أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فاطمة ناعوت - كيف تنمو الموهبة؟














المزيد.....

كيف تنمو الموهبة؟


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 7104 - 2021 / 12 / 12 - 11:28
المحور: سيرة ذاتية
    


Facebook: @NaootOfficial

موهبةُ الموسيقى لا تكفي دون صقلها بالإنصات الجيد لوقع الكون وإيقاعه؛ للتعلّم من زقزقة العصافير ووشوشة الأغصان لحفيف أوراق الشجر، والإنصاتُ المتأمل لنقيق الضفدع وهزيم الرياح وصرخات البراكين وفحيح الحيّات وهدير الماء وهديل الحمام. وموهبة الرسم كذلك لا تكفي دون تدريب العين على التقاط إيقاع اللون وفكّ شفرات ألغازه وفض تعويذة الفرشاة والزيت والتوال والفحم. أيضًا موهبة العمارة لا تكتمل دون أن يتأمل المعماريُّ إعجاز النحل في بناء خلاياه، وعبقرية النمل في حفر سراديبه داخل بطن الأرض، وفنون العصفورة وهي تغزل عشّ صغارها من جدائل القش، ولا يكون المعماريُّ معماريًّا عظيمًا وهو لا يتودّدُ للموسيقى ليفهم معنى الهارموني والمونوتوني والتوافق والتنافر وجدلية النغمة والسكون الذي ستغدو بين يديه جدلية الكتلة والفراغ.. كذلك للكتابة الأدبية أسرارُها. لا يكون كاتبًا مَن لا يعرفُ أسرار الحروف وألغاز التراكيب، والإنصات الحميم إلى وقع الحرف على الحرف وموسيقى الكلمة إلى جوار الكلمة وفك شفرات علامات الترقيم والحركات والسكنات والصمت والكلام. الفنونُ في الأساس موهبةٌ سماوية اغذيها الصنعة الإنسانية.
على مدار الشهر الماضي كنتُ أقرأ بعض أعمال الأديب الفرنسي الشهير "باتريك موديانو" Patrick Modiano، الحاصل على جائزة نوبل للآداب عام 2014 وصاحب الأربعين كتابًا والبالغ من العمر هذا العام سبعةً وسبعين عامًا. وقالت لجنة نوبل الأكاديمية لحظة تسليمه الجائزة إن الروائي الفرنسي استحق الجائزة "بسبب تمكنه من القبض على فن الذاكرة الذي أنتج أعمالا تعالج المصائر البشرية العصيّة على الفهم، وكشف العوالم الخفية للحياة". وبالأمس قرأت له هذه العبارة الطريقة: "اعتاد الطبيبُ أن يخبرني بأن كلَّ شخصٍ على وشك الموت، يصبح صندوق موسيقى يلعبُ القطعةَ الموسيقية الأقرب إلى وصف حياته، شخصيته، وآماله. تلك المعزوفات قد تكون مقطوعة ڤالس عذبة، وقد تكون طبول مارش عسكري.” وتذكرتُ ماذا قال هذا الأديب، عن فلسفة الكتابة وكيف لخّص فكرته عن تركيبة الأديب النفسية في نقاط، سوف أطرحها عليكم الآن، مع التأكيد على أن كونها محض رأي شخصي يخصُّ ذاك الكاتب، قد تزيد أو تنقص في معتقد كاتب آخر.
يقول موديانو:
الروائيُّ الجيد يميلُ أكثر إلى الصمت ويتقن الكتابة أكثر مما يجيد الكلام. فالكاتب يتردد في الكلام؛ لأنه معتاد على مراجعة ما يكتبه على الورق حتى يتأكد من وضوحه وصوابه، لكنه حين يتكلم لا يجد سبيلاً لمحو آثار هذا الكلام.
الكتابة تجبر من يقرأ لك على الاستماع لك دون مقاطعتك على عكس ما كان يحدث حين كنا أطفالًا، كانوا يقاطعوننا ولو تكلمنا لابد أن يمنحونا الإذن بالكلام أولًا.
القارىء يعرف عن الكتاب الذي يقرأه أكثر مما يعرفه كاتبُه.
الكتابة نشاطٌ عجيب يمارسه الفردُ وهو في عزلة. وقد يصيبك الإحباطُ للحظات وأنت تكتب، خاصة مع الصفحات الأولى من رواية جديدة. وكل يوم يمر تشعر بأنك على المسار الخطأ، وهذا يملأك بالرغبة في الرجوع لتسير في طريق آخر. لكن من المهم ألا تلتفت لهذا الهاجس وأن تستمر في مسيرتك.
حين تكتب آخر كلمة في كتابك؛ يتحرر الكتابُ منك؛ ويذهب إلى آخرين هم القراء الذين يبدأون في كشفه أمام نفسه. حينها تشعر أنت بالفراغ وبالهجر وتبدأ من جديد في علاقة أخرى مع كتاب جديد يجعلك تشعر بالتوازن المفقود لكن دون جدوى.
الكاتب لابد أن يظل على هامش الحياة؛ حتى ينجح في وصفها. لأن من يغوص في الحياة تتشوش رؤيته.
دور الكاتب أو الشاعر هو كشف الخفايا التي تحيط بكل شخص في حياته اليومية.
الكتابة تساعد في حل ألغاز الحياة وأسرارها. وعبر الخيال نغوص في الواقع دون أن نشوهه لنكشف الحقيقة أمام أنفسنا.
أجد متعتي في المرحلة التي تسبق الكتابة وهي مرحلة الخيال، متى كانت النقطة التي غيّرت مسار حياتي، وتلك التي أصبحتْ بعدها ليالي الصيف مختلفة عما أعتدتُ عليه.
أدركتُ مبكرًا مدى صعوبة البدء في كتابة رواية جديدة. يكون لديك حلمٌ حول ما تريد أن تبدع، لكن الأمر يشبه السير حول حمام سباحة وأنت متردد للقفز داخله لأن الماء باردٌ جدا.
***
انتهت كلماتُ الكاتب الفرنسي. أما الكاتبُ المصري القديم فقال عن الكتابة والكاتب أعمق القول وأجمله: "كن كاتبًا تمش في الطرقاتِ حُرًّا. كُن كاتبًا، فإن كتابًا واحدًا تقدمه للبشرية، هو أكثرُ نفعًا من بيت مؤسس شرق النهر، ومن قبر محفور في غربه.”
***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -النظارةُ البيضاء- … تفضحُ دنيا النفاق
- هل أنت عُكازٌ … أم مِرآة؟
- ڤان ليو … قنّاصُ الجميلات
- مجدي يعقوب… له خفقةٌ في كلِّ قلب
- ماذا قالت -مايا آنجلو- في السبعين؟
- لعنَ اللهُ من أيقظها!
- الرجلُ الشريرُ الذي أفسدَ الكوكب
- مكافحةُ الغلاء … بالاستغناءِ وعدم الهدر
- مبادرة لمكافحة الإدمان والبلطجة
- المبادرة الرئاسية لمكافحة الإدمان والبلطجة
- أبصرتْ العمياءُ فجأةً … ولم تجد كتابًا!
- توم الخزين … يا توم
- ريش ... دميانة نصار
- لماذا تكرهون هذا الرجل؟
- حتى لا يظلَّ التنويريون بين أنياب الظلاميين!
- المحتسبون … ولعبةُ الخروجِ من الكوكب
- هنا البحرين… على شرف الشِّعر واللؤلؤ
- أنا أتبرّعُ بأعضائي بعد الوفاة
- سيد حجاب … عِشْ ألفَ عام!
- النصبُ على الناس بالحُسنى


المزيد.....




- فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN ...
- فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا ...
- لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو ...
- المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و ...
- الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية ...
- أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر ...
- -هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت ...
- رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا ...
- يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن 
- نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فاطمة ناعوت - كيف تنمو الموهبة؟