|
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة الثلاثون
خالد محمد جوشن
محامى= سياسى = كاتب
(Khalid Goshan)
الحوار المتمدن-العدد: 7101 - 2021 / 12 / 9 - 22:43
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
ابن عملك حول سؤال جوهرى
القصص تحتاج الى محرك .. إلى سؤال يقدم الحدث إجابته للقارىء.
من فعلها ؟ مذنب أم برىء ؟ من سيربح السباق ؟ أى رجل ستتزوج ؟ هل سينجح البطل فى الهرب أم سيموت وهو يحاول؟ هل سيعثر على الجثة ؟ الأسئلة الجيدة تحفز القصص الجيدة .
إن استراتيجية السرد على درجة من القوة بحيث أنها تحتاج إلى أسم ، وقد أعطانى توم فرينش هذا الأسم " محرك " القصة .
وقدعرف فرينش المحرك بأنه سؤال تجيب عنه القصة للقارىء . إذا كان المثير الداخلى " للقصة يقود القارىء من جزء الى الجزء التالى " فإن المحرك يوجهه عبر منحنى من البداية إلى النهاية .
فى كتابه " توصيل السيد البرت " يروى مايكل باترينى قصة مغامرة غريبة عبر البلاد . رحلة برية غير عادية . من كان رفيق رحلته ؟
الطبيب الشرعى للكهل ، الذى شرح جثة ألبرت اينشتاين واحتفظ بدماغ الرجل العظيم فى زجاجة لأربعين عاما . ثلاثتهم : أتجه ثلاثتهم – الكاتب والطبيب والدماغ الذى فى صندوق السيارة – غربا، للقاء ابنة اينشتاين .
هل سيتخلى الطبيب المراوغ أخيرا عن الدماغ الذى كان له تميمة الحظ السعيد ومشروع حياته ؟
لا تظهر هذه الجملة أبدا ، لكنها تبقى تركيز القارىء على الوجهة عبر الرحلات الجانبية المثيرة للفضول طوال الطريق .
بينما كنت أفكر فى هذه الاداة ، مررت بقصة نشرت فى صحيفتى المحلية عن رجل عين موظف استقبال فى مركز " وول مارت " للتسوق :
" انتظر تشارلز ثلاثة اسابيع ليقول :
" أهلا بكم فى وول مارت " .
عندما تفتح أبواب أول مركز كبير لسوق " وول مارت " فى سانت بطرسبرج صباحا ، سيكون وجه بيرنز من أول الوجوه التى سيلتقيها المتسوقون ,
إنه مُستقبل المتسوقين " .
ولأن هذه المقال اللطيف كُتب قبل الافتتاح بيوم ، فنحن لا نرى تشارلز بيزنز كفاعل .
انه لا يحيى أحدا . لذا ليس هنا كمحرك للقصة ، ولا حتى أسئلة بسيطة مثل : كيف كان يومه الأول فى الاستقبال ؟ أو ماذا كانت ردة فعل أول المتسوقين ؟ أو كيف كانت تجربته بالمقارنة مع التوقعات ؟
فى العدد نفسه من الصحيفة قرأت قصة أكثر جدية بكثير عن أحد الناجين من تسونامى سيرلانكا :
" فى جناح طب الاطفال بمستشفى المدينة هنا ، يرقد أشهر أيتام التسونامى فى سيرلانكا ، ويسيل لعابه ، وحين يتعكر مزاجه ، فإنه يئن وينوح فى وجه الزوار حول مهده " .
" هويته مجهولة . وعمره ، بحسب رأى موظفى المستشفى ، بين أربعة وخمسة أشهر . وقد صار يعرف واشتهر باسم الطفل 81 وهو رقم الإيداع فى الجناح لهذه السنة " .
" إن مشكلة الطفل 91 الكبرى ، ليست أنه غير مرغوب فيه ، بل فى أنه مرغوب أكثر من اللازم .
حتى الان ، طالب به تسعة أزواج مدعين أنه طفلهم المفقود " .
هذه القصة ، التى ظهرت للمرة الأولى فى صحيفة النيويورك تايمز ، فيها محرك معزز ومشحون . إن كنتم مثلى ، فإن المحرك أتى فى هيئة أسئلة من أمثال : ماذا سيحدث للطفل 81 ؟
هل سنعرف يوما اسمه وهويته ؟ مع من سيذهب الطفل رقم 81 ، ولماذا ؟ كيف سيتمكنون من التثبت من والديه الحقيقين ضمن كل هذه الادعاءات المتضاربة ؟
الحق يقال إن هذه القصة تثير أسئلة خاصة بها ، ليس فقط بشأن ما سيحدث لاحقا ، بل وأيضا عن المعنى الأسمى للقصة ؟
هل من المحتمل أن تكون الأسر التسع المطالبة بالطفل رقم 81 كلها تعتقد صادقة أنه من لحمهم ودمهم ؟ .
هل من المحتمل أن الاباء الذين ليس لديهم أطفال يبحثون عن نعمة فى خضم هذه الكارثة ؟
هل من الممكن أن الطفل الجذاب قد حفز شهية المطالبين به على نحو غير متاح لطفلة ؟ كل هذه النظريات متداولة فى شوارع كالمونلى .
القصة ، خصوصا تلك التى تتضمن حبكات ثانوية ، قد تتضمن محركات مصغرة .
فى الفيلم الموسيقى " ذى فول مونتى " يحاول مجموعة من عمال المصانع العاطلين كسب رزقهم بالعمل كراقصى تعز .
سيكون المحرك شيئا من مثل هل سيمضى هؤلاء الرجال ذوو الأحجام الغريبة فى التعرى الى النهاية ؟ .
وكيف سيكسبون المال والحب من ورائه ؟ ولكن اليكم ما سيجعل هذه القصة تعمل : لدى كل من الرجال شىء مهم على المحك يحفزه محركه الخاص.
هل سيستعيد الرجل البدين شرارة الحب فى حياته الزوجية ؟ هل سيتمكن الرجل الهزيل من استعادة حقه فى حضانة ابنه ؟ وهل سيتطيع الكهل تسديد ديونه المتراكمة ؟
عندما عملت " جان وينبورن " محررة فى صحيفة " بالتيمور صن " ساعدت فريق عملها على خلق مجموعة من الشخصيات لقصصهم عبر طرح السؤال التالى : أى الشخصيات لديه مهم على المحك هنا ؟ قد تؤدى الاجابة إلى تكوين محرك للقصة : هل ستحقق
أمنية الخاسر فى المسابقة فى نهاية المطاف ؟
أتصور محرك القصة مثل أبن عمى لما يسميه لاجوس ايغرى " فرضية " القصة . يقول إيغرى لكل شيىء هدف ، أو فرضية " روميو وجولييت " هى أن " الحب العظيم يقهر كل شيىء حتى الموت " وفى ماكبث ، القضية هى " الطموح العارم يدمر نفسه بنفسه " .
أما فى أوثيلو ، فالفرضية هى " الغيرة تدمر نفسها وموضوع حبها " .تأخذ الفرضية سؤال المحرك وتحوله الى قضية موضوعية .
ومن الممكن إعادة تحويله بسهولة : هل ستؤدى غيرة أوثيلو الى تدميره وتدمير المرأة التى يحب ؟
يوضح " توم فرنش " الفرق بين " محرك القصة " وموضوعها : " بالنسبة الى ، محرك القصة قوة أولية وعميقة تدفع القصة الى الامام وتبقى القارىء مقيدا حتى النهاية .
الأفكار التى نستكشفها على امتداد العمل والمواضيع العميقة التى نأمل فى القاء الضوء عليها – فهى مسألة أختيار . هناك مثال جيد على ذلك : المشهد الافتتاحى للفيلم " المواطن كاين " يمهد لأشهر محرك قصة على الاطلاق ، " ماذا تعنى روزبد ؟ " لكن الفيلم
لا يتحدث عن مزلجة كاين ولا عن طفولته .
مع ذلك ، نجد أن بحث المراسل عن حل لغز كلمة المحتضر الأخير " روزبد " يحرك القصة ويدفعها قدما ويبقينا متابعين لها ، بينما يستكشف أورسن ويلز معانى عميقة فى مواضيع السياسة والديمقراطية وأمريكا .
أحجية " روزبد " تقودنا عبر ما كان فى الاصل درسا مدنيا فى الطبيعة الحقيقية للقوة " .
أخيرا ، بل أسئلة " كيف " ؟ . نحن نعرف مع شارة البداية أن بوند سينتصر على الأعداء ويحظى بالفتاة ، لكننا نريد أن نعرف كيف سيفعل ذلك .
يخيل لنا أن فيريس بيولر اللطيف – من فيلم إجازة فيريس بيولر – لن يعاقب على تغيبه ، لكننا نستمتع بمعرفة كيف سيفلت من ذلك .
الكتاب الجيدون يتوقعون أسئلة القارىء ويجيبون عنها ، والمحررون سيبحثون عن ثغرات فى القصة وأسئلة محورية لم يجب عنها الكاتب ، أما رواة القصص فيضعون هذه الأسئلة كمستويات للسرد ، ويخلقون حالة فضول لدى القارىء لا ينطفىء إلا بوصوله
إلى النهاية .
والى الاداة الواحد والثلاثون فى مقال قادم
#خالد_محمد_جوشن (هاشتاغ)
Khalid_Goshan#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة التاسعة والعشرون
-
عذابات الشعب الفلسطينى
-
نحن بشر
-
حكاية ولاء
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة الثامنة والعشرون
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة السابعة والعشرون
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة السادسة والعشرون
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة االخامسة والعشرون
-
بنت عسولة
-
أخلاق الضباع
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة الرابعة والعشرون
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة الثالثة والعشرون
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة الثانية والعشرون
-
# أشجار _ مصر من ينقذها
-
أدوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة الواحد والعشرون
-
أدوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة العشرون
-
أدوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة التاسعة عشرة
-
أدوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة الثامنة عشرة
-
كتابة وجنس
-
أدوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة السابعة عشرة
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
-فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2
/ نايف سلوم
-
فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا
...
/ زهير الخويلدي
-
الكونية والعدالة وسياسة الهوية
/ زهير الخويلدي
-
فصل من كتاب حرية التعبير...
/ عبدالرزاق دحنون
-
الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية
...
/ محمود الصباغ
-
تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد
/ غازي الصوراني
-
قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل
/ كاظم حبيب
-
قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن
/ محمد الأزرقي
-
آليات توجيه الرأي العام
/ زهير الخويلدي
-
قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج
...
/ محمد الأزرقي
المزيد.....
|