أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أوري أفنيري - زيارة عرفات؟ عجبا















المزيد.....

زيارة عرفات؟ عجبا


أوري أفنيري

الحوار المتمدن-العدد: 488 - 2003 / 5 / 15 - 04:50
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 

     "هل جننت؟ أتزور عرفات الآن؟ عرفات لم يعد ملائما! لقد انتهى!" هذه هي الردود التي تلقيتها من بعض الناس بعد ان شوهدت في التلفزيون الإسرائيلي عندما قمت بزيارة الرئيس في المقاطعة.

هل انتهى عرفات فعلا؟ إنه لم يسمع بذلك. لقد كان مزاجه جيدا. لقد كان يبدو في السنوات الأخيرة تعبا أحيانا، وفي بعض الأحيان منطويا على ذاته. أما في هذه المرة فقد كان في ذروة نشاطه. كان الحديث معه مشوقا وردوده كانت سريعة، مزاحه الشيّق طال مساعديه، ولم يخلو الأمر من ملاحظات لاذعة.

(حين تحدثنا مثلا عن مطالبة شارون بأن يقوم أبو مازن بتنفيذ اعتقالات جماعية، انفجر عرفات ضاحكا وقال: "لقد هدم الجيش الإسرائيلي كل سجوننا! وبقي واحد فقط في أريحا. وإذا نوينا نقل أحد المعتقلين بتهمة جنائية إلى هناك، علينا طلب سيارة من اللجنة الرباعية، بغية عبور الحواجز!").

    يمكنني أن أتفهم نفسيته المتحررة. ففي السنة الأخيرة كانت حياته معلقة بخيط من قطن، ففي أية لحظة كان بامكان شارون ارسال رجاله للقضاء عليه. لقد تفاخر أحد الضباط الإسرائيليين هذا الأسبوع بأن "حائطا قليل السمك فصل بيني وبينه". أما الأن فقد زال هذا الخطر أيضا – رغم كون عرفات محبوسا في بناية محاطة ببحر من الدمار، كذلك الذي عهدناه في لبنان.

    في السنوات الخمس والأربعين الماضية، كان الخطر يكتنف حياة عرفات في العديد من المرات. وقد تمت عشرات المحاولات لاغتياله، إلا انه اجتازها كلها بسلام، كما اجتازها في هذه المرة. إنني أفهم هذا الإحساس بالارتياح.

    هناك بالطبع ارتياح جسدي أيضا. منذ عودته إلى البلاد كان العمل يثقل كاهله بشكل لا يمكن تصديقه. اذ أصر على معالجة جميع الأمور بنفسه، أكبرها كأصغرها، وقد عمل ساعات طوال تحت ضغط غير إنساني، حتى الساعات المتأخرة من الليل. أما الأن فقد أزيح عنه جزء كبير من العمل اليومي، وها هي نتائج ذلك تبدو جلية.

     إلا ان من الواضح أن مكانته الآن أصبحت اقوى مما كانت عليه في الماضي. وتنصيب رئيس حكومة قد كان السبب في ذلك. إن تعيين أبو مازن، الذي رأى فيه شارون وبوش "إضعافا" لمكانة عرفات، أو "وضعه جانبا"، قد احدث تأثيرا معاكسا.

   السبب في ذلك بسيط للغاية: منذ سنوات طويلة، تُدار في إسرائيل والدول الغربية حملة مكثفة ومستمرة لاعتباره شيطانا. خلال السنوات العشر، منذ معاهدة أوسلو، كتبت وقيلت ملايين الكلمات عنه في وسائل الإعلام الإسرائيلية، إلا أنني لا أذكر كلمة إيجابية واحدة. لقد صوروه على انه إرهابي، دكتاتور، فاسد، كذاب، مخادع، متقلب وغيرها من الألفاظ والعبارات. وقد وُصف على أنه الشخص الذي قال "لا" لاقتراحات باراك والرئيس كلينتون السخية التي لم يسبق لها مثيل، الأمر الذي "يثبت" أن هدفه هو القضاء على إسرائيل.

    إن من ترعرع على مثل هذا الترويج والتحريض،  لا يمكنه الفهم ان عرفات محبب إلى قلوب الفلسطينيين. والإجابة على هذا التساؤل هي أن هذه الأمور بالذات السبب في ذلك.

    يرى الفلسطينيون – كل الفلسطينيين تقريبا -  عرفات على أنه زعيم شجاع، يصمد في أكثر الظروف شدة، وأن لديه القدرة على قول "لا" لعظماء العالم عندما يطالبونه بالتخلي عن الحقوق الأساسية لشعبه. لقد واجه كافة الزعماء العرب ولم يخضع لهم، وصمد في كامب ديفيد امام الضغط الذي مارسه عليه كلينتون وباراك ولم ينحن له، وصمد في ظروف الحصار القاسية على المقاطعة ولم ينكسر.

    الفلسطينيون، مثلهم مثل كل العرب، أو بالأحرى مثل كل بني البشر، يقدّرون الشجاعة. وقد برهن عرفات على أنه شجاع في ظروف لم يعهدها أي زعيم في العالم. أنهم يرون فيه رمزا لصمود الشعب الفلسطيني الأبي. هذا هو مصدر قوته – ويرى ذلك أيضا منتقدوه من اليمن ومن اليسار.

    هذه القوة هامة لقيام أبي مازن بوظيفته. فبعكس عرفات، ابو مازن مقبول في الغرب، وفي حين يظهر عرفات صلابة وعِناد، تحيط بأبي مازن هالة من الاعتدال والاستعداد للتنازل. هذا هو الوجه الذي يريد الغرب رؤيته. هذان الشخصاد يذكراننا، إلى حد ما بدافيد بن غوريون وموشيه شاريت، إبان إقامة الدولة. دافيد بن غوريون كان معبود الشعب في إسرائيل، أما شاريت فقد كان مقبولا في المحافل الدولية.

     أيو مازن مقبول في أوساط الجماهير الفلسطينية. وكان من الممكن لأي شخص آخر سيتقلد هذا المنصب وفي هذه الظروف أن يُعتبر متعاونا مع إسرائيل. إلا أن أبا مازن معروف كوطني فلسطيني، وهو أحد مؤسسي حركة فتح وله مكانته. حتى في المظاهرات الصاخبة، لم أسمع أي كلمة مهينة توجّه إليه. غير أن أبا مازن ليس زعيما ذا حضور ولا يتمتع بقاعدة سياسية واسعة.

     لذلك يحتاج أبو مازن إلى عرفات. فبدون دعم قوي من عرفات، لن يستطيع تقديم أي تنازل في الظاهر، ولن يتمكن من استخدام القوة في الداخل. هناك حاجة ماسة لعرفات الأن، أكثر من أي وقت مضى، للتقدم نحو السلام.

     ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، هل يريد عرفات السلام فعلا؟ أكثرية الإسرائيليين لا يمكنهم تصور ذلك. وكيف سيتمكنون من تصور الأمر؟ هل سمعوا القصة الحقيقية ذات مرة؟

     وها هي القصة التي يمكنني أن أشهد عليها من تجربتي الذاتية: بعد إن خبت نار حرب أكتوبر، توصل عرفات إلى النتيجة بأن الجيشين المصري والسوري قد منيا بالهزيمة، رغم انتصارهما المفاجئ فور اندلاع الحرب، ولذلك لا يوجد حل عسكري للنزاع. وكما أعتاد دائما، اتخذ القرار لوحده وبسرعة. وقد أوعز إلى مقربه وأمين سره سعيد حمامة بأن ينشر مقالة في لندن تدعو إلى التوصل إلى حل سلمي مع إسرائيل بطرق سياسية. واستنادا إلى هذه المقالة، قابلت سعيد حمامة سرا، ومنذ ذلك الحين، أتعقب خطوات عرفات عن كثب.

   لقد كان هذا التغيير بالنسبة للحركة الوطنية الفلسطينية تغييرا جذريا. عملية سياسية بدل الاتكال على "الكفاح المسلح". حل سلمي مع إسرائيل التي استلبت 78% من مساحة فلسطين وطردت نصف الشعب الفلسطيني من بيوته. هذا الأمر يحتّم انقلابا نفسيا وسياسيا، ومنذ عام 1974 أحدث عرفات هذا الانقلاب من منطلق الإصرار الحذر، خطوة بخطوة. (لقد تابعنا هذه الخطوات عن كثب – في البداية عن طريق سعيد حمامة وعصام سرطاوي، ولاحقا بالتواصل المباشر مع عرفات). في عام 1988 حصل عرفات أخيرا على مصادقة المجلس الوطني الفلسطيني  للتقدم في هذا التوجه، بعد مجموعة من القرارات ذات الوجهين. وقد كان أبو مازن شريكا في هذا المجهود.

    لقد عارض إسحق رابين وشمعون بيرس هذا الحق معارضة قاطعة طوال هذه الفترة (ويمكنني أن أشهد على ذلك أيضا، لانني نقلت في العديد من المرات رسائل من عرفات إلى رابين). الحقيقة التالية ستفاجئ الكثيرين: لم يكن لا رابين ولا بيرس بمثابة آباء أوسلو الروحانيين، بل كانا هذان عرفات وأبو مازن. وقد كان منح جائزة نوبل للسلام لبيرس وليس لأبي مازن بمثابة إجحاف تاريخي بحقه.

    شارون لا يرضى طبعا بإقامة دولة فلسطينية في كافة المناطق المحتلة، فكم بالحري تفكيك المستوطنات. إلا أنه أذكى من أن يعرقل أبا مازن بشكل علني، وهو الرجل المقبول في الدول الغربية. لذلك، يكثف شارون جهوده لكسر عرفات، لانه يعلم علم اليقين، بان لا وجود لأبي مازن بدون عرفات.

     العبرة: عرفات ضروري لعملية السلام. ولذلك قمت بزيارته.



#أوري_أفنيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجدار السيئ
- لا تحسدوا أبا مازن
- يقرعون الباب في منتصف الليل
- بعد انقضاء الليل
- تصورات أخرى حول الحرب - أين الخطأ؟
- الأرز المُر - التصورات حول الحرب
- هجم الذئب؟
- أين الورقة إذن؟
- لا عليكم، كلوا الشوكولاطة
- رجل يواجه العالم بأسره
- حرب ذات رائحة لا صلة لهذه الحرب بالإرهاب
- السيدة السمينة لم تغن بعد
- نشيد الصداقة
- السوفييت الأعلى الخاص بليبرمان
- إنقلاب نداف
- حيوان غريب جدا
- كيف نساعد شارون
- الهدف: انقلاب!
- الثأر لطفل
- عزيزي عمرام ميتسناع


المزيد.....




- تفاعل على ترحيب أصالة بأحلام في جلسات موسم الرياض ورحيل صادم ...
- النرويج تقفل تحقيقها بشأن أجهزة -بيجر حزب الله- التي انفجرت ...
- -سي إن إن-: الحكومة الإسرائيلية ستصوت على اتفاق وقف إطلاق ال ...
- برلماني روسي: -أوريشنيك- أظهر حتمية اقتصاص روسيا ممن يعتدي ع ...
- وزير الخارجية الإيطالي: إيطاليا لن ترسل عسكريا واحدا إلى أوك ...
- المتحدث باسم ترامب: إسقاط القضايا الفيدرالية ضد الرئيس بمثاب ...
- شولتس بعد ترشيحه رسميا: هدفنا تصدر المشهد وأن نصبح الحزب الأ ...
- حرب غزة.. أول إبادة جماعية بالبث المباشر
- أفرزتها حرب مدمرة.. غزة تحت وطأة مجاعة وأمراض وحصار لا هوادة ...
- خبراء أمميون: إسرائيل مسؤولة عن سلامة مصور الجزيرة فادي الوح ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أوري أفنيري - زيارة عرفات؟ عجبا