|
التحالف الاشتراكي .. بداية جادة واعدة في حركة اليسار المصري
بدر الدين شنن
الحوار المتمدن-العدد: 1658 - 2006 / 8 / 30 - 11:05
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
لقد كابد الشعب المصري طويلاً من تغييب وغياب وتذرر قواه اليسارية ، ما أحدث خللاً سلبياً مدمراً في الفضاء المصري السياسي ، ورهن الخيار الجماهيري لثنائية ، إما نظام ا ستبدادي لصوصي قائم وإما نظام ا ستبدادي آخر ملتبس ، وأضعف مسارات إنجاز المهام الوطنية والديمقراطية ةالاجتماعية . وقد أثبتت الانتخابات البرلمانية الأخيرة هذه الحقيقة المرة ، الأمر الذي سرع في عملية تجسير العلاقة بين قوى اليسار والإرتقاء بها إلى صيغة جادة وفعالة توفر الدور المنتظر من اليسار أداؤه في " أزمة وطنية عميقة تتفاقم يوماً بعد يوم ، وتهدد كيان المجتمع المصري .. أزمة شملت مختلف جوانب الحياة اللاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية في المجتمع "
في مواجهة هذه الأزمة أين دور اليسار ؟ للإجابة على هذا السؤال إلتقت سبعة أحزاب ومنظمات يسارية ، في العشرين آب 2006 ، في مقر حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي وقررت تشكيل " التحالف الاشتراكي " الذي ضم كل من حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي وحزب الشعب الاشتراكي وحزب الكرامة والحزب الشيوعي المصري والاشتراكيون الثوريون ومركز العدالة للحقوق الاقتصادية والمركز الاجتماعي المصري ، وهي جميعاً تناضل " من أجل ا ستكمال التطور الديمقراطي للمجتمع المصري وتحقيق العدالة الاجتماعية في توزيع الدخل القومي وتأمين اللاستقلال الوطني لمصر
واللافت في حيثيات تشكيل " التحالف الاشتراكي المصري ، هو المقاربة المشتركة بين قوى التحالف لعناصر الأزمة التي تعاني منها الأكثرية الساحقة من المجتمع المصري " التي يتحمل عذاباتها عشرات الملايين من الرجال والنساء والأطفال ، وهو الربط العضوي للمهام الوطنية والديمقراطية والاجتماعي والقومية ، دون تراتب في الأولويات ، ودون ربط هذه المهام بدعم الخارج .. وخاصة بالدعم الأميركي . بل ويؤكد على " أن الوحدة النضالية لليسار المصري من أجل الدفاع عن مصالح الشعب ، وقضايا تقدم المجتمع هو السبيل لأن تصبح القوى الاشتراكية المختلفة في مصر قطباً فعالاً في الصراع الدائر حول مستقبل البلاد ومحور يجذب القوى السياسية والاجتماعية الأخرى ، التي تحتم عليها مصالحها الوقوف في مواجهة الرأسمالية الليبرالية المستندة إلى الاستعمار الجديد الأميركي والأوربي وشركاته العابرة للأوطان ، والنظم الشمولية المتعاونة معه "
واللافت أيضاً تحديد قوى التحالف الاشتراكي هدفها الاستراتيجي ، وهو إقامة الاشتراكية على أرض مصر . ومما جاء في تحديد خصائص قوى التحالف النضال من أجل تجاوز الرأسمالية إلى نظام اقتصادي اجتماعي سياسي أرقى هو النظام الاشتراكي - الانحياز لكافة الفئات العاملة بأجر من عمال وفلاحين ومهمشين - النضال من أجل إقامة التغيير الديمقراطي للمجتمع الذي يتيح أوسع ا ستجابة لمصالح الطبقات الشعبية في التغيير - النضال من أجل إقامة الدولة المدنية القائمة على التعددية السياسية والمدنية والثقافية ، وإ شاعة العقلانية واحترام المواثيق الدولية وفصل الدين عن الدولة وعدم التييز بين المواطنين ورفض التعصب الديني أو القومي مناهضة الامبريالية الجديدة وشركاتها العابرة للقوميات ومناهضة الصهيونية والمشاركة في النضال العالمي للقوى الاشتراكية من أجل التحرر والتقدم -
وفي تحديد أهداف التحالف نوردها بإيجاز بمايلي تحرير الوطن من أغلال التبعية السياسية للإمبريالية والتبعية الاقتصادية للرأسمالية العالمية ومؤسساتها المالية والتجارية الدولية . وتشديد النضال ضد كل اشكال الهيمنة الأمريكية في المنطقة دعم النضال التحرري العربي ضد التغلغل السياسي والاقتصادي الصهيوني ، ومساندة الشعب الفلسطيني في نضاله العادل ضد العدوان الصهيوني ومن أجل تحرير ارضه المغتصبة وتحرير الأرض في سوريا وبسـط السـيـادة المـصـريـة الـكـامـلـة عـلـى سـيـنـاء إقرار حق المواطنة الكاملة لكل المصريين ، ومناهضة كل أشكال القهر والتمييز بين المواطنين في حقوق المواطنة على أساس الدين أو العرق أو الجنس .. رفض سياسات الخصخصة سواء في قطاع الانتاج أو الخدمات حماية للثروة الوطنية والحقوق المستقرة للمواطنين في نصيب عادل من ثروة البلاد مواجهة الاستغلال الرأسمالي وتحقيق العدالة في توزيع الدخل القومي .. دعم النضال الشعبي العربي المشترك وتحقيق التنمية التكاملية العربية ، مع احترام خصوصية كل بلد عربي التضامن مع كل القوى العالمية والاقليمية المناهضة للهيمنة الأمريكية والمشاركة معها في تحقيق عولمة إنسانية بديلة التضامن مع المقاومة الوطنية في العراق وفلسطين لتحريرهما من الاحتلال الأمريكي والصهيوني
ومما لاشك فيه ، أن عزم قوى التحالف الاشتراكي على تجاوز أوضاعها النخبوية ، وتصميمها على خلق حالة جماهيرية أساسها التواصل مع دوائر جماهيرية أوسع با ستمرار ، وإبداع آليات تسمح بتطوير الجانب التنظيمي لحركة التحالف ، والجمع بين القضية الوطنية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية يعبر عن فهم عميق لخصوصية المرحلة الراهنة . على أن اللافت ، الذي يبنى عليه الكثير من الدلالات ، أن ما جاء في سياق بيان التحالف الاشتراكي في توصيف أزمة المجتمع المصري ، وفي تحديد خصوصية قوى التحالف والمدعوة للإشتراك به ، وفي أهداف التحالف ، قد حدد وبوضوح التناقض الرئيس القائم في المرحلة الراهنة هو ، التناقض بين الاستعمار الجديد الأميركي والأوربي وشركاته العابرة للأوطان والاستبداد وبين الأكثرية الساحقة في المجتمع المصري . وحسب ما يقتضيه هذا التناقض بنى التحالف رؤاه وبرنامجه على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، وحدد خياره ب " النظام الاشتراكي الذي يقود المجتمع المصري على طريق التقدم والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والعقلانية " أي أنه ربط العدالة الاجتماعية بالنظام الاشتراكي
وعليه يمكننا اعتبار ، أن الخيار الاشتراكي للتحالف لم يكن خيارأ إرتجالياً أو مجرد عنوان ، وإنما هو نتاج معاناة قاسية ورؤى ناضجة ومقاربة ثورية علمية لواقع المجتمع المصري ، إن برنامج التحالف الاشتراكي المصري يستحق القراءة مرات ومرات .. ويستحق الاهتمام والاحترام .. لعله يجدد ويوحد اليسار المصري الذي طال إنتظاره .. ويقدم المثال لوحدة اليسار في البلدان العربية الأخرى .. ويفتح الأمل لوحدة اليسار على مستوى الوطن العربي
#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أفول الأسطورة الإسرائيلية .. مهام متعددة في معركة واحدة
-
لماذا ثقافة المقاومة .. ؟
-
الوطنية الديمقراطية في زمن الحرب
-
من هم أصدقاء أولمرت من الحكام العرب .. ؟
-
حرب لبنان .. العودة إلى حقائق الصراع العربي الإسرائيلي .. 2
-
حرب لبنان .. العودة إلى حقائق الصراع العربي الإسرائيلي
-
حرب لبنان .. والمسؤوليات التاريخية
-
حرب غزة .. والسؤال الآن .. !! ؟
-
وقفة إجلال وتضامن مع حرية الصحافة في مصر
-
بؤس السياسة السورية الراهنة
-
اختراق عابر أم إنذار حرب .. ؟
-
النظام في دائرة النار .. أي مؤتمر تحتاجه سوريا .. ؟
-
مائة شكر وامتنان للحوار المتمدن
-
من القمع السياسي إلى القمع الاقتصادي .. تحولات بالاتجاه المع
...
-
الكواكبي يصارع الأفعى مرتين
-
من هو قاتل الطفلة حنان المحمد ؟
-
الطبقة العاملة تدق أبواب دمشق
-
احتفاء ب - حفيد امريْ القيس
-
إعادة إنتاج الاستبداد .. من قمع عرفي إلى قمع - قانوني
-
المعارضة السورية ومفترق الطرق
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|