أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد ايت عبدي - اللسانيات المعرفية















المزيد.....

اللسانيات المعرفية


محمد ايت عبدي

الحوار المتمدن-العدد: 7080 - 2021 / 11 / 17 - 01:36
المحور: الادب والفن
    


المحتويات

0. مقدمة
1. مفهوم اللسانيات المعرفية
2. علاقة الذكاء الصناعي باللسانيات المعرفية
3. اللسانيات المعرفية وتحليل الخطاب
4. خاتمة


0. مقدمة
مع منتصف القرن العشرين ظهرت العلوم المعرفية للبحث في مختلف المسلسلات والعمليات الذهنية التي تنتقل بنا من التمثل إلى الفعل، هذا يعني الانتقال من سؤال طبيعة المعرفة إلى سؤال طبيعة العقل باعتبار السؤال عن طبيعة العقل هو سؤال عن طبيعة المعرفة. وباقتناع الباحثين بصعوبة إيجاد أجوبة للأسئلة المتعلقة بالعقل داخل حقل علمي واحد اتجه البحث نحو دمج حقول علمية متعددة، لتظهر مقاربة متعددة الجوانب تمتح من العلوم البحتة والعلوم الإنسانية؛ خاصة علم النفس واللسانيات والذكاء الصناعي وفلسفة العقل وعلوم الأعصاب...
وتسعى العلوم المعرفية إلى دراسة مسلسل التفكير والتمثلات العقلية، وتفسير الظواهر الذهنية، والبحث في تركيبة المخ للكشف عن المسالك التي يتبعها في التعامل مع المعلومات، وفهم آليات التفكير الطبيعي والصناعي لكشف مظاهر وتجليات الذكاء فيهما، ودراسة خصائص العقل البشري والوظائف الذهنية كالإدراك والفهم والتمثل والاستدلال والتخزين والتذكر والتعلم، وبحث آليات التنظيم الذاتي لدى الفرد كالتخطيط والتصحيح والمراجعة والتقويم والمراقبة، وبحث سبل اكتساب الطفل للغة، وسبل تطور القدرات اللغوية والمعرفية عند الإنسان، ودراسة الوعي والعلاقة بين العقل والجسد وغيرها من الظواهر المعرفية التي تعتبر موضوع نظريات علوم المعرفة.
وقد انتقلت مبادئ العلوم المعرفية إلى علم اللغة، فظهر بذلك اتجاه جديد في دراسة اللغة البشرية باعتبارها جزءا من المعرفة، والمعروف باللسانيات المعرفية . وسنحاول في هذه الورقة التركيبية تقديم بعض قضاياها انطلاقا من إسهامات كاثرين فوكس Catherine FuchsK، وفرانسوا راستيي François Rastier، وحسان الباهي، وذلك وفق محاور يهم الأول مفهوم اللسانيات المعرفية، والثاني حول علاقتها بالذكاء الصناعي، والثالث يعالج البعد المعرفي في تحليل الخطاب.
فماذا نقصد باللسانيات المعرفية؟ وما أوجه التأثير بينها وبين الذكاء الصناعي؟ وما علاقة اللسانيات المعرفية بنظرية تحليل الخطاب؟
1. مفهوم اللسانيات المعرفية
اللسانيات المعرفية هي ذلك التيار اللساني الذي تطور في الثمانينات من القرن الماضي، وتعرف بأنها الدراسة العلمية للغة من خلال الوحدات المسؤولة عن تنظيم العمليات الإدراكية والبحث في الظاهرة اللغوية داخل سياقاتها، وهي تهتم بالمعرفة اللغوية من أجل فهم طبيعتها وخصائصها، بمعنى آخر: ما الذي يعرفه متكلم اللغة أثناء استعماله لها؟
ويشكل موضوع العمليات الذهنية وفهم اللغة الموضوع الرئيس للسانيات المعرفية، وتناقش ما يتعلق بالهندسة البنيوية والوظيفية للمعارف اللسانية المكونة للملكة اللغوية، كالعلاقة بين اللغة والخاصيات الرمزية للذهن مثل الذاكرة والترميز... وتفسير سبل اكتساب وتعلم اللغة لدى الطفل، ودراسة أخطاء الإنجاز اللغوي واضطرابات اللغة...
وانطلاقا من أن البنيات اللغوية تقوم على المبادئ نفسها التي يقوم عليها اشتغال الجهاز المعرفي العام لدى الإنسان، صار ينظر إلى اللغة كنسق معرفي لا يمكن تناوله إلا في علاقته بمكونات الذهن المعرفية الشاملة، بمعنى آخر يتم اعتبار اللغة ظاهرة نفسية ذهنية تتم دراستها في علاقتها بباقي الظواهر الذهنية الأخرى ومختلف الاستراتيجيات الإدراكية التي تربط الإنسان بعالمه، فهي ليست قدرة معرفية مستقلة عن باقي القدرات الأخرى، كما أنها تنبثق من الاستعمال.

2. علاقة الذكاء الصناعي باللسانيات المعرفية
بدأت فكرة الربط بين اللغة والآلة منذ الخمسينات عندما بدأ العلماء في وضع برامج للترجمة الآلية، وقد انصبت بحوثهم على بناء لغات البرمجة ووضع الخوارزميات. وكان هذا بمثابة تعاون بين اللسانيات العامة في طريقتها في التعامل مع بنية اللغات الطبيعية وبين مبحث الذكاء الصناعي. فاللسانيات توظف الأدوات نفسها المستخدمة في الترجمة الآلية، واللغة بدورها هي الموضوع المشترك بينهما. وبالانتقال من اللسانيات العامة إلى اللسانيات المعرفية ستزداد درجة التأثير والتأثر بين الحقلين.
فقد استفادت أبحاث الذكاء الصناعي من اللسانيات المعرفية، بالقدر الذي استفادت فيه الأخيرة من الذكاء الصناعي، ويمكن القول أن موضوع العلوم المعرفية ومنها اللسانيات المعرفية وموضوع الذكاء الصناعي واحد؛ هو البحث في المعرفة الإنسانية وسبل تمكين الآلة من أدوات وآليات قادرة على المعالجة الآلية للغة.
وتنطلق أبحاث الذكاء الصناعي من "فرضية مفادها وجود تماثل بين المخ والحاسوب" (الباهي، ص36) حيث تم النظر إلى المخ على أنه حاسوب طبيعي وإلى الحاسوب على أنه مخ إلكتروني. ونتيجة لذلك تم بناء معمارية الحاسوب على غرار بنية المخ البشري.
لقد راهن اللسانيون المعرفيون على النتائج التي تحققت في مجال الذكاء الصناعي من أجل صياغة أدوات نظرية لتفسير كيفية إنتاج الأنشطة الذهنية، وبالتالي النشاط اللغوي، بشكل آلي على مستوى المخ. كما سمحت تلك النتائج ببناء نماذج تسمح بحوسبة اللغة ومعالجتها بدقة وفاعلية. أضف إلى ذلك ظهور نظم آلية متطورة لفهم النصوص وتحليل مضامينها.
في المقابل يأمل مهندسو الذكاء الصناعي استثمار أبحاث اللسانيات المعرفية لجعل الآلات تمتلك الوظائف التي يمتلكها الذهن البشري والكيفية التي يتمثل بها المعارف، وهكذا ساهم اللسانيون في وضع أنحاء صورية تهم سبل معالجة اللغة وتطوير لغة البرمجة. كل هذا مكن الحاسوب من امتلاك آليات قادرة على جعله يحاكي النشاط اللغوي للكائن البشري.
3. اللسانيات المعرفية وتحليل الخطاب
متى نقول إن خطابا ما متسق ومنسجم؟
لتقديم الإجابة عن هذا السؤال طرحت نظرية تحليل الخطاب ولسانيات النص إشكالات معرفية منذ البداية، فالخطاب معطى ثقافي لا يفهم إلا من خلال تفاعله مع الثقافة الحيطة به، كما أنه واقعة اجتماعية مما يبرر وصل آليات إنتاجه بمعطيات خارجية، معنى هذا أن نظرية تحليل الخطاب تقر بضرورة استحضار التنوع الثقافي والاجتماعي والسياقي وبالتالي الاعتراف بالدور الذي تلعبه الأنشطة العقلية في إنتاج اللغة.
انطلاقا من هذا التصور تمت معالجة الخطاب ضمن مقاربات اجتماعية معرفية كالمقاربة التي اقترحها فان دايك Van Dijk في كتابه "الخطاب والمعرفية 1986"، حيث سعى إلى "مقاربة اجتماعية معرفية للخطاب استلهمها من علم النفس المعرفي الذي اقترحه جونسون لبارد". (الباهي، ص328)
ويمكن إجمال الدور الذي لعبه البعد المعرفي في تحليل الخطاب في:
- توسيع مفهوم المحيط الخارجي ليشمل المحيط المادي والمعرفي، أي سياق القول والمعرفة الخلفية للفاعل والافتراضات المسبقة...
- التسليم بتعددية الحقائق، لأن الفهم والإدراك غير مرتبط بموضوع خارجي واحد أو عالم ممكن، ولكنه مرتبط بالخلفية المعرفية للشخص التي تختلف باختلاف التجارب والمعتقدات...
- قابلية تغير قيمة خطاب ما بالنظر إلى عوامل لغوية وخارج لغوية؛ أي أن القيمة غير مطلقة وغير أبدية، وأن الحقائق تخضع للمراجعة متى ظهرت معلومات جديدة.
- التسليم بتعدد السياقات ومقولة السياق المعرفي المرتبط بوجهة نظر ما.
- تأكيد عدم استقلالية الخطاب بنفسه في إبلاغ المراد.
إن دمج نتائج اللسانيات المعرفية بنظرية تحليل الخطاب باستحضار المقتضيات التداولية والمعرفية "من شأنه تمكين الفرد من اكتساب مهارات التفكير التي تمكنه من رسم خطط تساعده على استخدام معارفه لتنمية معلوماته وصقل تجاربه." الباهي2014، ص28)
4. خاتمة
هكذا يتضح أن التطور الذي عرفته العلوم المعرفية، خاصة علم النفس المعرفي، أسهم بشكل كبير في ظهور اللسانيات المعرفية، حيث وضع تلاميذ تشومسكي أسس هذا المبحث مقترحين نموذجا مغايرا للنظرية التوليدية سعيا نحو تقديم أجوبة شافية تهم قضايا اللغة، لكن بعد مرور عقود من الزمن على البحث ظلت بعض تلك القضايا لغزا يلفه الغموض مثل كيفية تعلم الطفل للغته الأم.
ورغم جهود علماء اللغة وتمكنهم من إيجاد النظريات والأساليب المتنوعة في صياغة اللغة شكليا وصوريا ومنطقيا ورياضيا، لاستخدامها في تصميم أنظمة حاسوبية تتعامل باللغة الطبيعية، وتطبيقها حاسوبيا لبناء تطبيقات حاسوبية، فقد ظل مسعى خلق آلة تحاكي الإنسان وتمتلك ذكاءه ومعرفته اللغوية يصطدم بعدة حواجز أهمها حاجز تمثل الدلالة والقدرة الإبداعية التي يتميز بها مستعمل اللغة الطبيعية.
وعلى غرار نظريات تحليل الخطاب صاغت اللسانيات المعرفية توجها جديدا في دراسة اللغة، ومن الممكن أن يقتدي روادها برواد تحليل الخطاب في تأملهم الدائم لمنجزاتهم، وإنصاتهم للنقد الموجه لهم مما جعل هذا الحقل يتطور ليثمر تيارات أكثر فاعلية في دراسة الخطاب أهمها التحليل



#محمد_ايت_عبدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مصر.. أول رد من نقابة الممثلين بعد فبركة صورة رانيا يوسف بال ...
- أحداث مسلسل قيامة عثمان الحلقة 165 مترجمة للعربية وأهم القنو ...
- رسمي وشغال 100%.. رابط دخول ايجي بست 2024 اتفرج على فيلم ولا ...
- لبنان يستعد للمهرجانات الفنية على وقع التهديدات الأمنية
- لهذه الأسباب احتل -أهل الكهف- المرتبة الأخيرة بإيرادات أفلام ...
- الحروب الثقافية وحرب غزة.. كيف صاغ السابع من أكتوبر مفهوم ال ...
- فيلم روسي جورجي مشترك ينال جائزة أفضل إخراج سينمائي في مهرجا ...
- ماثيو بليتزي يفجر المنطق الاستعماري من الداخل.. -أنا المجيد- ...
- الأمير خالد بن بندر بن سلطان: فيصل عباس يقلب الأدوار في كتاب ...
- روسيا.. العثور على مخطوطة باللغتين العربية واليونانية تعود إ ...


المزيد.....

- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد ايت عبدي - اللسانيات المعرفية