أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - منى نوال حلمى - تشريع قانون - ازدراء الحرية -















المزيد.....

تشريع قانون - ازدراء الحرية -


منى نوال حلمى

الحوار المتمدن-العدد: 7089 - 2021 / 11 / 27 - 03:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تشريع قانون" ازدراء الحرية "
---------------------------------
لاشك أننا نعيش مرحلة مقيتة من أزمنة الوصايا الدينية على العقل الحر ، الناقد ، الجسور ، الذى لا يهاب السهام المصوبة من كل اتجاه ، مؤمن بحقه فى التعبير كما يشاء ، متى أراد ، طالما أنه لا يحمل سلاحا يهدد ويسفك الدماء .
هذا أول ما جاء بخاطرى ، بعد الحكم على المستشار أحمد عبده ماهر ، بالسجن خمسة سنوات ، بتهمة ازدراء الأديان ، من محكمة مصرية ، جنح النزهة طوارئ أمن الدولة .
لست من المؤيدين لفكر وآراء المستشار أحمد عبده ماهر . لكننى أستنكر بشدة وأرفض حكم ادانته بازدراء الدين الاسلامى ، بالسجن ، لمجرد أنه يقول آراءه الشخصية التى يمليها عليها عقله وتأملاته ، فى العقيدة الاسلامية التى يدين بها ، والتى لا تجئ على هوى ومزاج ، الكثيرين من المسلمين بالوراثة والتقليد ، أو المتأسلمين .
كيف لأصحاب الرأى المختلف ، أن يزج بهم فى السجون ، مثل المجرمين ، وأهل العصابات ، والقتلة ، والخونة ، واللصوص ، والمزورين ، والمتاجرين فى السلع المغشوشة والمسممة ، وفى الدعارة ، وفى نقل الأعضاء ، وفى المخدرات ، وفى الكتب الصفراء ، ومنفذى جرائم الختان وبيع الأطفال ، وزواج القاصرات ؟؟.
اذا كان المستشار أحمد عبده ماهر ، قد حوكم بالسجن خمسة سنوات ، وهو مسلم، موحد بالله ، مؤمن برسله ، وباليوم الآخر ، وبالقرآن ، وبأحاديث السنة ، يجتهد من داخل العقيدة الاسلامية ، وليس من خارجها ، فماذا عن الذين لا يؤمنون بالعقيدة أساسا ؟؟؟. هل نجلدهم ، نحرقهم ، نشنقهم ، نرجمهم حتى الموت ، نقتلهم بالرصاص ؟؟.
واذا كان المستشار أحمد عبده ماهر ، يقول آراءه ، وهو أعزل ، يداه نظيفتان من الدم ، ولا يشتم أحدا ، ولا يحرض على تكفير واهدار دم المخالف ، واتسجن خمسة سنوات ، فماذا عن الذين يحملون الأسلحة ، والدم من فوقهم لتحتهم ، وعايشين على الشتيمة والتكفير والتحريض ؟؟.
ازدراء أديان ؟؟ يعنى ايه ؟؟. منْ الذى يحكم ؟؟ ومنْ الذى يحدد ؟؟. وماذا تعنى جملة " ازدراء أديان " ؟؟.
واحد محامى بلغ ( وهذه ليست أول مرة له بالمناسبة ) أن المستشار يزدرى الاسلام ، وبالتالى يحدث فتنة طائفية ويثير شكوك الناس فى دينهم .
يعن هذا المحامى ، يخاف على الاسلام ، يغار على دينه ، تهمه عقيدة الشعب المصرى ، يدافع عن الدين الاسلامى .
شئ غريب جدا ، فى منتهى الغرابة . كل دعاوى ازدراء الأديان ، تتم باستخدام هذه الأقاويل .. الدفاع عن الدين ، عن الرسول ، عن الذات الالهية العليا .
وهنا أتسائل ، أليس الوضع معكوسا ؟؟. كيف لمخلوق عادى يفنى ويموت ، هو الذى يدافع عن الأديان ، والرسل والأنبياء والذات الالهية العليا ؟؟.
المفروض أن يحدث العكس ، وهو أن الأديان والرسل والأنبياء والذات الالهية العليا ، هى التى تدافع عن البشر الضعفاء الممتلئين بالعيوب والنقائص والتناقضات .
مقاصد الأديان ، اذا كانت ايجابية ، وقوية ، ومنطقية ، وصالحة للحرية والسعادة الانسانية ، سوف من تلقاء نفسها تمنع الفتن ، وتحمى صورة الرسل والأنبياء ، وتحافظ على صورة الذات الالهية العليا .
والايمان بالله ، فى جوهره وفى كل تبعاته من الألف الى الياء ، يعنى الايمان بأن الله وحده ، هو صاحب القرار والتقييم والحكم والشهادة ، على دين الناس ، وليس واحدا من الناس .
ان الآراء المسالمة المختلفة فى الأديان ، لا تشكك الناس فى دينهم ، الا اذا
كانت الأديان هشة جدا ، ومصنوعة من الورق ، ليست مؤهلة عقائديا وفكريا وثقافيا ، لتحمل الرأى المسالم المختلف .
ومن الملفت للانتباه ، أننا لا نسمع عن قضايا ازدراء الأديان ، الا فى حالات
تقول الرأى المختلف فى الدين الاسلامى .
لا يوجد ازدراء دين مسيحى ، أو ازدراء دين يهودى ، أو ازدراء دين هندوسى ،أو ازدراء دين بوذى ، أو غيرها من الأديان ، على مستوى العالم كله .
هذه أديان فضت اشتباكها المتنمر الموروث مع حريات الناس ، وشئون المجتمع والدولة . وانسحبت بعد يقظة الشعوب ، ودفاعها ثمنا غاليا ، لتكون فقط عبادات شخصية داخل دور العبادة ، لا تخرج الى الفضاء العام ، والشأن العام .
قضايا الازدراء تحدث فقط مع الدول التى تدين بالاسلام . ويحدث فقط فى مصر بعد خضوعها منذ منتصف سبعينيات القرن الماضى ، لخروج وظهور وتنظيمات الاخوان ، والهجوم الاسلامى الوهابى السلفى الصحراوى ، وتكاثر الجماعات والتنظيمات الاسلامية المتأسلمة ، المسلحة ، وغير المسلحة ، من رحم الاخوان وحلفائهم .
فى هذا المناخ المصرى المحتل بالوهابية السلفية ، تغطت النساء ، وتأسلم الفن ، والاعلام ، بل تأسلمت الحياة المصرية كلها بالاسلام الصحراوى ، الغريب عن اسلام مصر ، ونشطت قضايا الحسبة والتكفير وانكار المعلوم من الدين بالضرورة ، واغتيالات المفكرين وتهديدهم واهدار دمهم ، علنا من فوق منابر المساجد ، وأصبح الارهاب الدينى ظاهرة مستفحلة بذيئة اللسان ، ضد الأقباط ، وضد السياحة ، وعرفنا فتاوى هدم الأهرامات ، والتداوى ببول البعير وارضاع الكبير ، ونكاح النملة المشركة ، ونكاح الرضيعات ، ونكاح الزوجة الميتة ، وعدم خروج النساء من البيت ، وتعدد الزوجات بلا ضوابط .
انه مناخ متكامل من الوصاية الارهابية الدينية ، الذى كان ممنهجا ، ومخططا له ، يشترى الحلفاء والمناصرين فى كل أجهزة الدولة بالفلوس الضخمة.
30 يونيو 2013 ، أجهض كل هذا المخطط الاسلامى المحلى والدولى ، لاضعلف مصر وتفكيكها ، وجعلها تخسر أفضل عقول التنوير الشجاع ، من أجل زرع الدولة الدينية فى المنطقة .
وما ادانة المستشار أحمد عبده ماهر ، بالسجن خمسة سنوات ، لرأى وفكر مسالم ، الا واحدة من تجليات هذا المناخ الذى تمت زراعته والشغل عليه منذ زمن طويل .
كيف يتجدد الخطاب الدينى ، والمحاولات كلها ، تشرب منالبئر نفسها ؟.
كيف للأبجدية القديمة ، أن تكتب كلاما جديدا ؟؟. واللحن المغاير ، لابد له من نوتة موسيقية جديدة . هذا بديهى ، ومنطقى .
كيف التجديد ، والأوصياء على الدين ، يحبسون العقول الحرة المتأملة لما جاء بالدين ؟؟. ألم يسمعوا الرئيس السيسى وهو يتكلم مؤخرا عن حرية العقيدة ، وحرية اللاعقيدة ؟؟. هم عايشين فى بلد تانى ، ومع رئيس مختلف ؟؟؟.
لابد أن يلغى قانون ازدراء الأديان . ولا بد أن يشرع قانون جديد عاجل اسمه قانون " ازدراء الحرية " ، الذى يحمى الآراء والأفكار المغردة خارج السرب ، طالما أنها سلمية ، لا تهدد ، ولا ترهب ولا تسفك الدم .
" ازدراء الحرية " قانون يصنع حائط صد ، لكل منْ يأكل عيش ، ليشتغل وصيا علينا ، فى أفكارنا وأرائنا ومعتقداتنا ومعتقداتنا وابداعاتنا ومؤلفاتنا .
" ازدراء الحرية " يلزم كل واحدة ، وكل واحد ، يريد فلوس أو شهرة أو منصبا أو شعبية مزيفة تزايد على العقائد والفضيلة والوطنية ، أن يغلق فمه ، ويبحث عن العبث بشئ آخر ، الا نهضة وتقدم وعدالة وحرية وصحة هذا الوطن .
هذا الوطن الذى هزم الاخوان ، واحتفى بجذوره الحقيقية فى موكب المومياوات والملوك والملكات المصريات القديمات ، ويبنى كل يوم المشروعات التعميرية ، ومنتظم فى مهرجانات الغناء والموسيقى والسينما ، واحتفى بطريق الكباش ، لا يمكن أن نتركه هكذا " ريشة " فى مهب الوصايا الدينية والارهاب الفكرى .
" مصر " أكبر بكثير جدا ، عن أن تكون لعبة ، للتسلية ، أو المكاسب ، من خلايا سرطانية ، تخاف من الحرية ، تكره كل روافد الحرية ، وتعطلنا ونحن قد تعطلنا طويلا ، ونشتاق الى الحركة والانطلاق .
الشعب المصرى ، لابد أن يوقع على عقد اجتماعى جديد ، بينه وبين حب الحرية ، وضمانها للجميع ، كالماء والخبز والهواء .
لا خوف من الحرية . كل الخوف من القهر ، والوصايا الدينية والارهاب الفكرى ، والقمع العقلى الابداعى ، واعادة انتاجه .
ويؤكد التاريخ أن الحرية ، لم تصنع أية كوارث أو بلاوى أو حروب أهلية ،
أو تعاسة ، أو أمراض عضوية ونفسية .
كل المصائب على مستوى الأفراد والجماعات والمجتمعات والدول ، جاءت من نقص الحرية ، أو غيابها . وليس العكس .
ان كل تقدم وكل شئ ايجابى وصحى ، يمكن تصوره ، هو من نتاج " الحرية " . فالحرية تصحح نفسها بالتجربة ، والمعرفة ، والشجاعة ، والأمانة ، والنزاهة ، والاتساق مع الذات ، والوضوح ، والحساسية لحقوق الآخرين . وكل تأخر وكل شئ سلبى ، ومريض ، هو ارث مباشر من " القهر " الذى يعيد انتاج آلياته ومصائبه .
كلمتى الأخيرة ، لهؤلاء الأوصياء على الدين ، واشاعة جو الارهاب الفكرى ، أن أصحاب العقول الحرة المبدعة ، خميرة التقدم ، ملهمة التغيير ، دائما وأبدا ، فى كل زمان ومكان ، نساء ورجال ، يعرفون طريقهم جيدا ، ويدركون الحجارة التى ستلقى عليهم ، ويسعدهم دفع الثمن ، ويشرفهم السجن والادانة والتشويه والتعتيم والمصادرة والاقصاء . يعتبرون كل هذه الأشياء ، ضرائب مستحقة عليهم ، ضرائب واجبة الدفع ، لا يتهربون من تسديدها وفى مواعيدها .
ما تفعلوه أيها الأوصياء على الدين والفكر الحر الشجاع ، لن ينال شَعرة من المؤمنين بالحرية لأنفسهم ، ولشعوبهم . بل على العكس ، سيؤكد لهم أنهم على الطريق الصحيح ، وسوف يستمرون فى رسالتهم أكثر وأكثر ، وسوف ينتصرون .
هكذا هى مسيرة البشرية التى خلدت الأسماء التى ناضلت من أجل الحرية ، فى جميع المجالات ، على مر العصور .
ونسيت تماما أسماء الأوصياء ، فى أزمنة القمع والوصاية الدينية ومحاكم التفتيش ، ومطاردة أصحاب الابداع الواعى المحرض على " الحرية " ، لها المجد والخلود .



#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المؤامرة ..... سبع قصائد
- - الله أعلم - لماذا اذن - بيزنس - الفتاوى ؟؟؟
- تفسخ أخلاقى يغفره الله بالصلاة والصوم والحج
- مصر ... وطنى وعملية - غسيل حضارة - عاجلة
- هاربة من الصلاة وعباءات النساء ... أربع قصائد
- أفتخر أننى بلا - هوية -
- - صعلوك - يطرق باب الاعتكاف
- خطيئة المرأة غير القابلة للغفران
- أين كل الأشياء ؟ .... ست قصائد
- العجز عن الحب .. أزمة محلية عالمية
- حبيب ليلة الأحد ..... أربع قصائد
- الاساءة الى - سُمعة الوطن - وصاية ارهابية
- رجل فى بيتى لا أتذكره ..... سبع قصائد
- انتقام من وراء الكواليس
- حياتى .. السًفاح الجلاًد .. ثمالة .. وردة قلبى ........ أربع ...
- الى - نوال - امى فى يوم ميلادها 22 أكتوبر
- بدمى أكتب
- ابن الريف وابنة المدينة ....... قصة قصيرة
- اللصوص .. رؤساء التحرير .. أوراق الشجر ثلاث قصائد
- أنعيها .... كأننى أنعى نفسى


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - منى نوال حلمى - تشريع قانون - ازدراء الحرية -