|
غايات خفية خلف الصراع الجزائري المغربي
زكي بوشوشة
كاتب
(Zaki Bouchoucha)
الحوار المتمدن-العدد: 7085 - 2021 / 11 / 23 - 20:13
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
الصراع الجزائري المغربي هو صراع ممتد منذ أكثر من نصف قرن ، آي أنه ليس جديدا او طارئا بالنسبة للانظمة الأخرى و خاصة المهتمة بهذه المنطقة و المرتبطة معها ، هذا الصراع عرف تاريخيا محطات تصعيد و مراحل هدوء حسب الوضع و المتطلبات و التأثيرات الخاصة بكل مرحلة ، و ما يهمنا هنا هو استقراء معطيات التصعيد الأخير و المستجدات على مستوى الوسائل و الاهداف او الغايات على حد سواء ، و نركز على ثلاث مشاهد مهمة هي على التوالي : 1_معادلة ما بعد التطبيع ، 2 _الخطاب الرسمي الفرنسي , 3 _الصراع في الافتراضي و الاعلام غير الرسمي . جاء التطبيع المغربي بعد ضجة كبيرة لسابقه الاماراتي و البحريني ، في سياق يراد له ان يظهر الامر كتغير جذري في واقع المنطقة ، من حيث القوة العسكرية و الاستراتيجية السياسية و الاقتصادية ... إلخ ، رغم أن التطبيع قديم جدا و لم يتأخر الا اعلانه بهذه الطريقة ، كما جاء هذا التطبيع أثناء حكم الاخوان في المغرب ، بعد فترة وجيزة اعلنت الجزائر عن دعم النظام المغربي لجماعتين ارهابيتين داخل الجزائر ، و قام سفير المغرب لدى الامم المتحدة بدعوة لدعم حركة انفصالية في الجزائر ، هذه الاخيرة هي احدى الجماعتين التي وجه النظام الجزائري تهمته للمغرب بسببها ، خلال هذه الفترة المتأزمة و المتوترة ، كان هناك عدة خرجات للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ، خرجات اعلامية يهاجم فيها الجزائر بصورة عبثية و مجانية ظاهريا ، و في اغلب الأحيان كانت ردة الفعل لا تخلو أبدا من الايحاءات و الايحالات إلى اردوغان و إلى الخطاب الاخواني ، كخصم و غريم و ند للفرنسي الصليبي على حد وصف هذا التيار ، و حتى لا نتوه عن احدى النقاط المهمة ، فقد تعودنا على تقديم ماكرون هكذا خدمات لاردوغان عند كل ازمة او قبيل اي تحرك على الأرض ، و نذكر كمثال على ذلك ، خطابات ماكرون حول الكاريكاتور المسيء للنبي محمد (ص) ، و جر العالم الاسلامي للدخول غصبا في سجال بين ماكرون او اردوغان . من الادوات الجديدة التي عرفها الصراع في هذه المرحلة هي وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف منصاتها ، و بعض المظاهر المزيفة لصراع فني ، و هذا ما أخرج خطاب الازمة من الدوائر و الغرف الرسمية الضيقة الى ساحات الافتراضي الشعبوية المفتوحة و للمرة الأولى في تاريخ الصراع . ان اعادة تركيب المشهد بصورة صحيحة يستلزم الانطلاق من النقطة المشتركة الاوضح و الاكثر بروزا إلى السطح بين النظام الفرنسي و التنظيم الاخواني و التي هي إسرائيل او العلاقة مع هذا الكيان ، بالتوازي مع ذلك الظهور الجلي للصراع بينهم في الخطاب الاعلامي ، أي أن هناك تقارب في الواقع و الفعل و تنافر على مستوى الخطاب و الاعلام ، و إذا بحثنا في خلفية هذا التناقض بين واقع العلاقة و شكلها سنلاحظ ما يلي : ان الجمهورية الفرنسية و العصر الذهبي لهذه الدولة تركز كله على نقد الفكر الظلامي الوسيط و ممارسات الكنيسة و زبدة انتاجه كانت العلمانية الفرنسية التي تجسدت في قانون 1905 ، و انتهت إلى طريق مسدود بعد قرن من الزمن او في اصلاحات 2004 ، انتهت لأنها قضت على موضوعها او خصمها المتمثل في الكنيسة الكاثوليكية و هذا خطأ فادح ، تريد النخب السياسية الفرنسية تداركه من خلال استحضار موضوع و خصم جديد بنفس المقاييس و المواصفات ، لتحافظ على بقاءها الثقافي و تضمن جدوى خطابها و تجد مصداقا له في الواقع . بالمقابل و بعدما نجحت الاحزاب الاخوانية في استغلال موجات ما يعرف بالربيع العربي ، و وصولها للسلطة في عدة دول ، انتهى بها الامر إلى فشل رهيب و تعري أمام الشعوب ، و سقوط الورقة الوحيدة التي كانوا يراهنون عليها ، و التي هي العذرية السياسية وفق منطق نحن فقط من لم نفشل لاننا لم نحكم من قبل . بعد مرور عقد على احداث الربيع يبدو الوضع في الشرق الاوسط مختلفا ، فالخصومات و الصداقات لم تعد كما كانت أثناء ذروة الأحداث ، و لم يعد للاخوان صراع يقتاتون عليه و مشروع يقاتلون عليه هناك ، فامريكا تريد التفاوض مع الأسد و اردوغان و السيسي نحو التقارب و السعودية تفاوض إيران ...، لذا وجب أن يوجد التنظيم لنفسه مجال حيوي جديد قابل لاعادة هيكلة التنظيم المتآكل او على الأقل الحفاظ على البقاء في مرحلة الركود التي يمر بها و ذلك بالحفاظ أولا على وجوده في آخر المعاقل التي بقيت له . من هنا يبدو واضحا ذلك التناضر بين الخطابين و بين الغايتين ، تظهر تلك الحاجة المتبادلة عند كل طرف للطرف الآخر كموضوع لوجوده ، فالخطاب الاخواني يحتاج الخطاب الرسمي الفرنسي المتهجم ، و يقدم بدوره خطابا دينيا متطرفا تحتاجه السلطة الفرنسية . طبعا هكذا سجال يحتاج ميدان و مجال بمعايير خاصة ، حيث يستهدف الخطاب الفرنسي او المحسوب على هذا الخطاب على مشكلة الهوية و العرق من خلال خطاب رسمي بطابع استفزازي في مسار واحد من النخبوي إلى الشعبوي ، و يقابله خطاب شعبوي صاعد متمثل في مرحلة جديدة من مراحل الاسلمة ، فمن اسلمة المعرفة في عصر الصحوة إلى اسلمة الفن و الرياضة و الترفيه . هكذا يراد سرقة الصراع الجزائري المغربي و من ثمة استغلاله و توجيهه وفق مصالح هذه الاطراف و لاشك ان مناصات التواصل الاجتماعي هي افضل ميدان لهكذا مشروع .
#زكي_بوشوشة (هاشتاغ)
Zaki_Bouchoucha#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مأزق الحداثة
-
الدين بمنطق جذري 2
-
الدين بمنطق جذري 1
-
عوائق التنوير في العالم العربي
المزيد.....
-
-معاد للإسلام-.. هكذا وصفت وزيرة داخلية ألمانيا المشتبه به ا
...
-
-القسام-: مقاتلونا أجهزوا على 3 جنود إسرائيليين طعنا بالسكاك
...
-
من -هيئة تحرير الشام- إلى وزارة الخارجية السورية.. ماذا تعرف
...
-
جزيرة مايوت المنسيّة في مواجهة إعصار شيدو.. أكثر من 21 قتيلا
...
-
فوائد صحية كبيرة للمشمش المجفف
-
براتيسلافا تعزز إجراءاتها الأمنية بعد الهجوم الإرهابي في ماغ
...
-
تغريدة إعلامية خليجية شهيرة عن -أفضل عمل قام به بشار الأسد
...
-
إعلام غربي: أوروبا فقدت تحمسها لدعم أوكرانيا
-
زعيم حزب هولندي متطرف يدعو لإنهاء سياسة الحدود المفتوحة بعد
...
-
أسعد الشيباني.. المكلف بحقيبة وزارة الخارجية في الحكومة السو
...
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|