سالم روضان الموسوي
الحوار المتمدن-العدد: 7083 - 2021 / 11 / 21 - 23:53
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
يحتل النظام القانوني الإنكليزي بمكانة عالية ومرموقة ضمن العوائل القانونية العالمية وهذا ما ذكره الدكتور مجيد حميد العنبكي في مقدمة كتابه الموسوم (المدخل لدراسة النظام القنوني الإنكليزي) منشورات وزارة العدل طبعة بغداد عام 1990) ويقول أيضا انه نشأ معتمداً على نفسه وظروفه ولم يعتمد على القانون الروماني، ولفت الانتباه إلى ان النائب العام (الادعاء العام) (The Attorney-General) كان يشكل كيان مستقل عن كل الهياكل العدلية او القضائية ولا يرتبط بالقضاء أو بغيره وإنما منصب النائب العام شبيه ومناظر لمنصب اللورد كبير القضاة وهو منصب سياسي بالأساس ويعين من الملكة باقتراح من رئيس الوزراء من بين أعضاء مجلس العموم المنتخبين ، ومن واجباته تمثل التاج الملكي في القضايا المدنية ذات المصلحة العامة ويوجه الاتهام في القضايا الجنائية المهمة والصعبة والإذن باتخاذ الإجراءات الجنائية في قضايا الرشوة والفساد الإداري وغيرها من المهام الأخرى وله وكيل يسمى المحامي العام وهو منصب سياسي أيضا ويتم اختياره من بين أعضاء مجلس العموم ويعين من التاج الملكي باقتراح من رئيس الوزراء وهذا ما أشار اليها الدكتور العنبكي في كتابه أعلاه (ص162) وهذا النظام اصبح أساس لأغلب الأنظمة في العالم التي جعلت من النيابة العامة كيان مستقل عن الجسم القضائي لان من مهامه مراقبة أعمالها وله مهام تتعلق بتوجيه الاتهام بينما القضاء من صفاته الحياد والامتناع عن الميل نحو جهة من جهات الخصومة باي شكل كان حتى لو من خلال تصرفات القائمين على شؤونه التي تفسر او توحي الى انها تتعاطف مع جهة من جهات واطراف الخصومة، وفي العراق استبشرنا خيراً عندما صدر قانون الادعاء العام رقم 49 لسنة 2017 ومنح الادعاء العام استقلال مالي وادراي ومنحه الشخصية المعنوية المستقلة وأضاف لمهامه مهام تتعلق بمكافحة الفساد تماثل للنائب العام الإنكليزي، إلا ان ما اتجهت اليها المحكمة الاتحادية العليا في قرارها العدد 112/اتحادية/2021 في 9/11/2021 بعدم دستورية هذه المواد على الرغم من الاعتقاد السائد لدى المطلع على الفقه الدستوري بوجود السند لهذه المواد والوارد في المادة (89) من الدستور والملفت للنظر ان الطعن كان مقدم من مجلس القضاء الأعلى الذي شبق له وان سحب مقترحه بتعديل هذه المواد، كما لوحظ ان الادعاء وهو يتمتع بشخصيته المستقلة قبل الحكم بعدم الدستورية لم يكن له حضور في الدعوى لا من بعيد ولا من قريب وهو المعني بذلك بشكل مباشر، والمناسبة للإشارة النظام الإنكليزي ما تتمتع به المملكة المتحدة من فعالية في مكافحة الفساد في ظل وجود هذا النظام القانوني وكنا نأمل ان ننتفع من هذه الأنظمة القانونية من اجل معالجة حالة الفساد المستشري في كل مفاصل الدولة، لكن يبقى النظام القانوني الإنكليزي محل أعجاب الجميع في كيفية المعالجة ويبقى فكر القضاء الدستوري والقضائي تجاه هذا المعالجة المتمثل بقرار المحكمة الاتحادية العليا محل احترام لأنه ملزم للجميع.
قاضٍ متقاعد
#سالم_روضان_الموسوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟