أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - عزيز باكوش - الطريق إلى الجريدة الورقية غير معبد بمصر















المزيد.....

الطريق إلى الجريدة الورقية غير معبد بمصر


عزيز باكوش
إعلامي من المغرب

(Bakouch Azziz)


الحوار المتمدن-العدد: 7095 - 2021 / 12 / 3 - 01:36
المحور: الصحافة والاعلام
    


الطريق إلى الجريدة الورقية غير معبد هنا بمصر ، وليس من الصعب إدراك موت القراءة الصحفية ، واندثار التصفح اليومي للجريدة مع فناجين القهوة السادة فتحلو الأهرام ، وأخبار اليوم ،الجمهورية ،الوفد الشروق، اليوم السابع، المصري اليوم ،البوابة ،فيتو ،الوطن ،التحرير، الموقع السلطة ،الدستور ،خط أحمر، المستقبل ،مصراوي ،السبورة، الزمان ،تحيا مصر دوت مصر، الفجر، النبأ، أهل مصر، روز اليوسف النهار... الصحافة الورقية في مصر اليوم ، غادرت أكشاكها ، وباتت مجمعة في موقع إلكتروني واحد . حيث تضع بين يدي القارئ مجموعة من الجرائد اليومية الأكثر تصفحا ، مرتبة ومبوبة حسب أهميتها لتجعل القارئ الرقمي في قلب الحدث.

لذلك ، بدوري أتساءل كما يتساءل كتاب مصر وصحفيوها ،فيما إذا كان قارئ الصحافة الورقية بجمهورية مصر العربية ما زال على قيد الحياة ، بعد أن تأكد لي بالصورة والصوت وفاته السريرية بالمغرب. لماذا هجر القراء الصحافة الورقية بشكل عام ؟ ما أسباب هذا العزوف الكثيف عن كل ما هو ورقي ؟ ولماذا ذبلت الأكشاك، واصفرت أوراقها ، وتحولت إلى نقط لبيع المقرمشات وأوراق اللوطو؟ وهل من خيارات لتجاوز أزمة القراءة في العالم العربي تكتيكا واستراتيجية ؟ وإلى متى تظل المطابع العربية تخرج كل يوم المآت المؤلفة من الجرائد الورقية ، دون حسيب أو رقيب ،لتغرق بضع مئات من الأكشاك الرثة دون فائدة تذكر؟ وهل نحن حقا ، بحاجة إلى هذا الكم الهائل من المطبوعات التي لايشتريها قارئ ولا يقرأها أحد؟ كيف نتحمل هذا الإفلاس ونطيق هذه الخسارة في المال والجهد ؟ وما ذنب التكنولوجيا في هذه الجريمة الحضارية النكراء ؟

عندما نتحرى سبب عزوف العرب عن القراءة بشكل عام ، وقراءة الصحف بشكل خاص وعلى نحو مخيف في العقد الأخير ، فلا كبير عناء في استخلاص الأسباب الحقيقية الكامنة بعيدا عن شماعة الاقتصاد وانعدام القدرة الشرائية . فلا المدرسة تقوم بالدور المنوط بها في ترسيخ فعل القراءة بمعناه الثقافي . ولا وسائل الإعلام الرسمية من إذاعة وتلفزيون تجسد ذلك من خلال ما تبثه من أعمال درامية لا مستوى ولا تلبي مطالب الوعي الاجتماعي الصاعد ، إلى درجة التثقيف الحقيقي . ولا المجتمع المدني استطاع إرساء نموذج قرائي رشيد ومعتمد في مبادراته المتقطعة والتطوعية في الغالب . فيما ظل الخطاب الرسمي يلوك زبوره في التنمية المجتمعية خارج البعثة الكونية ، متمسكا برؤيته العقيمة للثقافة كأولوية ، والوعي بها رؤية ببعد نظر ومنهج سليم واستراتيجية واضحة المعالم لتظل الشعارات القرائية الملفوفة بالدين والطبخ ،وتتكلس الرافعات المناسباتية لتطويع الفعل القرائي ، وهما حقيقيا لتجسير فعل الإقراء، وردم هوته السحيقة في المجتمع . والنتيجة تخلف ينمو، وانحطاط مريب أمام أنظار عالم تجرفه التحولات الرقمية المريبة ،وتنقله ضوئيا إلى حقول المعرفة الأكثر شساعة بذكاء اصطناعي مهيب ليشكل وحده مصير العالم .

ولعل المشكلة برمتها ،تعكس بحق أزمة بنيوية يعيشها العرب بشكل عام ،والفئة الشابة منهم على وجه الخصوص ، لأنها تتعلق أساس بمستوى الوعي والثقافة في المجتمع.ولأن التقدم التكنولوجي حجب الكثير من الأفعال والسلوكيات النبيلة في حياة المجتمعات العربية، ومنها فعل القراءة الورقية النبيل ،والتي كان من المفروض أن ترسخها المدرسة وبرامج الحكومة ومبادرات المجتمع المدني الفاعلة والهادفة .

ويتساءل الكثير منا وبحرقة . هل التطور التكنولوجي هو القاتل ؟ وشاشات الحواسيب والهواتف واللوحات أداة جريمة ؟ وهنا يبرز الجواب بسيطا ، فانحذار الفعل القرائي أسبق عندنا من التطور التيكنولوجي . فنحن معدل القراءة عندنا لا يبارح كتاب واحد لثلاثة ملايين عربي في السنة .

على طول كونيش المعادي حتى مشارف المتحف القومي للحضارة المصرية ، مرورا بالمتحف الاركيولوجي ، بمحاذاة الطريق الدائري العملاق ، لا يوجد كشك واحد للجرائد الورقية والمطبوعات ، وعندما تذهب لمصر الجديدة، العبور ، شارع صلاح سالم، المتاخم لنادي الحرس الجمهوري ، فإنك ستشعر دون شك أنك في نيويورك ، أو باريس ،لكنك لن تجد نسمة جريدة ، ليظل فعل القراءة العربي حلما عسير المنال .

في فاس تم الإجهاز على أكشاك الجرائد التي تم إحداثها بمبادرة من سابريس ،وباتت تعرض عددا من الجرائد صفراء الباهتة توحي لأول نظرة بالكسل والضمور .

ويبقى الشيخ والعجوزة في دار السلام ،نقطة الضوء الوحيدة ، حيث أقتني نسخة من جريدتي اليومية بالتناوب ، ما بين الأهرام أخبار اليوم الجمهورية الوفد الشروق اليوم السابع المصري . ويبدو أن الرجل المسن وزوجته الطاعنة أصرا بعناد فرعوني على نشر الضياء ، وقد صمما بعزم فولاذي على رهان القراءة عبر بيع منتوجه عباره عن أعداد من الجرائد المصرية ، مثقلة بالأحجار خوفا من أن تتطاير صفحاتها بفعل الرياح مقابل قروش لا تسمن ولا تغني من جوع . حتى وإن كانت قد إندثرت من أغلب الأكشاك والمكتبات هنا بالقاهرة ، أو تقلصت أعدادها على نحو مريب . فالتطور المريب للرقميات التهم الصحيفة الورقية ،وأجهز على الكتاب ، وأصبح القارئ أبيض العينين ، مقعرهما من فرط التسمر الساعات الطوال على الشاشة .

لقد اندثر فعل القراءة الجميل ، تلك العادة التي وسمت جيلا مميزا، كان اليوم ليس له نكهة دون الجريدة والفنجان . اليوم ،تحولت هذه العادة عند جيلنا الحالي ،إلى سماعة وسيجارة وهاتف ذكي ،ومشاهدات لا تنتهي . ورغم كل ما يمكن أن يقال، فإن فعل القراءة ما يزال حيا ، وأن القراءة فن وثقافة لا يعرفها سوى المحب الحقيقي للحياة .

ومن شبه المؤكد أن الوعي الحقيق لن يتشكل بالمشاهدات الجارفة لفيديوهات الرعب والفضائح وروتين الأيام الفاضحة، بل بالقراءة وحدها يتشكل الوعي ، وتتراص النخبة المثقفة ، لتقف سدا منيعا ضد الجهل والأمية ، ومحاربة الخرافة والنضال ضد الإشاعة . فالمجتمع الذى لايقرأ ، يتحول حتما إلي أرض خصبة لصناعة الوهم ، ويصبح تغييبه ممكنا ، والتحكم في حركته وضبط بياناتها متاحا، وسبر آرائه وميوله وتوجيهها كما تشتهي سفن الأنظمة وتشكيل وعيه الفكري أمرا مكينا.



#عزيز_باكوش (هاشتاغ)       Bakouch__Azziz#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منجز بشرى اقليش هرم فلسفي ثلاثيامتناسق الأبعاد ، وناظم مركزي ...
- مواقع التواصل الاجتماعي : الدخول المدرسي وعلم النفس الاجتماع ...
- حول الأهداف غير المشروعة لتطبيق التواصل مع النجوم
- حوار مع الفنان الفوتوغرافي -عبد العالي النكاع-: تبقى الصورة، ...
- حسين عبروس : عدد الأطفال في الوطن العربي يفوق 22مليون طفلا، ...
- رواية- قبة السوق- حزمة فواجع ولوامع وانفلاتات تقطن القلب وتح ...
- الأب الروحي للفيلم التربوي بفاس محمد فرح العوان في ذمة الله
- شمس الدين بلعربي فنان جزائري مازال يصمم ملصقات الأفلام العال ...
- حول بكائيات التلفزيون الرمضانية ، أو دمعة واحدة تكفي ؟
- لماذا لم تنجح الدراما العربية في إطالة عمر البث لعقود على غر ...
- القيم وتدريس اللغة بين الخطاب والممارسة
- شبهات مارقة
- المؤشرات الخمس للسحر والجاذبية في الإصدار الأخير للدكتور محم ...
- - الممارسة الإعلامية - الواجب المهني والأداء الفني - دعوة من ...
- انشطارات الذات : أو عندما تثور الذات من أجل حقها في النور لل ...
- يلزمني مائة عام من العزلة الناسكة ، كي أستبئر هذا العمق المه ...
- دراسة للدكتور عبد السلام عشير( فاس المملكة المغربية ) تسعى إ ...
- إحدى عشر دقيقة ، فقط لا غير ،هي المحورالذي يدور حوله العالم.
- رواية إحدى عشرة دقيقة لباولو كويليو تتناول موضوع الجنس بحساس ...
- رواية - طائر الجبل- للدكتور محمد الزوهري دعوة لتأصيل جنس جدي ...


المزيد.....




- -نمر بأوقات خطيرة-.. مبعوث بايدن يحذر من التوترات الحدودية ب ...
- عميل للخدمة السرية يتعرض للسرقة تحت تهديد السلاح خلال زيارة ...
- أكثر من 20 عضوا في حلف الناتو تحقق هدف الإنفاق الدفاعي
- منتدى DW: الإعلام يكافح من أجل المصداقية في أوقات عصيبة
- حدث فلكي يقع مرة واحدة في العمر.. كيف تشاهد ”انفجار نوفا-؟
- نظرة من الغرب إلى زيارة بوتين المرتقبة لكوريا الشمالية
- وزارة الدفاع البولندية تؤكد إجراء تحقيق في انتهاكات عمل لجنة ...
- صحيفة: الشرطة الفرنسية تستعد لاضطرابات بسبب الانتخابات البرل ...
- مسؤول عسكري إسرائيلي: نجحنا في إبعاد خطر اجتياح -حزب الله- ل ...
- نائب رئيس بلدية القدس يدعو للتوقف عن جمع نفايات قنصلية فرنسا ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - عزيز باكوش - الطريق إلى الجريدة الورقية غير معبد بمصر