أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - زهير كاظم عبود - شهداء العراق














المزيد.....

شهداء العراق


زهير كاظم عبود

الحوار المتمدن-العدد: 488 - 2003 / 5 / 15 - 04:31
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 


مقابر منتشرة على طول العراق ، وجثث تبقى منها هيكلها العظمى ، وجثث دون أسماء بقيت متعلقة بأرقامه ، جثث لم تزل في مقابر مجهولة ، وجثث أخرى مختلطة نتيجة دفنها بملابسها مع حاجياتها الشخصية .
جثث لشابات عراقيات في عمر الورود ، وجثث لأطفال ألتصقوا بصدور أمهاتهم وماتوا معهن ، جثث لم تزل معصوبة العينين ، جثث طرية لم يزل التفسخ لم يلحقها دلالة على زمن موتها القريب ، جثث بدت عليها آثار التعذيب والبتر والقطع والتكسير .
جثث تم نقلها الى مقابر أهلها بعد معرفة هويــتها ، وبقيت جثث ليس لها أهل فأهلها كل هذا العراق ، وأسماء جثث ليس لها من يتعرف عليها فقد أنتظرها الأهل طويلاً ولما طال أنتظارهم وتلبسهم اليأس رحلوا قبل هذا اللقاء .
مقابر أخرى عديدة ستظهر ، وقبور أخرى سيتم العثور عليها لاحقاً  ، وتراب العراق بحاجة الى مسح جيولوجي من أجل معرفة أماكن القبور المنتشرة على طول العراق وعرضه .
جثث تحكي قصة الوجع العراقي الحقيقي ، وتروي للأجيال العربية والأنسانية حجم الخراب والدمار الذي لحق بالأنسان العراقي  في الزمن الصدامي الهجين ، جثث معارضين للسلطة البائدة لم تجد غير أن تقوم بقتلهم شنقاً أو بالرصاص أو بالدفن وهم أحياء أو حين يلفظون أنفاسهم أثناء التعذيب .
جثث أخرى ذهبت مع مخلفات السوائل بعد أذابتها بالسيانيد والحوامض ، وجثث تم جمعها في أكياس بعد تقطيع أوصالها ، وجثث تم فرمها بمفارم عصرية لتتحول الى سوائل ثخينة وخليط من سحق العظام التي كانت طرية وبين اللحم والدم والسوائل البشرية .
جثث تحكي عن موت محقق وثابت وملموس لانتهم أحداً فيه غير هذه السلطة التي ذبحت أولادنا من الوريد وقطعت ألسننا من الأصل وبترت أعناق أخواتنا بتهم قذره ودفنت أعمارنا في حفر مجهولة ، وبعثرت زماننا العراقي الجميل .
سلطة أمتهنت الموت بكل أشكاله المعروفة والتي لم تعرفها السلطات البائدة واللاحقة ، سلطة تفننت في أختيار وسائل الموت ، وتميزت بأيجاد طرق سريعة للموت .
جثث لاتتسع جوامع المدن العراقية لأقامة مجالس العزاء لها  ، وبيوت أقيم  عزائها لفقدها أكثر من عشرة أشخاص سوية في موت واحد وزمن واحد وقبر واحد  ، جثث أستقرت في حفرها المجهولة منذ بدء الحرب مع أيران وجثث أخرى قبل الحرب مع أمريكا .
جثث وموت يعم العراق ومقابر ومدافن سرية وعلنية ، ممنوع علينا أن نتطلع اليها أو نراقب مايجري فيها ، ممنوع علينا أن نسأل عما يجري فيها ، وأن نسأل عن هوية المدفونين أو نتطلع الى جثثهم  ، جثث  متنوعين فكرياً وقومياً ودينياً ومذهبياً وأجتماعياً وجغرافياً  .
جثث كثيرة لم تكن أعدادها في حسابات المحللين ولاالمتابعين للشأن العراقي ، جثث تروي كل واحده منها قصة الألم والظلم الذي حل بالعراق ، كل واحدة من هذه الجثث لها حكاية عراقية موجعة ومفجعة وحزينة .
غير أن أكثر  الحكايات ألماً ،  أن السلطة كانت تقوم بقتل الشباب العراقي وتدفنهم سراً في مقابر مجهولة وسرية ولاتخبر عوائلهم ولاتدلهم على قبورهم  ولاتمنحهم شهادات الوفاة حرصاً منها على أدامة الحزن في قلوب الأمهات والأمعان في زيادة حرقة قلوب الأباء والأهل وجعلهم يبحثون ويدورون دون نتيجة وطيلة هذا الزمن الموحش .
هؤلاء هم شهداء العراق ، هذه الكواكب من الرجال والنساء الذين أعطوا حياتهم فداء للزمن الجديد ، هؤلاء هم قربان الزمان العراقي الذي يحلم به كل العراقيين .
هؤلاء الذين نخرجهم من مقابرهم بكل وقار ونلملم عظامهم بكل قدسية ونصلي عليهم ونعطر أكفانهم بدموعنا ، هؤلاء ماء العراق الذي بلل لنا طريق الخلاص . 



#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة ثانية الى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – أبو ظبي
- العراق أولاً قبل القيادات
- مساوئ المحكمة الخاصة
- أنت لاشيء أيها الرئيس البائد
- رسالة من فوق الأرض الى الرئيس البائد القابع تحت الأرض حياً أ ...
- قناة الجزيرة والمهمة القصيرة
- كلمة صغيرة من القلب لأخوتنا الكتاب من أهل العراق وفلسطين
- من يعرف مصلحة هذا العراق أكثر من العراقيين ؟
- لمصلحة من تتطاول قناة أبو ظبي على شعب العراق ؟
- النقابة العربية للملوك والحكام العرب
- الدبلوماسيين العراقيين للنظام الصدامي البائد
- الفاعل الأصلي والشريك
- رسالة من مواطن عراقي الى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان
- نــــــــــداء الى كل الخيرين في العراق الجديد
- الموصل أمانة في أعناقكم
- موت القائد الضرورة بالنعال
- نــــــــــداء الى أهلنا في العراق
- ألف مبروك لكل أبناء العراق وللخيرين من أبناء العرب والشرفاء ...
- بدأ العراق ينظف الأسماء من رجس الشيطان
- هل سلطة صدام باقية ؟؟


المزيد.....




- روسيا أخطرت أمريكا -قبل 30 دقيقة- بإطلاق صاروخ MIRV على أوكر ...
- تسبح فيه التماسيح.. شاهد مغامرًا سعوديًا يُجدّف في رابع أطول ...
- ما هو الصاروخ الباليستي العابر للقارات وما هو أقصى مدى يمكن ...
- ظل يصرخ طلبًا للمساعدة.. لحظة رصد وإنقاذ مروحية لرجل متشبث ب ...
- -الغارديان-: استخدام روسيا صاروخ -أوريشنيك- تهديد مباشر من ب ...
- أغلى موزة في العالم.. بيعت بأكثر من ستة ملايين دولار في مزاد ...
- البنتاغون: صاروخ -أوريشنيك- صنف جديد من القدرات القاتلة التي ...
- موسكو.. -رحلات في المترو- يطلق مسارات جديدة
- -شجيرة البندق-.. ما مواصفات أحدث صاروخ باليستي روسي؟ (فيديو) ...
- ماذا قال العرب في صاروخ بوتين الجديد؟


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - زهير كاظم عبود - شهداء العراق