أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - خالد عبدالله - زيارة أم احتلال أمريكي للعراق!















المزيد.....

زيارة أم احتلال أمريكي للعراق!


خالد عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 490 - 2003 / 5 / 17 - 06:03
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 


كاتب عربي يقيم في وارسو

يزداد حنق المسؤولين الأمريكيين، ويطفح رغوهم  وزبدهم  كلما ذكروا أنهم قوة احتلال للعراق عليهم أن ينوؤا بأعباء الاحتلال، ويستجيبوا لمتطلباته كما فعل مؤخرا كوفي أنان وآخرون قبله. ويعود الهياج الأمريكي إلى أسباب كثيرة، بعضها متجذر في أرض الأوهام التي طالما غرسوها في أذهان شعبهم، وأرهقوا ا لعالم بتردادها ومواصلة عزفها. فالأوروبيون الذين حطوا على شواطئ العالم الجديد هربا من الظلم الديني والاستبداد السياسي في بلدانهم الأصلية وجدوا أنفسهم فجأة ينتقلون من دور الضحية إلى دور الجلاد. وهي نقلة قاسية صعب على النفس الإنسانية إطاقة دلالاتها ومواجهة معانيها. فذلكم الموقف انفصام رهيب في الشخصية بين جانب يلعن الظلم ويناضل ضده أو يهرب منه، وجانب يمارسه بأفظع أشكاله. فلا بد من علاج يعيد التطابق بين وجهي الشخصية، حتى لا تواصل انفصامها. إذ خير في شخصية واحدة، مهما كثرت معايبها، في جسد واحد من شخصيتين متناقضتين تتصارعان داخله. ولم يكن هناك إلا مخرج واحد يريح النفس أولا، ويرفع شعارا في وجه المستغربين والشكاكين ثانيا. وليس هذا المخرج إلا قطعة نقد ذات وجهين. أحدها، شيطنة الضحية وإنزالها إلى مرتبة الحيوانية المفترسة، وثانيها، تبجيل الجلاد وتقليده أوسمة النبالة.

 وقد احتاجت هذه الأسطورة الضخمة إلى جهود هائلة على قدرها حتى تتمكن وتستقر في نفوس الناس. وهي ما زالت تدور كما في عهدها الأول. لكن التقدم التقاني يتيح أشكالا وآليات جديدة تعززها وتطورها باستمرار. فقد استقرت في التاريخ الأمريكي الشائع، وأصبحت جزءا من التراتيل الشعبية تعبر عنها أيقونات غنية  بخصب التزويق والتطريز، وباتت موضوعا جذابا ومشوقا في القصص والأفلام صارت هي المرجعية الشرعية لعموم الأمريكان والمنهل الذي يرده من يرغب في أن يدرس تاريخ أمريكا من عموم الناس في العالم. فهي بإيجاز، قطب الرحى في مجموع الثقافة الأمريكية. وقد تواصلت هذه الأسطورة، بطبعات مختلفة ومنقحة، مفسرة لكل ما تنزله أمريكا في غيرها من تدمير، من الفليبين وأمريكا الجنوبية والوسطى وآسيا حتى العراق في لحظتنا الحالية.

لقد تحدى الأمريكان العالم المستكين كي يفعل شيئا كي يخلص نفسه من أخطار الإرهاب المحدقة به، وشرور القنابل النووية التي تمتلئ بها أحضان الإرهابيين، ومساوئ الظلم الذي يحيق بالعراقيين. وعندما تواني العالم كسلا أو عدم اكتراث بما يجري في العالم من استبداد وإرهاب، ارتقت الولايات المتحدة إلى مستوى رسالتها في تحدي الظلم وإزالة أسباب الخطر رحمة بالإنسانية وإنقاذا لها. وهي كما أنقذت السكان الأصليين من بربريتهم ومدنتهم بقتلهم، فقد حررت العراق وعمرته بتدميره. كما طمأنت مخاوف العالم من أسلحة الدمار الشامل حينما لم تجدها، لأنها تبخرت أو هربت حينما أطلت جحافل التحرير الأمريكية!

فإذا نزلت أمريكا بأرض العراق لتحريره، ولتعثر على أسلحة الدمار الشامل التي تهدد العالم، فكيف يمكن أن تسمى دولة محتلة؟ صحيح أنها لم تحصل على غطاء الشرعية الدولية، ولكن نبل المقصد والنية السليمة تعلو على شكليات القانون! فهي لن تقبل أن تسمى دولة محتلة، لأن قبولها بذلك سيعيدها إلى تلك الشخصية المزدوجة التي جهدت على مدى قرنين لإزالتها من أذهان مواطنيها، وتأمل من عقول مواضيع هيمنتها. وكيف بها تذعن لهذر من هنا وثرثرة من هناك عن الاحتلال، الذي سيصدع بنيان الأسطورة التي يتغذى عليها الشعب الأمريكي، التي هي قاطرة الصناعة الثقافية التي تدر البلايين من الدولارات ناهيك عن وظيفتها المؤسسة للتاريخ الأمريكي. ذلك هذيان لن تعبأ به.

ثم إن هؤلاء الزاعقين بلغو الاحتلال، يهدفون إلى مرمى خبيث آخر. فكما يريدون أن ينتقصوا من دوافع الولايات المتحدة النبيلة وبواعثها الحضارية، فهم يريدونها أن تدفع ثمن نبلها، وأن لا تحظى بعوائد تمدينها للعراق وتحريره. فإن قبلت كما يريد المجتمع الدولي الخبيث منها بتسمية زيارتها للعراق احتلالا، فهي مضطرة بحكم القانون الدولي أن تتحمل أعباء الاحتلال، حينذاك صعب عليها أن تجبر العراق أو الدول الأخرى أن تتحمل كلف ما قامت به من أعمال نبيلة على رغم أنف العالم. والأدهى، أنها إذا قبلت بمرجعية الأمم المتحدة فإن إعمار العراق ونفط العراق لن يكونا على وجه ما تريد. فهؤلاء المنادين بالشرعية الدولية يرمون إلى حرمانها حقا اكتسبته بنبل صواريخها وأخلاقية قنابلها العنقودية.

 ومع ذلك، فأمريكا تجد أنها في ورطة. فإن لم يرفع الحصار عن العراق كما طالبت فستكون إن أقدمت على نقل الركاز وتحويل الغنائم العراقية منتهكة للشرعية الدولية، حيث خالفت رأي العالم في ضرورة حربها، كي تجبر العراق على احترامها! وإن ذهبت إلى الأمم المتحدة وقبلت بصفقة دولية تكون قد رجعت إلى نقطة البداية. فهي ترى أن سلوكها في العالم ينبغي أن لا يخضع لمتطلبات القانون الدولي السائد. كما أنها خططت لأن تكون منطقة الشرق الأوسط حاملة طائراتها الجديدة لتنطلق منها دورياتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية لكي تراقب الحدود الأوروبية والروسية. فإن قبلت بالصفقة تكون كل الكلف المعنوية والسياسية والمادية التي تحملتها خسارة فادحة.

وقد قررت أن تتصنع الجنون، كما فعلت في الأشهر الماضية. فبدأت تزبد وترعد، مرة تضيف فرنسا إلى قائمة سوريا وإيران، ومرة أخرى تهدد سورية وإيران، ومرة ثالثة تسعى بالفرقة بين الدول الكبرى، كما فعلت محامية الرذيلة كوندوليزا" نعاقب فرنسا، ونتجاهل ألمانيا، ونسامح روسيا". والأمر الأخير أخبث من الزبد المتناثر. فهي لا تستطيع أن تهدد روسيا، لأن ردود الفعل ستكون قاسية. وهي تلوح بالأمل لشرويدر حتى يثوب إلى رشده، وهي ترغب في معاقبة فرنسا حتى تقدم التنازلات، فلا تواصل دعم روسيا في مواقفها. ولكن أمريكا قد كسرت الجرة. فالدول الكبرى لم تصارع أمريكا على العراق حتى وإن كان هذا هو الظاهر، بل تواجهها دفاعا عن مصالحها الدولية التي يضمنها النظام الدولي القائم الذي تسعى أمريكا إلى تغييره رغما عن هذه البلدان. ويخطئ من يظن أن ما يخرج بين الفينة والأخرى من تصريحات هنا وهناك هي إمارات تدل على التراجع في القضية الأساسية، النظام الدولي القائم. فهذه التصريحات ليست إلا جزءا من عملية الصراع الذي من سماته الأساسية الكر والفر. فالصفقة ليست العراق بل تقسيم العالم. وليست التحالفات السياسية والعسكرية التي بدأت تنشأ في رحم هذا الصراع إلا إشارات حقيقية لمرحلة قادمة.

أما تهديد بلدان المنطقة، فهو ليس إلا من نوع الزبد المتناثر. فصقور أمريكا سبق أن أكدوا أن الحرب ستنتج سقوط بلدان المنطقة كسقوط أحجار الدومينو، أي أن سقوط العراق سيمكنهم من المنطقة بسهولة. وقد بنيت كل النظرية على فرضية واحدة بسيطة أن الأهوال التي مر بها العراقيون ستجعلهم يعاملون الأمريكان كمحررين على الأقل لسنة. حينذاك سيكون العراق منصة تنفيذ ما يريدون في المنطقة. لكنهم اكتشفوا لهولهم أنهم لم يتمكنوا من العراق. وأن الشعب العراقي لا يريد بقائهم يوما، ناهيك عن أن يكون مخلب الأمريكان. فأصابهم الذعر منذ الساعات الأولى. وهذه إمارات سيئة. فأصبحت القضية أن يحيدوا بلدان المنطقة، وأن ينالوا منها تنازلات بشأن بقائهم في العراق. فهم يريدون عزل الحالة الثورية العراقية والاستفراد بها. فإن نجحوا حين ذلك سيفعلون في الجوار ما أرادوا من قبل. فما تريده أمريكا أن تعتبر دول المنطقة وجودها في العراق زيارة وليس احتلالا. تماما كما أملت إسرائيل على الديمقراطي الفلسطيني رئيس الوزراء الشرعي بدباباتها أن يعتبر وجودها في فلسطين زيارة. والزائر لا يقاوم بل يحتفى به. ولن يطول الوقت بالديمقراطي الفلسطيني ليكتشف أنه اكتسب السيئتين، خسارة المجتمع الفلسطيني، وخلابة الكيان الإسرائيلي. لكن إن تصرفت البلدان المجاورة للعراق بما يجعل الوجود الأمريكي في العراق على أنه زيارة فلا تلومن في المستقبل إلا نفسها. فحينما يتمكن الذئب من الفريسة فسرعان ما سيبحث عن أخرى. ولن ينجي هذه البلدان إلا إذا خرجت بقول واحد وجرى تصرفها على مذهب واحد، أن الوجود الأمريكي في العراق احتلال. وليس هناك إلا وصفة وحيدة مجربة وصادقة وثابتة للاحتلال: المقاومة ثم المقاومة. 

 

كنعان



#خالد_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حينما نحول التاريخ إلى جينات
- حينما نحول التاريخ إلى جينات
- العجلة الأمريكية لرفع الحصار عن العراق
- مستقبل الجامعة العربية
- الإخفاق الأمريكي الذريع
- قمة بوش وبلير
- معذرة بغداد
- تطور مدرسة الحيل الشرعية العربية
- الديمقراطي الفلسطيني
- قمة تسليم مفاتيح بغداد
- الإفلاس السياسي للقيادة الفلسطينية
- مبدأ بوش: الحياة يستحقها الأقوياء فقط
- الديمقراطية الأمريكية
- مؤتمر استنبول لمنع الحرب!
- مؤتمر التضليل السياسي
- آفاق التحول الديمقراطي في البحرين- الاقتصاد السياسي للدولة ا ...


المزيد.....




- أين بوعلام صنصال؟.. اختفاء كاتب جزائري مؤيد لإسرائيل ومعاد ل ...
- في خطوة تثير التساؤلات.. أمين عام الناتو يزور ترامب في فلوري ...
- ألم الظهر - قلق صامت يؤثر على حياتك اليومية
- كاميرا مراقبة توثق لقطة درامية لأم تطلق كلبها نحو لصوص حاولو ...
- هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
- خبير عسكري: اعتماد الاحتلال إستراتيجية -التدمير والسحق- يسته ...
- عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائي ...
- الطريقة المثلى لتنظيف الأحذية الرياضية بـ3 مكونات منزلية
- حزب الله يبث مشاهد استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية بصواريخ -ن ...
- أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - خالد عبدالله - زيارة أم احتلال أمريكي للعراق!