اسكندر أمبروز
الحوار المتمدن-العدد: 7118 - 2021 / 12 / 26 - 20:00
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
بعد الحرب العالمية الثانية خرجت دول عديدة كايابان وألمانيا وايطاليا والاتحاد السوفييتي مدمرة تماما ، حيث خسرت مدنا بأكملها ، وعادت شعوبها للعيش في بيئة تشبه بيئة العصور الحجرية ، لا بل أن بعض المناطق كمدينة دريزدن في ألمانيا وستالينغراد كان قد تم تسويتها بالأرض بسبب الحرب واجرام الطرف الآخر.
ولكن عادت تلك الدول الى مقدمة العالم من جميع النواحي ، ونهضت بنفسها وبإرادة شعوبها ، وبثقافة العمل والانتاج واحترام العلم والمعرفة ، استطاعت أن تضع خراب الحرب ورائها ، لا بل بأن تنافس الدول العظمى التي هزمتها اقتصاديا ، كالاكتساح الياباني لأسواق الولايات المتحدة في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي.
وكمثال آخر نرى دولا لم تشارك بالحرب ولكنها كانت تحت حكم الاستعمار لسنوات طوال ، ككوريا ، ودول البلطيق كاستونيا ولاتفيا وليثوانيا ، وبولندا التي تم محوها تماما عن الخريطة مرتين ووقعت تحت الاستعمار لقرون أيضا.
وكل هذه الدول التي تعرضت للاستعمار نهضت فيما بعد ، وقدمت نفسها للعالم من جديد كدول ناجحة وصاعدة وقوية ومنتجة.
والآن قارنوا معي هذه الدول التي تعرضت للخراب الكامل ، والاستعمار القاسي ، مع دول بهائم الصحراء ، فعوضا عن النهوض والتعلم من أخطاء الماضي ، والتقدم باستخدام العلم والمعرفة والتعلم من الدول الناجحة ، نرى البهائم اليوم يتباكون ويضعون الاستعمار كحجة لانحطاطهم الفكري والاخلاقي ، وتخلفهم العقلي والاقتصادي والعسكري ووووو....الخ.
وطبعا الاستعمار ليس حجة ، والذي يريد النجاح والتقدم لن يعيد اجترار الماضي الفاشل والمخزي ، بل سينظر للمستقبل وسيتعلم من الناجحين عوضا عن التمسك بهراء سفيه من القرن السابع ، ويتحجج ويعلق فشله على شماعة الآخرين.
الكثير من دول العالم تعرضت للاستعمار ، لا بل استعمار أسوأ بمليون مرة من الاستعمار الفرنسي والبريطاني الذي خضع له صعاليك الصحراء , كالاستعمار الياباني للصين الذي نسف ملايين البشر فيها , أو الاستعمار الاسلامي للهند الذي أودى بحياة عشرات الملايين على مرّ القرون والحقب وهو ما ناقشناه هنا لم يريد الاضطلاع...
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=727325
ولكن الفرق بين هذا وذاك هو الشعوب التي تعرضت للاستعمار ، وثقافة هذه الشعوب ، فالشعب والثقافة الناجحة لن يوقفها لا استعمار ولا خراب كامل شامل ولا أي شيء ، فهي منتجة بطبعها قوية بإرادتها وعظيمة بقيمها ، وأما شعوبنا فهي على عكس هذا تماما ، فلا تلوموا الاستعمار يا سفهاء بل لوموا أنفسكم ودينكم القذر الذي أوصلكم لهذه الحال من الانحطاط والرجعية ، لعلكم تلحظون المرض وتبدأوا بعلاجه عوضا عن العويل والبكاء كالأطفال.
#اسكندر_أمبروز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟