تاريخ السلوك البشري(ماقبل النيولت ومابعد النيولت*

محمد اسماعيل السراي

الحوار المتمدن-العدد: 7115 - 2021 / 12 / 23 - 14:39
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

السلوك البشري منذ حقبة تاريخ الطعام او تاريخ البقاء ، او ما يمكن ان نسميه سلوك حقبة الحياة البايلوحية، اي الحقبة التي عاشها او عاشتها الانواع البشرية فقط لكي تستمر حياتياً ،،لتعيش فقط،، السلوك البشري في هذه الحقبة التاريخية القديمة القائمة على التنافس الشديد على مصادر الطعام كان يتميز بالفردانية والانانية و سلوك المجاميع الصغيرة التي تفتقر نوعا ما الى السلوك او بشكل اكثر تحديدا انها تفتقر للسلوك الجمعي المميز ،بل هنالك سلوكا فرديا طاغيا و سلوك جماعي بسيط جدا قائم فقط على مشاركة الطعام التكاثر والصيد و الحياة الاجتماعية البسيطة. حدث هذا منذ ظهور اول نوع بشري (الهومو هابلييس) قبل حوالي ٢،٧ مليون عام وتنتهي هذه الحقبة التاريخية الطويلة فقط الى حوالي ١٠ الاف عام ، اي طوال حقبة العصر الحجري القديم والوسيط وصولا الى العصر الحجري الحديث ومع انبثاق ثورة الزراعة والاستقرار ،الذي سيؤدي لاحقا الى تكوين القرى والتجمعات البشرية، التي ستتطور لاحقا وتنمو الى جماعات اكبر. وهنا فقط سيُخلق السلوك الجماعي، لان الاعداد الكبيرة من البشر في مكان واحد ستحتاج الى خلق منظومة قيم او قوانين تنظم سلوك افراد الجماعة ،وهنا فقط سيظهر لنا مفهوم الخير الذي كان غائبا طوال حقبة الصيد والالتقاط.، يظهر ازاء مفهوم الشر القائم على الأنانية والبقاء والذي استمر طوال عمر البشرية بكافة انواعها وطوال تاريخها ،والذي لم يكن سيئا في ذاته- اي مفهوم او سلوك الشر- بل هو سلوك طبيعي لحقبة الحياة البايلوجية ،ولم يكن بهذا المفهوم السيء المتصور الان في مخليلتتا، بل هو سلوك طبيعي افرزته طبيعة الحياة القائمة اساساً على البقاء فقط..لكن ، مع ظهور الجماعات وتطورها التدريجي بعد عصر النيولت (الحجري الحديث ) وكما قلنا ظروف الحياة الجديدة القائم على الاستقرار والزراعة وتكون الجماعات الاكبر عددا من مجتمعات الصيد والالتقاط وظهور التنافس بين المجموعه اي التنافس الداخلي وكذلك التنافس مع المجاميع الاخرى- اي الخارجي- احتاج ان يضع البشر مجموعة محددات لسلوك افراده لكي يضمن السلام بين افراد المجموعة ،نظما وقوانيناً ستتطور لاحقا لمجموعة قيمية تتضخم باستمرار ،ومن هنالك ظهر مفهوم الخير الذي هو المفهوم المحدد لسلوك الفرد البايلوجي الذي سيسمى لاحقا بسلوك الشر..اذن تاريخ الشر تاريخ طويل يمتد عبر تاريخ البشرية جمعاء والذي ستتغير صورته وسيحارب فقط عندما نصل إلى حقبة العصر الحجري الحديث، وسيوصم بعدها بالسلوك بالشرير ،ولكن قبل ذلك هو ليس فعلا شريرا بمفهومنا الحالي للشر، بل هو سلوك طبيعي يعكس وضع المرحلة التاريخية، حيث البقاء هو الاهم والانانية هي السائدة ومجاميع مرحلة الصيد والالتقاط بسيطة التركيب وهذا السلوك هو السلوك السائد والمقبول..لكن مفهوم الخير لم يظهر لنا الا حديثا مع انبثاق اولى بدايات الحضارة البشرية التي بنيت على مجتمع المحصول قبل ١٠ الاف سنه فقط..اذن لاعحب ان يكون لما يعرف قسرا بالسلوك الشرير او مفهوم الشر سيبقى ملازما للانسان حتى في هذه الفترة التاريخية القريبة اي فترة الحضارة البشرية ، ويضهر بأستمرار لان المنظومة القيمية التي اوجدت لنا مفهوم الخير لازالت فتية بالرغم من تعملقها المستمر وضغطها الكبير على السلوك البشري بما لم يراعي ولم يفهم الطبيعة البشرية التي عاشت وتقلبت كثيرا كطبيعة شريرة، اي الشر بمفهومنا القسري المعاصر ، والا هو في الحقيقة سلوك طبيعي سلوك فردي قائم على الفردانية والانانية ،سلوك انطبع في جينات الانسان رغما عنه طوال حقبة الحياة البايلوجية التي تستمر منذ انبثاق الجنس البشري قبل ملايين السنين وحتى فقط لقبل ١٠ الاف سنة، اي عمر الحضارة، والتي سيضهر فيها سلوك الخير القسري اي سلوك الحياة الاجتماعية. المعضلة الكبرى ان الحياة الاجتماعية لم تفقه الحياة البايلوجية ، اي ان التعاون والاجتماع لم يعي بعد دور التنافس والفردانية، ولهذا لم تراعي قيم الجماعة في منظومتها هذا الميزة الفردانية، وسحقتها تحت قوانينها، ولان هذه المنظومة وِضِعت اساسا لمراعاة الجماعة لا الفرد ، وشرعت قوانينها لتحمي الجماعة لا الفرد، الذي انسحق تحت اقدام هذه المنظومة..لذلك لاعجب ان يظهر سلوك الشر بصورة مستمرة على مسرح الحياة الاجتماعية لانه هو الاصل في السلوك البشري ، وهو السلوك ذو التاريخ الطويل ،وليس السلوك الخير..يورد بعض العلماء المهتمين بالجنس البشري وتاريخه واصحاب نظرية التطور ان اغلب حالات الوفاة في مجتمع الصيد والجمع والالتقاط كان سببها القتل!!!

#محمد_اسماعيل_السراي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات