استغلال الملك العام وسيلة ناجعة لتحقيق التسلق الطبقي ...؟ !!! مدينة ابن جرير نموذجا ... !!!:.....12

محمد الحنفي

الحوار المتمدن-العدد: 1653 - 2006 / 8 / 25 - 11:25
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    

الغاية التي يهدف إلى تحقيقها المستفيدون من استغلال الملك العام:

وإذا اتضحت أمامنا مسؤولية المسؤولين الجماعيين، وغايتهم من احتلال الملك العام، أو السماح باحتلاله، وإلحاقه بالأملاك الخاصة، أو السماح بذلك، وما يترتب عن الاحتلال، والإلحاق من حرمان المواطنين، والخزينة العامة، من موارد استغلال الملك العام، ومن تعميق الفقر، والمرض، والجهل، في مقابل زيادة ثراء ناهبي الموارد الجماعية، ومستغلي الملك العام، فإننا نجد أنفسنا أمام طرح السؤال:

ما هي الغاية التي يهدف إلى تحقيقها المستفيدون من استغلال الملك العام عن طريق الاحتلال، أو الإلحاق بالأملاك الخاصة؟

إننا عندما نطرح هذا السؤال، يتبادر إلى أذهاننا، مباشرة، أن هؤلاء المحتلون للملك العام، والملحقون له بالأملاك الخاصة، يمكن أن يقتصروا، فقط، على تحقيق هدف تنمية الثروات التي تصير في ملكهم الخاص. إلا أن هذا الهدف، وحده، يعتبر ثانويا بالنسبة إلى الأهداف الأخرى، التي يسعى هؤلاء إلى تحقيقها على أرض الواقع.

و إذا اعتبرنا أن هؤلاء، ومن على شاكلتهم، هم نتاج الاختيارات اللا شعبية، واللا ديمقراطية، التي تقف وراء كل هذا التردي، وهذا التخلف المختلف الأوجه، والمظاهر، والبؤس الذي يعاني منه الشعب المغربي. فإن الغايات أو الأهداف الأخرى، التي يسعى إلى تحقيقها، هؤلاء، وبواسطة الجمعيات التي يشكلونها، تتمثل في:

1) تكريس التخلف الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، عن طريق ممارسة النهب، وبشكل يومي، بواسطة احتلال الملك العام، أو إلحاق ذلك الملك بالممتلكات الخاصة، مما يؤدي، بالضرورة، إلى حرمان الشعب المغربي من موارد استغلال الملك العام، وحرمان الخزينة من تلك الموارد.

2) تكريس الاختيارات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، اللا ديمقراطية واللا شعبية، باعتبارها مكرسة لاحتلال الملك العام، والعاملة على ترشيد استغلاله لصالح الشعب المغربي، ولصالح الخزينة العامة. لأن مستغلي الملك العام، أو المستفيدين من استغلاله ، يقترن وجودهم بذلك الاستغلال، وإلا، فإنهم يتعرضون للتلاشي، ويلتحقون بأفواج الفقراء الذين يملئون جوانب الشوارع المغربية، طلبا للعمل، فلا يجدونه، سواء كانوا مؤهلين، أو غير مؤهلين علميا، وتقنيا. وهذا ما لا يرغب فيه مستغلو الملك العام، وناهبوه. ولذلك فهم يقومون بتوظيف كل ما لديهم من إمكانيات مادية، ومعنوية، من أجل الحفاظ على الاختياراتالقائمة، باعتبارها حامية لمصلحتهم في تكريس استغلال الملك العام بدون وجه حق.

3) السعي إلى إعادة إنتاج نفس الهياكل الاقتصادية، والاجتماعية الرأسمالية / الإقطاعية التبعية، باعتبارها منتجة للاستغلال الهمجي في بعديه: المحلي، والعالمي. ذلك الاستغلال الذي يعتبر استغلال الملك العام جزءا لا يتجزأ منه.

و إذا كان لابد من قيام هؤلاء المستغلين للملك العام بسعي من هذا النوع، فلأنهم يمارسون الهمجية غير المنظمة على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وبتشجيع من السلطات المسؤولة، ومن الجماعات المحلية، حتى يعتبر ذلك النوع، من الاستغلال الهمجي، وسيلة من وسائل محاربة العطالة، التي تعصف بأجيال بأكملها إلى مهوى البؤس، والفقر، والظلم، والقهر الاجتماعي. ولذلك، نجد أنه من الطبيعي، جدا، أن يسعى هؤلاء المحتلون للملك العام، والملحقون له بأملاكهم الخاصة، إلى إعادة إنتاج نفس الهياكل القائمة.

4) العمل على تكريس تزوير إرادة الشعب المغربي، من أجل إفراز مؤسسات جماعية مزورة، تهدف إلى جعل تلك المجالس تسمح بنفس الممارسات الساعية إلى تحقيق تكريس استغلال الملك العام بطرق غير مشروعة. ولذلك نجد أن جميع الأحزاب تركز على استقطاب أصوات هؤلاء المحتلين للملك العام، أو الذين ألحقوه بأملاكهم الخاصة، من خلال طرح ما يوحي بأنها ستشجعهم على ذلك، و ستدفع في اتجاه تمليكهم لما سيطروا عليه، حتى وإن كان يتعلق بالأرصفة التي يستعملها الراجلون، أو الطرقات المعبدة، التي تستعملها السيارات، والدراجات، والعربات، وغيرها من وسائل النقل، أو الشحن. فتكريس تزوير إرادة الشعب المغربي، يلعب فيه هؤلاء المحتلون للملك العام دورا كبيرا، لأنهم هم الذين يبيعون ضمائرهم التي تتحول إلى مصدر للدخل الاقتصادي، من أجل احتلال مكانة اجتماعية معينة، ومن أجل التسلق الطبقي السريع، من أجل التصنيف إلى جانب الطبقات البورجوازية، والإقطاعية، المكرسة للتبعية الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

5) الوقوف وراء قيام حكومة لا ديمقراطية، ولا شعبية، مهمتها حفظ مصالح المستفيدين من الاستغلال، مهما كان جنسهم، أو لونهم، أو عقيدتهم، أو الطبقة التي ينتمون إليها، وضد مصالح الشعب المغربي. لأن حكومة من هذا ، لا يمكن أن تكون إلا حكومة تسمح باحتلال الملك العام، باعتبار ذلك الاحتلال جزءا من الاستغلال الممارس على الشعب المغربي، الذي ترعاه الحكومة، وتسعى إلى تكريسه، حتى يطمئن مستغلو الملك العام عن طريق الاحتلال، أو الإلحاق بالأملاك الخاصة، على مستقبل استغلالهم له.

وهذه الأهداف، وغيرها، مما يسعى إلى تحقيقه مستغلو الملك العام، ليست إلا تعبيرا عن ما هو قائم، ومكرس في المغرب، وعن ما يقف وراء عمق معاناة الشعب المغربي، على جميع المستويات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. وهي أهداف، يجب التصدي لها، والعمل على الحد من مفعولها في أفق القضاء عليها، عن طريق العمل الدءوب، والمستمر، من أجل تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، التي تتناقض تناقضا مطلقا مع الشروط اللا ديمقراطية، واللا شعبية، المؤدية إلى احتلال الملك العام، أو إلحاقه بالأملاك الخاصة.

وعلى مستوى مدينة ابن جرير، نجد أن مستغلي الملك العام، يسعون إلى تحقيق نفس الغايات من وراء ذلك الاستغلال، باعتباره امتيازا اقتصاديا، واجتماعيا. ولأن هؤلاء يحتلون من الملك العام المواقع الحساسة، كما هو الشأن بالنسبة لشارع محمد الخامس، والشارع الموجود في الحي الجديد، فإنهم يتسببون للراجلين، ولأصحاب الدراجات، والعربات، والسيارات المختلفة الأحجام، في أزمة مرور، تقف بدورها وراء إحداث تجمعات مكثفة للمارة. مما يجعل مبيعاتهم تزداد ارتفاعا، ومما يجعل أرباحهم تزداد ارتفاعا، كل ذلك على مرأى من السلطات المسؤولة، ومن جهاز مراقبة المجلس البلدي، الذي لا يحرك ساكنا، والذي يعتبر أعضاؤه محتلي الملك العام، أو ملحقيه بالأملاك الخاصة، كتلة انتخابية هائلة، يجب التودد إليها، وتركها تفعل ما تشاء. وهذه النتيجة، وحدها، كافية لجعل مستغلي الملك العام في مدينة ابن جرير، يزدادون استئسادا. وذلك الاستئساد الذي صار عليه هؤلاء، يعتبر في حد ذاته غاية قصوى. مما يجعل جهات معينة، تعمل على استقطابهم في اتجاه اليمين المتطرف، أو اليسار المتطرف، كما تدل على ذلك الوقفات الاحتجاجية، التي يشكلها هؤلاء، ضد لجوء المجلس البلدي، إلى ترشيد استغلال الملك العام، حتى يعود على الخزينة العامة بدخل محترم.

ونحن عندما نقف على الغايات، أو الأهداف التي يسعى مستغلو الملك العام إلى تحقيقها، نجد أنها تقف وراء تعميق التخلف الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، بسبب تحويل فوضى استغلال الملك العام، إلى قاعدة تحكم الممارسة اليومية لهؤلاء المستغلين، وللسلطة التي تتخذ موقفا سلبيا من ذلك، ولمسئولي المجالس البلدية، والقروية، الذي يعتبرون مستغلي الملك العام قاعدة انتخابية، تمكنهم من تأبيد مسؤولياتهم في المجالس المختلفة.

فهل تتحرك الأحزاب، والمنظمات التقدمية، والديمقراطية من أجل إفشال الغايات، التي يسعى مستغلو المملك العام إلى تحقيقها؟

وهل تعمل على تعبئة الجماهير الشعبية الكادحة ضد مستغلي الملك العام؟

وهل تمارس الضغط على السلطات الوصية، وعلى مسئولي الجماعات المحلية، من أجل التحرك لحماية الملك العام، والتوقف عن استغلال النفوذ لنهب المال العام؟

إن إفشال الغايات التي يسعى إلى تحقيقها مستغلو الملك العام، تدخل في إطار النضال من أجل الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، مما يشكل غايات نقيضة، يجب أن يسعى الشعب المغربي إلى تحقيقها.

#محمد_الحنفي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات