس فاستجاب و حبسها حتي استأصل اليهود أعداؤهم ودخلوا المدينة . الانسان المعاصر يفهم توقف الشمس عن الحركة بتوقف دوران الارض وهو أمر ان حدث فان الحياة كما نعرفها ستتغير بعد زوال قوانين الجاذبية و قوة الطرد المركزية وقد تبتلع الشمس كوكبها بعد دقائق معدودة قدماء كهنة مصر كانوا يعتقدون أن لكل كائن في الوجود اسم سرى من يعرفة يستطيع بواسطته التحكم في صاحب هذا الاسم يخضع له ،يضبط سلوكه ويستطيع تسييره وفقا لارادته . وكانوا يعتقدون أن بارىء هذا الكون الاله خالق نفسه سواء كان رع ، أمن ،أتن ،خبرى أو بتاح يمتلك شفرة هذه الاسماء ويستخدمها هو أومن يوكل اليه من الكائنات المقدسة ادارة جزء من هذا العالم طبقا لارادته. فالرب الذى يعلم السر وما يخفي ، الذى وفقا لارادته تتحرك الالهه ، البشر ،الكائنات،الكواكب ، الشمس والقمر ، القادر علي أن يقول كن فيكون من اللاشيء شيء،يحي ويميت ،يسعد ويشقي ،يصيب عبيدة بالمرض و يجعلهم يبلون منه ،يهب من يشاء ويحرم من يشاءمن نعمه، كانت اداته للقيام بهذا هي كلمات القدرة التي لم يمنحها الرب الاعظم الا لتاسوعه من كبار الارباب مثل تحوت الذى يضبط بها مع قرينته ماعت إنتظام ايقاع حركة الافلاك بالسماوات ،الرياح ، الامواج ويسقط الامطارويبعث بواسطتها(اى كلمات القدرة ) بنسمة الفجر الندية مع كل طلعة للرب من المشرق كل صباح ،او لشو رب الهواء والعواصف ، تفنوت ربة الرطوبة و الندى ، نوت ربة السماء او رب الارض اكر . الرب الاكبر(رع) كان يعرف مصير وحركة كل خردلة في الكون يسيرها طبقا لمشيئته عن طريق النطق بالكلمات،فالمصرى القديم كان يعتقد أن للكلمات تأثير السحر بل هي سحر مبين يخضع الاخر لسلطة من يتقن النطق بها وكان يقدس ايزيس لانها الربة التي مكرت برع وعلمت منه اسمه السرى فاستطاعت بواسطته ان تمتلك فنون السحر و الطب و علاج الامراض . بعيدا عن حواديت الكهنة كان للكلمة المنطوقة والمكتوبة قدرة (في ارض الواقع )علي خلق الوعي بالوجود بعد أن كانت السبب في تحويل حيوانا غرائزى السلوك الي بشري يفهم معني الرمز ومدلولات الكلمات، يتحاور وينقل خبرته ورؤيته ورغبته الي الاخرمن خلال الكلمات يسجل تاريخا تستوعب مفرداته الاجيال التالية ،يرتقي في سلم التحضركلما اتسعت مفرداته اللغويه و تنوعت وبرع في استخدامها حتي اصبح انسان هذا الزمن الذى يمتلك ذكاءا -اختص به بني البشردونا عن باقي الكائنات المحيطة- لم يمتلكه الا ارباب الازمان الغابرة. الابحار في ظلمات الماضي بحثا عن وقائع التاريخ و فصلها عن الاسطورة رغم ما يسره العلم الحديث من أدوات معجزة ومعلومات متيسرة هائلة الا انه مغامرة محفوفة بقواطع الشك دائما ..فالباحث اليوم لا يستطيع ان ينقل عمن سبقه أن الله قد شكل آدم من طين لزج ثم تركه ليجف وان الشيطان كان يدخل من انفه و يخرج من دبره .. فسيجد من يناقضه و يسأله عن دليله ، وسيشككون في مصداقيته وقد يهمل كباحث .
#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أسئلة ثمانيني لم تجد الإجابة
-
ثم فقدوا الأمل ( رمز الأمل ).
-
بلاش قنزحة سيبوا لعب الكرة للأغنياء
-
مرت الأيام .. وتبخرت الأحلام (3 )
-
مرت الأيام .. وتبخرت الأحلام (2 )
-
مرت الأيام .. وتبخرت الأحلام (1 )
-
ألازلنا نحرث في البحر
-
هكذا تكلم ول ديورانت .
-
السباحة عكس التيار أم حصاد الفاشيست
-
تاريخ مذهل و حاضر تعس (2 )
-
تاريخ مذهل و حاضر تعس
-
إفساد أهل الدولة للدرهم (2 ).
-
إفساد أهل الدولة للدرهم (1 ).
-
تأملات في دفاتر مهجورة
-
أفكارغيرمترابطة ..و لكنها مرتبطه (5)
-
أفكارغيرمترابطة ..و لكنها مرتبطه (4).
-
أفكارغيرمترابطة ..و لكنها مرتبطه (3)
-
أفكارغيرمترابطة ..و لكنها مرتبطه (2) .
-
أفكارغير مترابطة ..و لكنها مرتبطه .
-
أخبارلا نتداولها عمدا
المزيد.....
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -ديشون- بصلية صار
...
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
-
أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج
...
-
استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
-
“فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
-
“التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|