|
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة التاسعة والعشرون
خالد محمد جوشن
محامى= سياسى = كاتب
(Khalid Goshan)
الحوار المتمدن-العدد: 7098 - 2021 / 12 / 6 - 22:13
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
لتوليد الاثارة استخدم محفزات التشويق الداخلية لتشد انتباه القارىء دعه يترقب
مالذى يجعل كتابا أو قصة ما غير قابلة للمقاومة ، ومشوقة جدا بحيث لا تستطيع التوقف عن فرائتها ؟
واحدة من الأدوات التى لا يمكن الاستغناء عنها ، هى محفزات التشويق الداخلية .
هذا الاسلوب يترك القارىء متلهفا للمزيد ، كأنه واقع تحت سحر ما . والتشويق يجعل القارىء ، وأحيانا إحدى الشخصيات ، متعلقا بترقب .
لم يكن السبب وراء الشعبية الجارفة لرواية " شفرة دافنشى " هو أسلوب مؤلفها ( دان براون ) فى الكتابة النثرية ، بل الحبكة الذكية للقصة المبنية على تسلسل المشوقات الداخلية .
وللتدليل على ذلك لنقرأ معا التأثير الواضح لهذه التقنية فى المقاطع التالية :
" بينما كان يسقط ، تراءى له شكل شبحى شديد الشحوب يحوم فوقه قابضا على سلاح نارى . بعد ذلك أطبقت عليه حلكة دامسة ".
" وقبل أن تتمكن صوفى وتينج من الرد ، اجتاحهما بحر من أضواء الشرطة الزرقاء من أسفل التلة وبدأت فى الصعود حتى بلغت منتصف الطريق اليهما " .
" بوجه قاطب قال تيبنج : أصدقائى ، يبدو أن هنالك قرارا مهما علينا اتخاذه ، وعلينا فعل ذلك فى أسرع وقت " .
" ضغط لانجدون على الزر صفر ، وهو متأكد فى قرارة نفسه أن الثوانى القليلة القادمة قد تحمل الجواب لسؤال ظل يحيره طوال تلك الليلة " .
" شعر لانجدون بجسمه يرتعش وهو يتوغل داخل الغرفة الدائرية . من المؤكد أن هذا هو المكان الصحيح " .
كل مقطع من المقاطع السابقة هى نهاية فصل . مشعلة فضول القارىء فى معرفة ماذا سيحدث لاحقا . ولذلك إن اردت أن تبيع الملايين من نسخ كتابك عليك تعلم حرفة التشويق .
وأنت لست فى حاجة إلى حبكة شديدة التعقيد لكى تأسر فضول القارىء . تامل مذكرات ( تونى هيندرا ) الأب جو كيف يصف الراهب الحكيم والمحسن الذى ساعد المؤلف فى اجتياز الأوقات العصيبة التى واجهته فى شبابه عن طريق النصح والإرشاد .
ولنقرأ معا نهاية الفصل الثالث " وفجأة سمع صوت أحذية وهى ترتطم بأرضية الممر وحفيف أردية طويلة ترافقها .
فتح الباب، وهنالك وقف أحد أغرب المخلوقات البشرية التى رأتهن عيناى " .
ليس من الضرورى أن ترسم مشهدا فى غاية الغرابة لكى يكون لديك مكان تشويق ، وحدها الرغبة فى معرفة ماهية شكل الاب جو ، ما دفعنى إلى قراءة الفصل التالى .
ولم اضطر الى البحث بعيدا عن مثال للمحفز الداخلى للتشويق ، فقد عثرت على صفحة من صحيفة محلية تصف الصراع الذى دار من أجل منع مجموعة من السكان المحليين من القفز من أعلى جسر شاهق للغاية .
لم تشكل هذه الحادثة مشكلة رهيبة لتلك المدينة وحسب ، بل منحت لكل جسر شاهق سحرا جاذبا لكل راغب فى الانتحار ، وفى التالى نقرأ مقدمة القصة الخبرية التى كتبتها الصحفية جامى جونز :
" غادرت الفتاة الشقراء الكنيسة فى عصر يوم عاصف وقادت سيارتها متجهة الى أعلى جسر " صن شاين " الشاهق مرتدية حذاء ذا كعب عال وفستانا لامع السواد . تسلقت حافة الجسر وهى تنظر نحو المياه الباردة الزرقاء على بعد 197من تحتها ، كانت
الرياح الهادرة تحثها فى مسعاها . لقد حان الوقت ، قالت فى نفسها .
رفعت ذراعيها عاليا باتجاه السماء ودفعت نفسها من على الحافة . تابعها رجلان فى قاربيهما بنظريهما بينما كانت تغطس كإوزة فى مياه شاطىء تامبا .
فى منتصف الطريق نحو المياه شعرت برغبة جامحة فى الرجوع . لا أريد الموت ، خاطبت نفسها .
بعد ذلك بثوان قليلة ارتطمت بالمياه التى ابتلعتها كليا ثم تركتها . كانت تصرخ وهى تخترق طريقها نحو سطح الماء " .
لطالما تسائلت إذا ما كان من الأفضل لو أن الكاتبة أوقفت وصف المشهد فى اللحظة التى رمت الفتاة نفسها من حافة الجسر . ومع ذلك ، فإن التأثير لا يزال قويا بالطريقة التى رتبت فيها الكاتبة الأحداث .
لقد قسمت القصة الى سبعة أجزاء ، وفصلت كل جزء بثلاث نقاط سوداء واضحة للعيان . وفى نهاية كل جزء كافأت القارىء بسرد درامى حفزه لقراءة بقية القصة .
قد لا نظن أن محفزات التشويق هى أدة تنبع من داخل النص . بل نربطها بأحداث المغامرات المتسلسلة فى فيلم ما ، أو عمل تلفزيونى يحمل نهايات كبيرة .
والأضخم من بين تلك النهايات ، هى التى تأتى مع نهاية العمل أو الفيلم وتأسر فضولك وتغرقك فى بحر من الحيرة والتساؤل .تأمل فى العبارة التى تظهر فى نهاية العمل " يتبع .. " ، العبارة التى تجعلنا ننتظر تكملة الجزء الثانى من المسلسل بفارغ الصبر .
ولقد عثرت على أمثلة أخرى للمشوقات الداخلية بينما كنت أقرأ بعض روايات المغامرات المخصصة للناشئة .
أحمل بين يدى نسخة أول رواية من روايات " نانسى درو " الغامضة ، " سؤال الساعة القديمة " . ولأقرأ عليكم مقطعا من الصفحة 159 ، وهى خاتمة الفصل التاسع عشر :
وهى تقبض بشدة على البطانية والساعة بين ذراعيها ، جاهدت نانسى درو بين الزحف والتعثر بلأشياء المبعثرة للخروج من الشاحنة قبل فوات الأوان .كانت خائفة من فكرة أن يكتشف اللصوص وجودها فى الشاحنة .
وحين بلغت الباب ، قفزت بخفة على الأرضية . لقد صار فى وسعها الان سماع وقع اقدام ثقيلة تقترب أكثر فأكثر أغلقت نانسى باب الشاحنة وأخذت تبحث كالمجنونة عن المفاتيح .
" ياه ، ماذا فعلت بهم ؟ " فكرت بذعر .
رأت المفاتيح سقطت من الباب على الأرض ، فالتقطتها ، ووضعت المفتاح الصحيح فى القفل على عجل ، ثم أحكمت قفل الباب .
لقد فعلت ذلك فى اللحظة المناسبة تماما . ما ان عادت اعقابها حتى سمعت همهمات لأصوات غاضبة فى الخارج .
كان اللصوص يتجادلون فيما بينهم ، بينما شرع أحدهم فى العمل على فك باب الحظيرة .
لقد انقطع سبيل الهرب . وشعرت نانسى بأنها محاصرة . " يالهى ، ماذا افعل الان ؟ فكرت بيأس.
والان بعد أن قرأت تلك الأمثلة عن محفزات التشويق الداخلية أتحداك أن تتوقف عن القراءة . فكر فى الأمر .
هذا الاسلوب يبعث الطاقة فى كل حلقات أى مسلسل تلفزيونى . حتى برامج الواقع تجعلنا نتحمل الإعلانات التجارية كى نعرف أيا من المشاركين سوف يقصى من البرنامج . وبذلك ، فان أى عنصر درامى يأتى قبل التغيير فى الأحداث هو نوع من أنواع المحفزات الداخلية .
والى الاداة الثلاثون فى مقال قادم
#خالد_محمد_جوشن (هاشتاغ)
Khalid_Goshan#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عذابات الشعب الفلسطينى
-
نحن بشر
-
حكاية ولاء
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة الثامنة والعشرون
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة السابعة والعشرون
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة السادسة والعشرون
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة االخامسة والعشرون
-
بنت عسولة
-
أخلاق الضباع
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة الرابعة والعشرون
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة الثالثة والعشرون
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة الثانية والعشرون
-
# أشجار _ مصر من ينقذها
-
أدوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة الواحد والعشرون
-
أدوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة العشرون
-
أدوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة التاسعة عشرة
-
أدوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة الثامنة عشرة
-
كتابة وجنس
-
أدوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة السابعة عشرة
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك -الأداة السادسة عشرة
المزيد.....
-
ترامب يعلق على تحطم طائرة صغيرة في فيلادلفيا
-
سوريا.. فيديو ودلالة هدية أحمد الشرع إلى أمير قطر ورد فعل ال
...
-
السعودية.. فيديو ما فعله وافد يمني ومواطن بالشارع العام يشعل
...
-
تونس تُطلق مبادرة لدعم دخول شركاتها إلى أسواق موريتانيا والس
...
-
مسؤولون أوكرانيون لـCNN: قوات كورية الشمالية انسحبت من الخطو
...
-
عاجل| نيويورك تايمز: إدارة ترامب تخطط لمراجعة دقيقة لعملاء ف
...
-
ماسك يبدأ تنفيذ تكليف ترامب.. وهذا ما فعله بموظفي الحكومة
-
ترامب يعاقب عناصر -إف بي آي- المشاركين في التحقيقات بشأنه
-
من بينهم مصريون.. محكمة تحدد مصير -المحتجزين في ألبانيا-
-
رغم الحذر السائد قبيل قرار ترامب مؤشر أسهم أوروبا يقفز لمستو
...
المزيد.....
-
-فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2
/ نايف سلوم
-
فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا
...
/ زهير الخويلدي
-
الكونية والعدالة وسياسة الهوية
/ زهير الخويلدي
-
فصل من كتاب حرية التعبير...
/ عبدالرزاق دحنون
-
الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية
...
/ محمود الصباغ
-
تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد
/ غازي الصوراني
-
قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل
/ كاظم حبيب
-
قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن
/ محمد الأزرقي
-
آليات توجيه الرأي العام
/ زهير الخويلدي
-
قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج
...
/ محمد الأزرقي
المزيد.....
|