أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - نيل فولكنر - معنى الميلاد: تحليل ماركسي















المزيد.....


معنى الميلاد: تحليل ماركسي


نيل فولكنر

الحوار المتمدن-العدد: 7115 - 2021 / 12 / 23 - 22:23
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


نشر المقال باللغة الانكليزية بتاريخ 18 كانون الأول/ديسمبر عام 2021 في موقع anticapitalistresistance.org

لم يكن عيد الميلاد بالأصل عيداً مسيحياً. استحوذت عليه الكنيسة في القرن الرابع بعد الميلاد (ب.م.)، في ذلك الحين أصبحت المسيحية دين الدولة الرسمي للإمبراطورية الرومانية. كان الاستحواذ جزءاً من برنامج شامل للقيادة من خلال التحويل الجماعي عن طريق التنصير البطيء والخفي للممارسات الوثنية التقليدية.

كانت المسيحية من اختراع مار بولس في أواسط القرن الأول ب. م.. ومن ثم أضيف الطابع الرسمي عليها من قبل كتّاب الإنجيل (متى ومرقس ولوقا ويوحنا) في نهاية ذلك القرن. طوال 200 سنة تقريباً، فتحت الكنيسة الطريق مستغلة التنامي الاجتماعي للإمبراطورية الرومانية، مستهدفة الفقراء بشكل رئيسي ومستقطبة أي شخص يريد الانضمام إليها.

مع بداية القرن الرابع ب. م.، أصبحت الكنيسة أكبر منظمة دينية في الامبراطورية، وكان قرار الإمبراطور قسطنطين الأكبر بتشريعها وإقامة تحالف بين الدولة والكنيسة ضربة ذكية للسياسة الواقعية. فقد خلقت مزيجاً من القوة العسكرية والأيديولوجية التي أسست الحضارة الغربية في العصور الوسطى.

بالمناسبة، كان يسوع مدرساً دينياً يهودياً في بداية القرن الأول. لم يدّعِ أنه إله، ولم يكن بإمكانه فعل ذلك، في الواقع، لأن هذا الادعاء التجديفي سيؤدي إلى تدمير أي إمكانية لبناء جماعة تتبعه. بدلاً من ذلك، كان جزءاً من التأجج المتنامي للراديكالية السياسية-الدينية التي انفجرت عبر ثورة مناهضة للإمبراطورية بين عامي 66 و73. لكن هذه قصة ثانية.

أسطورة مسيحية

كانت المسيحية هجيناً غريباً، كوكتيلاً من اليهودية الراديكالية والوثنية اليونانية. لم يعرف مار بولس يسوع أبداً. كان يهودياً يونانياً من طرسوس (في تركيا) اعتنق الدين المسيحي بعد عقدين على وفاة يسوع، وثم غيّره عبر جمعه مع عبادة إله الخصوبة اليوناني.

لنأخذ أسطورة مريم العذراء، “والدة الله”، المرسومة ملايين المرات مع طفل خلال الـ 1500 سنة الماضية، إنها خليفة مباشرة لإلهة أم الأرض البدائية، والتي، بحسب أساطير العصر البرونزي وما قبله، حملت من إله السماء الذكر. الأخير، بعد أن قام بواجبه، مات فوراً، ولكن كان لا بد من إحيائه، وذلك لتأمين استمرارية الدورة السنوية للحياة والموت.

من خلال إعادة تشكيل مسيحي غريب للأسطورة، ينقسم الله إلى ثلاثة: الله الآب، الله الابن والله الروح القدس. الأولان مهمان، فتقول القصة إن العذراء مريم حملت من الله الآب، وأنجبت الله الابن، وأن الأخير قتل وقام من الموت. لكن الأصل الوثني للأسطورة شديد الوضوح.

بالمناسبة، يمكن ملاحظة حلول العذراء مريم، خلال التطور المبكر للمسيحية، مراراً وتكراراً مكان الآلهة الوثنية المحلية كمرتكز العبادة. على سبيل المثال، في بايستوم في جنوبي إيطاليا، رسمت الإلهة هيرا وهي تحمل بيدها ثمرة الرمان كرمز للخصوبة في العصرين اليوناني والروماني؛ ولاحقاً يمكن ملاحظة في الكنائس المحلية خلال العصور الوسطى، أن مريم العذراء باتت تحضن الطفل يسوع بيدها اليمنى وتحمل بيسراها ثمرة الرمان.

الانقلاب الشتوي

كان مهرجان منتصف الشتاء مهماً جداً بحيث لا يمكن للكنيسة تجاهله. لا حاجة إلى القول أنه لم يكن لدى أي أحد فكرة تاريخ ولادة يسوع. فاختارت الكنيسة تاريخ 25 كانون الأول/ديسمبر لأنه كان تاريخاً قريباً من الانقلاب الشتوي (21 كانون الأول/ديسمبر).

كان الانقلاب الشمسي محط اهتمام عبادة الخصوبة للآلاف وربما عشرات الآلاف طوال سنوات. والسبب كان بسيطاً: أقصر نهار، وأطول ليل، كانا نقطة تحول تقويمية، ولحظة زمنية معينة ومقلقة، لأن كل الحياة تتوقف بانتظار الصيف.

تعكس نصف رمزية احتفالات عيد الميلاد المعاصرة أصولها في عبادة الخصوبة السابقة للمسيحية. شجرة الميلاد، دائمة الخضرة، والدلالات المقدسة للديكور، وتعليق الطحالب، وسوى ذلك، التي تجسد استمرارية الحياة خلال عتمة الشتاء، وترشد الطريق إلى تجددها [الحياة] في فصل الربيع.

خلال القرون الوسطى، لم تكن “كعكة الميلاد Yule Log” غنية بالشوكولا (لم نكن نعرف الشوكولا قبل بدء التجارة مع القارة الأميركية) إنما كانت جذع شجرة حقيقية، تشعل فيه النار ومن المفترض أن يستمر الاحتراق طيلة 12 يوماً بدءاً من عيد الميلاد. الزخارف المصنّعة، التي حلت مكان الزخارف الطبيعية، هي سليلة القرن العشرين للأشجار والجذوع الدائمة الخضرة.

يبدو أن شجرة الميلاد وكعكة الميلاد لهما أصول نرويجية و/أو جرمانية. وكذلك، بابا نويل. قد يكون دمجاً حديثاً من الإله الاسكندنافي/التوتوني أودين/وودين والقديس المسيحي الشرقي نيوكلاس.

كما يظهر في أشكال أخرى، الرجل الأخضر، إله الخصوبة الذي يظهر بشكل متكرر في الزينة المنحوتة في الكنائس خلال العصور الوسطى ولكنه بات حالياً مألوفاً أكثر كعلامة لِـحانة، وهذا تجسّد آخر. لا بد من الإشارة إلى أنه في الكثير من الدول الأوروبية، ما زال بابا نويل يرتدي الثياب الخضراء وليس الحمراء. ولماذا ينزل من المدخنة؟ لأنه إله الخصوبة والمدخنة تجسد قضيباً رمزياً.

انقلاب العالم رأساً على عقب

هناك الكثير يمكن قوله عن الانقلاب الشتوي باعتباره لحظة محددة. تعني هذه الكلمة حرفياً “العتبة”؛ أي لحظة أو فضاء ليس شيئاً وليس آخراً، إنما يتضمن انتقالاً بين حالتين، بحيث نجد أنفسنا في حالة من الصيرورة. وهذا ما يجعلنا قلقين. الأنثروبولوجيا مليئة بالأمور المتعلقة بالدلالة الرمزية للخصوبة. يتميز الانقلاب الشمسي، وبالتالي عيد الميلاد، بهذه الميزة.

كان يحصل الاحتفال بمهرجان منتصف الشتاء الروماني- عيد الساتورن- عبر عكس الأدوار حين ينتظر السادة عبيدهم في وليمة خاصة.

وفقاً للأسطورة القديمة، أسقط الإله جوبيتر الإله زحل. مثل الأول نظاماً جديداً يقوم على النظام الأبوي والملكية والسلطة- أي مجتمع طبقي. كان الأخير مرتبطاً بعصر ذهبي ضائع للمساواة. (النسخة المسيحية من هذه الأسطورة، هي من دون شك، قصة آدم وحواء في جنة عدن). وهكذا، في عيد الساتورن، الذي أقيم بهدف تكريم الإله القديم الخيّر، كان مناسباً جداً أن يكون السادة عبيداً ليوم واحد.

تضمنت نسخة القرون الوسطى من عيد الميلاد لورد ميسرول، الذي هو من عامة الناس وتوج ملكاً ليوم أو أكثر خلال الاحتفالات بالميلاد. وتزعّم أعمال الشغب والولائم والشرب والموسيقى والرقص واللعب والفسق. وبالتالي، للحظة من الزمن توقف العمل، وتلاشت السلطة وانشق الناس وانقلب العالم رأساً على عقب.

عشاء احتفالي

ولكن لماذا تنظم الولائم والشرب؟ يعود ذلك بشكل جزئي إلى أن تشارك الطعام والشراب أمر جوهري للتضامن البشري، ولكن أيضاً لأن طعام الميلاد يجسد المكافأة التي ننتظرها مع فصل الشتاء بانتظار عودة الربيع وتجدد الحياة وبالتالي الحصول على محاصيل العام الجديد.

الولائم هي نوع آخر من أنواع سحر الخصوبة، حيث نجسد بشكل رمزي ما نتمناه. فنتناول طعاماً مميزاً للدلالة إلى أهمية الاحتفال، ولكن كذلك للدلالة إلى فضل الطبيعة- بالتالي، على سبيل المثال، الكعك والفطائر والحلويات المليئة بالفاكهة المجففة، هي حصيلة حصاد العام المنصرم.

لا حرج بالاحتفال بعيد الميلاد. فهو عيد بدائي وثني، وهو متجذر في ذاتنا الجماعية. يعبّر عن توق إنساني أساسي للعمل الجماعي والتضامن. ويربطنا بأقرب الناس إلينا.

فلنتجاهل الاستحواذ المسيحي، والاستغلال التجاري المتزايد، والعاطفة السطحية لحكامنا وأتباعهم: عيد منتصف الشتاء هو ملك لعامة الناس.



#نيل_فولكنر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- صوفيا ملك// لنبدأ بإعطاء القيمة والوزن للأفعال وليس للأقوال ...
- الليبراليون في كندا يحددون خليفة لترودو في حال استقالته
- الشيوعي العراقي: نحو تعزيز حركة السلم والتضامن
- كلمة الرفيق جمال براجع الأمين العام لحزب النهج الديمقراطي ال ...
- الفصائل الفلسطينية تخوض اشتباكات ضارية من مسافة صفر وسط مخيم ...
- الجيش اللبناني: تسلمنا مواقع عسكرية من الفصائل الفلسطينية
- مباشر: حزب النهج الديمقراطي العمالي يخلد ذكرى شهداء الشعب ال ...
- مظلوم عبدي لفرانس24: -لسنا امتدادا لحزب العمال الكردستاني وم ...
- لبنان يسارع للكشف عن مصير المفقودين والمخفيين قسرا في سوريا ...
- متضامنون مع «نقابة العاملين بأندية هيئة قناة السويس» وحق الت ...


المزيد.....

- نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد / حامد فضل الله
- الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل / آدم بوث
- الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها ... / غازي الصوراني
- الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟ / محمد حسام
- طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و ... / شادي الشماوي
- النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا ... / حسام عامر
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ... / أزيكي عمر
- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - نيل فولكنر - معنى الميلاد: تحليل ماركسي