|
مخاطر الإسلام السياسي على تجربة كردستان العراق
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 7096 - 2021 / 12 / 4 - 15:58
المحور:
القضية الكردية
( في غضون أسبوعين استشهد اكثر من خمسة عشر عنصر من البيشمةركة وجرح اعداد أخرى على آيدي مسلحي – داعش – في عمق كردستان، والمناطق المتنازعة عليها – .المصدر : حكومة الإقليم )
في عام ٢٠١٤ وفور سيطرة مقاتلي – تنظيم الدولة الإسلامية – على الموصل ، كتبت مقالة نشرت في بعض منابر الاعلام بالاقليم ، وعلى صفحات التواصل الاجتماعي ، حذرت فيها من نوايا هذا التنظيم الخبيثة ، وأهدافها المبيتة مابعد الموصل ، متوقعا ان جنود الخلافة لن يتوجهوا الى بغداد بالرغم من كل ماقيل ونشر ، بل ان طريق عبورهم كما هو مرسوم يتوجه نحو أربيل ، صوب الشمال انتهاء بزاخو وحدود كردستان مع تركيا ، ولو قيض للبغدادي تحقيق ذلك يكون قد ضرب عدة عصافير بحجر واحد ، ومهد له السبيل بتحالفات عراقية ، وإقليمية تحمي دولته الإرهابية المزعومة ولو الى حين . ولكن لماذا هذا العداء ؟ بداية لابد من القول أن المقصود هنا بالإسلام السياسي ،هو جميع التشكيلات التنظيمية ، العسكرية ، والسياسية ، والجهادية ، المتطرفة بخطابها ، او المعتدلة شكلا ، التي تجمع مابين العمل السياسي والديني ، ولاتفصل بينهما ، وقد افرزت الاحداث والتطورات ، في بلدان المنطقة خلال العقود الأخيرة ، اشكالا لاتعد ولاتحصى من الجماعات ، والمنظمات السرية والعلنية ، وبينها أنظمة وحكومات ، تجد للوهلة الأولى وجود اختلافات بينها ،ولكن في حقيقة الامر تنطلق من منبع واحد ، وتؤمن بآيديولوجية واحدة ، ونهج شمولي واحد ، تزعم بمختلف مسمياتها انها خليفة الله على الارض ، وتستند بذلك على فتاوى خيالية لسفك الدماء دون رقيب او حسيب . هناك دروس عديدة استخلصت من التجارب المريرة للحركة الكردية ، في اكثر من مكان ، وفي مراحل مختلفة من تاريخها القديم ، والحديث ، من ابرزها عدم قبول الاعتراف بالكرد وجودا ، وحقوقا تحت ستار الدين الإسلامي ، والقوى المتحكمة السائدة التي تذرعت بهذا السبب وتسترت بلبوس الدين كانت بجوهرها قومية عنصرية تنبذ الاخر القومي ، وترفض وجوده . هناك مجموعة أسباب لهذا العداء المستحكم من جانب جماعات الإسلام السياسي ، ضد الكرد ، وقضيتهم العادلة ، وحركتهم القومية التحررية من أبرزها : أولا – الى جانب الجوهر العنصري المقيت ، السالف الذكر الرافض للآخر المختلف لجماعات الإسلام السياسي تلك ، فانها تركب أيضا موجة المشاعر الغالبة السائدة نتيجة تدني الوعي الديموقراطي ، وذلك بالمواقف المزايدة ( الحريصة !) على ( وحدة الامة ؟! ) من اجل حشد المزيد من الطاقات لخدمة اجندتها الحزبية ، والآيديولوجية ، المرسومة بالغرف المغلقة المظلمة . ثانيا – من المعروف ان طبيعة الحركة الكردية القومية التحررية بشكل عام ، ديموقراطية ، علمانية ، لاتنطلق من مفاهيم دينية ، او مذهبية طائفية ، ولاترتبط بمحاور إقليمية متورطة في الصراع المذهبي السني – الشيعي ، ( باستِناء تيار – ب ك ك – الذي يعتبر حديثا ولايتمتع بالاحتضان الشعبي ، ولايشكل قاعدة بل استثناء وقتيا عابرا ) وتتجلى هذه الصفات المميزة بالتجربة الراهنة لإقليم كردستان العراق ، حيث تحول الإقليم الى نموذج لتعايش الاقوام ، والأديان ، والمذاهب ، وموئلا لكل الاطياف المهددة من جانب الجماعات الإرهابية ، وبالأخص مجاميع الإسلام السياسي ، من ( داعش و مسلحي الحشد الشعبي ، ومجاميع مسلحة أخرى ) . ثالثا – ترافق ظهور تنظيم – داعش – كاحد اخطر جماعات الإسلام السياسي السنية الإرهابية ، وقبله – تنظيم القاعدة – ومسميات أخرى ، صعود أنشاطة الإسلام السياسي الشيعي متجسدا في – الحرس الثوري – الإيراني ، بقيادة قاسم سليماني ، وحزب الله اللبناني ، وجماعة الحوثي ، والحشد الشعبي العراقي بكل فصائله الولائية الإرهابية المتطرفة ، والتقاء الطرفين بأكثر من ساحة ، وكما هو معروف فان ايران الخمينية أصبحت ممرا ، ومقرا لفلول القاعدة ، كما ان سيطرة – داعش – على الموصل بتلك السهولة لم تكن بمعزل عن تواطؤ مجاميع الإسلام السياسي الشيعي بالعراق الموالية لإيران ، والمرتبطة بقاسم سليماني أساسا ، وذلك من اجل تمهيد الطريق للهجوم على كردستان كما سبق واشرنا اليه . رابعا – لم يقتصر تحالف مجاميع الإسلام السياسي ضد الكرد وقضاياهم على فريقي – السنة والشيعة – فحسب بل شمل مجاميع كردية ( غير متدينة وتعتبر نفسها علمانية !) مثل جماعات – ب ك ك – في سوريا ، وكذلك في سنجار ، ومناطق أخرى ، واطياف من – الاتحاد الوطني الكردستاني – العراق – التي تورطت في مخططات تامر الشيعية السياسية خلال الاستفتاء – الريفراندوم – عام ٢٠١٧ ، وقد وجدنا نماذج أخري سارت بنفس الطريق مثل نظام حزب البعث السوري الذي تحالف مع عتاة الإسلام السياسي الشيعي ، والسني ، لضرب الثورة السورية ، وتصفية القضية السورية وضمنها القضية الكردية . وهكذا نجد ان هناك تناقضا عميقا بين نهج الحركة القومية الديموقراطية الكردية بالمنطقة عموما ، وبين مجاميع ، وتنظيمات ، وأنظمة الإسلام السياسي بكل أصنافها ، ومراتبها ، ومسمياتها ، ولن يتوقف الصراع التناحري هذا الا بالانتصار على قوى الإرهاب ، وأصحاب الفكر الظلامي الذين يسعون الى القضاء على كل منجزات البشرية ، ومكاسب الشعوب في المدنية ، والتقدم ، التي تحققت بفعل التضحيات الجسام منذ قرون وحتى الان . من واجبات الكرد الحفاظ على مسار حركتهم في الطريق الديموقراطي ، وصيانة نقاوتها من كل مظاهر الطائفية ، والمذهبية ، وذلك يستدعي تضافر الجهود من اجل إعادة بناء الحركة الكردية التي يعتريها الوهن ، والتعثر ، والانقسام ، في كل جزء ، وتوحيدها ، وتزويدها بالمشاريع الوطنية المتقدمة ، واستعادة شرعيتها المهددة ، وتحقيق التنسيق ، والعمل المشترك بين قواها في جميع الأجزاء على قاعدة عدم التدخل ، واحترام الخصوصيات ، والاستقلالية ، كما ان من واجب قوى شعوب المنطقة الديموقراطية الحية المساهمة أيضا في تعزيز ، وترسيخ الحركة الكردية التي تشكل روافد معطاءة للمعارضة الوطنية من اجل الخلاص من الاستبداد ، واجراء التحولات السياسية ، والاجتماعية . ولاشك ان المجتمع الدولي مسؤول أيضا عن دعم واسناد قوى التقدم والديموقراطية في المنطقة وبينها القوى الكردية الديموقراطية ، من اجل مواجهة مشتركة لقوى الإرهاب الظلامية التي تشكل خطرا على الجميع ، وذلك ليس بالحرب المسلحة وحدها ، بل عبر المواجهة الفكرية ، والثقافية ، والسياسية أيضا ، ولم يعد سرا ان شعوب المنطقة بدأت تشعر باالريبة ، والقلق ، من تصرفات ، وسياسات الدول العظمى ، والكبرى تجاه قوى ومصادر الإرهاب في المنطقة وفي المقدمة نظام ايران وتوابعه من أنظمة ، وتنظيمات .
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نموذج يحتذى به في الحركة التحررية الكردستانية
-
القضية الكردية في ندوة - دهوك -
-
قراءة أولية لوثيقتي - التطبيع العربي - مع النظام السوري
-
شعوب الشرق الأوسط والقلق المشروع
-
شركاء السطو على الشرعية في سوريا : النظا
...
-
نداء برسم الاشقاء في أربيل قبل فوات الاوان
-
في تصدعات أحزاب المجلس الكردي
-
كردستان العراق : من القومية الى الثنائية الوطنية
-
هل بقي مايجمع بين عامة الناس والنخب الحزبية
-
القضية السورية في ذروة التجاذبات الخارجية
-
نيجيرفان بارزاني من البحث عن الهوية الى تجسيدها
-
قراءة في ظاهرة التجارب الفاشلة
-
- اللاثابت - في المتحول الأمريكي ( كرديا )
-
محاولة في فهم مجريات ومآلات الحدث الافغاني
-
حراك - بزاف - ماله وما عليه
-
مبادرة حراك - بزاف - لترتيب البيت الكردي السوري
-
الحدث التونسي اختبار اضافي لطبيعة الفئات المثقفة
-
نصف قرن ونيف على كونفراس الخامس من آب
-
إشكالية الدعم الخارجي للحركات التغييرية - بزاف - نموذجا
-
- سلطات الامر الواقع - صناعة - أسدية -
المزيد.....
-
كاميرا العالم ترصد خلوّ مخازن وكالة الأونروا من الإمدادات!
-
اعتقال عضو مشتبه به في حزب الله في ألمانيا
-
السودان.. قوات الدعم السريع تقصف مخيما يأوي نازحين وتتفشى في
...
-
ألمانيا: اعتقال لبناني للاشتباه في انتمائه إلى حزب الله
-
السوداني لأردوغان: العراق لن يقف متفرجا على التداعيات الخطير
...
-
غوتيريش: سوء التغذية تفشى والمجاعة وشيكة وفي الاثناء إنهار ا
...
-
شبكة حقوقية: 196 حالة احتجاز تعسفي بسوريا في شهر
-
هيئة الأسرى: أوضاع مزرية للأسرى الفلسطينيين في معتقل ريمون و
...
-
ممثل حقوق الإنسان الأممي يتهرب من التعليق على الطبيعة الإرها
...
-
العراق.. ناشطون من الناصرية بين الترغيب بالمكاسب والترهيب با
...
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|