|
إيران دولة جارة وسلطة جائرة
غسان المفلح
الحوار المتمدن-العدد: 1658 - 2006 / 8 / 30 - 10:59
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من الصعب على المرء أن يتجاوز في هذه المحنة اللبنانية السورية الدور الإيراني في هذا الأمر، كنا منذ زمن ونحن نحاول أن نبتعد عن الكتابة في شؤون خارج همنا السوري واللبناني لكوننا أصبحنا شعبين في مركب سلطة واحدة، لكن الدور الإيراني الذي بدأ هجوما قويا علينا وكأنه لا يكفينا سلطة واحدة تذيقنا الأمرين ! وتكتب مصيرنا ومصير أجيالنا في كلا البلدين الشقيقين ! لدرجة أننا نجد أنفسنا بلا حماية مطلقا، حاولت الإجابة على سؤال لكي أجد نفسي غير منساق لحالة من اللاموضوعية وهو : ما الذي تريده إيران من لبنان؟ وهذا استتبع سؤالا آخر : ما الذي تريده إسرائيل والدول الغربية من لبنان أيضا ؟ مطلوب منا أن نطرح هذا السؤال لأنه يبدو شكليا بالضد من السؤال الأول! لنحيد إسرائيل الآن لأنها معضلة دائمة ولها حديثها الخاص وشجونها، أما الدول الغربية مصالحها واضحة وهي جزء لا يتجزأ من النسيج البنيوي لكل دول العالم وهذا أمر بات أكبر من أن نتحدث عنه بوصفها دولا استعمارية فقط، بل بوصفها مستقبل دولنا بحكم التطور الموضوعي للعلاقات الدولية منذ قرون. والمسألة هي ببساطة إما انخراط في هذه الحضارة الحالية بالذات أو سلط ما قبل حضارية أو ما قبل مدنية كما يحلو للبعض تسميتها والنموذج الإيراني السوري واضحا ومثله كثير في الدول الإسلامية !! الدول الغربية مصالحها تقتضي وجود مجتمعات مفتوحة فيها حد أدنى من الحريات والاستقرار الإستثماري فيها حرية سوق نسبية تجعلنا نتلمس أملا في أن نصبح مثل هذه الدول !! وبنفس الوقت تحقق هي مصالحها التي من الصعب تحديدها بدقة ـ بالطبع خارج النفط المحدد المعالم ـ لأنها مصالح قوى متعددة ومتنافرة أحيانا ولكنها تعتمد الطرق السلمية والقانونية بالمعنى النسبي للعبارة. وهي متعددة بتعدد قوى مجتمعاتها المفتوحة. لذا إنها عملية تبادل مصالح كانت مفروضة وباتت جزء من نسيج العالم أجمع، وصورة العالم الذي لازال يمانع من الانخراط في هذه الحضارة اللعينة بتناقضاتها ومعاييرها التي تبدو حربائية في الكثير من الأمور ولكنها بالمعنى النسبي للتفاضلية هي أفضل من بقاء هذه النظم الهجينة والنهابة. أما إسرائيل فإنها عقدة العقد ولازال مشروع عتاتها المغلق دينيا وسياسيا هو الذي له الكفة في الهيمنة على الحركة العامة للشعب اليهودي سواء داخل إسرائيل أو خارجها، وكما طرحنا دوما علينا البحث عن سبل حضارية لمواجهة هذا اليمين المتمترس وراء : آلة حربه المستنفرة دوما والتي تبحث عن حجة من أجل استخدامها بصورة بشعة كما حدث أخيرا في لبنان ولازال يحدث في فلسطين، وهؤلاء عدوهم الرئيسي هو السلام في المنطقة. ليس مفاجئا لو قلنا أن خيار الحرب دوما هو ما تريده هذه الأجنحة الفتاكة في إسرائيل، وبالنسبة لنا نجد دوما في عربنا من يعطيهم هذا السلاح وهذه المادة، وكما قال أحدهم : لم يقتنع العرب بعد أن الانتصار على إسرائيل هو انتصار على كل الغرب ؟ فهل هذا ممكن نظريا ؟ أما عمليا فهو مستحيل.. والطريف ان هذا الغرب هو من يلجم التوسعية اليمينية للمشروع الغيتوي المغلق في إسرائيل. وليس القوى المسلحة العربية ذات الوجه الإيراني الآن!! القرار 1701 الذي صدر باجماع عالمي أحد أهم مضامينه هو حماية الدولة اللبنانية من الانهيار لحساب الوجه الإيراني لهذا الصراع والوجه اليميني الإسرائيلي. وأعتقد ان إسرائيل ستلتزم نسبيا بهذا القرار، ليس لأن اليمين الإسرائيلي قد تغير بل لأنه يرى الآن ميزان قوى كاسح لصالح تقوية الدولة اللبنانية. ونأتي الآن للدور الإيراني : بداية هو يرفض أيضا أن تعطي سورية صكا للبنان بلبنانية مزارع شبعا، وترفض على لسان مرشد الثورة نزع سلاح حزب الله، وقد أجاد الصديق الدكتور عبد الرزاق عيد في مقال له بعنوان [ حزب الله بين خامنئي وابن جبرين ] # في الحديث عن هذه الأمور وأظن أن هذا المقال من أهم ما كتب عن السياسة الإيرانية في لبنان والمنطقة. وهنا بدورنا نسأل اسئلة بسيطة تأكيدا لما جاء في هذا المقال : كيف تتعامل السلطة الإيرانية مع الأقليات الدينية والقومية والطائفية في إيران ؟ ما هو المستقبل التي تحاول رسمه لدول المنطقة بتدخلها وتهديدها الدائم لمجتمعات هذه المنطقة بأنها جاهزة لإشعال فتن طائفية ودينية من خلال مرتكزاتها في هذه الدول والتي هي كما قلنا في مقال آخر إما طائفية وإن لم تكن فهي تنظيمات دينية. هذا المستقبل تريد السلطة الإيرانية فرضه على دول المنطقة تماما كما يحدث الآن في جنوب العراق. بغض النظر عن التواطؤ الأمريكي البشع في تنمية سلط الملالي العراقيين..والذي جعل صورة أمريكا في الحضيض. في لبنان : ما الذي يجعل القضاء على حضور المجلس الشيعي الأعلى لصالح حزب الله أمرا لبنانيا ؟ لماذا ترسل مساعداتها إلى حزب الله وليس للدولة اللبنانية أو حتى للمجلس الشيعي الأعلى ؟! هل من مصلحة لبنان قيام مؤسسات طائفية الوجه والممارسة في الجنوب والضاحية، وصور مرشد الثورة الإيرانية أهم من صور أي رمز لبناني في الماضي والحاضر ؟ لماذا تصر إيران على بقاء لبنان ساحة معركة من أجل ملفها النووي والعراقي..الخ ؟ لو تحدثنا عن ملف حقوق الإنسان في إيران نخاف أن نتهم أننا نتدخل بشان داخلي إيراني فالملف عامر بابشع أنواع الانتهاكات ؟ ولا يغير في الأمر شيئا وجود درجة مهمة من النزاهة في الحكم عند الكثير من رجالات السلطة في إيران، من حيث عدم تطاولهم على المال العام ؟ كما توحي بذلك بعض المصادر. ولكن تبقى المسألة مسألة علاقات سياسية وأمنية وثقافية ودولية..الخ وإرادة سلطة منبثة دينيا كضامن جمعي لهذه السلطة ! وهذه هي النقطة الأخطر. أما الموضوع النووي من الصعب على متبصر أن يرى في النووي الإيراني تهديدا لأمريكا أو لإسرائيل !! فمن زاوية جيوبوليتيكية التهديد هو لجيران إيران فقط، لأن وجود السلاح النووي بحد ذاته هو نفوذ أقليمي بلا مجاملات وتوريات هو الأمر ببساطة هكذا، أم أنه موجود لكي تحمي شعوبنا العربية من التهديدات الخارجية أو من روسيا او من إسرائيل ؟! ألا يكفينا سلاح إسرائيل النووي ؟ أم يجب أن نصبح بين فكي كماشة نووين ؟! في أي حال من الأحوال ليس من مصلحة الشعوب العربية أن تمتلك إيران سلاحا نوويا. هذا هو الأمر ببساطة. علاقات حسن الجوار ليس مطلوب منها في التحشيد تحت حماية السلط، بمعنى أن الإيرانيين يحشدون في سوريا تحت حماية السلطة السورية !! ليكن مجتمعنا حرا وبعدها ليحشد أي حزب لأيديولوجياه ! لماذا يسمح للتبشير الإيراني ولا يسمح لغيره من القوى العلمانية السورية أن تنشط..! بقي أن القول عن سلطة جائرة هو قول تحدده في النهاية قوى الشعب الإيراني ومعارضته. ونحن إذ نتحدث عنه إنما من باب انعكاس سلوكها السياسي الجائر على شعوبنا فقط وليس من باب التطاول على دور المعارضة الإيرانية.
http://www.metransparent.com/texts/abdelrazak_eid/abdulrazak_eid_hizbullah_between_khamenei_and_bin_jibrin.htm* مقالة الدكتور عبد الرزاق
#غسان_المفلح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أسئلة باردة في زمن ملتهب
-
قانا والنظام العربي
-
الانفال والارتال ميزة النظم القومية
-
إنها نغمة ثابتة وما تبقى كله تكتيك
-
الاستقطاب منطق الأيديولوجيا ...شر لابد منه
-
قراءة ثانية في خطاب الأسد
-
قراءات في خطاب السيد الرئيس
-
خراب البصرة شرط بقاء السلطة
-
الهمجية الإسرائيلية وتخلف الفكر المقاوم
-
القرار 1696 والتحول الروسي الصيني إزاء الملف الإيراني
-
إيران وسوريا تقاتلان بآخر لبناني ..يجب ألا تخرج إسرائيل منتص
...
-
إيران وسوريا تقتلان بآخر لبناني ..يجب ألا تخرج إسرائيل منتصر
...
-
أطفال لبنان وفلسطين ..هلوكوست آخر
-
بين روما وبنت جبيل ضياع الإنسان
-
الجريمة في لبنان ومواقف المعارضة السورية
-
عذرا بيروت ..مرة أخرى نخذلك
-
حزب الله يقاوم ولبنان في قفص الجريمة
-
المؤتمر القومي العربي
-
وأخيرا ...حقوق الإنسان !!
-
أبو القعقاع وميشيل كيلو نص السلطة في سوريا
المزيد.....
-
بعد استخدامه في أوكرانيا لأول مرة.. لماذا أثار صاروخ -أوريشن
...
-
مراسلتنا في لبنان: غارات إسرائيلية تستهدف مناطق عدة في ضاحية
...
-
انتشال جثة شاب سعودي من البحر في إيطاليا
-
أوربان يدعو نتنياهو لزيارة هنغاريا وسط انقسام أوروبي بشأن مذ
...
-
الرئيس المصري يبحث مع رئيس وزراء إسبانيا الوضع في الشرق الأو
...
-
-يينها موقعان عسكريان على قمة جبل الشيخ-.. -حزب الله- ينفذ 2
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب ويلتقي ولي العهد
-
عدوى الإشريكية القولونية تتفاقم.. سحب 75 ألف كغ من اللحم الم
...
-
فولودين: سماح الولايات المتحدة وحلفائها لأوكرانيا باستخدام أ
...
-
لافروف: رسالة استخدام أوريشنيك وصلت
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|