أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ايريك فروم - الملك والاستهلاك














المزيد.....


الملك والاستهلاك


ايريك فروم

الحوار المتمدن-العدد: 7097 - 2021 / 12 / 5 - 22:14
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



قبل البحث في بعض الأمثلة البسيطة في نهجي الملك والكون في الوجود، يجب ذِكر ظاهرة أُخرى وهي الإدخال في الجسد (الجسد التجاري مثلاً عند تأليف شركةٍ ما).

فإدخال شيء في جسد ما بأكله أو بشربه هو شكل معروف من أشكال امتلاك هذا الشيء. الطفل في مرحلة معينة من نموّه يميل إلى أخذ الأشياء التي يريدها إلى فمه. هذا هو الشكل الذي يمتلك به الطفل عندما يكون جسده لا يزال عاجزاً عن استخدام أشكالٍ أخرى للسيطرة على ممتلكاته. وتوجد العلاقة نفسها بين الإدخال في الجسد و«الامتلاك» في أشكال متعدّدة من أكل لحوم البشر. فمثلاً، بأَكلِ إنسانٍ آخر أكون قد حصلتُ على قوته (وهكذا يكون أكل لحوم البشر هو المعادلة السحرية للاستعباد)، وبأكل قلب إنسان نشيط أكون قد حصلت على نشاطه، كذلك بأكل حيوان رمزيّ أكون قد حصلت على المادّة الإلهية التي يمثّلها.

بالطبع، أكثر الأشياء لا يمكن إدخالها في الجسد لتبقى فيه (فكما يمكن إدخالها، يمكن التخلص منها ثانية بعملية الإفراز)، ولـكـن هنالك الإدخال الرمزي والسحري. فإذا اعتقدتُ بأنني أدخلتُ إلى نفسي صورة إلهٍ، أب أو حيوانٍ، لن أتمكنّ من إبعاد أو حذف هذه الصورة لأنني أكون قد ابتعلت الشيء رمزيّاً واعتقدتُ بحضوره الرمزيّ فيَّ. هذا مثلاً ما كان تفسير «فرويد» للنفس العليا: التلقين الكامل التام (أي الإدخال في النفس) لممنوعات وتحكمات الأب. كذلك إدخال سلطة، مؤسسة، فكرة، صـورةٍ بـالـطـريـقة ذاتها: لتكون لديَّ أحفظها أبديّاً في أحشائي كما هي. (التلقين والتعريف يستعملان في كثير من الأحيان كمرادفين، غير أنّه من الصّعب تقرير ما إذا كانا فعلاً الطريقة ذاتها. على كل حال كلمة تعريف يجب ألّا تستعمل بغموض حيث يجب الكلام عن التقليد من والخضوع).

هنالك أشكالٌ كثيرة أخرى من الإدخال في الجسد، لا علاقة لها بالحاجات الجسدية، حيث التصرّف السائد في الاستهلاكية هو ابتلاع العالم كله. المستهلك هو الرضيع الأبديّ الباكي في طلب القنّينة، هذا ما نراه اليوم في المظاهر المرَضيّة كالإدمان على الكحول والمخدّرات، اذ يتميّز هذان النوعان من الإدمان لأنهما يعيقان واجبات الشخص الاجتماعيّة، أما التدخين الكريه فلا يراقب بهذا الشكل، مع أنه نوعٌ من الادمان، لكنّه لا يعيقُ أعمال المدخّن الإجتماعية بل يمكنه عرقلة الفترة الزمنية لحياته.

سأتكلم لاحقاً عن مختلف الأشكال الاستهلاكيّة المتّبعة يوميّاً. أما الآن فسأعطي هذه الملاحظة بالنسبة لأوقات الفراغ، حيث السيارة والسفر والجنس تمثل أهم أغراض النزعة الاستهلاكية في يومنا هذا. وحيث الكلام عن نشاطات أوقات الفراغ يكون معناه: تكاسلات أوقات الفراغ.

خلاصة القول؛ الاستهلاك شكل من أشكال «الملك»، وقد يكون أهمها في المجتمعات الصناعية المكتظّة بالسّكان. فللاستهلاك صفات مبهمة: إنه يبعد القلق، لكون ما يملكه الفرد لا يؤخذ منه، إلا انه يتطلّب المزيد من الاستهلاك، حيث تفقد قيمة ما سبق استهلاكه. لذا، يمكن أن يعرّف المستهلكون الحديثون اليوم أنفسهم بالمعادلة التالية:

أنا = ما أملك + ما أستهلك.



#ايريك_فروم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحب في زمن الرأسمالية
- هل العالم الغربي مسيحي حقاً ؟


المزيد.....




- فانس ذهب في رحلة تزلج فوجد المتظاهرين له بالمرصاد بسبب ما حد ...
- استطلاع ـ غالبية الألمان يؤيدون ائتلافا حكوميا بين المحافظين ...
- مفاجأة أوجلان.. هل تثبط استراتيجية إسرائيل
- آلاف المتظاهرين يخرجون في عدة مدن إسرائيلية للإفراج عن الرها ...
- بين ترحيب وتشكيك.. أكراد العراق منقسمون حول إعلان حزب العمال ...
- الجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد تجدد رفضها للمس ب ...
- أردوغان: على حزب العمال تنفيذ وعوده
- لماذا توقفت الحياة في تركيا للاستماع إلى بيان أوجلان؟
- “إحاطة” في مجلس النواب.. في اليوم الـ 153 من إضراب سويف
- قصة انتصار “تحالف نقابي” على الممارسات الاحتكارية في المجال ...


المزيد.....

- رسائل بوب أفاكيان على وسائل التواصل الإجتماعي 2024 / شادي الشماوي
- نظرية ماركس حول -الصدع الأيضي-: الأسس الكلاسيكية لعلم الاجتم ... / بندر نوري
- الذكاء الاصطناعي، رؤية اشتراكية / رزكار عقراوي
- نظرية التبادل البيئي غير المتكافئ: ديالكتيك ماركس-أودوم..بقل ... / بندر نوري
- الذكرى 106 لاغتيال روزا لوكسمبورغ روزا لوكسمبورغ: مناضلة ثور ... / فرانسوا فيركامن
- التحولات التكتونية في العلاقات العالمية تثير انفجارات بركاني ... / خورخي مارتن
- آلان وودز: الفن والمجتمع والثورة / آلان وودز
- اللاعقلانية الجديدة - بقلم المفكر الماركسي: جون بلامي فوستر. ... / بندر نوري
- نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد / حامد فضل الله
- الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل / آدم بوث


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ايريك فروم - الملك والاستهلاك