أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - رشيد غويلب - الرجل الذي هز الأساس الديني الزائف للنظام العنصري / رحيل ديسموند توتو المناضل من أجل انتصار قيم التسامح














المزيد.....

الرجل الذي هز الأساس الديني الزائف للنظام العنصري / رحيل ديسموند توتو المناضل من أجل انتصار قيم التسامح


رشيد غويلب

الحوار المتمدن-العدد: 7120 - 2021 / 12 / 28 - 22:50
المحور: سيرة ذاتية
    


عرف ديسموند توتو بقدرته الدائمة على الابتسام. ووراء ابتسامة رجل الكنسية الجنوب أفريقي، والحائز على جائزة نوبل للسلام، يختفي مناضل صلب من أجل العدالة. على مدى عقود، خاض توتو معارك متوالية مع نظام الفصل العنصري. وعندما هزم الاستبداد، رافق حكومات المؤتمر الوطني الأفريقي بنقد لا يجامل. لم يرغب يوما في إرضاء الجميع، وكانت المصالحة هدفه الرئيس. رحل ديسموند توتو 26 يوم كانون الأول عن عمر ناهز 90 عامًا في دار لرعاية المسنين في كيب تاون.
الالتزام بقيم التسامح
في عمله الصادر عام 2015، سجل كيف نمت ذاكرته على قسوة أبيه على أمه، وعجزه كطفل صغير على الرد بالمثل. لكن توتو لم يرد أبدًا. وبدلاً من ذلك، استخدم مرارات الماضي، لتحقيق هدف حياته: التسامح. يكتب توتو ً: "نادراً ما تخلق الضربة القاضية الرضا"، ويضيف: "بدون مسامحة، نظل مقيدون بالسلاسل إلى الشخص الذي أساء إلينا. نحن مقيدون بسلاسل مرارة، مقيدون ببعضنا البعض، محاصرون. إلى أن نتمكن من مسامحة من أساء لنا، فإن هذا الشخص يحمل مفتاح سعادتنا، وهذا الشخص هو سجيننا. عندما نغفر، نستعيد السيطرة على أقدارنا ومشاعرنا. نصبح محررين لأنفسنا".
لم يؤثر سعي توتو الدائم لتحقيق المساواة أبدًا على تحليلاته الحادة والصريحة، فبعد أن أصبح رونالد ريغان رئيسًا للولايات المتحدة في عام 1981، وصفه توتو بكثافة متناهية بأنه "عنصري وفارغ وبسيط"، ورأى في حكومته "كارثة كاملة لنا نحن السود". كان ريغان داعما مهمًا لنظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، ويمكن القول إن توتو كان أبرز المعارضين لهذا النظام، الذي لم يستطع سجنه أو دفعه الى المنفى.
حياة حافلة بالتحولات
ولد ديسموند توتو في عام 1931 في كليركسدورب، مركز منطقة جنوب غرب جوهانسبرج. ونشأ توتو ابنا لمدير مدرسة وطباخًة في ظروف بسيطة، وكما وصفه بنفسه في سيرته الذاتية الصادرة عام 2006:"ليس ثريًا، وليس فقيرًا جدًا". بعد المدرسة، قبل لدراسة الطب في جوهانسبرج، لكنه لم يستطع تحمل رسوم الدراسة. وأصبح في النهاية مدرسًا، ولم يستمر في مهنته طويلا، بسبب تطبيق دولة الفصل العنصري قانون تعليم البانتو في عام 1953، الذي فرض على الأطفال السود تعليما ابتدائيا متدنيا، لتحويليهم لاحقا الى قوة عمل رخيصة، قرر توتو أن يصبح قسا أنجليكانيًا. وعندما كان يدرس علم اللاهوت في جوهانسبرغ، لم يكن لديه أي علاقة بالاحتجاجات ضد الفصل العنصري؛ ووصف فيما بعد مجموعته الدراسية بأنها "مجموعة غير سياسية". وفي كانون الأول 1960، وبعد تسعة أشهر من مذبحة شاربفيل التي أطلقت فيها شرطة الفصل العنصري النار وقتلت 69 من المحتجين السود السلميين، تم تعيين توتو قسا في كاتدرائية سانت ماري في جوهانسبرج.
بدأ التسيس واضحا في تفكيره بعد أن اتصل لأول مرة بحركة الوعي الأسود، إبان عمله في إيسترن كيب في أواخر الستينيات، ومعايشته المباشرة لقمع الشرطة. وبصفته مديرًا لصندوق التعليم اللاهوتي التابع لمجلس الإرسالية الدولي في إفريقيا، تعامل، منذ عام 1972، عن كثب مع مُثُل لاهوت التحرير ايضا. وفي عام 1978 أصبح اول سكرتير عام أسود لمجلس الكنائس في جنوب إفريقيا، وفي عام 1985 أسقف جوهانسبرج وأخيراً في عام 1986 رئيس أساقفة كيب تاون. لقد استخدم موقعه الهام وغير المحمي لمهاجمة النظام مباشرة. وأعلن أن نظام الفصل العنصري "غير مسيحي"، وبالتالي هز الأساس الديني الزائف للنظام العنصري الذي رأى فيه البيض المخلصون أنفسهم مختارين من الله.
سلمية بعيدة عن الأوهام
لم يحصر توتو نفسه في الرمزية الدينية. وعلى الرغم من أنه ظل ملتزما بالسلمية طوال حياته، لكنه انحاز إلى الكفاح المسلح الذي اعتمده المؤتمر الوطني الأفريقي والحزب الشيوعي في جنوب إفريقيا، وفي المحكمة وقال إنه يفهم سبب استخدام السود في جنوب إفريقيا للعنف. بعد أن دعا علنًا إلى فرض عقوبات اقتصادية على جنوب إفريقيا في عام 1979، سحب النظام جواز سفره مؤقتًا، وهذه الممارسات تكررت في السنوات اللاحقة.
واصل توتو نضاله حتى بعد نهاية الفصل العنصري. بصفته رئيس لجنة الحقيقة والمصالحة، التي كان من المفترض أن تنهي الجرائم التي ارتكبها نظام الفصل العنصري، دعا إلى العفو، والعفو حتى لأشد جرائم الفصل العنصري وحشية. كانت رؤيته لجنوب إفريقيا الديمقراطية ولا تزال رؤية "أمة قوس قزح"، وهو توصيف ابتكره توتو شخصيًا.
أهمية الإرادة السياسية
عندما تولت الحكومة الديمقراطية الجديدة برئاسة نيلسون مانديلا السلطة في عام 1994، أجابت على السؤال المتعلق بالتصالح مع الماضي عبر تشكيل لجنة الحقيقة والمصالحة. التي ينبغي أن تكتشف جرائم النظام القديم فقط، بل أن تحقق أيضًا داخل منظمات التحرير، بما في ذلك حزب المؤتمر الوطني الأفريقي. تولى توتو رئاسة اللجنة التي استمعت للضحايا، وكذلك لاعترافات الجناة في عدد لا يحصى من جلسات الاستماع العامة التي تم بثها على الهواء مباشرة بين عامي 1996 و1998. يعتقد توتو أن الحقيقة يجب أن تمكن الضحايا وأحبائهم من مسامحة الجناة من أجل إنهاء صدمتهم.
وفي هذا السياق يحمله البعض جزءا من مسؤولية استمرار الفساد، بحجة ان النخبة البيضاء أفلتت، بعد نهاية نظام الفصل العنصري الى حد كبير من العقاب. إن إلقاء اللوم عليه بهذه الطريقة سيكون خطأً. لأن أولئك الذين كانوا مسؤولين بشكل أساسي عن نظام الفصل العنصري، مثل صانعي القرار في الشركات الرابحة، رفضوا الإدلاء بشهادتهم على الإطلاق أمام اللجنة.
لقد كان هناك ضعف في الإرادة السياسية داخل قيادة حزب المؤتمر الوطني الأفريقي. لم تدفع الحكومة التي يقودها الحزب حتى التعويضات لضحايا الفصل العنصري التي دعا إليها التقرير النهائي للجنة الحقيقة. ولم تتحرك ضد أي من الشركات التي استفادت من اضطهاد الأغلبية السوداء من السكان. ولا حتى ضد العديد من البنوك الدولية، التي ضاعفت ارباحها من معدلات الفائدة المرتفعة التي حصل عليها النظام البالي من القروض خلال فترة العقوبات الاقتصادية، والتي كان لا بد من سدادها من قبل الحكومة الديمقراطية اللاحقة.



#رشيد_غويلب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في حين يعاني اليسار الأوربي من المراوحة / يسار 2021: انتصارا ...
- وقفة متأخرة
- العصا الغليظة / موضوعات عن منهجية الإمبريالية الأمريكية في أ ...
- من ساحات الاحتجاج إلى القصر الجمهوري / في تشيلي انتصار حاسم ...
- بعد شكوى لمناهضين للفاشية / المحكمة الاتحادية الدستورية تقاض ...
- القمة الأمريكية الروسية / اقتراب من صراع مفتوح ومخاوف من الا ...
- مؤتمر حزب العمل البلجيكي: عملية تجديد متواصلة
- بعد 12 عاما من حكم اليمين وسلسلة مؤامرات أمريكية / اليسارية ...
- على الرغم من تراجع حكومة اليمين الهندوسي العنصري / فلاحو اله ...
- امريكا اللاتينية تنتخب / انتصار في فنزويلا وانتخابات في تشيل ...
- تحقيق البديل ليس حلما طوباويا/ أول عمدة شيوعية في غراتس النم ...
- استراتيجيات عسكرية جديدة للاتحاد الأوربي
- شيء عن مسودة التقرير السياسي
- الاكثرية صوتت /استمرار العمليات العسكرية في العراق وسوريا / ...
- جسدت انسجاما شكليا قمة مجموعة العشرين.. اتحاد غربي ضد الصين ...
- بعد الهجوم على مقرات النقابات العمالية في ايطاليا / 200 ألف ...
- يهدف للوصول إلى أدوات الدولة / التمرد الراهن لليمين الاستبدا ...
- حول أزمة الديمقراطية وآلياتها / هل تعيش فرنسا لحظة ما قبل ال ...
- في رسالته الى المؤتمر الرابع للحركات الشعبية / البابا يواصل ...
- بعد الهزيمة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة ما هو المسار ال ...


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - رشيد غويلب - الرجل الذي هز الأساس الديني الزائف للنظام العنصري / رحيل ديسموند توتو المناضل من أجل انتصار قيم التسامح