|
المبادرات السياسية للمطالبة بدستور ديموقراطي
عبد السلام أديب
الحوار المتمدن-العدد: 1657 - 2006 / 8 / 29 - 10:09
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
في إطار التسابق الجاري حاليا في المغرب للظفر بامتياز في انتخابات 2007، هناك محاولات ملتبسة لمختلف الفصائل السياسية للتعبير عن مشاريع سياسية توهم بها الناخبين بدورها الفاعل في الساحة السياسية لكن من دون أن تذهب إلى حد إغضاب النظام المخزني من خلال اقتراح تغييرات جذرية. وقد ظهر هذا التسابق على الخصوص في ما يتعلق بالمناداة بالإصلاحات الدستورية. فالحزب الاشتراكي الموحد تقدم عبر جريدته الصادرة بتاريخ 3 غشت 2006 بما سماه بالوثيقة المرجعية للحزب حول الإصلاحات الدستورية والتي يتوخى أن تشكل القاعدة الأساسية لوضع مذكرة الحزب الرسمية الخاصة بالإصلاحات الدستورية. ولم ينتظر هذا الحدث طويلا حتى بدأت الجرائد تتحدث عن اعتزام الكتلة الديموقراطية المشكلة من الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال وحزب التقدم والاشتراكية الإعلان عن مذكرة الإصلاحات الدستورية والتي تشرف على وضعها لجنة مشتركة بين الأحزاب الثلاثة. ومن خلال قراءة التصريحات والتحليلات المقدمة في هذا الشأن من طرف مختلف الأطراف المعنية يتبين أن الآليات الإصلاحية وإن كانت تختلف من حيث الصياغة والشكل بحسب الأطراف، فإن مضمون الإصلاحات لا يبرح مكانه، بحيث يقتصر الأمر على تلميع بعض الجوانب لتبدوا كما لو أنها مركز المطالب الديموقراطية كما هو الشأن بالنسبة لما أصبح يعرف بمبادرة الحكم الذاتي علاقة بقضية الصحراء والتنصيص على تسمية الوزير الأول من داخل الأحزاب السياسية بناء على نتائج الانتخابات وإقرار الحسم في التصويت على مقترحات القوانين للغرفة الأولى مع إحداث لجان التقصي في بعض قضايا اختلاس المال العام التي تعرض على المجلس ومنح الحكومة الحق في التعيين في الوظائف والمهام السامية، بعد عرضها على المجلس الوزاري للبث فيها، ووضع السياسة العامة للدولة من طرف الحكومة ومتابعة السياسة الخارجية. لكن مختلف التصريحات والتحليلات حول الإصلاحات الدستورية لا تتطرق بوضوح لمسألة الفصل بين السلطات وللدور المركزي للمؤسسة الملكية، ولا تتجرأ على الإشارة للعديد من المسائل الحساسة التي تشكل جوهر الدستور الديموقراطي. من جهة أخرى وفي إطار إعلان النهج الديموقراطي عن قرار مجلسه الوطني القاضي بمقاطعة انتخابات 2007 من خلال الندوة الصحفية التي تمت بمقره بالدار البيضاء بتاريخ 17 يوليوز 2006، تقدمت الكتابة الوطنية للنهج الديموقراطي بوثيقة المطالب الدستورية الأساسية في المرحلة الراهنة والتي تشكل في نظره منطلق وضع دستور ديموقراطي، وفيما يلي أهم المطالب الواردة في هذه الوثيقة والتي تم التقديم لها عبر إبراز خلفية مقاطعة النهج الديموقراطي لانتخابات 2007: رفعا لكل غموض أو لبس، قرر المجلس الوطني للنهج الديموقراطي المنعقد بتاريخ 11 يونيو 2006، دورة عبد الكريم الخطابي بشكل ديموقراطي مقاطعة الانتخابات المقبلة وخول صلاحية إعلان هذا الموقف في الوقت المناسب للكتابة الوطنية التي تعتبر أن ما طبخته الأغلبية الحكومية فيما يخص نمط الاقتراع والقوانين الانتخابية يشكل حلقة خطيرة في سلسلة من الإجراءات تهدف إلى تحويل القوى السياسية إلى قوى موالية للنظام تلعب إما وظيفة المعارضة المؤسساتية أو وظيفة المشاركة الحكومية لكن دون التوفر على السلطة الحقيقية للتشريع والتنفيذ والتي تظل، بالأساس، في يد الملك. أما القوى المعارضة الحقيقية فيتم إقصاؤها وتهميشها. إن هذه التطورات تدفعنا الآن إلى الإعلان عن موقفنا الرافض والمقاطع لهذا المسلسل المتحكم فيه بالكامل من طرف النظام. إن الآمال والأوهام التي عقدها البعض على " العهد الجديد" والمتمثلة في كونه سيقطع نهائيا مع الاستبداد والحكم الفردي وسيفتح الباب أمام انتقال ديموقراطي هادئ على منوال ما وقع في أسبانيا إثر وفاة الديكتاتور فرانكو، هذه الأوهام التي انتقدها النهج الديموقراطي منذ انطلاق "العهد الجديد" وبين عدم ارتكازها إلى أسس اجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية صلبة، ذهبت أدراج الرياح. فالدستور اللاديموقراطي الذي يشرعن للأتوقراطية والتيوقراطية لازال ساري المفعول ويتم التشبث به إلى أقصى حد. وتفننت هيئة الإنصاف والمصالحة في التغطية والتعتيم على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وفي خوض حرب غير مقدسة ضد من ينادي بمعاقبة الجلادين مهما كانت مواقعهم بالسلطة. ويتم محاولة تحويل العمل السياسي النبيل كتعبير عن مصالح طبقات وفئات شعبية إلى مجرد عمل مقاولاتي وتواصلي هدفه لعب دور الوساطة بين الدولة والمجتمع مقابل مساعدات وإغراءات، بينما يحارب العمل السياسي المناضل في إطار قانون الأحزاب الجديد. كما تصر السلطة على اعتماد اللوائح الانتخابية الفاسدة والتقطيع الانتخابي اللاديموقراطي. وفي الوقت الذي تعربد فيه الإمبريالية الأمريكية في العراق وتشن هجوما متعدد الأوجه على منطقتنا وتدعم الصهيونية الممعنة في إبادة الشعب الفلسطيني، يعمق النظام من تبعيته واستسلامه للإمبريالية وتواطؤه مع الصهيونية. كما أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتأزمة تدفع إلى المزيد من النفور من العمل السياسي ومن المشاركة في الانتخابات خاصة مع الإجراءات التي أتينا على ذكرها أعلاه. كما أننا لا نعتقد أن اليسار الجذري قادر على جعل المشاركة في الانتخابات والمؤسسات " الديموقراطية" المزعومة حلبة للصراع ضد النظام المخزني والطبقات السائدة لضعف ارتباطه بالجماهير الشعبية وبالتالي عدم قدرته على أن يكون قوة وازنة داخل هذه المؤسسات وأن يتوفر على قوة جماهيرية ضاغطة خارجها. وبسبب تشرذمه وضعف تقاليد الانضباط داخله وبروز نزعات وصولية لدى بعض أعضائه واختلاف التقديرات السياسية للظرف الراهن ومستلزماته والتكتيك الواجب اعتماده الشيء الذي لا يسمح لجعله قوة موحدة ومتراصة وبالتالي فعالة. لذلك نعتبر أن المطروح الآن هو خوض الصراع ضد محاولة تزييف الإرادة الشعبية وضد ديموقراطية الواجهة وضد الليبرالية المتوحشة التي يكتوي بنيرانها جل المواطنات والمواطنين. أما فيما يخص الدستور فإن الورقة الموزعة عليكم تحدد أهم المطالب الدستورية للنهج الديموقراطي والتي نعتبرها إحدى المداخل الأساسية للتغيير الديموقراطي الجذري الذي يهدف إلى وضع حد للاستبداد والحكم الفردي المطلق. وتتمثل هذه المطالب في :
أولا: من حيث الشكل: - المطالبة بوضع الدستور من طرف مجلس تأسيسي أو من طرف هيئة تأسيسية مماثلة وعرضه على استفتاء شعبي ديموقراطي ونزيه. ثانيا: من حيث المضمون : - هوية الشعب المغربي لها أبعاد متعددة : أمازيغية، عربية، مغاربية، إفريقية. - الشعب صاحب السيادة ومصدر كل السلط يباشرها عبر المؤسسات الدستورية - الدستور يكفل حرية الرأي والتعبير والتجمع والتنظيم والتظاهر وفصل السلط والحق في الشغل والتعليم والصحة والسكن والحق في الحياة والسلامة البدنية؛ - الدستور يضمن المساواة التامة بين الرجل والمرأة على كل المستويات مع ضمان الحقوق الخاصة للمرأة كامرأة وكأم؛ - الدستور يعترف باللغة والثقافة الأمازيغية كلغة رسمية وثقافة وطنية للبلاد ويمتع الجهات ذات الخصوصية بأقصى حد ممكن من التسيير الذاتي؛ - الدستور ينص على فصل الدين عن الدولة وعن السياسة مع ضمان حرية العقيدة؛ - البرلمان يتوفر على كامل السلطة التشريعية والحكومة تنبثق عن الأغلبية البرلمانية ومسئولة أمام البرلمان وتتوفر على السلطة التنفيذية كاملة؛ - حياد الجيش في النزاعات السياسية والاجتماعية؛ - رفع القضاء إلى مرتية سلطة دستورية والتنصيص على استقلاله وكفائتة ونزاهته.
#عبد_السلام_أديب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المخزن يدجن الطبقة السياسية المغربية
-
حصاد الهشيم لسبع سنوات من الأداء الاقتصادي
-
في تقييم سبع سنوات من الأداء الاقتصادي والاجتماعي
-
نص الحكم
-
اشكالية غسيل الأموال في المغرب
-
نهب الثروات
-
مجموعة -أونا- ، هل تنمي ثروة الملك أو الثروات الوطنية؟
-
قراءة في كتاب الأستاذ علي فقير حول التشكيلة الاجتماعية والصر
...
-
مؤشرات التشغيل والعطالة في المغرب
-
قراءة نقدية لقانون مالية 2006
-
محاكمة رمزية لنهب المال العام تقام لأول مرة في المغرب في انت
...
-
صك الاتهام: محاكمة رمزية لخمسين سنة من نهب وإهدار للمال العا
...
-
كفى من الالتفاف على مطالب الشعب عبرالامعان في ديموقراطية الو
...
-
الاقتصاد المغربي عام 2006
-
الزيادات في الأسعار تهدد بظهور توترات تضخمية على المدى المتو
...
-
معضلة التشغيل بالمغرب
-
مسلسل الخوصصة والانعكاسات الناجمة عنه في المغرب
-
أزمة العمل النقابي بالمغرب المظاهر- الأسباب- المخارج
-
المسألة الزراعية في المغرب
-
الرواتب والأجور في قطاع الوظيفة العمومية
المزيد.....
-
مشهد يحبس الأنفاس.. مغامر يتسلق جدارًا صخريًا حادًا بسويسرا
...
-
وسط التصعيد الأوكراني والتحذير من الرد الروسي.. ترامب يختار
...
-
انخفاض أعدادها ينذر بالخطر.. الزرافة في قائمة الأنواع مهددة
...
-
هوكستين في تل أبيب.. هل بات وقف إطلاق النار قريبا في لبنان؟
...
-
حرس الحدود السعودي يحبط محاولة تهريب نحو طن حشيش و103 أطنان
...
-
زاخاروفا: الغرب يريد تصعيد النزاع على جثث الأوكرانيين
-
صاروخ روسي يدمر جسرا عائما للقوات الأوكرانية على محور كراسني
...
-
عشرات القتلى في قصف إسرائيلي -عنيف- على شمال غزة، ووزير الدف
...
-
الشيوخ الأمريكي يرفض بأغلبية ساحقة وقف مبيعات أسلحة لإسرائيل
...
-
غلق أشهر مطعم في مصر
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|