|
سيمالكا: بين تجسير الهوة ، وهدم الجسور.
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 7119 - 2021 / 12 / 27 - 22:43
المحور:
القضية الكردية
معبر سيمالكا (فيش خابور)، هو معبر حدودي غير رسمي ، بين سوريا ، وكردستان العراق، عبر نهر دجلة. ويقع المعبر في محافظة دهوك ، ومن الجانب السوري يتبع قضاء – المالكية – ديريك ، محافظة الحسكة . بعد المواجهات العسكرية الدامية المؤسفة التي طالت أعواما بين مقاتلي الحزبين الرئسيين بكردستان العراق ( الديموقراطي الكردستاني و الاتحاد الوطني الكردستاني ) وتقاسم مناطق النفوذ ، وانفصال إدارة السليمانية عن عاصمة الإقليم في أربيل ، وفي الوقت ذاته اشتداد الحصار العسكري ، والاقتصادي من جانب حكومات بغداد المتعاقبة ، بدات سلطات الحزبين بإدارة المعابر الرسمية القديمة ، واقامة ، واستخدام معابر جديدة خاصة بمعزل عن حكومة بغداد ، مع الدول المجاورة ( ايران – تركيا – سوريا ) لكسر الحصار ،. والحصول على المساعدات ، واختراق جدران العزلة ، وتسيير أمور مواطني مناطق نفوذ الحزبين . استخدم معبر – سيمالكا – فش خابور – بالفترة الأولى ، بالطرق البدائية المقتصرة على نقل الافراد ، من جانب سلطات – الحزب الديموقراطي الكردستاني – العراق ، وبصورة محدودة ، غير معلنة ، منذ أواخر سبعينات القرن الماضي ، وذلك تلبية لضرورات تنقل أعضاء أطراف المعارضة العراقية من والى سوريا ، حيث كانت لها علاقات تعاون مع نظام حافظ الأسد . ومن اجل الحفاظ على سرية الحركة المتعلقة بالافراد والأمور الأخرى ؟! ، ولأن النظام السوري كان يعتبر العلاقة مع أطراف المعارضة العراقية والكردية شأنا أمنيا بحتا ، فقد سلم امر المعبر من الجانب السوري الى المخابرات العسكرية حيث كان يترأسها في محافظة الحسكة الضابط الأمني المعروف – محمد منصورة – الذي اقام ( مخفرا ) لجهازه على حافة – دجلة – من الجهة المقابلة لسيمالكا ، والذي ادارته سلطة – ب ي د – فيما بعد . وبالإضافة الى أن – منصورة – كان يعبر منه في زياراته الى أربيل فقد كان يستغل المعبر أيضا لاغراضه الأمنية ، والسياسية ، والمالية ، ويقايض البعض ممن يضطر الى العبور بشروطه ، وذلك بشراء الذمم ، والحصول على معلومات حول الحركة الكردية خصوصا ، وحسب علمي قدمت شكاوى عديدة من مواطنين عراقيين ، ومقيمين بهذا الخصوص الى القيادة السياسية ، والأمنية في أربيل . تم تنشيط حركة المعبر ، وتنظيم ادارته ، وتوفير المستلزمات اللوجستية اكثر اعتبارا من أواخر عام ٢٠١٢ بعد ان نزح اكثر من ٢٥٠ الف سوري الى كردستان العراق غالبيتهم الساحقة من الكرد ، وذلك بدواعي التواصل الإنساني والزيارات ، ومعالجة المرضى ، والتبادل التجاري . وبعد اعلان الحرب على قوات تنظيم الدولة الإسلامية – داعش – من جانب التحالف الدولي ، ازدادت أهمية المعبر الاستراتيجية ، بعد استخدامه للأغراض العسكرية ، ونقل السلاح ، والعتاد عبره للقوات الامريكية وحلفائها في مناطق سورية عديدة . ومما هو جدير بالذكر لاطلاع القراء ،فان تطورات الأوضاع الاستثنائية في كردستان العراق ، وظروف الاقتتال الداخلي ، والانقسامات السياسية ، في السنوات الماضية ، قد خلقت وقائع على الارض مازال بعضها قائما ، ومن بينها استفراد الحزبين الرئيسيين ( البارتي والاتحاد ) في مناطق نفوذهما ، بالاحتفاظ بمعابر في بعض نقاط الحدود المشتركة مع ايران ، وسوريا ، لم تخضع رسميا حتىى الان لحكومة ، وادارة إقليم كردستان العراق ، ومن بينها معبر – سيمالكا – فش خابور - ، وكذلك الامر فيما يتعلق بإدارة – ب ي د –للمعبر ذاته بالجانب السوري ، حيث يدار حزبيا أيضا . ومن جهة أخرى فان حكومات المركز الاتحادي ببغداد ، لاتعترف بشرعية مثل تلك المعابر ، بل تطالب في أوقات الازمة بالاستيلاء عليها ، كما حصل عام ٢٠١٧ – ٢٠١٨ ، بعد اجراء استفتاء تقرير المصير . وهنا وللامانة التاريخية يجب التميز بين طبيعة إدارة المعبر على جانبي الحدود ، حيث لايخطئ العين مدى اهتمام إدارة سيمالكا في ضفة كردستان العراق بسلامة ، وراحة العابرين ، وتنظيم أمور الجميع بروحية – إدارة دولة – وكذلك تسيير المعاملات التجارية بسلاسة ، ودون تميز ، بحيث لاتقارن بالعقلية الحزبوية ، والميليشياوية التي تدير المعبر بالطرف السوري ، وهي صورة معبرة عن النهج المغامر لجماعات – ب ك ك - ، من جانب آخر فان إدارة المعبر من جانب كردستان العراق تنتمي الى مؤسسات قومية ، ووطنية ، فيدرالية منتخبة ، وشرعية ، ومعترفة بالدستور العراقي ، والمجتمع الدولي ، اما الجانب الاخر من الحدود ، فتديرها مجموعات ميليشياوية لا تحظى بالاجماع الكردي ، ولا بقبول السورييين من معارضي النظام . خلال سنوات العقد الأخير ، ازدهر النشاط التجاري من خلال المعبر خصوصا بعد نصب جسر ضخم صالح لاستخدام الشاحنات ، والآليات المتوسطة والكبيرة ، على نهر دجلة يربط بين الطرفين المشرفين على تنظيم الجمارك ، ونقل الافراد ، وهما : سلطات الحزب الديموقراطي الكردستاني – العراق ، وسلطات الامر الواقع بالقامشلي التابعة ل – ب ي د - . حتىي الان لاتتوفر معلومات موثقة عن حجم التجارة المزدهرة ، والبضائع ، والسلع ، ورؤوس الماشية ، والمستفيدون كاحزاب ، ومؤسسات ، وافراد ، ولكن ماهومعلوم للعيان نمو فئات مليونيرية حديثة النعم من مسؤولي سلطة الامر الواقع وانصارها في قامشلو ، منذ اكثر من عقد من خلال معبر – سيمالكا – ،. من دون اغفال حقيقة تشغيل الالاف من الايدي العاملة على جانبي الحدود ، وتنشيط الدورة الاقتصادية في المدن ، والبلدات ، والقرى القريبة ، وهي على أي حال نسبة ضئيلة في مجتمع يعاني الفقر بغالبيته ، بشكل خاص في المناطق الكردية السورية . اذا كانت العلاقات السياسية قائمة ، ومتطورة ، بين سلطة جماعات – ب ك ك – والنظام السوري ، وتجارة النفط ، والسلع الغذائية نشطة ، والمواصلات على قدم وساق بين القامشلي وباقي مدن المحافظة من جهة ، وبين دمشق والمدن ، والبلدات التابعة لسلطة النظام ، واذا كانت رحلات مطار القامشلي المسيرة نحو دمشق لاتتوقف ، فان كل الادعاءات ضد سلطات إقليم كردستان ، واتهامها بوقف العبور ، والتجارة ، أو بتجويع كرد سوريا ، يبقى باطلا . فوق هذا وذاك فقد كانت العقلية الميليشياوية المغامرة التي تستولي على مقدرات الكرد السوريين ، تبحث عن معابر أخرى بالشراكة مع ميليشيا الحشد الشعبي العراقي وغيرها ، لحرمان شعب كردستان العراق من الفوائد الاقتصادية ، كما انها كانت تستخدم معبر سيمالكا لأغراض حزبية خاصة بما في ذلك التواصل مع قنديل ، وهي من ارادت غلق المعبر لحسابات خاطئة ، وهي من ستدفع الثمن بالنهاية . الاشقاء في إقليم كردستان العراق الذين وضعوا أساسا متينا لحقهم في تقرير المصير ، وحققوا إنجازا تاريخيا لشعبهم ، من كامل حقهم ان يصونوا امنهم القومي ، ويحافظوا على تجربتهم الواعدة ، ونحن واثقون انهم لا اليوم ولا بالمستقبل ، لن يفرطوا بمبادئ الاخوة ، والحرص على مصير أشقائهم الكرد السوريين . بات معروفا بجلاء طوال تاريخنا القديم والحديث ، ان ليس هناك عداء مزمن متأصل بين الكردي ، والكردي ، ولكن الأحزاب الكردية خاصة في العصر الحديث هي مصدر الفتنة ، والعداوة ، والاقتتال ، والكردي العادي غير المتحزب يدعو الىى الوحدة ، والوئام ، والتسامح ، ويعمل من اجل – تجسير – المسافات ، و – مد الجسور – للتفاهم ، اما الحزب ( الكردي السوري على وجه الخصوص ) فيؤجج الصراعات الجانبية ، ويهدم ، ويغلق الجسور ، كما في حالة جسر – سيمالكا - ، وختاما أقول :اغلاق هذا المعبر من شأنه تحجيم طموحات أحزاب – الانكسي – في المراهنة على محاصصة شرطة المعبر ،وواردات الجمارك ، مع إدارة – ب ي د – في الجانب السوري .
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مناقشة هادئة في مسألة قديمة – جديدة
-
مناقشة صريحة عن بعد لقائد قوات - قسد -
-
تداعيات - حزبنة - العلاقات الكردية – الكردية
-
مؤتمر ( الجاليات الكردية ) في أربيل : قراءة موضوعية
-
في الذكرى السابعة بعد المائة لاستشهاد الشيخ - القومي -
-
مخاطر الإسلام السياسي على تجربة كردستان العراق
-
نموذج يحتذى به في الحركة التحررية الكردستانية
-
القضية الكردية في ندوة - دهوك -
-
قراءة أولية لوثيقتي - التطبيع العربي - مع النظام السوري
-
شعوب الشرق الأوسط والقلق المشروع
-
شركاء السطو على الشرعية في سوريا : النظا
...
-
نداء برسم الاشقاء في أربيل قبل فوات الاوان
-
في تصدعات أحزاب المجلس الكردي
-
كردستان العراق : من القومية الى الثنائية الوطنية
-
هل بقي مايجمع بين عامة الناس والنخب الحزبية
-
القضية السورية في ذروة التجاذبات الخارجية
-
نيجيرفان بارزاني من البحث عن الهوية الى تجسيدها
-
قراءة في ظاهرة التجارب الفاشلة
-
- اللاثابت - في المتحول الأمريكي ( كرديا )
-
محاولة في فهم مجريات ومآلات الحدث الافغاني
المزيد.....
-
بتسليم الأسرى.. فصائل غزة تتحدى إسرائيل
-
إصابة شابين بالرصاص واعتقال طفل خلال اقتحام الاحتلال غرب رام
...
-
إسرائيل تكشف شروطها لاستئناف الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين
-
تقرير ميداني:الاحتلال يخنق الضفة الغربية بمئات الحواجز والبو
...
-
ترصد معاناة الأطفال حول العالم: صور اليونيسف لعام 2024
-
اعتقال مواطن أوكراني بعد الاشتباه بتورطه في التخطيط لانقلاب
...
-
الإفراج عن الدفعة الثالثة من الأسرى الفلسطينيين ضمن اتفاق وق
...
-
حماس: مستمرون حتى إفراغ السجون الإسرائيلية من الأسرى الفلسطي
...
-
الاحتلال يفرج عن الدفعة الثالثة من المعتقلين ضمن اتفاق وقف إ
...
-
مشاهد توثق اللحظات الأولى للقاء الأسرى الفلسطينيين بعائلاتهم
...
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|