|
من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني الفصل السادس القضية الكردية في الشرق الاوسط وسبل الحل المحتملة 1-14
عبدالله اوجلان
الحوار المتمدن-العدد: 1653 - 2006 / 8 / 25 - 11:24
المحور:
القضية الكردية
يشكل الإرث الإبراهيمي المتمثل في الأديان التوحيدية ووكلائه الأنبياء التحول الثاني الهام لهذه الإيديولوجية، وقد تأكد أن ذلك الإرث تأثر بالمثيولوجيا المصرية والسومرية بشكل كبير، أما المرحلة الثالثة من هذا التحول فيتمثل بتأثر المسيحية بأخلاقيات زرادشت والفلسفة الإغريقية، إن مفهوم جعل الإسلام آخر دين والنبي محمد آخر نبي، يعود إلى إدراك النبي محمد لهذه الحقيقة وتقييمها عن كثب، حيث يرى أن الفكر المثيولوجي والديني قد دخلا في مرحلة النفاذ على عكس ما كان يعتقد، وهذا هو المعنى الحقيقي لما قاله، فالنبوة الأخيرة تعني أن حكم وتلبية حاجة الإنسان عن طريق المثيولوجية والدين، لن تكون سهلة بعد هذه المرحلة وهذا تقييم واقعي، ويعود تحويل الإسلام إلى قواعد صلبة ومتعصبة بعد النبي محمد إلى متطلبات مصالح مالكي الأراضي وطبقة التجار. أصبح الإسلام بجانبه هذا من أحد الإيديولوجيات المتعصبة، حيث زاد هذا التعصب مع مرور الزمن بعد وفاة النبي محمد وتصفية آل البيت، واستلام الأمويين للحكم ومن ثم العباسيين، لقد هيمنت سحب الظلام على حضارة الشرق الأوسط بعد سحق كثير من الحركات الباطنية التي كانت تمثل الشعب فيما بين القرنين العاشر والثاني عشر، فقد قدمت الحركات الباطنية وفي مقدمتها الخوارج والبابكيين والقرامطة والحشاشين والإسماعيليين التي ظهرت على شكل حركات للطبقة المسحوقة والفقيرة نضالاً إيديولوجياً، وممارسة عملية بنفس الوقت، ومثلت نوعاً من النظام الاشتراكي البدائي وعاشته، ولكن هذه الحركات لم تستطع النجاح بشكل كامل، لأن القوى وعلاقات الإنتاج لم تقم بدورها كالنمط الإقطاعي المطلوب، ولكنها حظيت بمكانة كبيرة في تاريخ النضال لأجل الحرية والمساواة. إن الساحات التي يقطن فيها الكرد بشكل كثيف، كانت إحدى المراكز الأساسية لهذا النضال، وبينما انضمت الطبقة الكردية الحاكمة إلى الإسلام السني الرسمي، فقد لعبت الجماهير الأساسية دوراً هاماً في الحركات الباطنية، إن العلوية والزرادشتية هي الأشكال التي بقيت صامدة حتى يومنا هذا. لقد ابتدأ عصر مظلم في تاريخ الشرق الأوسط بعد إغلاق باب الاجتهاد منذ بداية القرن الثاني عشر وحتى يومنا هذا، اذ عاش إنسان الشرق الأوسط في واقع عصر مليء بالدوغمائية الفارغة والعمياء الأكثر صلابة وتخلفاً من أي مرحلة مضت تحت أسم القواعد الدينية وتترك اثره على ذهن وروح الشعوب، إن دخول حضارة الشرق الأوسط مرحلة التراجع والانهيار له علاقة وثيقة بهذه المرحلة المظلمة وبهذا الانغلاق الإيديولوجي، ولازالت هذه الهيمنة مستمرة حتى يومنا هذا. يبدو واضحاً أن التفسير السني لأيديولوجية الإسلام في الشرق الأوسط، قد لعب دوراً سلبياً على العالم المعنوي للمجتمع الكردي، فقيام مؤسسات الطبقة الفوقية مثل رؤساء العشائر والاغوات بهذا الدور، نقل السلبيات إلى عالم الاضطهاد والقمع والظلام، مما بعث الضعف في عرّاقة الشعب التقليدية وتصوفهم، وأصبحت بليدة، أدى التمأسس المشابه للمعتقد والفكر العلوي والزرادشتي واستلام الزعامة من قبل الأسر العميلة على الأغلب، إلى انسداد طريق الحركة التنويرية والحرية التي كانت تتغذى عليه، إن البنية الروحية والذهنية التي كانت تتسم بطابع المساواة والحرية التي أكتسبها الكرد من المجتمع النيوليتي، بدأت تغرق في الظلام يوماً بعد يوم، واضطرت إلى الخنوع للنظام تحت اسم استسلام الإرادة للقدر، إن التخريب الأصلي في المجتمع الكردي في العصور الوسطى لعبته القدرية التي أصبحت أساساً للفلسفة، وقد لعبت الدعاية الدينية الكبيرة هذا الدور في الأساس، إن تحليل هذا الدور للإيديولوجية الرسمية بعمق، وعكس نتائج هذا التحليل بشكل صحيح وتقديم البديل، هو مهمة تنويرية تشكل الاساس للنهضة في الشرق الأوسط. لقد أدى التمأسس السياسي في الشرق الأوسط إلى تطورات كبيرة على الكرد، وفتح ذلك مرحلة الإمارات، حيث كانت الطبقة الفوقية الكردية معتادة على إمارات محلية منذ العصر السومري، وكانت تفرض نفسها على المجموعات العشائرية التحتية كطبقة حاكمة بشكل منهجي من جهة، وتدعم مكانتها من خلال علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع أسيادها في الخارج وتقوم بتطوير مصالحها بشكل دائم من جهة أخرى، لقد اكتسبت بهذا التوجه دوراً أصيلاً وأساسياً، وفضلت التبعية المحدودة وتبعية مستندة إلى حكم ذاتي في الداخل، مفضلة على أن تكون طبقة مستقلة وحاكمة، فقد كانت السيادة بمفردها تتعرض للمشاكل في الداخل والخارج كما كانت تتعرض للنهب أيضاً، ولكن التمرد في الداخل والاستيلاء من الخارج، لم يمنحاها إمكانية العيش بشكل مريح، ولهذا فإن نمط العمالة المستند إلى الحكم الذاتي هو النمط الذي فضتله، وهذه الطبقة لم تعط الفرصة لتمأسس ذي جوهر تقدمي في الخارج، فمثلاً تعتبر مأسسة النظام السومري لنفسه أو من طرف السومريين خطوة تقدمية، والمثال الثاني هو الجمهورية التركية، حيث أن الجمهورية تستطيع أن تلعب دوراً أكثر إيجابية إذا تمأسست من قبلها، أو من قبل النظام التركي، ولكن قيامها بقطع الطريقين أمام التطور هو الذي تراه أكثر إنسجاماً مع مصالحها، لأنها ترى أن تخدير الشعب في الداخل ينسجم مع مصالحها الطبقية، وتتحقق ميزتان من خلال تحويل ذلك إلى مصالح سياسية واقتصادية كمقابل لذلك، إن اللهاث وراء حكم ذاتي مستند إلى السلالات رغم إنفتاح الطريق حتى النهاية من أجل حل ديمقراطي بالنسبة لكرد العراق في يومنا هذا، يعود إلى كونه النظام الأكثر إنسجاماً مع مصالح هذا الإرث التاريخي. أدى تحول المجتمع العشائري إلى مجتمع أقنان بدرجة كبيرة في العصور الوسطى إلى تطور في نظام الإمارات، حيث تأسست كثير من أنظمة الحكم الذاتي وحكومات كردية محلية، وتمخضت روابط هذه الحكومات مع الخلفاء والسلاطين عن عصراً ذهبياً لها، وأدت إلى تشكيلات سياسية قوية، ابتداءً من الدولة المروانية "الدوستكية" الإقطاعية حتى السلالات الكردية الأيوبية في عصر السلاطين العباسيين والسلاجقة بين القرن التاسع والثالث عشر بعد الميلاد، أعلنت كثير من الإمارات الكردية نفسها كحكومات للسلاطين، واكتسبت شرعيتها كنمط نظام تمت المصادقة عليه رسمياً. أخذ هذا النظام طابعاً أكثر رسمياً في عصر الإمبراطورية العثمانية واستمر لمدة ثلاثة قرون، لقد تم تطوير هذه المرحلة والمصادقة عليها بين القرن السادس عشر وحتى بداية القرن التاسع عشر، من أجل الإمارات والعشائر الكردية غالباً، وبذلك تم الالتزام بروح النظام السائد منذ عصر السومريين، حيث عرفوا إضافة أصالتهم في كل مرحلة ومواصلتها كأفضل طريقة لهم. يكتسب تحليل الإقطاعية الكردية التي تشكلت منذ العصور الوسطى واستمر تأثيرها حتى الآن، أهمية كبرى لمعرفة ما يجري، وستتحقق إيضاحات كبيرة عبر تحليل شخصيتها العامة وجوانبها الأصيلة ومناهج تكوينها وتواصلها حتى اليوم، وشكل تأثيرها على الحياة الروحية والذهنية وكيفية إسقاطها للإرادة والأخلاق، وما أدت إليه من اغتراب عن الهوية والثقافة التاريخية للشعوب، ومدى تعميقها للإغتراب، وكيفية منعها للإستفادة من الإمكانيات الغنية في المجال السياسي والإجتماعي والإقتصادي، وبذلك يمكن فتح الطريق أمام تشكيلات سياسية وديمقراطية صحيحة لأجل المستقبل، كما يجب التأكيد على أن هذه المهمة الكبيرة لم تلبى بعد، فإذا لم تناقش الطبقة الكردية الفوقية أرضيتها السياسية ولم تفتحها أمام النقد الذاتي، فإن هذه الطبقة ستعرف أن عالم مصالحها الملعونة السرية يكمن في أساس هذا التوجه منذ آلاف السنين، وإن الكشف عن ذلك سيجعلها موضوعاً للخيانة والاتهامات، فهي قد اتبعت سياسة تنسجم مع مصالحها دون الاهتمام بأي التزام بالمبدأ الإنساني، وقامت بعقد تحالفات مع القوى الفاشية المظلمة والفتاكة عند الضرورة وتركت الشعب في الظلام، وقامت بإزالة التشكيلات التقدمية المتطورة دون أن يرتعش لها جفن، ولم تتخل عن مواصلة تاريخها الملعون والمشؤوم.
#عبدالله_اوجلان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني
...
-
من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني
...
-
من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني
...
-
من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني
...
-
من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني
...
-
من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني
...
-
من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني
...
-
من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني
...
-
من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني
...
-
من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني
...
-
من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني
...
-
من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني
...
-
من دول الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني
...
-
من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الفصل الخامس
...
-
من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الفصل الخامس
...
-
من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الفصل الخامس
...
-
من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الفصل الخامس
...
-
من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الفصل الخامس
...
-
من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الفصل الخامس
...
-
من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الفصل الخامس
...
المزيد.....
-
الأمم المتحدة تحذر: توقف شبه كامل لتوصيل الغذاء في غزة
-
أوامر اعتقال من الجنائية الدولية بحق نتانياهو
-
معتقلا ببذلة السجن البرتقالية: كيف صور مستخدمون نتنياهو معد
...
-
منظمة التعاون الإسلامي ترحب بإصدار المحكمة الجنائية الدولية
...
-
البنتاجون: نرفض مذكرتي المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتني
...
-
الأونروا: 91% من سكان غزة يواجهون احتماليات عالية من مستويات
...
-
الإطار التنسيقي العراقي يرحب بقرار الجنائية الدولية اعتقال ن
...
-
وزير الدفاع الإيطالي: سيتعين علينا اعتقال نتنياهو وغالانت لأ
...
-
قرار الجنائية الدولية.. كيف سيؤثر أمر الاعتقال على نتانياهو؟
...
-
أول تعليق للبنتاغون على أمر الجنائية الدولية باعتقال نتانياه
...
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|