|
تحليل خطاب الملك بمناسبة مرور ستة واربعين سنة من انطلاق المسيرة الخضراء
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 7070 - 2021 / 11 / 7 - 13:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بمناسبة مرور ستة وأربعين سنة عن تنظيم المسيرة الخضراء ، التي استرجعت الصحراء من اسبانية ، القى ملك المغرب محمد السادس خطابا فريدا ، ليس كباقي الخطابات التي سبق ان القاها بنفس المناسبة .. ولعل قوة الخطاب تنبع من التطورات المتلاحقة بشان القضية ، وخاصة منها القرار 2602 الذي أصدره مجلس الامن أخيرا ، وكان صفعة مباشرة للنظام الجزائري الذي اخل وصدمه موقف روسيا الاتحادية .. وصفعة لجبهة البوليساريو الذي لم يشفي القرار المذكور غليلها ، بذكر كلمة حرب تدور ، واكتفى بالإعراب فقط عن قلقه عن الأوضاع بالمنطقة .. الخطاب هذا الفريد من بين الخطابات السابقة ، انه خطاب تحدي ، وخطاب تصعيد .. ولو في جبة الدعوة للتمسك بالسلام ، وبالمفاوضات التي أصبحت بعد الخطاب مشروطة ، وموضوع المفاوضات محددا .. خطاب الملك كان موجها للنظام الجزائري . وكان موجها للاتحاد الأوربي ،نن وللاتحاد الافريقي ، ولكل الدول ذات المواقف السكيزوفرينية .. 1 ) فبالنسبة للنظام الجزائري . كان خطاب الملك خطاب تحدي ، وخطاب تصعيد ، عندما اغلق بالكامل ملف قضية الصحراء المغربية ، التي لن تكون غير مغربية .. وزاد الملك في تحديه ، عندما اكد ، وزاد تأكيدا انّذ ملف القضية الوطنية ،لا ولن يكون ابدا موضوع مفاوضات . لان المغرب لا يتفاوض على صحراءه . وان المفاوضات التي يشارك فيها ، هي فقط مفاوضات سياسية للوصول الى حل سياسي ، ضمن سيادة المغرب على صحراءه .. هنا الخطاب يكون قد حدد جدول اعمال اية مفاوضات .. ويكون قد تحدى النظام الجزائري ، بتأكيد مغربية الصحراء ، التي اعتبرها قضية المغرب والمغاربة ، وليست فقط قضية نظام .. وهنا و بالنسبة للنظام الجزائري ، فان الخطاب كان رسالة في اتجاه السلم ، لكن في اتجاه الحرب للدفاع عن وحدة المغرب .. وطبعا ما كان الخطاب ان يخطو هذا الاتجاه التصعيدي المتحدي ، لو لم تكن هناك ضمانات دولية من دول كبرى ، على الحفاظ على وحدة المغرب .. وما كان للخطاب كل هذه الثورية ضد أعداء الوحدة الترابية ، لو لا القرار الأخير لمجلس الامن 2602 الذي رمى بالاستفتاء ، ورمى بالمينورسو ، وركز على الحل الواعي ، الحكيم ، والمقبول .. والحل الواقعي لا يعني الانفصال . بل يعني ان يكون ضمن سيادة المغرب . أي حل الحكم الذاتي الذي كان موقفا خلخل مواقف النظام المغربي ، في حين ظل النظام الجزائري متمسكا بنفس شعارات السبعينات المتجاوزة من القرن الماضي .. فما جرى بالنسبة للنظام الجزائري ، وبعد القرار 2602 ، انه وجد نفسه وحيدا في الساحة الدولية التي تغيرت قوانينها ، بالانتقال من الأيديولوجية التي ماتت ، الى المصالح التي تتحكم في ضبط وربط العلاقات بين الدول .. ان قرار مجلس الامن الذي حررت صياغته الولايات المتحدة الامريكية ، وصوت لصالحه ثلاثة عشر من دول أعضاء مجلس الامن ، باستثناء الموقف التونسي الذي كان يصب في صالح الموقف المغربي ، وموقف روسيا الاتحادية الذي كان صادما للنظام الجزائري ، وفي خدمة الصالح المغربي .. كان امتدادا بالفن ، ومن دون ازعاج للنظام الجزائري باعتراف Trump بمغربية الصحراء .. فما الفرق بين الاعتراف الترامبي Trump بمغربية الصحراء ، وتأكيد هذا الاعتراف في المسودة الامريكية ، التي كانت اصل القرار 2602 الصادر عن مجلس الامن .. إضافة الى تصدي ، وتحدي الخطاب الملكي للنظام الجزائري ، عندما اعلن فقط على مغربية الصحراء التي لن تكون موضوع مفاوضات .. فالخطاب كان تحديا لجبهة البوليساريو ، حين ركز موضوع اية مفاوضات التي ستكون سياسية للوصول الى حل سياسي ، فقط في حل الحكم الذاتي كما يريده النظام المغربي تحت السيادة المغربية ،وليس كما يشرع ذلك القانون الدولي .. وهذا الخطاب ، وفي هذه النقطة بالذات ، يعتبر البوليساريو مواطنين مغاربة انفصاليين ، يتلاعب بهم النظام الجزائري الذي سيكون قد صدم بالخطاب الملكي ، كما صودم من قرار مجلس الامن 2602 الذي اكد على حل الحكم الذاتي ، الذي هو الحل الواقعي الذي جاء به القرار .. فأية مفاوضات مع البوليساريو ، ستكون ضمن الشروط المغربية ، لا خارجها .. والسؤال هنا ونظرا لتباعد مواقف اطراف النزاع ، من جهة المغرب ، ومن جهة الجزائر ، ومعها صنيعتها الجبهة .. كيف ستكون المفاوضات ، والنظام الجزائري حكم باستحالة بدئها حتى قبل تبدا ، عندما رفض حضوره اللقاءات القادمة تحت رعاية Stefan de Mistura .. أي تسبب في فشل مهمة المبعوث الشخصي للآمين العام ، وتسبب في ديمومة الستاتيكو الذي خيم على المنطقة منذ اتفاق 1991 .. فحتى المفاوضات السياسية التي حدد اطارها خطاب الملك ، للوصول الى الحل السياسي ، لن تكون .. لان النظام الجزائري ، ومنه جبهة البوليساريو ، يرفضان اية حلول معقولة كما نص على ذلك قرار مجلس الامن 2602 ، ويتشبثان بالحلول التعجيزية المتطرفة ، التي تتناقض مع الحلول الواقعية ، حين يرددون حق الشعب الصحراوي غير القابل للتصرف .. أي الانفصال عن المغرب .. 2 ) الخطاب الملكي الفريد من نوعه عن الخطابات السابقة في نفس الذكرى ، لم يكن فقط تحدي للنظام الجزائري ، ولجبهة البوليساريو .. لكنه كان في نفس الوقت تحدي لأصحاب المواقف السكيزوفرينية ، الذين سماهم الخطاب ب " أصحاب المواقف الغامضة والمزدوجة " . والخطاب يشير هنا الى الاتحاد الأوربي من خلال مواقفه المعارضة لاعتراف Trump بمغربية الصحراء ، او من خلال محكمة العدل الاوربية التي أصدرت قرارها الأخير، الذي يحجب ثروات المناطق الصحراوية ، من الاتفاقيات المبرمة بين النظام المغربي ، وبين الاتحاد الأوربي .. فبخطاب الملك هذا . فان الدول ذات الخطاب والمواقف الغامضة ، والمزدوجة ، لا مكان لها في الاستفادة من إيجابيات العلاقات ، والعقود الاقتصادية ، والتجارية ، والمعاملاتية .. وكون الخطاب يجمع التحدي ، بين تحدي النظام الجزائري ، وتحدي جبهة البوليساريو ، وتحدي الاتحاد الأوربي ، ودول الاتحاد الافريقي ذات المواقف السكيزوفرينية .. وبهذه الثقة في النفس .. لم يكن ان يأتي بهذه القوة في الثقة في النفس ، وفي المقدورات ، لو لم تكن هناك ضمانات من دول كبرى قدمت للنظام المغربي ، وعكسها قرار مجلس الامن الأخير 2602 الذي حررته الإدارة الامريكية ، وكان تكملة لاعتراف Trump بمغربية الصحراء ، رغم ان الاعتراف في اصله كان مقلبا ، واصبح بعد القرار 2602 ، حقيقة صدمت النظام الجزائري ، وصدمت الجبهة الانفصالية .. هناك شيء مهم جاء في الخطاب الملكي ..حين يقر ويعترف الملك شخصيا ، وفي خطابه ، بحرب تدور في الصحراء .. حين دعا الى وقف اطلاق النار .. لكنها حرب لن تفي المراد . لان وضع الجيش المغربي تغير وتقوى كثيرا .. ولان الجبهة وبالأسلحة التي تخوض بها حربها ، فهي تبقى مجرد مناوشات لا ترقى الى مستوى ودرجة الحرب ،التي كانت كارثية قبل اتفاق 1991 ، الذي كان رصاصة الرحمة اطلقتها الجبهة ، والنظام الجزائري على رأسيهما بكل خاطر ..ولم يستفيدوا من مرور الخمس سنوات الأولى ، والثانية ، والثالثة ، والرابعة ، والخامسة ،والسادسة ..وهم ينتظرون ان تنوب عنهما الأمم المتحدة التي رمت باتفاق 1991 ، في تنظيم استفتاء ابطله القرار الأخير لمجلس الامن ، حين دعا ، واكد على الحل الواقعي الذي هو حل الحكم الذاتي .. ومرة أخرى يعتبر خطاب الملك محمد السادس ، خطابا فريدا ، واستثنائيا عن الخطابات السابقة التي القاها في نفس المناسبة .. لأنه كان خطاب تحدي ، وخطاب إصرار على المواجهة ، وخطاب تصعيدي في جميع الاتجاهات ، وبجميع اللغات التي يفهمها النظام الجزائري ، وتفهمها جبهة البوليساريو .. فحين يحدد الخطاب شروط وموضوع المفاوضات ، ويفرضها على الخصم .. فهو ينطلق من موقع قوة نفخت فيها الدول الغربية ، وإسرائيل ، والدول الخليجية ، والأردن ، وحتى تونس رغم موقفها الأخير بمجلس الامن ، الذي كان في حقيقته داعما للموقف المغربي .. وكان خطاب تحدي لقرار محكمة العدل الاوربية . بل كان جوابا على هذا القرار الذي يفصل الصحراء عن المغرب ، وتحدي للاتحاد الأوربي ، ولكل الدول التي رفضت اعتراف Trump بمغربية الصحراء .. فالخطاب الصدامي ما كان ان يكون ، لو لا قرار مجلس الامن 2602 الذي كان متعارضا مع موقف الاتحاد الأوربي من اعتراف ترامب .. وقد ظهر من خلال القرار المذكور، انّ تلك المعارضة كانت في حينها تكتيكية ، وليست استراتيجية . لان الدول التي عارضت اعتراف ترامب ، صوتت لصالح القرار 2602 ،الذي يعتبر امتدادا لاعتراف ترامب بمغربية الصحراء .. ان الغرب الذي يعلم علم اليقين ، ان فصل الصحراء عن المغرب يعني من جهة سقوط النظام الحليف لصالح النظام الجزائري ، ويعني من جهة تشريع تشتيت المغرب .. لن يقبل ابدا تقديم خدمة للنظام الجزائري ، على حساب النظام المغربي الحليف التقليدي .. أيْ وكما اكد الملك في خطابه . ان الصحراء مغربية ، وستبقى مغربية ، والمغرب لن يقبل ان يفاوض على الصحراء . لأنها لا ،ولن تكون موضوع مفاوضات . لان المفاوضات على الوطن هي خيانة كبرى .. الخطاب الذي القاه الملك بمناسبة مرور ستة وأربعين سنة عن انطلاق المسيرة ، كان خطاب الحسم النهائي مع مغربية الصحراء ..
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النظام الجزائري . استعراض للعضلات ، ام تحضير للحرب ..
-
إسقاط النظام . إسقاط الدولة . إسقاط الاستبداد ، أم إسقاط الج
...
-
تحليل قرار مجلس الامن 2602 حول الصحراء .
-
الجميع يدعو الى التغيير من دون وجود مشروع للتغيير
-
إسرائيل لا تعترف بمغربية الصحراء ، لكنها تعترف بالبوليساريو
...
-
من يرفض النقد الذاتي بدعوى العصمة ، ويرفض النقد بدعوى الطهار
...
-
من السهل ان تردد كالببغاء الصحراء ليست مغربية . لكن من المست
...
-
البوليس السياسي يمنع تعسفيا الناشط السياسي المعطي منجيب من م
...
-
فشل المبعوث الشخصي للامين العام للامم المتحدة - ستيفن دو مست
...
-
النظام الجزائري يطلب من النظام المغربي الرحيل عن معبر / منفد
...
-
هل تدور الحرب في الصحراء ؟
-
هل الرئيس المورتاني جاد في رأب الصدع بين النظام المغربي والن
...
-
قرار مجلس الامن المنتظر في آخر اكتوبر الجاري بشأن نزاع الصحر
...
-
قرار محكمة العدل الاوربية
-
بين خطاب وزير خارجية النظام الجزائري لعمامرة بالامم المتحدة
...
-
مجرد تساؤل ، والتساؤل والسؤال حق مشروع
-
قرع طبول الحرب بين النظامين الجزائري والمغربي .
-
الانفصال
-
18 سبتمبر 1921 / 18 سبتمبر 2021 ، تكون مائة سنة مرت ، على تأ
...
-
تشكيل الحكومة .
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|