أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - يوسف ابو الفوز - اطفال الانفال - 3














المزيد.....


اطفال الانفال - 3


يوسف ابو الفوز

الحوار المتمدن-العدد: 1658 - 2006 / 8 / 30 - 10:59
المحور: حقوق الانسان
    


اطفال الانفال هو العنوان الداخلي لكتابي ، الذي اردته شهادة بلسان ضحايا وشهود جريمة الانفال بحق ابناء شعبنا الكوردي ، والذي بدأت العمل فيه بعد احداث الانفال مباشرة ، وكنا لا نزال بالملابس التي اجتزنا فيها الحدود العراقية نحو الاراضي الايرانية ، وفيما بعد صدر عن وزارة الثقافة الكردية في السليمانية ، شتاء 2004 ، وتحت عنوان (لدي اسئلة كثيرة او اطفال الانفال ) . حيث كنت مع انصار الحزب الشيوعي العراقي ، في قلب الاحداث ، وسط أجواء التحدي والموت والجوع والعطش . كنت مع بسطاء الناس ، جزءا من المأساة ، وواحدا من ضحاياها . كنت مع الجميع شاهدا على كثير من فصول جريمة الديكتاتور المجرم ونظامه الشوفيني الفاشي ، و ما جرى بحق ابناء شعبنا الكوردي .
في صفحات الكتاب ـ الشهادة حاولت أن ارصد بعض مما جرى ، ومن خلال زاوية محددة : الأطفال الأكراد !
في الحلقة رقم 1 نشرت جزءا من مقدمة الكتاب ليكون القارئ في صورة الاحداث ، واورد الان بعض القصص ـ الشهادات التي ضمها الكتاب .
***
من شهادات انصار الحزب الشيوعي العراقي

* حدثني النصير أبو حسن (حبيب ألبي) ، قال :
يوم 28 /8 /1988 كان يوما لعينا بشكل عام ، وفي وادي كافيا ، كان يوما فظيعا ، حيث آلاف العوائل حاصرها من الجانبين جيش النظام الديكتاتوري ، وسيطرت قوات الجحوش على الطرق الأساسية للانسحاب ، فوجدت آلاف العوائل نفسها محاصرة لا تعرف ماذا تفعل . وفي لحظة واحدة كانت تسري عشرات الإشاعات المتضاربة ، وسط المعنويات التي هبطت لحد الذعر الشديد ، خوفا من استخدام النظام الديكتاتوري للسلاح الكيمياوي ، وسط هذه الأجواء شاهدت الكثير الذي لا ينسى.
لن أنسى ذلك الأب الذي أصيب بهستيريا الرعب . كان يحمل طفلته الصغيرة فوق ظهره ، فجأة سحب أقسام بندقيته ، ووجه فوهة السبطانة للخلف من فوق كتفه الأيسر ، وأطلق النار ، لكنه اخطأ الطفلة إذ كان رأسها ولحسن الحظ إلى الجانب الثاني فوق الكتف الأيمن . طاشت الرصاصة ، فرمى الأب البندقية وانهار في بكاء مر ، لم يكن يعرف لماذا يريد قتلها ! كانت لحظة جنون ، لحظة رعب قاتل من مستقبل مجهول .
* حدثني النصير حيدر أبو حيدر :
في وادي كافيا ، وبسبب من الذعر الشديد الذي دب بين الناس ، وبالأساس لخوفهم من استخدام قوات النظام الديكتاتوري للسلاح الكيمياوي ، كانوا يتزاحمون على الطرق والممرات الضيقة للصعود إلى جبل كاره الوعر ، للاحتماء به ، و... كنا هناك ! كانت المشكلة الأساسية لنا ولهم هي الماء ، فجبل كاره ، وعلى سعته وتشعب وديانه وعدد قممه ، تندر فيه ينابيع الماء ، كما أن الينابيع الأساسية القريبة أصبحت تحت سيطرة قوات النظام الفاشي ، لذلك اضطر الناس إلى شرب المياه الآسنة ، ورأيت بعيني كيف يتزاحم أطفال بعمر الورود مع البغال لشرب مياه الطين.
وعند ( بوتكي ) النبع الوحيد هناك ، كان الطابور طويلا ، بل هائلا ، نساء وأطفال يتلوعون من العطش ، وأستطيع القول أن الناس المتوترة رعبا ، والمصفرة الوجوه ، والمتشققة الشفاه، لم يتركوا قطرة ماء واحدة تسقط للأرض من مجرى النبع الشحيح .
* حدثني النصير فرهاد :
يوم 28 /8 / 1988 يوما تعسا بحق ، فبعد أن استطاعت فيالق النظام الديكتاتوري السيطرة على مناطق العبور لنهر الزاب ، وجدت آلاف العوائل نفسها محاصرة في وادي باني ، قرب نهر الزاب ، وبدون هدف بدأت الآلاف تصعد إلى قمم الجبال القريبة لمجرد الاحتماء بها ، سالكين طرقا وعرة وشاقة ، لم تستخدم سابقا ، وكان الحال مأساويا ، حيث الخوف الرهيب من احتمال القصف الكيمياوي ، وحيث الجوع والعطش قد أنهك الجميع رجالا ونساءا وأطفالا.
وكنت هناك ، شاهدت الكثير من المواقف التي لا تمحى من الذاكرة ، ولن أنسى تلك الصبية، كيف أصفها لك ؟ لم يستطع كل الخوف الذي شوه الوجوه ، ولا الجوع الذي اذبل العيون ، ولا العطش الذي شقق الشفاه ، أن يخفي جمالها المهيب ، كانت طفلة ، بل حمامة ، للتو تقترب من تفتح أنوثتها ! ونحن نصعد إلى القمم ، كانت كسرة الخبز ثمينة ، وقطرة الماء اثمن ، لكن الجميع يفتقدها .
ورغم العادات الكوردية الصارمة التي رسخها الآباء الكوردي ، والتقاليد التي تمنع الفتاة أن تطلب شيئا من رجل لا تعرفه ، إلا أن هذه الصبية ولشدة عطشها وجوعها ، أخذت تدور بين الناس ، كانت دموعها تنهمر بدون توقف ، وتتوسل قطرة ماء وكسرة خبز !
تمنيت الموت لحظة أن توسلتني ، لم اكن املك لا ماء ولا خبزا ، ولا رفاقي الانصار أيضا لأطلب منهم ، ولم أتمكن من امتلاك الكلمة المناسبة لا قول لها شيئا ، حتى الكلمات فقدتها . أني احترق والعن أشياء كثيرة إذ تذكر دموع تلك الفتاة . بالله عليك لم ذكرتني بها ؟!
* حدثني النصير أبو أحرار :
في يوم 28 /8/1988 الكئيب ، كنت عند الزاب في وادي باني ، ومع أنصار كثيرون ، ورأيت الذي لا يمكن نسيانه أبدا . إذ هل يمكن نسيان حال الآلاف من أبناء شعبنا المهددين بالموت أما بالسلاح الكيمياوي أو عطشا أو جوعا ؟ هل يمكن نسيان تعلق الناس بالحياة الحرة الكريمة ومعاناتهم القاسية لا جل ذلك ؟
في وادي باني ، رأيت امرأة حامل ، يبدو أنها في أيام حملها الاخيرة ، تسندها فتاتان ، يصعدان بها لقمة الجبل ، في طريق وعر ، شديد الانحدار . كانت لا تقو على الوقوف من التعب . لقد بقيت طويلا أرى هذه المرأة في أحلامي . أين هي ألان ؟ تحت أي شجرة ولدت طفلها ؟ وهل لا يزال هذا الطفل حيا ؟ وأي اسم يحمل ؟
رأيت مئات الأطفال العطشى ، الجوعى ، وقد مسخ الخوف اشكالهم الجميلة ، وعشرات منهم حفاة بلا أحذية ، يسيرون في طرق وعرة ، قاسية . هل يمكن نسيان تلك الطفلة التي كانت أقدامها الصغيرة تترك بقع دم على جانب الطريق ؟ هل يمكن نسيان ذلك ؟




#يوسف_ابو_الفوز (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أطفال الانفال - 2
- شهادات اطفال الانفال - 1
- شموس مندائية
- - جنون الطائفية - !!
- حكومة انقاذ وطني ، أم ... أنقلاب ؟
- حكومة انقاذ وطني ، أم ... أنقلاب ؟
- فهد والصحافة
- حكايتي مع فيلم وثائقي يمنع بثه قبل العاشرة مساء
- ماذا نريد من اتحاد الكتاب العراقيين في السويد ؟
- تعالوا نحتفي معا بحفيد امرئ القيس !
- هل حكومتنا الدائمة ، حقاً ، حكومة - قوس قزح - ؟
- المعرض الشخصي الخامس للفنان العراقي عبد الامير الخطيب
- متى سيخرج علينا السيد وزير الداخلية ليخبرنا بذلك ؟
- ما يجمع جورج بوش ورجال السياسة العراقيين !
- في الذكرى 72 لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي : صهيل الفرح في وا ...
- حكاية احتفال في ذكرى تاسيس الحزب الشيوعي العراقي تحت غيوم ال ...
- الذكرى 72 لميلاد الحزب الشيوعي العراقي : الأنتماء للوطن الحر
- أفلام توم وجيري !
- لماذا تحولنا الى شعوب لا تقرأ ؟
- الطائفية : صدام حسين بذر ، بول بريمير سقى ... من يوزع الثمار ...


المزيد.....




- نيويورك: وقفة في برج ترامب تندد باعتقال طالب بجامعة كولومبيا ...
- ألمانيا تحقق مع مشتبه بهم في تهم تتعلق بالعمل القسري والاتجا ...
- ليبيا: الأمم المتحدة تحذر من المعلومات المضللة وخطاب الكراهي ...
- الأمم المتحدة: حرب السودان هي أسوأ أزمة إنسانية وهناك 30 ملي ...
- يونيسف: 1.3 مليون طفل دون الخامسة بالسودان يعيشون في بؤر الم ...
- -لم نعد أمريكا بعد الآن-.. شاهد كيف علق سيناتور أمريكي على ا ...
- سيناتور ينتقد اعتقال الناشط الفلسطيني محمود خليل.. ويوجه رسا ...
- الأمم المتحدة: سنرحب بأي اتفاق لوقف إطلاق النار في أوكرانيا ...
- نتنياهو متناسيا كل الارهاب الذي مارسه بغزة: مجلس حقوق الإنسا ...
- الأمم المتحدة تبدي موقفاً بشأن -الاعتداء- على عمّال سوريين ف ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - يوسف ابو الفوز - اطفال الانفال - 3