|
أي جزء من قصة ضحية غاز الخردل تراه مثيرا للضحك يا قاضي محكمة أكبر جرائم العصر؟
شيلان طالباني
الحوار المتمدن-العدد: 1653 - 2006 / 8 / 25 - 09:13
المحور:
حقوق الانسان
- إسألها سيادة القاضي هل تشتري الثوم من السوق أم تجففه في البيت يستفسر القاضي عن السؤال - الثوم، هل تشتريه من السوق؟ هل عادة تستخدم الثوم لغرض الطبخ؟ وهل تشتريه أم تجففه في البيت؟
هذه المرة فهم القاضي السؤال وبالتالي وجه هذا القاضي الحكيم – الذي هو قاضي محكمة لمحاكمة أكثر الحكام دموية وفي قضية الإبادة الجماعية لشعب كامل – سؤال محامي الدفاع عن صدام إلى المترجم ليترجمه إلى الضحية الكوردية والشاهدة على قصف باليسان بالكيمياوي وترجمه الأخير لها. أجابت المسكينة وتعبير الدهشة على وجهها المتعب الحزين: - أشتريه من السوق - إذن فالذي إشتمته لم يكن إلا رائحة الثوم في بيتها...
وضحك بعد "نكتته" هذه وضحكت معه أصوات كثيرة ولمدة حوالي 10 ثواني كاملة وبصوت عال جدا (وبينهم ما يشبه صوتا نسائيا) أظهرت خلالها الكاميرا وجه الضحية وهي لا تفهم لماذا يجدون حكايتها مثيرة للضحك، وأظهرت الكاميرا وجه صدام يضحك وعندما رجعت الكاميرا لتركز على وجه القاضي كانت إبتسامته واضحه!!!! ولم يُسمع ولا همسة إعتراض من هيئة الإدعاء......
لم أستطع إيقاف دموع الغيظ من عيني وأنا أرى وجه الشاهدة المتعب الذي كانت تبدو أنها تتسائل أي جزء من قصتها كان مضحكا لأنها لا تتذكر أنها ضحكت يومها.....هل هي رائحة غاز الخردل؟ أم الطريقة التي رشهم علي الكيمياوي به؟ أم ربما الطريقة التي رأت أهلها وأهل قريتها يقعون مختنقين من جرائه؟ أي من هذه المشاهد التي وصفتها الشاهدة وجدها القاضي مثيرا للضحك؟
هذه هي محكمة الأنفال! وهذا هو قاضي جريمة الأنفال! لم يكلف نفسه أن يسأل المحامي ما علاقة السؤال بأي شيء ووجهه بدوره للضحية بدون تردد ! وبدل طرد المحامي والمتهمين بسبب الضحك غير الأخلاقي، ضحك معهم!!! يحب النكت سيدي القاضي! مل من جو المحكمة فرحب بنكتة محامي صدام! وكان الأجدر به على الأقل أن ينبه المحامي والمتهمين تنبيها شديد اللهجة لقلة إحساسهم لا أن يشاركهم قلة الإحساس هذه.....
نفس المحامي يسأل الشاهد الأول إن كانت في منطقته بساتين تفاح وبدون إعتراض من أحد يوجه القاضي السؤال الذكي جدا ! إلى الشاهد، ويستنتج المحامي العبقري بأن رائحة التفاح لا بد أن يكون مصدرها هذه البساتين رغم ملاحظة الشاهد إنه لم يكن موسم التفاح.......ويضحك المحامي كما يشاء من قصص الموت التي تروى في المحكمة.
طبعا هذا غير عن الأسئلة العبقرية الأخرى التي تفتحت عليها قريحة هذا المحامي الفيلسوف ومنها سؤال كل الشهود، والذين كانوا من مناطق أربيل وبادينان، عن مدى قربهم من الحدود الإيرانية!!! مبديا مدى سعة معلوماته الجغرافية!! أو أسئلته لأحد الشهود ولمدة طويلة ومعه محام آخر، عن إن كان يعرف أحدا من قريتهم من "أفواج الدفاع المدني"، وهو طبعا يقصد الجحوش (حريصا في الوقت نفسه أن يؤكد نفاقه ولعدة مرات أنه يعتبر السيد مسعود البرزاني مناضلا وهو يحترمه، مع أنه يعتبر الشاهد، وهو من بيشمركة الحزب الديمقراطي الكوردستاني، خائنا!!) . ولم يعترض أحد، لا القاضي الرزين ولا هيئة الإدعاء على التسمية!!! ولم يعترض إلا الإدعاء وفقط بعد فترة طويلة على عدم علاقة الأسئلة بأي شيء.
إلى هكذا محكمة يؤتون بضحايا الأنفال من كرميان وبادينان...إلى هذه المحكمة قد يأتي تيمور ليصف كيف فضلت الطفلة الصغيرة معه في الحفرة التي حفرت لتكون مقبرتهم الجماعية، البقاء في الحفرة التي إمتلأت بالجثث على الهرب معه لأنها تخاف من الجنود ... أمام هكذا قاض قد يأتي ليصف الصمت الذي أطبق على النساء والأطفال الذين كانوا معه في الحافلة التي أقلتهم إلى قرب الحدود السعودية (المسلمة جدا !) حيث حفرت قبورهم لأن كل التعابيرالمعروفة للتعبيرعن الرعب كانت أسخف من أن تستطيع التعبير فكان الصمت هو التعبير الوحيد الذي رافقهم بجلال...
سيدي القاضي الجليل جدا الذي أخرجت وبكل إلحاح علي الكيمياوي من صمته الذي كان أكثر لياقة من ضحكتك لجو المحكمة، لتسأله وبإلحاح شديد عن صحته وإن كان يرغب في الإستراحة أو يحتاج إلى أية رعاية صحية، لأنك كما يبدو لم تتحمل رؤية وجهه الشاحب المعبرعن ضخامة جريمته وعن هول ما وصل إليه، فأردت إضحاكه وجعله يحس بالراحة ليبدأ هو أيضا بالسخرية من الضحايا، سيدي القاضي الجليل جدا: عليك بالإعتذار فورا لضحايا الأنفال وضحايا السلاح الكيمياوي وكل ضحايا صدام, واخرج من هذه المحكمة لأنك غير قادر كما يبدو على إستيعاب هول القضية التي تبث فيها، وتوافق المتهمين الذين يضحكون اليوم بنفس البجاحة التي كانوا يضحكون بها يوم تعذيبهم وقتلهم للضحايا.
لقد إمتلأت تلك المحكمة بتعثرات القضاة الآخرين، ولكن هذه المرة تجاوز تصرفك كل حدود العدل واللياقة. قاضي محاكمة قضية الأنفال يجب أن يكون إنسانا يدرك معاني الحق والإنسانية ، لا أن يكون بدرجة من قلة الإحساس بحيث يشارك زمرة صدام ضحكهم على الضحايا.
#شيلان_طالباني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بعد صدور مذكرة اعتقال بحقه..رئيس الوزراء المجري أوربان يبعث
...
-
مفوضة حقوق الطفل الروسية تعلن إعادة مجموعة أخرى من الأطفال
...
-
هل تواجه إسرائيل عزلة دولية بعد أمر اعتقال نتنياهو وغالانت؟
...
-
دول تعلن استعدادها لاعتقال نتنياهو وزعيم أوروبي يدعوه لزيارت
...
-
قيادي بحماس: هكذا تمنع إسرائيل إغاثة غزة
-
مذكرتا اعتقال نتنياهو وغالانت.. إسرائيل تتخبط
-
كيف -أفلت- الأسد من المحكمة الجنائية الدولية؟
-
حماس تدعو للتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية لجلب نتنياهو و
...
-
وزير الدفاع الإسرائيلي يوقف الاعتقالات الإدارية بحق المستوطن
...
-
133 عقوبة إعدام في شهر.. تصاعد انتهاكات حقوق الإنسان في إيرا
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|