|
الأنفال سورة حزن الكردي الكبرى
كرم يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 1658 - 2006 / 8 / 30 - 10:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
التشريع الصدامي باختيار سورة الأنفال اسماً على وشم أكثر من 182 ألف كردي بوشم الموت لهو تشريع بوقف دورة الدم الكردي، وبإذنٍ إلهي أجاز صدام لنفسه الحصول عليه مادام كان يعتقد أنَّه هو من يدير عنفات الكواكب ، وأنَّه باق إلى الأبد..!.
هذا الاختيار الأكثر حزناً، إن لم يقع على سورة الأنفال، فإنَّه كان سيقع بالتأكيد على واحدة من المئة وأربع عشرة سورة قرآنية ، ولا استغراب في أنَّ صدام كان يود أن تكون كل سورُ القرآن أنفالاً بحق الكرد، هذا إن دام عزه، و ساد حكمه ، ليكون كاليري الدفن الكردي، ولتكون مائدة الجسد الكردي رقماً جديداً، لواحد من أعتى الدكتاتوريات ، في إراقة دم شعبه، ضمن موسوعة الكراهية، حيث كلٌ يعلم أنَّ الدكتاتور،أ والسفاح ،على وهم، بأنَّهما لن يكونا جديرين باسميهما ، إلا إذا عجزا عن إحصاء ضحاياهما..!
في أيام محاكمة صدام ،على واحدة من كبريات جرائمه، وبعد مرور 18 عاماً على رحلة المؤنفلين الأبدية إلى الموت ،أجزم ، أنَّ مجرّد التعاطف مع صدام ليعد إرهاباً.
إنَّ طاغية بحجم صدام ،وكل ما تعنيه كلمة" صدام" من قبح و قتل ، ليس بالهين أن يبكي أمام شاشات التلفزة التي تنقل وقائع محاكمته،و إنَّ تفوه صدام بتلك الكلمات التسويغية البائسة ، التي دافع بها عن نفسه ،هو آخر ما يستطيع أن يقنع بها ممن أقنعهم سابقاً بانتصاراته ، وأمجاده الخلبية، ونياشينه الرخيصة، التي حصل عليها بأوامره الشخصية،و إنّ الذي يتهرطق به صدام حسين هو استكمال للجرائم الفظيعة التي ارتكبها، فهو حين يدافع عن نفسه بقتل 164 شخصاً من أهالي الدجيل ، و182 ألفاً من الكرد، أنَّما يؤكد شرعية مافعل، وعدم توانيه عن تكرار ما فعل، في ما لو عاد ، وهيهات له ولأمثاله ذلك.......!
ترى هل يصدق، بأنَّ وليداً في أشهره الأولى، أو طفلاً لا يزال في أحشاء أمه ، يمكن أن يصنف بأنه عميل للنظام الإيراني، حتى يتم قتله على عمالته، هذا إذا افترضنا أنَّ الشيوخ والرجال والنساء بأكملهم عملاء للنظام الإيراني ، الذي لم يقل عنه انتهاكاً لحقوق الكرد .
أستغرب كثيراً الصمت العالمي إزاء كل ماحدث في العراق، دون الالتفات إلا إلى أسلحة الدمار الشامل التي كانت بحوزة النظام المخلوع ، هل أنَّ دماء العراقيين ، عرباً وكردا ً وسواهم ، لم تكن لتستحق وقفة إدانة ، أم أنَّه حين بدأ صدام يشكل خطراً على مصالح دولهم، ومواطنيهم بامتلاكه أسلحة الدمار الشامل، آنئذ بدأ بالتدخل في العراق، لنزع أسلحته التي منحه إياها بنفسه ،. وليس تقرير هيومن ووتش رايتس عام 1994 إلا أكبر دليل على التواطؤ الدولي ،حينما رفعت المنظمة تقريرها إلى محكمة العدل الدولية بلاهاي لتحاكم صدام كمجرم حرب بعد ارتكابه جرائم حرب في قضية الأنفال إلا أنَّ قرار هيومن ووتش رايتس مرَّ دون أي اهتمام دولي، علاوةً على نداءات أخرى أطلقتها المنظمة عينها! التصفيق لصدام، وهو وراء قضبانه الأبدية، يعني تسفير سماء، وشمس وقمر مخردلة، من جديد إلى العراقيين ، يعني أن يعود الموت إلى عهده السابق، وأن يلد الموت أطفالاً بحجم الحقد، وأن لا تتوقف نافورة الدم العراقي، إلى مالا نهاية.!
أرى أنَّ أنفال صدام حسين، هي واحدة من أنفالٍ كثيرة حلّت سابقاً بالكرد ، ولا تزال تحلّ بهم إلى الآن ، ولكن، قد لاتحتاج دوماً إلى حجم ضحايا أنفال صدام، لكي لا يكون نصيبنا نحن الكرد من تحاصص الحزن كبيراً!....
حتى الآن، لا ادري السبب الذي يمنع المثقف العربي، من الإدلاء بشهادته، ورأيه إزاء واحدة من كبريات الجرائم التي تعرّض لها أخوتهم الكرد، جغرافياً، ودينياً، ترى هل السبب هو أنَّهم سيضطرون إلى إدانة صدام ومرتزقته، أم أنَّ الهم الكردي لا يستحقّ الوقوف عنده، والمثقف العربي هو الأكثر درايةً بتعاطف المثقف الكردي مع الهم العربي ،سواء أكان ذلك بأقلامهم، أم بتضحياتهم المباشرة ، أليست ذكرى محاكمة صدام حسين فرصة جديدة للمثقف العربي ، كي يعيد الدين لشعب رسم قدره في قوس قزح مشترك مع العرب؟ ، وعلينا هنا ألا ننسى أقلاماً عربية، شهمة، قليلة، ظلّت دوماً وإلى الآن وفية للكرد أمثال : زهير كاظم عبود، أحمد أبو مطر، د. منذر الفضل، عبد الحسين شعبان....وسواهم .
ترى هل سيحاكم صدام وأعوانه أيضاً على ذكريات وأحلام كانت في عدوها إلى الحياة لأولئك القرويين الكرد المؤنفلين؟.
ترى هل سيحاسب صدام على الحجارة، الأشجار، البيوت، السماء، الأرض،و الحرية التي أُنفلت؟.
أو هل سيحاسب صدام وأعوانه على الحزن ذي القامة العالية لذوي المؤنفلين، وعلى دموعهم، وعلى التعانق المسموم بالخردل والدفن حياً ....!؟ وهل أنَّ إعداماً واحداً لصدام سيعيد الفرحة إلى قلوب ذوي المؤنفلين...
#كرم_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الرياضة كأمثل حوار للحضارات
-
العراقيّ يحمل كفنه أينما ذهب!
-
هل يحتاج السوري إلى وصاية أكبر ....؟
المزيد.....
-
صدق أو لا تصدق.. العثور على زعيم -كارتيل- مكسيكي وكيف يعيش ب
...
-
لفهم خطورة الأمر.. إليكم عدد الرؤوس النووية الروسية الممكن ح
...
-
الشرطة تنفذ تفجيراً متحكما به خارج السفارة الأمريكية في لندن
...
-
المليارديريان إيلون ماسك وجيف بيزوس يتنازعان علنًا بشأن ترام
...
-
كرملين روستوف.. تحفة معمارية روسية من قصص الخيال! (صور)
-
إيران تنوي تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة رداً على انتقادات لوك
...
-
العراق.. توجيه عاجل بإخلاء بناية حكومية في البصرة بعد العثور
...
-
الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا استعدادا لضرب منطقة جديدة في ضا
...
-
-أحسن رد من بوتين على تعنّت الغرب-.. صدى صاروخ -أوريشنيك- يص
...
-
درونات -تشيرنيكا-2- الروسية تثبت جدارتها في المعارك
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|