|
الولايات المتحدة - دروس من موجة الإضرابات الأخيرة
الطاهر المعز
الحوار المتمدن-العدد: 7109 - 2021 / 12 / 17 - 23:41
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أمريكا، هل هي "عَوْدَة الوَعْي" الطّبقي؟
تُنفق الدّولة الأمريكية (الحكومة الإتحادية) المليارات من المال العام، لإنقاذ المصارف والشركات الرأسمالية الكُبرى، بما فيها شركات المُضاربة التي لا تستثمر في "الإقتصاد الحقيقي"، كما حصل خلال أزمة 2008/2009 أو خلال انتشار وباء "كوفيد -19"، بدل رفع حِصّة الإنفاق الإجتماعي (النقل العمومي والسّكن والصحة والتّعليم...)، وسمحت الدّولة باستحواذ المصارف على مَساكن المواطنين الذين عجزوا عن تسديد أقساط الدّيون العقارية، سنتَيْ 2008 و 2009، وضَحّت الحكومة الإتحادية الأمريكية بالعاملين ( ذوي الدّخل المتوسّط والمُتَدَنِّي) من أجل إنقاذ أسواق المال، أي أثرى الأثرياء... نُحيل من يُنْكِرُ وجود الصّراع الطبقي، إلى المقولة التي نُسِبَت للملياردير المُضارب "وارن بافيت"، ويمكن ترجمتها كالتالي: "نعم إنه صراع طبقي بالفعل، لكننا فُزْنا، نحن الأثرياء بنتيجة هذا الصّراع..."، فهو لا يُنْكِرُ الصّراع الطبقي، لكنه لا يعترِفُ أن هذا الصّراع (الطّبقي والقَوْمي) هو المُحَرّك الرئيسي لأَحْداث التّاريخ البَشَري. انخرم التوازن الهَشّ الذي كان قائما، بين نهاية الحرب العالمية الثانية وعقد السّبْعِينيات من القرن العشرين، فانْخَفَضَتْ حِصّة العمل وزادت حصّة رأس المال، من ثَمْرَة الإنتاج، وتعرّض العُمّال ونقاباتهم لِضُغُوطٍ شديدة، منها الإبتزاز وتَعَلُّل أرباب العمل والحكومات (وهم من نفس الطّبقة ) بالأزمة لتسريح العاملين وخفض قيمة الرّواتب، ما أدّى إلى تدهور ظروف العمل، في ظل طُغْيان النّيُوليبرالية، منذ العقدَيْن الأخيرَيْن للقرن العشرين، وخُصُوصًا منذ انهيار الإتحاد السُّوفييتي، لتُهَيْمِن مقولة "نهاية التّاريخ"، أو "لا حَلَّ سِوَى القُبُول بالنّظام الرّأسمالي المُعَوْلَم"... بدأت الأحداث تُكَذِّبُ، وإن بِبُطْءٍ، وبشكل جَنِينِي وجُزْئِي، هذه المقولات، ما يُشير إلى مَحْدُودِيّة "انتصار الرّأسمالية"، وإلى أهَمِّيّة المُقاومة، لتقصير عُمُر هذا "الإنتصار المُؤَقّت"، لنجعل منه انتصارًا جُزْئِيًّا في معركة، وليس انتصارًا في الحرب... نشر موقع "ماركسيست دوت كوم" (موقع ذو اتجاه ترُتْسكِي) بتاريخ السادس من كانون الأول/ديسمبر 2021، مقالاً بعنوان "الصّراع الطّبَقِي يحتدم بالولايات المتحدة الأمريكية" ( Class struggle in the USA heats up )، يستعرض بعض نضالات العاملين، خلال الأشهر الماضية، ونشرت مواقع أخرى (منها "جاكوبين") أخبارًا وآراء بشأن نفس الموضوع، وتحاول تلخيص هذه النضالات والتعريف بها، ضمن هذه الفقرات: نُشير في البداية إلى بعض المقتطفات من البيانات الرّسمية الأمريكية التي تلإيد أن الشُّرطة الأمريكية تقتُلُ، سنويًّا، أكثر من ألف مدني أعزل، خاصة من السود وأصيلي أمريكا الجنوبية، وتمتلك الولايات المتحدة الرقم القياسي العالمي بعدد المساجين، مقارنة بعدد السّكّان، وتحتل مرتب "رِيادِيّة" في الإعدام وقَتْل النِّساء، والفَقْر وعدد فاقدي المأوى والمُشَرّدين، وما إلى ذلك...
تخريب المجتمع من الدّاخل تمكّنت الرأسمالية الأمريكية من نشر العديد من الأمراض والآفات الإجتماعية، داخل صفوف الفُقراء، ونجحت في تهميش المنظمات والنقابات العُمّالية المناضلة على أُسُسٍ طَبَقِيّة، وفي نَشْرِ القِيم الليبرالية، داخل صُفُوف العاملين، ونجحت في تقسيم العاملين والفُقراء، على أُسُسٍ إثنية، ونجحت في شَرْعَنَةِ الإستغلال وعدم المُساواة، والتناقض الصّارخ بين الأثرياء والفُقراء، ونشرت الآفات الإجتماعية كالكُحول والمخدّرات، وما ينتج عنها من مشاكل اجتماعية، بين الفُقراء، وخاصة بين السّود، كما نجح الحزب الديمقراطي، وهو يُمثّل وجهًا من وجُوه الرأسمالية والإمبريالية الأمريكية، في الهيمنة على الطّبقة العاملة، ووظّفها للتّصويت لصالحه في الإنتخابات... ارتفعت نسبة التّضخم إلى 6,2% على أساس سنوي، بنهاية الربع الثالث من سنة 2021، وقُدِّرَت دُيُون الأُسَر الأمريكية، في الربع الأول من سنة 2021، بنحو 15,24 تريليون دولارا، في حين انتشرت بوادر الخيبة لدى العمال والمُوظّفين الذين صوتوا لصالح الحزب الديمقراطي والرئيس "جوزيف بايدن"، فالحزبان الحاكمان بالولايات المتحدة (الجمهوري والدّيمقراطي) يُمثّلان فئات مختلفة، لكنها رأسمالية، ويتفق الحزبان على صيانة مصالح الشركات والمصارف والأثرياء والرأسماليين الأمريكيين، وعلى إطلاق الحُرُوب العدوانية، دفاعًا عن مصالحهم... ترجمت بعض فئات الطّبقة العاملة هذه الخيبة إلى غضب، تمثّل في إطلاق احتجاجات وإضْرابات، وشهدت الولايات المتحدة، خلال سنة 2021، موجة من الإضرابات التي شملت قطاعات عديدة، من شركة المُحَرّكات "جون دير" إلى "كيلوغز" و"نابيسكو" و"كايزر بيرمننت" واستيوهاد "هوليوود"، ومناجم الفحم والرعاية الصحية (المُمرضين) والمُدرّسين وعمال الصلب والنقل وعمال الصرف الصحي، وغيرهم، في مناطق عديدة من الولايات المتحدة: من نيويورك إلى كاليفورنيا وألاباما وأوريغون ومينيسوتا وإلينوي وكونيتيكت ووست فيرجينيا ونورث كارولينا، وغيرها، ما يُبيّن نضالية الطبقة العاملة، في أي مكان، دفاعًا عن حقوقها، عبر تعطيل عملية الإنتاج، وإقامة المتاريس ورَفْع الرّايات واللافتات، وما ذلك سوى شكل من أشكال التّعبير عن حقيقة أساسية، تُحاول الدّعاية الأمريكية ( والرأسمالية عمومًا ) طَمْسَها، وهي تناقُض المصالح بين أرباب العمل والعمال، رغم ضُعف الحركة العُمّالية والنّقابية، وضُعْف أو غياب الوَعْي الطّبقي وغياب التّمثيل السّياسي المُستقل للطّبقة العاملة، في الولايات المتحدة، كما في بلدان عديدة أُخْرى، كنتيجة لعقود من الدعاية المناهضة للشيوعية... تاريخيا، نشأت بالولايات المتحدة، خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، حركة عُمّالية اشتراكية قوية، وتمكّنت الرأسمالية من تدمير هذه التقاليد النّضالية، خصُوصًا خلال "الحرب الباردة"، باستخدام أساليب التّشْويه والتّرْهيب، بالتّوازي مع تكثيف الإستغلال، وهو ما يحصُل كذلك، منذ انتشار وباء "كوفيد- 19"، مع شراء ذِمَم القيادات البيروقراطية النقابية، التي قامت بِطَرْد من يُشْتَبَهُ بشيوعيته أو اشتراكيته، وأدّى تخاذل الثيادات النقابية وانتشار العقود الهشّة والدّوام الجُزْئي وتضخّم قجاع الخدمات إلى انخفاض نسبة العمال المُنتَسِبِين إلى النقابات من 35% من العمّال الأمريكيين خلال عقد الخمسينيات من القرن العشرين، إلى نحو 10% سنة 2018.
رغم انحياز الإعلام السائد ودعمه للرأسماليين، انتشرت أخبار ارتفاع ثروة الأثرياء، حيث قُدِّرَ حجم إجمالي الثروة الأمريكية (بنهاية سنة 2017) بنحو تسعين تريليون دولارا، ولو قُسِّمت على عدد الأُسَر الأمريكية (126 مليون أسرة) لحصلت كل منها على قرابة سبعمائة ألف دولار، لكن نظام التّفاوت الطّبقي، جعل 1% من الأثرياء يحتكرون قرابة 40% من حجم الثروة الخاصة بالبلاد، وتمتلك 10% من الأُسَر نحو 80% من الثروة، كما ارتفعت ثروة الأثرياء بسرعة كبيرة، أثناء فترة انتشار الوباء، ورغم الركود الإقتصادي، الناتج عن انتشار الوباء، ارتفعت ثروات أصحاب المليارات إلى نحو خمسة تريليونات دولارا، بنسبة 70%، وهي زيادة تُعادل قيمتها 2,1 تريليون دولار، في الفترة ذاتها التي شهدت عدم زيادة الرواتب، بل إفقار العمّال وعائلاتهم، ما زاد من غضب العُمّال، وما شجّعهم على المقاومة والإحتجاج من خلال شَنِّ الإضرابات، وفاق عدد المُضربين مائة ألف عامل، بعد تسريح حوالي أربعة ملايين، بذريعة الأزمة، وتعمّد الإعلام السّائد المملوك للشركات الرأسمالية الكُبْرى، إهمال الحديث عن دوافع الإحتجاجات والإضرابات، ما يُؤكّد ضرورة تأسيس إعلام عُمّالي طَبَقِي يمكن أن يجيب على تساؤلات المواطنين الأمريكيين الفُقراء الذين يعيشون في أثرى وأقوى دولة في العالم، لكن أربعين مليون منهم مُهدّدون بالطّرد من منازلهم، بحسب الأمم المتحدة (تشرين الأول/اكتوبر 2021)، ولماذا يُعانون من التّوتّر المُستمر، ولماذا تنتشر - في هذه الدّولة الغَنِيّة- جرائم العنف والقتل والتّحرّش والإغتصاب، وما هي احلول للخروج من هذا الوضْع...
عندما تولّت مارغريت تاتشر رئاسة الحكومة في بريطانيا، ورونالد ريغن رئاسة الولايات المتحدة، خلال عقد الثمانينيات من القرن العشرين، ساد جو من الإرهاب في مواقع العمل، فأصدَر الرئيس الأمريكي مرسومًا يقضي بطرد مراقبي حركة الملاحة الجوّية، سنة 1982، وإعادة جُزْءٍ منهم بعقود فردية تصحبها التزامات شخثية صارمة، لتصبح العلاقة فَرْدِيّة بين العامل ورب العمل، بدل العلاقة الجماعية التي تمثلها النقابات، بين مجموع العمال ورب العمل، وفي بريطانيا أضرب عُمّال المناجم، لفترة طويلة، انتهت بطرد العُمّال وإغلاق مناجم الفحم، سنة 1984، وتمكنت الغطرسة الحكومية، بدعم من وسائل الإعلام، من نَشْر الأيديولوجية النيوليبرالية في صفوف العمال، من أجل " العمل على زيادة أرباح رأس المال، للحفاظ على وظيفتهم"، ما أدى إلى زيادة أرباح الشركات، في مقابل تدهور ظروف العمل، وانخفاض القيمة الحقيقية للرواتب، طيلة ما لا يقل عن ثلاثة عُقُود، في مجمل الدّول الرأسمالية المتقدّمة، في ظل تغْيِيب النقابات ودورها في التفاوض الجَمْعِي، فلم تواكب عقود العمل الجماعية (الإتفاقيات المُشتركة) تطورات الأسعار وإيجارات المسكن ونفقات الصحة والتعليم، بينما ارتفعت إيرادات الرأسماليين إلى مستويات غير مسبوقة، بفضل فَرْض منطق إضفاء الطابع الفردي على العلاقة بين العامل وصاحب العمل، ورَفْعِ عدد المُعَطّلين عن العمل، وخلق مُنافسَة بين العاملين والمُعَطَّلِين عن العمل، وتحويل القطاعات المُلَوِّثَة والتي تتطلب عددًا كبيرًا من العُمّال إلى البلدان الفقيرة، حيث المواد الأولية (كالقطن) والرواتب منخفضة جدًّا... تعود آخر موجة إضرابات واسعة بقطاع الصناعات بالولايات المتحدة إلى سنة 1986، قبل انطلاق موجة 2021، وإضراب مجموعة "جون دير"، عندما سلط الوباء الضوء على نتائج الإغلاق القسري للاقتصاد واستبدال اقتصاد السوق بضخ المال العام، للمرة الثانية، خلال عقد واحد، بينما زَجَّ رأس المال بملايين العُمال في الخطوط الأمامية لإنتاج ما اعتبرته الدّولة "ضروريًّا"، مُعَرّضًا العُمّال للخطر، ليصل مستوى أرباح رأس المال، بالشركات غير المالية الأمريكية، خلال النّصف الأول من العام 2021، إلى مستوى قياسي، غير مسبوق، طيلة أكثر من سبعة عُقُود، وذلك بفضل الدّعم الحكومي من المال العام، ولئن كان مطلب زيادة الرواتب يتصدّر قائمة مطالب العُمّال المُضربين، فإن شُروط التّقاعد والتّأمين الصّحِّي، وإعادة التوازن بين سلطة رأس المال والعُمّال، كمجموعة وليس كأفراد، كان أساسيا في القطاع الصناعي، حيث استمر إضراب عشرة آلاف عامل بشركة تصنيع الآلات الفلاحية "جون دير"، لفترة خمسة أسابيع، ودام إضراب عُمّال مجموعة "كلّوغز" ثمانية أسابيع، ولم يُفْلِح أرباب العمل في إقناع العُمّال بأن زيادة الرواتب (وخفض حصة رأس المال، مقابل زيادة حصة العَمَل من الأرباح) سوف تُؤَدِّي "إلى ارتفاع نسبة التضخم وإلى تسريح العمال وإغلاق المصانع والإفلاس..."، وشكّلت هذه المَوْجَة من الإضرابات تَحَدِّيًا للمنطق الرأسمالي النّيوليبرالي، الذي ساد طيلة أربعة عُقُود...
في الخارج: يُركّز اليسار الأمريكي في نقْدِهِ للسياسات الخارجية الأمريكية على ضخامة حجم الإنفاق، وهو في الواقع استثمار حكومي في مُجمّع الصناعات الحربية، أي استثمار في الإقتصاد الأمريكي، واستعراض للقوة التّدْمِيرية للسلاح الأمريكي، قَبْل فرضه على الدّول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، وبالتّالي فهذا الإنفاق على الحُرُوب العدوانية، لا يساوي جزءًا صغيرًا من أرباح شركات مثل "لوكهيد- مارتن" و "رايثون" وغيرها، فَضْلاً عن نهب موارد البُلدان التي تستهدفها الإمبريالية الأمريكية (العراق وليبيا) واحتلال المواقع الإستراتيجية (الصومال واليمن وأفغانستان...) كما يُركّز اليسار على عدد القَتْلى من الجنود الأمريكيين، وهو عدد صغير جدًّا مُقارَنَةً بعدد ضحايا القنابل الأمريكية من المَدَنِيِّين بالعراق وأفغانستان وسوريا وليبيا وغيرها، وعلى عدد العائدين من الحرب والذين يُعانون من الإعاقة والإصابات الجسدية والنّفسية، وهذا أمرٌ مشروع، لأن هؤلاء الجنود من أبناء العاملين الكادحين ومن الفُقراء، لكن من يهتمّ بأمر المقتولين والمُصابين والمُشرّدين من المُدُن التي دمّرتها الطائرات والصّواريخ الأمريكية بأفغانستان وسوريا والعراق وليبيا واليمن وغيرها؟ إن الرأسمالية، في مرحلة الإمبريالية، تستخدم الحُروب الخارجية (أي العُدْوان) لحلِّ وتَصْديرِ أزَمَاتِها، وهو ما تقوم به الولايات المتحدة، ودول حلف شمال الأطلسي، والدّول الرأسمالية المتقدّمة، لِغَزو الأسواق الخارجية، ونهب الثروات، بالقُوّة، ولحل الأزمات والقضاء على المُنافِسين، ولحل الأزمات بشكل عام، منذ الحرب العالمية الأولى...
للتّذكير: أعلن الرئيس الأمريكي الحالي "جوزيف بايدن"، قبل انتخابه، اعتزامه "استعادة الدّور الرّيادي الطّبيعي لأمريكا في الدّفاع عن القِيَم الدّيمقراطية"، وقيادة "دول العالم الحر"، للتّصَدِّي لروسيا والصّين، ولا تختلف هذه السياسة عن برنامج الرئيس اليميني المتطرف السابق "دونالد ترامب"، الذي نشرت وزارة الحرب الأمريكية، خلال فترة حكمه مُلخّصًا لآخر وثيقة استراتيجية، نُشِرت حتى ترايخ اليوم، بعنوان "استراتيجية الدفاع القومي للولايات المتحدة للعام 2018"، ولم ينشر الموقع النّصّ الكامل للوثيقة التي يَدّعي مُحَرِّرُوها أن الدّول الرأسمالية، بقيادة الولايات المتحدة، أنشأت، بعد الحرب العالمية الثانية، "نظامًا عالميًّا حُرًّا ومفتوحًا، يحمي الشُّعوب من الدّكتاتورية والإكراه... لكن روسيا والصّين قَوّضَتْ هذا النّظام، بانتهاكها مبادئ وقواعد العلاقات الدّولية..." كان الرئيس الحالي "جوزيف بايدن" رئيسًا للجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشُّيُوخ، سنة 2001، وكان من المُؤَيِّدِين المُتحَمِّسِين لاحتلال أفغانستان، وكذلك لاحتلال العراق، بعد فترة قصيرة، كما دعم (سنة 2007) تقسيم العراق، ولما كان نائبًا للرئيس "باراك أوباما"، شارك، بين سنتَيْ 2009 و 2017، في تخطيط وتنفيذ الإنقلاب على الرئيس الشرعي في أوكرانيا، وفي تصميم وتنفيذ مخططات الحُرُوب العدوانية على سوريا وليبيا وغيرها... اختصّت الولايات المتحدة في فَرْضِ منطق القُوّة، وتقويض كافة الإتفاقات الدّولية، وفي شن العدوان تلو الآخر، وتنظيم الإنقلابات العسكرية، وإنشاء مليشيات فاشية وتسليحها وتدريبها لتنفيذ عمليات تخريبية، خصوصًا في أمريكا الجنوبية ومنطقة بحر الكاريبي، وفي آسيا ومنطقة المحيط الهادئ، حيث نفذت الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب الإمبريالية الثّانية، سنة 1945، سلسلة من الحُرُوب العدوانية، يُقَدَّرُ عدد ضحاياها بنحو ثلاثين مليون قتيل، ومئات الملايين من المُصابين، والمُعاقين، والأطفال الذين يولَدُون مُشَوَّهِين، فضلا عن التّلوث الناتج عن إلقاء القنابل (النووية في اليابان) والمواد الحارقة للبشر والنبات والحيوان والمياه، وغير ذلك من الكوارث التي لا تزال بلدان مثل اليابان وفيتنام ولاوس وكمبوديا، وكوريا والعراق تعاني من آثارها، بعد عُقُود، ولم تُساهم الإمبريالية الأمريكية في جَبْر أضرار حروبها العدوانية، والإنقلابات التي أشرفت عليها في ما لا يقل عن ثلاثين دولة، أو ساهمت بها بشكل غير مباشر (أنغولا وموزمبيق والكونغو...)، عبر التسليح والتّدريب، وتوفير المعلومات والمَشُورة والتّوجيهات الأمنية والعسكرية... في المُقابل، سَدّد الإتحاد السوفييتي ثمنًا باهضًا لتَحرير أرضه من الإحتلال النازي، دون مُساعدة أمريكية أو أوروبية، ليصل عدد الضّحايا السوفييت إلى حوالي 25 مليون، وتحررت أراضي الإتحاد السوفييتي وأوروبا الشرقية بفضل الجيش والسلاح السوفييتي... أمّا الصّين فقد عانت من الإحتلال الياباني (1937 - 1945)، وتحرّرت بدون دعم الولايات المتحدة، بل بدعم الإتحاد السوفييتي، وبقوة إرادة الشعب الصيني... هل يؤدّي "النظام الدولي الحر والمفتوح" الذي تدّعي الولايات المتحدة الدّفاع عنه، إلى "حماية الشعوب من الدكتاتورية، ومن العدوان والإكراه"؟ هل نَسِيَ (أو تَناسَى) مُعِدُّو التّقرير احتلال العراق، وأفغانستان ومواقع النفط والحبوب بسوريا؟ أما نحن فنذكر ونُعيد التّذكيرر بالإنقلاب الدّموي في إندونيسيا (ومثله في ماليزيا) سنة 1965، حيث زوّدت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية المليشيات التي دَرّبتها على قَتْل الشيوعيين (أو من تعتبرهم الإستخبارات الأمريكية "شيوعيين") بقائمات تتضمّن أسماء وعناوين وبيانات أخرى عن آلاف المواطنين، وأدّت المجازر إلى قَتْلِ ما لا يقل عن نصف مليون، بحسب موقع "الماركسية اليوم" (18 تشرين الثاني/نوفمبر 2021)...
#الطاهر_المعز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
محاولة لتبسيط مفاهيم الإقتصاد السياسي
-
فرنسا، متابعات- بعض مواضيع الحملة الإنتخابية
-
هل الرسوم الضريبية أداة لتعميق الفجوة؟
-
أوروبا، إلى اليمين دُرْ!
-
تشيلي - نموذج الإلتفاف على النضالات الجماهيرية
-
الهند- استفزاز فنضال فانتصار
-
تونس - بعض ملامح الوضع الحالي
-
تأثيرات خصخصة قطاع الصّحّة على سلامة وحياة المواطن
-
ارتباط قضية المناخ بنمط الإنتاج
-
الرأسمالية بين زيادة الثروات وزيادة الفقر
-
تركيا - قمع داخلي وعدوان واضطهاد خارجي
-
متابعات - المسألة الزراعية
-
مُتابعات - خَبَران وتعليق
-
إضرابات العاملين بالولايات المتحدة
-
فرنسا، ثقافة استعمارية مُتَجَذِّرَة وتوتّر قبل الإنتخابات ال
...
-
فرنسا، ثقافة استعمارية مُتَجَذِّرَة وتوتّر قبل الإنتخابات ال
...
-
ألمانيا، مواقف وممارسات مُعادية لنا، من -مارتن لوثر- إلى -أن
...
-
الفساد المُعَقْلَن و-الديمقراطي-- المدرسة السويسرية والأمريك
...
-
ديمقراطية رأس المال
-
تونس، بين سُلطة الأمس واليوم
المزيد.....
-
المافيا الإيطالية تثير رعبا برسالة رأس حصان مقطوع وبقرة حامل
...
-
مفاوضات -كوب 29- للمناخ في باكو تتواصل وسط احتجاجات لزيادة ت
...
-
إيران ـ -عيادة تجميل اجتماعية- لترهيب الرافضات لقواعد اللباس
...
-
-فص ملح وذاب-.. ازدياد ضحايا الاختفاء المفاجئ في العلاقات
-
موسكو تستنكر تجاهل -اليونيسكو- مقتل الصحفيين الروس والتضييق
...
-
وسائل إعلام أوكرانية: انفجارات في كييف ومقاطعة سومي
-
مباشر: قوات الأمن الأردنية تعلن قتل شخص بعد إطلاقه النار في
...
-
كوب 29: اتفاق على تقديم 300 مليار دولار سنويا لتمويل العمل ا
...
-
مئات آلاف الإسرائيليين بالملاجئ والاحتلال ينذر بلدات لبنانية
...
-
انفجارات في كييف وفرنسا تتخذ قرارا يستفز روسيا
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|