أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - الرجلُ الشريرُ الذي أفسدَ الكوكب














المزيد.....

الرجلُ الشريرُ الذي أفسدَ الكوكب


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 7077 - 2021 / 11 / 14 - 11:33
المحور: حقوق الانسان
    


كان هناك كوكبٌ. وحدث أن وُجِد رجلان اثنان على هذا الكوكب. فكان من الطبيعي أن يتقاسم الرجلان كلَّ خيرات الكوكب بالتساوي، دون أن يجور واحدٌ على حق أخيه. أما لو تغلّب الأقوى منهما على الضعيف وانتزع حقَّه في الهواء والماء والثمر، سنكون أمام ظاهرة همجية تعتمد مبدأ: “البقاء للأقوى". فإن وُجِد رجلٌ وامرأة على هذا الكوكب. يجب أن تتساوى حقوقهما وواجباتهما دون تمييز، مع احترام الاختلاف النوعي بين الطرفين. فإن كان على ذاك الكوكب بشريان أحدهما صحيحُ البدن مفتول العضلات، والآخر سقيمٌ أو كسيح أو أعمى أو أصمّ، هنا نقف أمام مبدأين علينا الاختيار بينهما: 1- العدلُ الأعمى والمساواة بليدة القلب، وتقضي بأن يتساوى الاثنان في الحقوق والواجبات، دون النظر إلى قوة الأول وضعف الثاني. 2- العدل الواعي والمساواة المثقفة، وتقضي بأن يحتوى القويُّ السقيمَ ويحميه من جبروت الطبيعة وشراسة الضواري، دون أن يجور على حقه في الثمر وطيبات الأرض. فإن حدث وكان أحدهما أخضرَ اللون، وكان الثاني أزرق البشرة. هل يجور لونُ الإنسان على حقوقه أو واجباته؟! مبدأ الحق والخير والجمال يقول: "لا دخل للون المواطن في حقوقه وواجباته." فإن حدث أن اختار أحدهما أن يقدّس الشمسَ، وأختار زميلُه أن يقدّس القمرَ، فهل يقتتلان من أجل هذا؟ هل يطمعُ أحدهما في أن يقتصَّ من حقوق أخيه لاختلاف الفكرة والرؤية؟ أم يخلو كلٌّ إلى قدسه في خلوته، ثم يخرج إلى صاحبه يصافحه ويتشارك معه الحياة في سلام وتوادّ؟
ثمّ حدث وظهر فوق هذا الكوكب رجلٌ ثالث. فاتفق الرجلان أن يُعاد تقسيم الأرض والثمر والطيبات على ثلاثة أنفس بدلا من اثنين، وفق مبدأ العدل الجميل الذي أقرّاه منذ البدء. وكان الرجل الثالث لطيفًا مسالمًا، ومرّت الأيام في هدوء؛ حتى قرر هذا الثالث أن يزرع بين الصديقين فتنة، ليستلب منهما الكوكب. فراح يوغرُ صدرَ أحدهما ضدَّ الآخر، ويوهمه أن له حقوقًا تفوق حقوق صاحبه نتيجة اختلاف اللون أو المعتقد. ماذا يحدث آنذاك؟ يحدث الاقتتال والحروب ويختلّ التوازن ويخسر الجميعُ.
ثم يحدث أن يظهر شخصٌ طيب ينادي بمبادئ الجمال والعدالة والخير والمساواة. ويحبّه كثيرٌ من الناس لأنه يكرّس في الأرض الفطرةَ الإنسانية السليمة وينادي بطبائع الأمور الأولى البديهية. ويمقته بعضُ الناس لأن لهم مآربَ ومصالحَ في إشعال الفتن بين الناس لأغراض في نفوسهم.
في المجتمعات المثقفة المتحضرة، يُحمَل على الأعناق ذلك الشخصُ الطيب المنادي بمبادئ الإنسانية، ويوضع الشرير رقم 3 وراء القضبان حتى تتطهر روحُه من دنايا العنصرية والطائفية. وفي المجتمعات الظلامية، يُحمل الثالثُ الشرير فوق الأعناق، ويحارَب ويُقتلُ الرجل الطيب الذي راح ينادي بمبادئ الإنسانية والمساواة والحق والخير والجمال.
تنصُّ المادةُ (53) من الدستور المصري على ما يلي: "المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العِرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي أو الجغرافي، أو لأي سبب آخر. التمييز والحضُّ على الكراهية جريمة، يعاقبُ عليها القانون. تلتزمُ الدولةُ باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز، وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض.”
وكما نرى جميعُ ما سبق بديهياتٌ، يجب أن تكون مستقرّةً في أعماقنا وأفكارنا دون نصّ دستوري. لكن الدساتير في جميع الدول المحترمة تنصُّ عليها لتنبيه مَن في قلبه مرضٌ حتى يدركَ أن المجتمع يحمي الآخرين من شروره. فطبيعةُ الإنسان معقدة، ويحدثُ أن ينسى الناسُ طبيعةَ الأشياء، نتيجة عوامل كثيرة مثل سيطرة تيار فاشيّ على عقول البسطاء، أو تعارضُ مصالح بعض الطوائف مع تلك البديهيات الأولية التي استقرّ عليها العالم منذ بدء الخليقة وفجر التاريخ، والتي هي من طبائع الأمور التي تنادي بالعدالة في الحقوق والواجبات. هنا يضطر حكماءُ ذلك المجتمع أن يُذكّروا الناسَ بالبديهيات الأولى، فيكتبون قواعدَ نبيلةً يسير عليها الناس، وبديهياتٍ ما كان يجب أن ينصّ عليها دستور، لكننا نفعل لأن الناس تنسى البديهيات!
السؤالُ هنا: الرجلُ الثالثُ الشرير الذي ينادي بالظلم والعنصرية والتفرقة بين الناس على أساس العقائد، كيف يُسمح له بأن يُلاحقَ الرجلَ الطيبَ الذي ينادي بحقوق المواطَنة في الوطن والعدل بين الناس على اختلاف عقائدهم؟ العقيدةُ شأنٌ خاص بين الإنسان وربّه، أما المواطنة فشأنٌ عام بين جميع المواطنين دون تمييز، وبين الوطن. “الدينُ لله والوطن لمن يحترم دستور الوطن".
***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مكافحةُ الغلاء … بالاستغناءِ وعدم الهدر
- مبادرة لمكافحة الإدمان والبلطجة
- المبادرة الرئاسية لمكافحة الإدمان والبلطجة
- أبصرتْ العمياءُ فجأةً … ولم تجد كتابًا!
- توم الخزين … يا توم
- ريش ... دميانة نصار
- لماذا تكرهون هذا الرجل؟
- حتى لا يظلَّ التنويريون بين أنياب الظلاميين!
- المحتسبون … ولعبةُ الخروجِ من الكوكب
- هنا البحرين… على شرف الشِّعر واللؤلؤ
- أنا أتبرّعُ بأعضائي بعد الوفاة
- سيد حجاب … عِشْ ألفَ عام!
- النصبُ على الناس بالحُسنى
- اختطاف … متلازمة عشق الطريدة للقناص
- حتى لا نكون مرايا عمياء!
- قَسَمُ أبقراط … هديةُ عيد ميلادي!
- مرضٌ اسمُه التطرُّف!
- 200 جنيه … تتلصَّصُ على المجتمع!
- كيف تصيرُ مشهورًا وجماهيريًّا؟
- أمّي ... التي تموتُ كلَّ عام!


المزيد.....




- هيومن رايتس ووتش تتهم ولي العهد السعودي باستخدام صندوق الاست ...
- صربيا: اعتقال 11 شخصاً بعد انهيار سقف محطة للقطار خلف 15 قتي ...
- الأونروا: النظام المدني في غزة دُمر.. ولا ملاذ آمن للسكان
- -الأونروا- تنشر خارطة مفصلة للكارثة الإنسانية في قطاع غزة
- ماذا قال منسق الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط قبل مغادر ...
- الأمم المتحدة: 7 مخابز فقط من أصل 19 بقطاع غزة يمكنها إنتاج ...
- مفوضية شؤون اللاجئين: 427 ألف نازح في الصومال بسبب الصراع وا ...
- اكثر من 130 شهيدا بغارات استهدفت النازحين بغزة خلال الساعات ...
- اعتقال رجل من فلوريدا بتهمة التخطيط لتفجير بورصة نيويورك
- ايران ترفض القرار المسيّس الذي تبنته كندا حول حقوق الانسان ف ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - الرجلُ الشريرُ الذي أفسدَ الكوكب