أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد أبو قمر - البهجة















المزيد.....

البهجة


محمد أبو قمر

الحوار المتمدن-العدد: 7073 - 2021 / 11 / 10 - 08:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عالم المعتقدات الدينية مليان بالجن والعفاريت والسحر والخرافات إللي بيتم تناقلها من جيل لجيل شفاهة لكن محدش باستطاعته أن شاف جن أو عفريت ، ولا حد في إمكانه إنه يدلنا بدلائل يقينية علي مكان وجود أو تحقق خرافة من الخرافات المنقولة لنا بواسطة رجال الدين ، وبالمناسبة أنا لسه دلوقتي شايف مذيعة تلفزيونية تعمل أيضا في مجال التمثيل بتقول إن معمول لها عمل لوقف حالها ، ومحدثها يجزم لها إنه عارف مين إللي عمل لها العمل ده ، وفنان تاني ممثل ومطرب بيقول إن دخل عليه وهو نايم جن بقرون طويله وعيون حمرا وديل ، الجن ده ضربه وأخد أغراضه الشخصية وهرب .
كل ده مجرد خيالات ورؤي خرافية من تأثير المحكي علي لسان الكهنة ورجال الدين من حيث كونه موجود فعليا في المعتقدات الدينية.
الأديان في حقيقتها مش كده ، الدراسات الاجتماعية والتاريخية أثبتت إن الأديان نشأت منذ بدأ الخليقة حوالين فكرة الحفاظ علي وحدة العائلة أو القبيلة ، ومكنش فيها في البداية أسرار ولا كائنات غير مرئية ، ولا تعاليم محددة ولا حتي شعائر ، لم يكن فقط - علي سبيل المثال - غير تقديس جد القبيلة أو اعتبار روحه الحارسة لأفرادها والتي تحميهم من عنف الطبيعة أو تحافظ عليهم من الفرقة والتشتت ، أو التي تزودهم بالقوة التي تمكنهم من صد غارات الأعداء.
زعماء القبائل أو حكمائها إللي تحولوا بعد ذلك إلي كهنة ورجال دين موثوق بهم هما إللي أعطوا للمفاهيم دي بُعدا آخر فحواه إن الإنسان كائن ضعيف مش باستطاعته تحديد مصيره ولا إدارة شئون حياته لأنه مستهدف وتحت الرقابة الدائمة من كائنات غير مرئية للنيل منه ودفعه إلي ارتكاب الخطايا إللي مش بس تضره هو شخصيا وإنما تقع آثارها المهلكة علي القبيلة كلها، الأمر إللي دفع الفرد لتسليم كل مصيره لهؤلاء الكهنة ليتمتع بالحماية والرعاية .
فعل رجال الدين ذلك علي مر العصور من جهة لإحكام السيطرة علي مجتمعاتهم ، ومن جهة أخري لتدعيم سلطتهم ومراكزهم الاجتماعية من حيث اعتبارهم حاملي أسرار الحماية والرعاية لأفراد المجتمع ومكلفين من القوي الإلهية للقيام بهذه المهام
رجال الدين منذ نشأة الأديان لم يهتموا بشيء آخر سوي باعتبار أنفسهم المسئولين عن الحماية والرعاية ، ودا أدي إلي أن نظرتهم للعالم أصبحت محصورة فقط في 3 أشياء:
1- إنسان ضعيف بلا إرادة .
2- كائنات غير مرئية منها الخير ومنها الشرير ، ملائكة وجان وشياطين وعفاريت .
3- خالق عظيم هو الذي خلق الإنسان وكافة الكائنات الأخري لعبادته وفعل الخيرات وتجنب الوقوع في المعاصي.
أما هم أنفسهم فهم الفئة المختارة المكلفة بحماية الإنسان الضعيف الذي لا حول له ولا قوة من الوقوع في قبضة الكائنات الشريرة ، وإرشاده إلي السير في الطريق الصحيح ، وتوعيته بكافة تفاصيل العبادة وكافة تفاصيل أعمال الخير ، وتجنيبه الوقوع في شراك الشيطان لكي يستمتع بالجنة بعد انقضاء حياته المؤقتة علي الأرض .
مفيش حاجة تانية في اهتمامات رجال الدين غير كده ، رجال الدين إللي خرجوا عن المنظور ثلاثي الأطراف ده وأبدعوا في مختلف مناحي الفكر والفلسفة والنقد والعلوم المختلفة ونظروا إلي مفردات الطبيعة وأرادوا إضافتها للمنظور الثلاثي لكي يزيلوا عن الإنسان قناعته بالضعف وفقدان الإرادة تم استبعادهم إما بالقهر والتعذيب والقتل أو بالنسيان وإخراجهم تماما من الذاكرة .
بالنسبة لنا نحن تمخضت حرب المذاهب عن انتصار الفئة المختارة صاحبة المنظور الثلاثي للعالم ، وفي الإمكان الآن بعد التقدم العلمي الهائل وتطور وانتشار المعرفة الإنسانية ووصولها إلي كل ركن في العالم بالإمكان وصف هذا المنظور الثلاثي بأي وصف ، ضيق ، ساذج ، قديم ، رجعي ، متخلف ، أو سياسي ، لكن لا يمكن اعتبار هذا المنظور مطلقا دينيا خالصا لوجه الله ، من جهة لأن الأديان في الحقيقة ليست كذلك أبدا ، ومن جهة أخري لأنك - في أقل تقدير - وبعد التأمل في مختلف الإنجازات الإنسانية من حولك هاتسأل : هل أنا كائن ضعيف وبلا إرادة فعلا؟ ، أو ربما تتساءل : ما الذي يثبت أن رجال الدين هم الفئة المختارة فعلا ؟ ، أو قد تتعجب ذات مرة من قولهم بأن وجودك مرتبط فقط بالعبادة وعدم ارتكاب المعاصي.
ستلاحظ إن رجال الدين في معاركهم المذهبية حول السيطرة عليك أو في معاركهم المفتعلة والمختلقة مع الآخر لإبعاد تأثيراته علي وعيك ستلاحظ أنهم لا يحدثونك مطلقا عن أي مفردة في الطبيعة ، وإذا فعلوا فذلك فقط لكي يخبروك أن الطبيعة تتعبد مثلك بطريقتها الخاصة ، ويقصون عليك حكايات عجيبة تثبت لك ذلك ، ثم إن لهم تصورات عن بعض ظواهر الطبيعة كالأعاصير والبراكين والزلازل من حيث كونها تعبر عن غضب الله من أفعال الإنسان ، ورغم أن هذه التصورات ضد الرحمة الإلهية إلا أنها مبتدعة لسحقك وترعيبك وملأ روحك بالهلع بهدف إخضاعك لوصايتهم ورضوخك لوساطتهم والحفاظ علي دوام تقديسك لشخوصهم ومراكزهم .
الطبيعة يتجاهلها تماما رجال الدين لأنهم لا يعرفون عنها شيئا ولخوفهم من نشأة علاقة بينك وبينها تزلزل مكانتهم ، فالطبيعة مليئة بالطاقة ، والأكثر إدهاشا هو أن الإنسان إللي رجال الدين بيعتبروه كائن ضعيف بلا إرادة محمل بطاقة إلهية جبارة ، ولم تكن الثورة الصناعية في أوروبا إلا نتيجة هذا اللقاء العاطفي المثير للبهجة بين الطاقة الكامنة في الطبيعة وبين الطاقة الإلهية الجبارة في روح الإنسان
يقول الشاعر الرومانسي العظيم ويليام بليك " الطاقة هي البهجة السرمدية " ، ويقول المفكر والعالم دكتور جاكوب بونوفسكي في كتابه ( إرتقاء الإنسان ) إن مفهوم كلمة البهجة في مقولة ويليام بليك يعني تحرر وعي الإنسان وعقله كحق يمكنه من تحقيق المعجزات التي تجعل حياته أكثر سهولة ويسر وأكثر سعادة.
بيد أن الإنسان المحاصر بالوصاية والوساطة والخرافة والفتاوي والمستنفذة طاقته الإلهية الجبارة في كراهة الآخر والشك في نواياه ، وفي نظرته للمرأة ، وفي كيفية الدخول إلي الحمام ، وفي التفرقة بين يده اليمني ويده اليسري ، وعلي أي جنب ينام ، وهل تذكر اليوم أن يصلي علي النبي أم نسي ، وفي مختلف نواقض الوضوء ، وفي جواز الطلاق الشفهي أو عدم جوازه ، وفي جواز الاستشفاء من المرض أم لا ، وفي حيرته أمام مختلف المنجزات العلمية هل تتفق مع الشرع أم تخالفه ، الإنسان المستنفذة طاقته في هذا الحصار اليومي لا يمكنه أبدا أن يحقق هذا اللقاء الرومانسي المثير بين طاقته الإلهية والطاقة الكامنة في الطبيعة ، وبالتالي لا يمكنه الابتهاج أبدا.
نحن لسنا ضعفاء ، وبإمكاننا تحقيق البهجة السرمدية ، وسيحدث ذلك ذات يوم .



#محمد_أبو_قمر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لكمة واحدة نكفي
- الدوران حول السلطة
- في التنوير
- الامتحان الصعب
- أكذوبة التخصص
- من يبكي معي؟
- أول مرة أحب
- متخلفون أم مختلفون؟!
- شقة في مدينة نور
- أصل الحكاية
- امتحان
- ليس ممكنا
- شيه دولة
- شكل تاني
- الخط الساخن
- القانون والفتوي
- أيوه أنا حبتها
- أهم حدث في زنزبار السنة إللي فاتت
- مجرد أسئلة
- المناصفة


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد أبو قمر - البهجة